إعلان

"القسط الهندي" للعلاج من كورونا يعيد الجدل حول الطب النبوي.. حقيقة أم استغلال؟

08:25 م الثلاثاء 09 يونيو 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

مع آيات القرآن الكريم في بعض القنوات الدينية، فواصل إعلانية عديدة للعلاج بالأعشاب، الطب النبوي، استشهادات بأحاديث نبوية عديدة، وثروة طائلة حققها أصحاب فكرة العلاج بالطب النبوي أو العلاج بالحجامة وغيرها حسبما يخبرنا الدكتور أحمد كريمة، هل هو نصب متخفٍ تحت ستار الدين؟ أم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حقًا ترك لنا ما يمكن تسميته بالطب النبوي؟

مؤخرًا ساد الحديث حول استخدام "القسط الهندي" في التداوي من كورونا، على اعتباره ثابتا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها: "تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ"، وتداولت المنشورات عن العلاج بالقسط الهندي من كورونا عدة أحاديث أخرى منها ما روي عن ام قيس أنها دخلت بابن لها على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقد أعلقت عليه من العذرة، فقال: على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق، عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب يسعط من العذرة ويلد من ذات الجنب. بل تداولته بعض المواقع الإلكترونية أيضًا حيث ذكر أنه من المواد الطبيعية التي تساهم بشكل كبير في علاج فيروس كورونا.

على عكس رأي أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، يرى الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الطب النبوي حقيقة يثبتها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار..

كريمة: الأحاديث في هذا الشأن متعلقة بالعادات لا العبادات

يرى كريمة أن ما ورد في السنة من أخبار عن "الطب" جاء على سبيل العادات وما كان يستخدمه العرب في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وربما قبله في التداوي، فيقول كريمة اننا لابد أن نفرق ما بين أخبار وأحاديث هي محل للتشريع الإسلامي بمعنى أن نفعل أو لا نفعل أو نخير فيما نفعل، وبين أمور جاءت على سبيل العادات لا العبادات، فإذا جاءت أخبار أو آثار في أمور طبية مثلًا فهي ليست تشريعًا بل هي من العادات المجتمعية، وضرب كريمة مثالًا على ذلك بالحجامة، فهي كانت موجودة قبل أن يولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان العرب كذلك يتداووا بالتلبينة وما نسميه نحن الآن بالعطارة، فهذه الأمور ليست تشريعًا، ويروي كريمة عن السيدة عائشة رضي الله عنها ما ذكرته عن الرسول صلى الله عليه وسلم لما كبر سنه وكثرت أوجاعه وكانت وفود العرب تقدم عليه للمبايعة وهذه الوفود كان بها أطباء، وهم الأطباء العشبيون، فكانوا يصفون للمسلمين أوصافًا، وهي العلاج بالأعشاب، "فهو وصفات الأطباء العرب من البادية بحكم التجربة آنذاك وكانوا ينقلونها للسيدة عائشة رضي الله عنها وتستخدمها في علاج النبي صلى الله عليه وسلم حسب الأمكانات المتاحة وقتها".

ومع مرور الزمن، يتأسف كريمة على ذلك، ألبس بعض الناس هذه الوصفات المجتمعية ثوب أنها أخبار تشريعية وهنا مكمن الخطر، "فقول الناس ان هناك طب نبوي يعني انه تشريع وهذا خطأ، فمثلا التداوي ببول الإبل وما فعله السلفيون في ذلك الأمر قد أضروا الإسلام ضررًا بالغًا"، يرى كريمة أنهم قد استندوا إلى أخبار "معلولة"، وبعض المجاملين لهم أصدروا دراسات تتحدث بول الإبل وعن الحجامة وأصبحت إعلاناتها تملأ شوارع القاهرة، "وهذه لا تقل ضررًا عن البشعة التي تحدث في الشرقية لاكتشاف المجرمين"، يؤكد كريمة أن هذه الأخبار – الأحاديث والآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم- ليست تشريعًا وأنه يجب تنقية التراث النبوي من هذه الأمور، فرسالة النبي الأصلية والأصيلة تتمثل في قوله تعالى: " ولينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين "، وايضًا قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا "، فالترويج للأعشاب والعطارة والوصفات وإلصاق ذلك بالسنة النبوية أو الحديث النبوي امر يراه كريمة معيبًا.

