إعلان

رحلات الحج قديماً.. 3 مواقف عجيبة للسلطان إبراهيم "أمير الزهّاد"

05:33 م الأربعاء 08 أغسطس 2018

رحلات الحج قديماً.. 3 مواقف عجيبة للسلطان إبراهيم

كتب - هاني ضوه :

رحلة الحج من الرحلات التي يتعلم فيها الإنسان الكثير من العبر والمواعظ ويكتسب فيها الأخلاق الطيبة من صحبته للناس أو من يقابلهم من أهل الصلاح والخير في تلك الرحلة المباركة.

وكان للعباد الزهاد والصالحين في رحلاتهم إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج أحوال ومواقف عجيبة يتعلم منها الناس، ومن هؤلاء الزهاد الذين لهم مواقف عجيبة مليئة بالعبر والحكم الإمام العابد الزاهد إبراهيم ابن أدهم الملقب بـ "أمير الزهاد"، أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن الثاني الهجري من أهل بلْخ في أفغانستان.

وفي هذا التقرير يرصد مصراوي قصة المواقف الثلاثة لـ"أمير الزهاد" في رحلاته إلى الحج:

كان إبراهيم ابن أدهم من أبناء الملوك، إذ كان والده ملكًا من ملوك خراسان وكان سبب زهده أنه خرج مرة إلى الصيد فسمع هاتفًا يقول له: يا إبراهيم، ما لهذا خُلِقْتَ ولا بذا أُمرتَ، فحلف ألا يعصي الله تعالى، وترك ملك أبيه فأكثر من السفر في طلب العلم والازدياد من الطاعات.

الموقف الأول

روي أن إبراهيم بن أدهم حج مرة مع جماعة من أصحابه فشرط عليهم في ابتداء السفر أن لا يتكلم أحدهم إلا لله تعالى، ولا ينظر إلا لله، فلما وصلوا وطافوا بالبيت رأوا جماعة من أهل خراسان في الطواف معهم غلام جميل قد فتن الناس بالنظر إليه، فجعل إبراهيم يسارقه النظر ويبكي. فقال له بعض أصحابه: يا أبا إسحاق، ألم تقل لنا: لا ننظر إلا لله تعالى. فقال: ويحك، هذا ولدي وهؤلاء خدمي وحشمي.

الموقف الأول

وأنشد يقول:

هجرت الخلق طراً في هواكا *** وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطعتني في الحب إربا *** لما حن الفؤاد إلى سواكا

الموقف الثاني

خرج العالم الزاهد إبراهيم ابن أدهم- رضي الله عنه- يومًا ماشيًا قاصدًا الحج فرآه رجل كان يركب ناقة، فقال له: إلى أين يا إبراهيم؟، قال إبراهيم: إلى الحج، فقال له: وأين الراحلة والطريق بعيد وشاق؟، فقال إبراهيم: لي مراكب كثيرة، قال السائل: وأين المراكب، وما هي؟، فأجابه إبراهيم: إذا نزلت المصيبة ركبت مركب الصبر، وإذا نزلت النعمة ركبت مركب الشكر، وإذا نزل القضاء ركبت مركب الرضا، وإذا دعتني نفسي إلى شيء علمت أن ما بقي من الأجل أقل مما مضى، فقال له السائل: سر بإذن الله فأنت الراكب وأنا الماشي.

الموقف الثانى

وقد نقل عن الإمام ابن رجب أنه قال: الحج المبرور مثل حج إبراهيم بن أدهم مع رفيقه الرجل الصالح الذي صحبه من بلخ، فرجع من حجه زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة، وخرج عن ملكه وماله وأهله وعشيرته وبلاده، واختار بلاد الغربة، وقنع بالأكل من عمل يده، إما من الحصاد، أو نظارة البساتين.

الموقف الثالث

ومن القصص العجيبة التي حدثت مع إبراهيم بن أدهم بعد انتهائه من العمرة ﺫﻫﺐ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭة ﻟﺰﻳﺎﺭة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وﻭﺻﻞ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪينة ﻣﻊ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ، ﻭﺑﻌﺪ أﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺟﻠﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻳﺴﺒﺢ ﻭﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ.

الموقف الثالث

وبينما هو كذلك إﺫ ﺟﺎﺀﻩ أﺣﺪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ إﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ أﻧﻬى ﺻﻼﺗﻪ لأنهم يغلقون ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ: ﻫﻼ ﺗﺮﻛﺘﻨﻲ أﺑﻴﺖ ﻫﻨﺎ، ﻓﻠﻢ أشتري ﺑﻴﺘًﺎ ﺑﻌﺪ، ﻭأﻏﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰّ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺛﻢ إﺫﺍ ﺭﺟﻌﺘﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﺘﺠﺪﻭﻧﻲ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ.

فما كان من هذا الرجل إﻻ أﻥ ﻧﺎﺩﻯ ﻋﻠﻰ آخرين ﻭأﺧﺬﻭﺍ ﻓﻲ ﺷﺪ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﺒﺎءﺘﻪ ﻭأخرجوه ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺧﻮﻓﺎ أﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ ﺷﺮًﺍ.

وبينما إﻟﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺭﺁﻫﻢ أﺣﺪ ﺍﻟﻤﺎﺭﻳﻦ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎلة، ﻓﺠﺎﺀ إﻟﻴﻬﻢ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻜﻢ؟ ﺍﺗﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻓأﺧﺒﺮﻭﻩ ﺑﺎﻟﻘصة، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: أﻧﺎ آﺧﺬﻩ ﻟﻠﻤﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻱ.

فأخذه الرجل ﻭﺫﻫﺐ ﺑﻪ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: أﻧﺎ ﺭﺟﻞ ﺧﺒﺎﺯ أﺧﺒﺰ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭأﺑﻨﺎﺋﻲ ﻳﺒﻴﻌﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﻋﻨﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺒﺰ ﺳﺮﻳﺮ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أﻥ ﺗﻨﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺄﺟﺮ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻣﻜﺎﻧًﺎ آﺧﺮ إﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﻨﻮﻯ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ.

فذهب معه إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺒﺰ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﻨﻮﻡ، ﻓﻈﻞ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺍﻟﺨﺒﺎﺯ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﺮﺁﻩ ﻳﻘﻮﻝ: ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ إﺩﺧﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﺒﺰ إﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﻥ، ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ إﺧﺮﺍﺟﻪ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻇﻞ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺧﺒﺰﻩ، فسأله إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ: ﻳﺎ أﺧﻲ أﻣﺎ ﻟﻚ ﺫﻛﺮ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﺍ؟!.

فقال له والله إن ﻟﻲ ﻋﺸﺮين ﻋﺎﻣًﺎ ﻭأﻧﺎ ﻣﺎ أﺩﺧﻠﺖ ﺧﺒﺰﺓ إﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﻥ إﻻ بـ"ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ"، ﻭﻻ أﺧﺮﺟﺘﻬﺎ إﻻ ﺑﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ.

فقال له إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ: ﻭﻫﻞ ﻭﺟﺪﺕ أﺛﺮﺍ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻚ؟، ﻓﻘﺎﻝ: ﻧﻌﻢ ﻣﺎ ﺳﺄﻟﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﻴﺌًﺎ إﻻ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ لي، إﻻ ﺩﻋﻮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺩﻋﻮﺗﻬﺎ ﻭﻻ ﺯﻟﺖ أﻛﺮﺭﻫﺎ ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ!؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺳﺄﻟﺖ ﺍﻟﻠﻪ أﻥ ﻳﺠﻤﻌﻨﻲ بإﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ أﺟﻠﺲ ﻣﻌﻪ ﻭأﺳﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻪ.

فضحك إبراهيم اﺑﻦ أﺩﻫﻢ ﻭﻗﺎﻝ: ﻟﻪ ﻳﺎ أﺧﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ إﻧﻚ أﻓﻀﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ اتق ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ، ﻭأﻳﻦ أﻧﺎ ﻣﻦ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻮﺭﻉ!!.

فقال له يا أﺧﻲ إﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻟﻚ بإبراهيم ﺑﻦ أﺩﻫﻢ ﻣﺠﺮﻭﺭًﺍ ﻣﻦ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﺣﺘﻰ أﻟﻘﺎﻩ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻴﻚ.. أﻧﺎ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺩﻫﻢ، ﻓالحمد لله الذي استجاب لدعائك.

يذكر أن إبراهيم بن أدهم توفي سنة 162 هـ، وأقيم في موضع وفاته مسجد سمي جامع السلطان إبراهيم وهو أهم مساجد جبلة بسوريا.

مصادر:

كتاب كتاب إبراهيم ابن أدهم لشيخ الأزهر السابق الإمام عبد الحليم محمود.

كتاب "البداية والنهاية" – الإمام ابن كثير.

كتاب "سير أعلام النبلاء" – الإمام الذهبي.

كتاب "وفيات الأعيان" – ابن خلكان.

كتاب "طبقات الصوفية" – أبو عبدالرحمن السلمي.

اقرأ أيضا:

-بالصور.. هكذا تطور مشهد رمي الجمرات خلال 130 عاماً

-فيديو نادر.. الملك عبدالعزيز آل سعود يغسل الكعبة في موسم حج 1932م

فيديو قد يعجبك: