بالصور| تعرف على مسجد "الجن" بمكة وقصة لقاء النبي بالجن هناك

05:40 م الجمعة 12 يونيو 2020

كتبت – آمال سامي:


" وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ" هكذا روت لنا آيات القرآن الكريم قصة لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجن "نصيبين" وقراءته للقرآن عليهم، حيث التقى النبي صلى الله عليه وسلم بعدد من الجن وقرأ عليهم القرآن، وهناك في هذا المكان، بمكة المكرمة وتحديدًا في حي الغزة أحد أقدم أحيائها، بني مسجد سمي بمسجد الجن، وعرف أيضًا باسم مسجد البيعة، ومسجد الحرس، ففي كتابه "ديوان السنن والآثار" تحدث عبد الملك بن بكر قاضي عن مسجد الجن، حيث اجتمع الرسول بقوم من الجن حسبما ورد في القرآن الكريم والسنة البنوية الشريفة، وقال إنه سمي أيضًا بمسجد الحرس لأن صاحب الحرس بمكة كان يجتمع إليه أعوانه فيه عند ذلك المسجد، وهو بجوار جبل الحجون.

إعلان

ذكرت بعض الروايات في السنة النبوية الشريفة أن الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة، وخط له النبي خطًا وأمره أن يجلس فيه، وهنالك بني المسجد، فيروي ابن مسعود كما ذكر الحاكم في كتابه المستدرك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو بمكة: "مَن أَحَبّ منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فليفعل"، فلم يحضر أحدٌ غيري، فانطلقنا، حتى إذا كنا بأعلى مكة خَطَّ لي برجله خَطًّا، ثم أمرني أن أجلس فيه، ثم انطلق حتى قام، فافتتح القرآن، فغشيته أسودةٌ كثيرةٌ حالت بيني وبينه، حتى ما أسمع صوته، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهطٌ. وفرغ النبي صلى الله عليه وسلم منهم مع الفجر. ثم سأل ابنَ مسعود فقال: "ما فعل الرهط؟" قلت: هم أولئك يا رسول الله، فأخذ عظمًا وروثًا فأعطاهم إياه، ثم نهى أن يستطيب أحدٌ بعظم أو روث.

روى أحمد ومسلم والترمذي خلاف ذلك، بما يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قابل الجن وحده ثم حدث أصحابه عما حدث وأراهم موضعه، فعن علقمة قال: قلت لابن مسعود: هل صحب النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ليلةَ الجنّ منكم أحدٌ. قال: ما صحبه منا أحدٌ، ولكنا فقدناه ذات ليلة، فقلنا: استطير أو اغتيل، فبتنا بشرِّ ليلةٍ باتها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاءٍ مِن قِبَلِ حراء، فقلنا: يا رسول الله، إنا فقدناك، فطلبناك فلم نجدك، فبِتْنَا بشرِّ ليلةٍ بات بها قوم. فقال: "إنه أتاني داعي الجنّ، فذهبت معهم، فقرأت عليهم القرآن". فانطلق، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم.

ويروي الطبري في تفسيره قصة لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالجن وسببها فيقول أن الجن كانت تستمع لما يحدث في السماء، فتم رجمهم بالشهب، فلما حدث ذلك ظن الجن ان هناك ما حدث على الأرض ليحدث لهم ذلك في السماء، فذهبوا يبحثون عما حدث حتى عرفوا بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول الطبري في تفسيره: "لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا يقعدون مقاعد للسمع فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم حرست السماء حرسًا شديدا ورجمت الشياطين، فانكروا ذلك وقالوا: لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدًا". يروي الطبري أن ابليس أمر اتباعه أن يتفرقوا في الأرض حتى يأتوه بخبر ما حدث في السماء، فكان اول بعث ركب من جن نصيبين وهم أشراف الجن وسادتهم.

أما عدد هؤلاء الجن فاختلف فيه المفسرون، فمنهم من قال سبعة ومنهم من قال تسعة، وقيل إن سبب اللقاء كان اختلافهم في قتيل قتل بينهم وحكم لهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم سألوا النبي بعد ذلك الزاد فجعل لهم من الزاد كل عظم أو بعرة أو روثة، فعن قتادة, أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ذهب وابن مسعود ليلة دعا الجنّ, فخطَّ النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ابن مسعود خطا, ثم قال له: لا تخرج منه ثم ذهب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الجنّ, فقرأ عليهم القرآن, ثم رجع إلى ابن مسعود فقال: وهل رأيت شيئا؟ قال: سمعت لغَطا شديدا, قال: إن الجنّ تدارأت في قتيل قُتل بينها, فقُضِي بينهم بالحقّ, وسألوه الزاد, فقال: وكل عظم لكم عرق, وكلّ روث لكم خُضْرة. قالوا: يا رسول الله تقذّرها الناس علينا, فنهى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يستنجي بأحدهما; فلما قدم ابن مسعود الكوفة رأى الزُّطّ, وهم قوم طوال سود, فأفزعوه, فقال: أظَهَرُوا؟ فقيل له: إن هؤلاء قوم من الزُّطّ, فقال ما أشبههم بالنفر الذين صُرِفوا إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .

إعلان