وتحدث كريمة إلى مصراوي عن دراسة أجراها مع مؤسسته الخيرية "التآلف بين الناس" وهي عبارة عن موسوعة من كتابين عنوانها: "تنبيهات الأخيار على أخبار وآثار"، ويجمع الكتابين الأحاديث الضعيفة والمطعون فيها من كتب الفقه، يقول كريمة: "اكتشفنا حوالي الف وخمسمائة حديث لا يصح الاستشهاد ولا الاستدلال بها وهي مشهورة جدًا وتجري على الألسنة ويكتبها الباحثون ويخطب بها الواعظون وأئمة المساجد لكن في التدقيق العلمي اتضح ان فيها مطاعن ومنها أحاديث الطب النبوي وعلامات الساعة".

يقول كريمة إن الصحيح الذي نقدمه للناس هو قول الرسول : تداووا عباد الله فما أنزل الله من داء إلا له الدواء ما عدا الموت وفي رواية الهرم أي الكبر، فالتداوي على حسب كل عصر، "مينفعش اقول النهاردة لواحد اعمل حجامة، فهذا أمر خطأ وخطر وتقديم اخبار معلولة وآثار لا سند لها من الصحة خاطيء، وحتى لو كانت موجودة أيام الرسول، فهي ليست تشريعًا وانما أمور تتعلق بالبيئة المجتمعية"، يتسائل كريمة هل من لا يتداوى الآن بحبة البركة يكون مخالفًا للشرع؟ بالطبع لا، أما الشيء الوحيد الذي لا خلاف عليه، يقول كريمة، هو فوائد عسل النحل والتداوي به، فهو ما جاء في القرآن الكريم وقوله تعالى: "فيه شفاء للناس"، فهي آية قرآنية محكمة لا يختلف عليها الناس، يؤكد كريمة، إنما غير عسل النحل لم يأت اي شيء في القرآن الكريم، "لابد أن نوقظ العقل المسلم من التوهان".

أحمد ممدوح: الطب النبوي موجود وثابت عن النبي

"القسط الهندي عشبة معروفة من فصيلة الزنجبيل، واستعمالها في التداوي من بعض الأمراض في الطب القديم معروف، وجاء الوصية باستعماله في بعض الأحاديث الشريفة؛ من ذلك ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "علَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ"، يجيبنا أحمد ممدوح معلقًا على ما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي من ذكر الرسول لتلك العشبة.، لكنه يؤكد أن استخدام القسط الهندي كعلاج للكورونا أمر يحتاج لإثباته الرجوع لأهل الاختصاص وعلماء الدواء وليس لغيرهم.

يؤكد ممدوح أن الطب النبوي موجود وهو مجموع ما ثبت وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم مما له علاقة بالطب، من أحاديث نبوية شريفة فيها إخبار عن منافع وخصائص لبعض المواد، أو كان متضمنا وصفات داوى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ، أو دعا إلى التداوي بها. كما أنه يتضمن هديه صلى الله عليه وسلم في كل ما تعلق بصحة الإنسان في أحوال حياته.

لكن، ينبه ممدوح إلى أمرين أولهما: أن الوصفات النبوية ليست وحيًا في جملتها إنما هي من قبيل العلاجات التي كانت شائعة موجودة في البيئة العربية وقتها، ويتفق ممدوح مع كريمة في أن النبي عليه الصلاة والسلام بعث ليعلم الناس الشرائع ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من الأمور العادية، وذكر ممدوح ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في شأن تلقيح النخل: أنتم أعلم بأمور دنياكم.

فيديو قد يعجبك: