إعلان

بعد رفض فتاة مصافحة ولي العهد النرويجي.. عدم السلام باليد تطبيق للشرع أم مجافاة للذوق؟

05:42 م الأحد 01 سبتمبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- آمال سامي:

أثار رفض فتاة محجبة في النرويج مصافحة ولي العهد النرويجي "هاكون" أثناء زيارته لمسجد مركز النور الإسلامي الذي تعرض لهجوم إرهابي مؤخرًا، جدلًا على صفحات السوشيال ميديا خاصة بعدما شن الكاتب الصحفي خالد منتصر هجومًا لاذعًا واصفًا تصرف الفتاة بأنه "لا يليق ومجافٍ للذوق وفيه جلافة وغباء"، ووصفته بعض وسائل إعلام عربية باعتباره "تصرفًا محرجًا" لولي العهد، فيما انتصر آخرون لموقف الفتاة باعتبار التصرف حرية شخصية ونتائج ثقافة دينية تستدعي الاحترام.

فما هو حكم الشرع في مصافحة الرجل للمرأة باليد؟

في يناير 2011 أصدرت دار الإفتاء فتوى تجيب على هذا التساؤل صرح بها الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، قال فيها إن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية محل خلاف في الفقه الإسلامي، وأن جمهور العلماء يرى حرمة ذلك غير أن الحنفية والحنابلة أجازوا مصافحة العجوز التي لا تشتهى، ومن أدلة الجمهور على التحريم: قول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "مَا مَسَّتْ يد رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يد امْرَأَةٍ قَطُّ" متفق عليه، وحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم قـال: "لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ رَجُلٍ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ" أخرجه الروياني في "مسنده" والطبراني في "المعجم الكبير".

لكن أشارت الفتوى من جانب آخر إلى أن علماء آخرين قد أجازوا المصافحة، باعتبار أن الامتناع عنها خاصية من خصائص النبي صلى الله علسه وسلم، لما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صافح النساء لمَّا امتنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن مصافحتهن عند مبايعتهن له، وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه صافح عجوزًا في خلافته، ولمَا جاء في "البخاري" عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يجعل أم حـرام رضي الله تعالى عنها تفلي رأسه الشريف، ولمَا أخرجه البخاري أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه جعل امرأة من الأشعريين تفلي رأسه وهو محرم في الحج.

هل تنقض المصافحة الوضوء؟

قال جمعة إن هذا الأمر فيه خلاف أيضًا، فيرى الشافعي أنها تنقض الوضوء ولو من غير شهوة، ويرى أبو حنيفة أن اللمس بنفسه لا ينقض ولو كان بشهوة، أما الإمام مالك فيفرق بين ما إذا كان اللمس بشهوة فينقض أو من غير شهوة فلا ينقض، وفي نهاية فتواه قال جمعة: "وعليه: فمن ابتلي بشيء من ذلك فله أن يقلد الأيسر له، وإن كان الخروج من الخلاف مستحبًّا".

علم النفس: الثقافة العدائية هي المسيطرة في مجتمعنا

في تعليقه على تصرف الفتاة التي رفضت المصافحة، وعلى ما كتبه خالد منتصر على حد سواء، يقول الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي، إنه ليس متأكدًا إن كان تصرف الفتاة في موقف المصافحة هو التصرف الأفضل أو الأمثل، "فالفتاة تصرفت وفق الثقافة التي تعيش فيها هناك وهي ثقافة تمجد وتعلو من شأن الحرية الشخصية مادامت لا تضر الطرف الآخر، وهنا، فنحن لدينا الثقافة العدائية المتشنجة في معالجة المسائل، والردود الرافضة ومقال الكاتب رافض موقف الفتاة يتسق مع الثقافة المحيطة".

ويرى عبد الله أن هناك بعدين لتلك القضية أولهما هو غياب المعالجات التي تليق بخطورة وأهمية وضع المهاجرين العرب في الغرب، فهناك موقف سلبي منهم من اليمين المتطرف، وهناك من يرفض استقبالهم من الأساس، وقضايا أخرى كثيرة مرتبطة بهذا الامر. ويضيف عبد الله أنه ليس لدينا محاولات حقيقية لمعالجة هذه القضية وهو ما يجعل موقف رفض الفتاة مصافحة ولي عهد النرويج- على الرغم من كونه تصرفا فرديا بسيطا من فتاة بسيطة لا تمثل غير نفسها- يتحمل أكثر مما يحتمل.

فوجود أناس من ثقافة أخرى في الغرب تبدو في بعض الأحيان غامضة وغير واضحة لهم هو قضية مثيرة للجدل هناك، يقول عبد الله مضيفًا إن هذا الملف لا يعالج بشكل لائق من جهة العرب والمسلمين من وجهة نظره، وهو ما يجعل كل فرد يتحدث كما يريد في أي اتجاه وبأي أسلوب. وأشار عبد الله إلى أن هناك عدة قضايا شائكة لدى المسلمين في الغرب لا يحدث نقاش حولها بين المثقفين ولا بين الجهات المعنية لنصل لقرار مشترك، وضرب مثلًا على حالة النقاش الصحية هذه بوضع السيخ في إحدى البلاد الغربية، ذاكرًا أنه من تقاليد السيخ هو حمل السلاح دائمًا سلاح كتقليد من تقاليد دينهم، فكان طلبة السيخ يدخلون بالسلاح إلى المدارس وهو ما أثار الجدل والحوار بين الطرفين حتى توصلوا لإتفاق، وهو وضع هذا السلاح في جيب مقفول لا يفتح ابدًا، لكن إذا تم فتح هذا الجيب مرة واحدة سيتم رفض الطالب من المدرسة. ومن النموذج السابق يرى عبد الله أن مثل تلك الحوارات هي التي تعالج وضع المسلمين في الغرب سواء في المصافحة أو الزي أو رفع الأذان أو غيره مما يثير الخلاف والجدل في الغرب.

فيديو قد يعجبك: