إعلان

حديث ومعنى: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ"

04:37 ص الجمعة 24 أبريل 2020

حديث ومعنى

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب ـ محمد قادوس:

يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والافتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا كبيرا لبعض الأحاديث النبوية الصحيحة والتي تتعلق بالصيام وشهر رمضان المبارك.
وفي حديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى رَجُلًا قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا لَهُ؟» قَالُوا: رَجُلٌ صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ» أخرجه البخاري.

وجاء في تفسير مختصي المركز لمعنى الحديث النبوي الشريف: إنَّ السَّفر قطعة من العذاب يمنع الإنسان راحته وسكنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ»، ومشقته هذه تتطلب تخفيفًا وتيسيرًا لتحمل أعبائه ومشاقه وجاء الشَّرع الحنيف بسماحته ويسره مُعلنًا نبذ التَّشدد والتَّنطع بقوله صلى الله عليه وسلم : « هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ»، وضرب لنا مثلا بغيرنا للاعتبار فقال : «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27]»ووجهنا بتعاليمه السَّمحة إلى الأخذ بالرُّخصة في موضعها ومن الهدي العملي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقام أنه في احدى أسفاره وجد النَّاس يجتمعون على رجل مغمى عليه لشدة إعيائه من التَّعب فسألهم ما به ؟ سؤال المشفق الرحيم بأمته وبالعالمين فقالوا : إنه صائم مع شدة الحر فكأنه بلغه المجهود كما في رواية ابن خزيمة: «فشقّ على رجل الصومُ، فجعلت راحلته تَهِيم به تحت الشَّجرة، فأُخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأمره أن يفطر».

ومن جراء هذا الموقف يُقرر الرَّحمة المهداة أنه ليس من البر- وهي كلمة جامعة لكل أفعال الخير - أن يبلغ الإنسان بنفسه هذا المبلغ من المجهود والإعياء والتَّعب؛ لأنَّ الله غني عن عذابنا.

وهنا قد يستشكل بعض الناس مسألة الفطر للصَّائم في دنيانا المعاصرة وسهولة المواصلات! وعند التأمل نجد الشَّرع الحنيف علل رُخصة الفطر في رمضان بتحقق علة السَّفر فيه دون نظر إلى ما يُصاحب السَّفر عادة من المشقة؛ فصلح السَّفر أن يكون علة؛ لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد السَّفر وجدت الرخصة، وإذا انتفى انتفت، أمَّا المشقة فهي حكمة غير منضبطة؛ لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودًا وعدمًا، فالحاصل أنَّ الصَّوم لمن قَوِي عليه أفضل من الفطر، والفطر لمن شقّ عليه الصَّوم، أو أعرض عن قبول الرُّخصة أفضل من الصَّوم، وأنّ من لم يتحقق المشقّة يُخَيَّر بين الصَّوم والفطر سواء كان في رمضان أو غيره، بل اختار بعض العُلماء أن الأفضل اختيار الأيسر لقوله تعالى « يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» [ البقرة : 185]، فإن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقه وإن كان الصَّيام أيسر كمن يسهل عليه ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل.

وفي الحديث: مشروعية الفطر للمسافر في رمضان ، وأنه يجوز له أن يصوم إذا قدر على الصَّوم بغير مشقة ، وكراهة الصَّوم في السَّفر مختصة بمن شق عليه .

وفيه استحباب التَّمسك بالرُّخصة عند الحاجة إليها ، وكراهة تركها على وجه التَّشدد والتَّنطع

فيديو قد يعجبك: