من غريب القرآن.. معنى قوله تعالى: "نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ"

كتبت – آمال سامي:

يقول تعالى في آخر سورة الإنسان متحدثًا عن خلقه: "نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا"، فماذا يعني قوله تعالى: "وشددنا أسرهم"؟ يشرحه الدكتور عبد الرحمن بن معاضة البكري، أستاذ الدراسات القرآنية السعودي قائلًا إن "وشددنا أسرهم"، أي وشددنا خلقتهم وأحكمنا خلقتهم.

ويضيف البكري أن هذا هو معنى قوله سبحانه: "لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"، وقوله: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ"، وأشار البكري أن الأسر المقصود في الآية هو الخلقة وإحكامها، ومنه الأسرة، فسميت أسرة الرجل أسرة لأنه يتقوى بها، وأسر الرجل هو قوته وإحكام خلقته، وسمي الأسير أسيرًا لأنه محكوم بقوة لا يستطيع أن يخرج حتى لو لم يكن مربوطًا.

واستعرض القرطبي في تفسيره تأويلات مختلفة لقوله تعالى "شددنا أسرهم"، فينقل عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم أنها تعني خلقهم، والأسر هو الخلق، ويقال فرس شديد الأسر، أي الخلق، ويقال أسره الله سبحانه وتعالى، أي شدد خلقه، فقال لبيد: ساهم الوجه شديد أسره مشرف الحارك محبوك الكتد. وقال الأخطل: من كل مجتنب شديد أسره سلس القياد تخاله مختالا.

أما أبو هريرة وغيره فقالوا إن الآية تعني شددنا مفاصلهم وأوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والعصب، وقال مجاهد في تفسير الأسر : هو الشرج ، أي إذا خرج الغائط والبول تقبض الموضع . وقال ابن زيد القوة، ويقول القرطبي ان الأسر مشتق من الإسار الذي يشد به الأقتاب، والقتب هو ما تحتويه البطن، ومنه الأسير لأنه كان يكتف بالإسار.