إعلان

في ذكرى وفاته.. هل كان ابن سينا ملحدًا؟

04:08 م الثلاثاء 10 ديسمبر 2019

ابن سينا

كتبت – آمال سامي:

ولد أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا في أفشة، بالقرب من مدينة بخارى، في صفر عام 370 هـ - 980 م، ثم أصبح والده واليًا على بخارى فغادرت الأسرة إليها وكان عمره حينها خمس سنوات، وهناك تعلم ابن سينا العلوم، وكان أبوه صاحب مركز سياسي مرموق فاختار له خيرة العلماء.

انتمت أسرة ابن سينا إلى الفرقة الإسماعيلية، الشيعية، وكانت الفرقة الإسماعيلية لها مذهب مختلف في الخلق والوجود وتفسير الشرائع بالظاهر من ألفاظها والباطن من معانيها، فكان لنشأة ابن سينا في بيئة تدور فيها المناقشات الفلسفية والتأويلات الدينية في النفس والعقل وأسرار الربوبية والنبوة أثر كبير في نشأته والتكوينه العقلي

حفظ ابن سينا القرآن وهو في العاشرة من عمره، وأخذ علوم اللغة على يد أبي بكر أحمد بن محمد الخوارزمي، والفقه على يد إسماعيل الزاهد، وعندما زار أبو عبد الله الناتلي بخارى، الذي كان معروفًا باسم المتفلسف لاشتغاله بالمنطق والرياضة، استضافه الأب في منزله حتى يتعلم منه ابن سينا، فقرأ عليه كتاب "ايساغوجي" في المنطق، و"المجسطي" في علم الهيئة والجغرافيا.

أما المعارف الإلهية، فقد أخذها ابن السينا من المعلم الثاني، الفارابي، ويعترف ابن سينا للفارابي بفضل كبير في تحصيل المعارف الإلهية، وقد ذكر ابن سينا نفسه ذلك فيم نقله لنا العقاد في كتابه "ابن سينا" حيث قال: قرأت كتاب ما بعد الطبيعة فما كنت أفهم ما فيه، والتبس عليَّ غرض واضعه حتى أعدت قراءته أربعين مرة وصار لي محفوظا، وأنا مع ذلك لا أفهمه ولا المقصود به، وأيست من نفسي وقلت هذا كتاب لا سبيل إلى فهمه، وإذا أنا في يوم من الأيام حضرت وقت العصر في الوراقين ، وبيد دلال مجلد ينادي عليه، فعرضه عليَّ فرددته رد متبرم معتقد أن لا فائدة من هذا العلم، فقال لي: اشتر هذا مني فإنه رخيص أبيعكه بثلاثة دراهم وصاحبه محتاج إلى ثمنه. فاشتريته فإذا هو كتاب أبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ما بعد الطبيعة، ورجعت إلى بيتي وأسرعت قراءته فانفتح عليَّ في الوقت أغراض ذلك الكتاب، بسبب أنه كان لي محفوظا على ظهر قلب، وفرحت بذلك، وتصدقت في ثاني يوم بشيء كثير على الفقراء، شكرا لله تعالى".

يخبرنا العقاد عن عادة ابن سينا حين كان يقف حائرًا أمام مسألة، فكان يذهب إلى المسجد ليصلي ويبتهل إلى الله حتى تنفتح له مغاليقها ويتيسر عسرها، ويقول العقاد: لم يعهد منه أنه ضاق بمسألة من المسائل في غير الفلسفة الإلهية أو مباحث ما بعض الطبيعة، بينما كان يقول عن علم الطب مثلًا: "إن علم الطب ليس من العلوم الصعبة" وقد اشتهر بالتطبيب والتعليم وهو بالسابعة عشر من عمره، وبعدها بعام واحد، ألف ابن سينا كتابه "المجموع" كتب فيه خلاصة علوم عصره باستثناء الرياضيات.

توفي ابن سينا في رمضان سنة 428 هـ يوم الجمعة، الموافق 10 ديسمبر 1037 ميلاديًا، ولم يعرف مكان دفن ابن سينا على وجه الدقة، فقيل إنه دفن بأصفهان وقيل بالأندلس بسعي ابن رشد وتدبيره، ورويت عنه الكثير من الاساطير والكرامات.

هل كان ابن سينا ملحدًا؟

اتهم عدد من علماء المسلمين ابن سينا بالكفر، بينما ذكرت بعض المصادر التاريخية أنه تاب قبل موته عن الأفكار التي كفره بسببها علماء المسلمين.. فما هي عقيدة ابن سينا؟

يقول ابن سينا متحدثًا عن نفسه فيما نقل ابن القيم: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم، وهو الحاكم بأمر الله ، الذي كان يحكم مصر.

أما عن موقف العلماء منه، غنرجع في ذلك إلى كتاب ابن سينا الطبيب لرائد أمير عبد الله الراشد، فيقول في دراسته لحياة ابن سينا إن العلماء قد اختلفوا في عقيدته وأحواله، فمنهم من قال بكفره وخروجه من ملة الإسلام، ومنهم من دافع عنه واعتبره من العلماء البارزين، فحين تابع ابن القيم حديثه عن ابن سينا في كتابه إغاثة اللهفان قال عنه: كان من القرامطة الباطنية، الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد، ولا ربٍّ خالق، ولا رسولٍ مبعوث جاء من عند الله تعالى.

واتفق ابن تيمية مع ابن القيم في رأيه وتكفيره لأبن سينا، فقال: من أنكر خوارق العادات مطلقًا للأنبياء وغيرهم كافر باتفاق أهل الملل، وكذلك إن جعل ذلك من قوى النفس، كما يقول ابن سينا وأمثاله من المتفلسفة، فهؤلاء ملحدون باتفاق أهل الملل".

وقد نقل ابن خلكان في وفيات الأعيان ما ورد عن ابن سينا من أنه تاب بعدما مرض أصابه في نهاية حياته، فأهمل التداوي وقال: المدبر الذي في بدني، قد عجز عن تدبيره، فلا تنفعني المعالجة، ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات.

موضوعات متعلقة..

- في ذكرى ميلاد الآلوسي.. مؤلف "روح المعاني" ومفسر القرآن الكريم

- الخلافات السياسية بين الصحابة.. باحث بالأديان يفرق بين خطأ التقديس وحتمية التقدير

فيديو قد يعجبك: