إعلان

بعد إذن أسامة الأزهري بالذكر| علماء يعلقون.."الجندي": لا يخالف الشريعة و"نصير": بدعة سخيفة

06:11 م الأحد 06 يونيو 2021

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

"نعم يا بنتي أذنت لك، يا عزيز 658 مرة" كان هذا تعليق الشيخ أسامة السيد الأزهري، أحد علماء الأزهر الشريف ومستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، على طلب من إحدى متابعاته في التعليقات بـ "الإذن بالذكر" وهو الأمر الذي أثار الكثير من التعجب والاستنكار على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ رفض البعض فكرة طلب الإذن في أمر يخص علاقة العبد بالله مؤكدين أن الإسلام ليس به "كهنوت" ورد الأزهري قائلًا أن الإذن بالذكر يعني طلب الدعاء بالتوفيق فيه، أما عدد الأرقام فيقول إنها جاءت من إطلاع العلماء في السنة النبوية.. وفي السطور التالية يحاور مصراوي عددًا من علماء وأساتذة الأزهر حول قصة "الإذن بالذكر".. وهل هي جائزة شرعًا، أم بدعة؟ وما أصلها؟

أحمد النبوي: هناك نوع خاص من الذكر يحتاج إلى إذن

يفرق الدكتور أحمد النبوي، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، بين نوعين من الذكر، أولهما هو الأكثر والمعظم، فهو ذكر عام لا يحتاج إلى إذن أو غيره، وهو المعروف والمشهور بين الناس وهي معظم الدين والشرع مثل أذكار الصباح والمساء ونحوها، ويشير النبوي أن هناك نوع آخر خاص من الذكر، وهو الخاص بالأوراد التي يأخذها المريد على يد شيخه عندما يكون صاحب طريقة أو ما شبه، وهو يحتاج إلى إذن من الشيخ نفسه، وهو أمر له أدلته في الشرع والعلماء سلفًا عن خلف يفعلوه، فهو ليس أمرًا جديدًا أو مبتكرًا، حسب تعبيره، ومن وجد هذا الذكر ورغب في أن يقوله دون إذن الشيخ فلا شيء في ذلك، لكن الإذن هو مزيد من البركة والاتباع، وهو أمر ليس غريبا في الشرع ولكنه قد يكون غريبًا في "السوشيال ميديا" وغيرها، ويؤكد النبوي أنه رغم ذلك من الشرع والدين وقال وعمل به العلماء في كل عصر وزمان ومكان.

أما النص الشرعي الذي يستند إليه العلماء في هذا الأمر، يقول النبوي، في حديثه لمصراوي، إنه عمل العلماء، فيوضح أن كل شيء في الشرع له أصول، فقد تكون هذه الأصول آية قرآنية أو حديث نبوي أو الإجماع أو العرف، وهي تبلغ أربعين أصلًا، فليس من الضروري أن يكون الأصل آية من القرآن أو حديث من السنة، فهناك 38 أصلًا آخر غيرهما، "ولكن الغالب على ذهن العوام أن الأصل هو القرآن والسنة فقط"، يقول النبوي مضيفًا أننا بالتحقق في علوم الشريعة ودراستها نجد أمور أخرى كثيرة لها أصول ليست من القرآن والسنة، وهي من الدين والشريعة ولأصحابها أدلة يستندوا إليها فيها، "شغل متخصصين شوية لا يستوعبه الناس العاديين كأي علم مثل الطب والهندسة وغيرها"، وهو "علم الحقيقة" فهو العلم الخاص بالأذكار والأوراد ونحوها، ليؤكد النبوي مجددًا أن الجزء الأكبر من الأذكار لا يحتاج إلى أي هذا الأمر، "محدش أجبر حد ياخد الإذن"، فهي أمر بين المريد وشيخه وخاصة جدًا بينهما.

وعلق النبوي على اتهامات البعض لأسامة الأزهري بإثارة الفتنة أو اعتبار ما حدث محاولة للفت الانتباه، أن الأزهري لم يفعل "شو أو فتنة" كما يقول البعض، بل هو اجاب على سؤال أتاه من فتاة في التعليقات ولم يخصص منشورًا بذلك.

الجندي: "الإذن" معروف في التشريع الإسلامي ولا يخالف الشريعة

"علاقة بين الشيخ والمريد لا يعرفها سواهما ولا يمكن أن نفهم طبيعة الإلزام والإلتزام الذي يتوجب طاعة الشيخ على مريده"، يقول الجندي واصفًا العلاقة بين الشيخ والمريد، موضحًا أن المريد هو الذي يطلب ويريد أن يصل إلى الله سبحانه وتعالى بطريق صحيح وآمن من مخاطر الوساوس وحوادث النفس، والشيخ هو المربي الذي يعرف ماذا يحدث من عوائق للذكر والتسبيح، وأوضح الجندي، في حديثه لمصراوي، أن العلاقة بين الشيخ المربي والمريد لا يجوز التدخل فيها من أي إنسان كائنًا من كان، لأنها علاقة تربية وإصلاح وتأديب وتوجيه وتنوير وتبيين، وهذه لا يفهمها إلا الشيخ المربي، ولذا، يقول الجندي أن الذي يجري من حوار بين التلميذ والشيخ لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه طالما لا يخالف شرعًا ولا كتابًا ولا سنة.

"الإذن أمر معروف في الشرع الإسلامي" يقول الجندي ضاربًا المثل على ذلك بما أمرت به السنة المرأة من ألا تصوم إلا بإذن زوجها، ويتساءل الجندي: "أليس الصيام علاقة بين العبد وربه؟ فلماذا تستاذن المرأة زوجها في أمر بينها وبين ربها؟! فلاشك أن وراء ذلك حقوقًا آخرى راعتها الشريعة"، ويقول الجندي حين يستأذن المريد شيخه بالذكر حتى يعطيه الإذن يتضح من هذا أن هناك واجابات أخرى يشغل الشيخ بها مريده، فيستأذنه، ولا شيء في ذلك يخالف الشرع.

سر انتظار "الإذن" قبل الذكر

"بركة الطاعة لا يعرفها إلا أهل الطاعة" يقول الجندي إن الشيخ ولي الأمر في حالة علاقته بالمريد، ويقول تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ، وقال الجندي أن كثؤرون لا ينتبهون أن أولي الأمر هم العلماء أيضًا، فإن اطاع التلميذ شيخه حصل بالإضافة إلى ثواب الذكر، ثواب الطاعة، ولا خرق في طلب الإذن في الشريعة الإسلامية، ولا يترتب عليه مخالفة شرعية من قريب أو بعيد.

هل يوجد نص شرعي يقول إن للمريد أن يستأذن شيخه في الذكر وعدد مراته؟

يجيب الجندي متسائلًا "هل استأذن المريد الشيخ في فرض أم نفل؟ فمادام نفلًا فلا مشكلة في ذلك"، وأضاف الجندي أن ذلك ليس على سبيل الفرضية ولكنه على سبيل التنفل، فالنفل الأمر فيه واسع فيباح في النافلة ما لا يباح في الفريضة، ويتسهل في النافلة ما لا يتسهل في الفريضة، وكل ألوان الحياة نفل، فالواجبات الدراسية والخروج لمتطلبات الحياة نفل، وهذه الأمور ليس فيها أي نوع من المخالفة، "هل استأذن الرجل في فريضة ام في نفل؟!" مؤكدًا انه طالما نفلًا فلا شيء في ذلك.

ويشير الجندي إلى أن فكرة استئذان المرأة لزوجها والنص الذي ورد فيها لم يكن على سبيل الحصر ولكنه على سبيل التمثيل، فهناك نوافل أخرى لابد أن تستأذن فيها المرأة زوجها، مثل الاعتكاف وصلاة السنة وكذلك الصيام والسفر للعمرة والحج في غير الفريضة، فلا يمكنها أن تسافر بدون إذن زوجها، وكذلك خروجها من المنزل فلا تخرج بدون إذن زوجها، يقول الجندي مستنكرًا "ادينا الزوج 35 الف صلاحية ولم نعطي الشيخ أي صلاحية؟! الموضوع واضح زي الشمس".

الإذن ضرورة تنظيمية لا تعبدية

ليست المرأة وحدها التي تستأذن، فيقول الجندي إن الجندي في القوات المسلحة لا يستطيع أن يتزوج إلا بإذن وحدته، وكذلك الخادم الذي يرغب في زيارة أهله فيستأذن من يعمل لديه في الزيارة، "ليه الناس شاكة في بعض كده ومش قادرة تتصور العلاقة بين المريد وشيخه؟ ليه مش قادرة تهضم ان للشيخ له صلاحية تأديبية وتهذيبية تستلزم أن يستأذن المريد شيخه؟ ده في الدين في أمور كثيرة، فأبو بكر طلب إذن النبي في الهجرة وقال له النبي أن ينتظر"، وقال الجندي أن الشيخ يشغل المريد بـ "واجب" حتى لا ينشغل، فيشغله بطاعة وذكر وينتقل من ذكر إلى ذكر بإذن شيخه، ويرى الجندي أنه في ذلك مثل طالب العلم فلا ينتقل من درس إلى درس إلا بإذن مدرسه، وكذلك تغيير الدواء لا يمكن للمريض أن يغيره إلا بإذن الطبيب، وغيرها من النماذج، "الإذن ضرورة تنظيمية للعلاقة بين الشيخ والمريد لا ضرورة تعبدية"

آمنة نصير: سؤال لا يليق و"بدعة سخيفة"

"هذا سؤال لا يليق أبدًا" تعلق الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، في حديث خاص لمصراوي، على فكرة طلب الإذن من الشيخ لذكر الله، مؤكدة أن ذكر الله لا يحتاج إلى إذن من كائن من كان، حسب تعبيرها، فيذكر العبد الله متى شاء في أي وقت وأي مكان، أما مسألة ان يستأذن الشيخ فيأذن له "فهذه بدعة سخيفة"، وقالت آمنة انها تتمنى أن نتعلم العقيدة الصحيحة، فذكر الإنسان لله في أي لحظة هو أمر بين العبد وربه فلا يحتاج إلى إذن أو سماح، فهي علاقة تسبيح بين الخالق والمخلوق.

أما من يقول إن هذه علاقة بين الشيخ ومريده في إطار تعليمه وتوجيهه، فترد عليه آمنة بأن المريد يطلب الكيفية لا الإذن، فهناك فارق بين الإذن بأن يسمح له أو لا يسمح، وبين أن يتعلم كيفية التواصل مع الله، فهذه لغة وتلك لغة، وقالت آمنة أنها ليست مسألة بدعة أو لا، لكنها ليست اللغة الصحيحة في التعامل مع هذه المسألة، وأوضحت ان هناك فارق بين الإذن وبين التعلم، فلا مانع أن يتعلم المريد من شيخه كم مرة يقول الذكر كما يجب أن يكون، وليس للإذن بل للتعلم.
أما تحديد عدد معين فهو أمر مفتوح، تقول آمنة أننا كلما ذكرنا الله وأكثرنا من ذكره كلما زادت الحسنات، والتحديد عند البعض هو نوع من حث للناس على ذكر الله، ولا بدعية فيه.

فيديو قد يعجبك: