إعلان

مفتي الجمهورية يتحدث لمصراوي عن الحج والخطاب الديني وانتشار الإلحاد ونقل الأعضاء

05:01 م الجمعة 17 أغسطس 2018

مفتي الجمهورية شوقي علام

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حاورته – سماح محمد:

كثيرة هي القضايا الدينية والتساؤلات التي تشغل أذهان الناس في مصر، ففي موسم الحج تكثر الأسئلة عن المناسك وما يعلق بهذه الفريضة العظمى، وتبرز من حين لآخر ظواهر تحتاج إلى من يوضحها لنا من علمائنا الأجلاء لنسترشد برأيهم الديني في كل ما يهمنا، ومن تلك القضايا مسألة تجديد الخطاب الديني وما يتعلق بها والشباب وهمومه وميله إلى التطرف أو الإلحاد، وأيضًا تصحح صورة الإسلام في الغرب.

لأجل ذلك توجه مصراوي إلى دار الإفتاء لمحاورة فضيلة مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور شوقي علام في كل ما يشغل بال أهل مصر.

بداية حدثنا عن استعدادات دار الإفتاء لموسم الحج وماذا تقدمون لحجاج البيت الحرام قبل سفرهم؟

تساهم دار الإفتاء في التيسير علي حجاج بيت الله الحرام ، وكل عام نصدر نسخة جديدة من الدليل الإرشادى المجاني لتوضيح مناسك الحج وشروطها‏,‏ وأركانها‏,‏ ومستحباتها باستخدام الرسوم والأشكال التوضيحية ، مع شرح فقهى مبسط وعصرى ، مما يعين الحجيج علي أداء الفريضة بشكل صحيح، وتقوم الدار بتوزيع هذا الدليل علي جميع ضيوف الرحمن قبل السفر بمطار القاهرة ليكون دليلا إرشاديا لهم خلال أدائهم مناسك الفريضة بالكيفية الشرعية الصحيحة البعيدة عن التشدد والتفريط، بالإضافة إلي توفير نسخة رقمية من الدليل الإرشادي علي موقع دار الإفتاء علي الإنترنت، وأيضا عبر الصفحة الرسمية للمركز الإعلامي لدار الإفتاء علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.

1

كما أصدرت الدار أيضا دليلا فقهيا جديدا يزخر بجميع الفتاوي المهمة والمنتقاة المتعلقة بفقه وأحكام الحج والعمرة, والتي وردت للدار علي مدار العقود الماضية من الأحكام والشعائر والقضايا بأسلوب عصري يتماشي مع ما جد من متطلبات عصرنا في أمور حياتنا المختلفة, مع بيان الإجابة عنها بأسلوب واضح شامل ومختصر، ونحرص أيضا على التنسيق مع وزارة الداخلية علي طباعة كتاب الحج والعمرة الصادر من دار الإفتاء المصرية, وتوزيعه علي الحجاج كمرجعية لهم، ولتوحيد الفتاوي بين أعضاء البعثة المصرية، كما يتم التنسيق مع وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية حج الجمعيات, ووزارة السياحة علي طباعة الكتاب وتوزيعة على حجاج بيت الله الحرام.

2016-636072323995475089-547_main

ماذا عن موقف الذاهب للحج من مظالم وحقوق عليه لبعض العباد .. هل یجبرها الحج ويعود كيوم ولدته أمه ؟

ينبغي على الحاج قبل أن يخرج إلى رحلة الحج أن يتطهر ويتأهب ويستعد لهذه الفريضة، وذلك بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحًا، وأن يندم على ما ارتكبه من ذنوب وآثام، وكذلك يؤدي حقوق العباد التي هي عليه من رد المظالم أو أداء الديون أو صلة الأرحام وغيرها، ويجب على الحاج أن يجتهد في استرضاء كل من نال منهم سواء بظلم مادى أو معنوى ، وعلى من قصد بیت الله حاجا أن یرد الحقوق والمظالم إلى أهلها أولا قبل مغادرته موطنه، لأن حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الصفح مع محاولة استرضاء صاحب الحق على ما لحق به من أذى ، ومن أمثلة هذه الحقوق ضرورة أداء الدين أو الميراث او أى حق مغتصب .

هناك من تدفعهم الظروف الاقتصادية للتحايل على الإجراءات الرسمية لأداء فريضة الحج مثل من يذهب بتأشيرة عمل أو زيارة .. هل تُقبل حجتهم ؟

لا يجوز الحج متلبسا بالكذب والتحايل، والذهاب لأداء الحج بتأشيرة عمل لا يبطل الحج ويكون صحيحا ولكن يكون صاحبه مرتكبا فعلا محرما من ناحية الطريقة أما قبوله فهو فى علم الله.

ويجب على الجميع الانصياع للقوانين واللوائح التنظيمية التى يأتى من ورائها سعادة للجميع ومصلحة لجماعة المسلمين، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وهذه التأشيرات لم تكن موجودة فى عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا فى عهد صحابته رضوان الله عليهم أجمعين، وإنما هى أمور تنظيمية مستحدثة ويجب على الأفراد اتباعها وعدم مخالفتها؛ لقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾".

ومن ثم إذا خالف بعض الأفراد ذلك وأدوا الحج بتأشيرات مزورة فقد ارتكبوا مخالفة جسيمة دنيويًا.

2

ما رأيكم في موضة الحج "الفاخر" .. هل يشوبه التباهى والرياء . . وهل يقبله المولى عز وجل؟

الحج فرض على كل مسلم قادر بغض النظر عن وظيفته او انتماءاته .. وغيرها ، والأهم في فريضة الحج إخلاص النية وعدم العودة لاقتراف المعاصى والذنوب ، وعلى من يذهب إلى الحج أن يوطن نفسه أنه يولد من جديد ويعود كما ولدته أمه، وذلك اقتداءا بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: " منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ" ، بينما قبول الحج أمر يعلمه الله وحده.

فتاوى دار الإفتاء تؤيد ضرورة تنظيم الوقوف بعرفة كما ترى الجهات المنظمة للحج بالمملكة السعودية لتجنب وقوع الحوادث .. نريد من فضيلتكم إلقاء الضوء على ذلك؟

قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم "الحج عرفة"، بيانًا لأهمية هذا الركن من أركان الحج، الذي إن فات الحاجَّ فقد فاته الحجُّ ،ومن حضر عرفة في ذلك اليوم على أي هيئة فقد حضر، ماشيًا كان أو مارًّا أو نائمًا أو على أي هيئة، على ذلك أيضًا إجماع الأمة، وما دام هناك إجماع، فلا يجوز مخالفته؛ لأن ما رآه الناس حسنًا يكون عند الله حسنًا، وعليه لا يجوز تمديد المكان المخصص لعرفة لوجود الإجماع على حدوده، ولكن يمكن تنظيم الوقوف في نفس المكان ونفس الزمان بغير تجاوز لهما، كما ترى الجهة المنظمة للحج،وهي السلطات السعودية، و دار الإفتاء تؤيد ضرورة تنظيم الوقوف بعرفة كما ترى الجهات المنظمة للحج، فقد رأينا الرسول يفعل ففعلنا، وقال: (خذواعني مناسككم) فأخذنا بأريحية مسلِّمين بذلك، كما امتثلنا لإقامة شعائر الحج كافة متذللين لله كما أمرنا.

تعالت الأصوات المطالبة برفع شرط وجود محرم مع المرأة الغير متزوجة ومنحها الحق في تأدية الحج والعمره دون قيود .. مع أم ضد ؟

أجاز جمهور الفقهاء للمرأة في حج الفريضة أن تسافر دون محرم ما دام الأمن متحققًا في سفرها وإقامتها وعودتها، و إذا كانت مع نساء ثِقات أو رفقة مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضي الله عنه.

خطبة الوداع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت بمثابة دستور وضح الكثير من الأمور والقواعد التي تضبط حركة حياة الإنسان كلها .. فما هي أبرز هذه القواعد وما أهميتها خاصة في زماننا المعاصر؟

خطبة الوداع في يوم عرفة من الخطب الجامعة المانعة، وهى بمثابة دستور نبوي يضبط حركة حياة الإنسان كلها في المال العام أو الخاص سواء كان لمسلم أو لغير مسلم، وكذلك النفس والعرض حيث تكلم صلى الله عليه وسلم بكلمات موجزة قليلة تحمل مضامين عظيمة؛ فنحن عندما نعيد قراءتها لا نجد أنها تستغرق زمنًا طويلًا، ومع ذلك فقد حملت كل ما يمكن أن نقول عنه: "حقوق الإنسان"، ومن أهم ما نقف عنده في هذه الخطبة الجليلة قضية مهمة هي وصيته صلى الله عليه وسلم قائلًا: «إِنَّ دِمَائَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»، وهذه الخطبة كانت آخر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في جمع كهذا الجمع؛ فهي وصية مودع، وعلينا أن نتخذها دستورًا ومنهجًا، على عكس أولئك الذين يعيثون في الأرض فسادًا، يبيحون الدماء وينهبون الأموال ويستحلون .

هل تكرار الحج أفضل أم التبرع بهذه الأموال من أجل سد حاجات الناس؟

اجتمع الفقهاء في المذاهب الأربعة وما نفتي به في دار الإفتاء المصرية على أن المعاونة وسد حاجات الناس أولى من الحج للمرة الثانية نفلًا وتطوعًا؛ لأن المنفعة المتعدية أَولى من المنفعة القاصرة، فعندما نسدُّ حاجةَ إنسان تتعدَّى هذه المنفعة حيَّزَ النفع الشخصي إلى نفع الغير، وهو أولى خاصة في هذا الزمان.

2015_1412168254_213

هناك بعض الدعوات التي تتردد كل عام تطالب بتدويل الحج .. كيف ترى فضيلتكم هذه الدعوات؟

دعوات تدويل الحج ماكرة، و تدويل الأماكن المقدسة لا يجوز، وتدويل الحج به كثير من المفاسد، وزعزعة لأمر المسلمين جميعًا حتى إن غُلِفَت بالمصالح، فهي مصالح وهمية، وقد تعرضنا لهذه المسألة في مرحلة سابقة، حيث تمت المطالبة بهذا الأمر من قبل من بعض الدول، وأنكرناها إنكارًا شديدًا، وبقاء أمر الحج خاضع لإدارة بلد الحرمين، أمرًا دينيًا، وفيه مصلحة للمسلمين جميعًا.

لاشك أن رحلة الحج يكون بها ذكريات جميلة يسعى الحاج إلى توثيقها ليتذكرها عن طريق صور السيلفي أو غيرها من الطرق .. فهل هذا الأمر جائز؟

استخدام الكاميرا والتصوير لا يبطل الحج ولا ينقص من ثوابه، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الحج رحلة روحية ورحلة العمر، والإنسان يذهب إلى هناك تاركا أهله وماله ودنياه ليقف بين يدى الله، والتصوير امام الكعبة لا مانع فيه ولكن يجب ألا ينشغل الحاج بهذا الامر ويخرج عن روحانية الحج والخشوع والخضوع .

كثيرًا ما يقع في موسم الحج بعض الحوادث المؤسفة نتيجة التدافع بين الحجاج لحرصهم على رمي الجمرات في نفس التوقيت أو التسابق في بعض الشعائر .. كيف ترى هذا الأمر خاصة وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان منهجه التيسير في الحج بقوله "إفعل ولا حرج"؟

صحيح لذلك نقول إنه يجوز رمي الجمرات في أي وقت على مدار اليوم خلال أيام التشريق ولا يشترط وقت الزوال فقط كما يتشدد البعض، تيسيرًا على حجاج بيت الله الحرام ومنعًا للزحام والتدافع، كما يجوز للضعفاء والمرضى من الرجال والنساء من حجاج بيت الله الحرام تركُ المبيت بمنى، والتوكيل عنهم في رمي الجمرات.

467106_132916

هل يجوز الدعاء على من ظلمنا أو يؤذينا خلال مناسك الحج ؟

قال الله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"، والحج شعيرة روحانية نتضرع فيها إلى المولى عز وجل أن يقبل كافة أعمالنا ، ومن ثم يجب أن ندعى للمؤذى بالهداية ، ونترك رد المظالم للمولى عز وجل .

ماهو الممنوع والمباح للمحرم خلال تأديته مناسك الحج؟

للمحرم أن يلبس النظارة وساعة اليد والخاتم المباح، وأن يشد علي وسطه الحزام ونحوه وللمرأة أن تلبس الحلي المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان دون تبرج، وإن كان الأولي البعد عن الألوان الملفتة والزينة، والاكتفاء ببيض الثياب وأنه لا بأس باستخدام الصابون، ولو كان له رائحة؛ لأنه ليس من الطيب المحظور ، ومن المحظورات ممنوع علي الرجال لبس المخيط المفصل علي البدن والثياب التي تحيط به وتستمسك بنفسها ولو لم تكن بها خياطة، كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز وأنه يجوز للحاج بعد الإحرام إصلاح الإزار والرداء، وجمع قطعها علي بعض للارتداء، وتشبيكها لستر العورة، ولا يعتبر مخيطا ولا محيطا.

كذلك فإن الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، وللحائض والنفساء عند الإحرام أن تأتي بكل أعمال الحج: من الوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، وما إليهما، لكنها لا تطوف؛ لأنها ممنوعة من الدخول في المسجد إلا في طواف الإفاضة إذا ضاق وقتها عن المكث في مكة إلي أن ينقطع دمها، فلها أن تغسل الموضع وتعصبه حتي لا يسقط الدم وتطوف وليس لها ذلك في طواف الوداع، إذ لو فاجأها الحيض فيه أو قبله تركته وسافرت مع فوجها، ولا شيء عليها.

ويكره للرجال المزاحمة علي استلام الحجر الأسود، ويحرم هذا علي النساء منعا من التصاقهن بالرجال.

هل من نصيحة تقدمها لضيوف الرحمن قبل وأثناء الذهاب لأداء فريضة الحج؟

أقول لهم أن التيسير ورفع الحرج وإزالة المشقة مقصد عام شرعي من مقاصد الإسلام، وهو سارٍ في الأحكام الشرعيَّة بصورة عامة، ومرعيٌّ في أحكام وأعمال شعيرة الحج بصورة خاصة؛ درءًا لِمَا يحدث من إصابات ووفيات ناتجة عن تزاحم الحجاج في أوقات واحدة على مناسك محددة، وتحقيقًا للموازنة بين المصالح المتعارضة من أداء العبادة على وجهها ومصلحة حفظ الأنفس، فليس من الشرع ولا من الحكمة تطبيقُ شيء مستحب أو مختلف فيه على حساب أرواح الناس ومُهَجِهم، وعليه فإننا نرى صحة السعي في المسعى الجديد وأنه سعيٌ صحيحٌ تَبرأ به الذمة وتَسقُط به المطالبة والتكليف .

المتابع لدار الإفتاء يلحظ نشاطا كبيرا على المستوى الخارجي، فلماذا تتوجه دار الإفتاء إلى الخارج وماذا حققت على هذا المستوي؟

حققنا نشاطا ملحوظا على المستوى الخارجي ، فقد توسعت الدار في منظومة العمل الإفتائي وكثفت من جولات علمائها بالخارج، وقدمت الدار العديد من أوجه الدعم والمساعدة العلمية والتأهيلية لدور الإفتاء في مختلف الأقطار، وهو أمر دفع المؤسسات الدولية إلى الاهتمام بجهود الدار ورؤيتها واستراتيجيتها التي تنفذها، فسعى البرلمان الأوروبي إلى شراكة مع دار الإفتاء لتكون أول مؤسسة يضعها البرلمان الأوروبي كمرجعية دينية فيما يتعلق بالفتوى، كما أشادت الأمم المتحدة – أكبر مؤسسة أممية في العالم – بالدور المحوري والبناء للدار في مواجهة الخطاب المتطرف والجماعات التكفيرية.

وهدفنا هو قيادة قاطرة العالم الإسلامي في مواجهة الفتاوى الضالة والمنحرفة لدى الجاليات والأقليات المسلمة بالخارج، وذلك من خلال الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي أسست ك يوم الرابع من شهر ربيع الأول 1437هجرية الموافق لعام 2015.

3

خلال زياراتكم الخارجية.. ما هي الظواهر السلبية التي رصدتموها بخصوص النظرة الغربية للإسلام؟

أشهرها ظاهرة تأجيج المشاعر من قبل الإعلام الغربى ، فقد أسهم بشكل كبير فى ولادة الخوف من الإسلام، عبر إظهار وتصدير العمليات الإرهابية وربطها بالإسلام، فضلا عن الدراسات التى يعدها باحثون غربيون وتتضمن تخويفا من الإسلام، ونماذج يقدمها إعلاميون غربيون من خطاباتهم تؤجج المشاعر وتصب الزيت على النار.

ماذا عن دور دار الإفتاء فى تحسين صورة الإسلام فى الخارج؟

أقمنا مركزًا تدريبيًّا متخصصًا، حول سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة، كما أطلقنا صفحة إلكترونية بعنوان "داعش تحت المجهر" باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسوقها التنظيمات الإرهابية، وكذلك اطلقنا مجلة إلكترونية بعنوان "بصيرة" باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطى المعتدل، فضلًا عن ترجمة أكثر من 1000 فتوى باللغتين الإنجليزية والفرنسية نسبة كبيرة منها متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوِّقه من مفاهيم وتصدِّره من فتاوى مغلوطة، وكذلك إصدار موسوعة لمعالجة قضايا التطرف والتكفير باللغات الأجنبية.

هذا إلى جانب عدد من اللقاءات والمحاضرات التي أشرف بإلقائها على الطلاب الأجانب بعدد من الجامعات الإسلامية العالمية، وتدور حول الإسلام الصحيح وتجربة دار الإفتاء فى مكافحة التطرف والإرهاب، والتشديد على ضرورة تكاتف جهود المسلمين عامة والعلماء والدعاة خاصة لاستعادة الصورة الحقيقية للدين الإسلامي من قوى الظلام والإرهاب والتطرف.

لوحظ مؤخرا انتشار ظاهرة الإلحاد بين الشباب..كيف ترون ذلك؟

نسبة الإلحاد زادت بمصر عقب العام الذى سيطرت فيه جماعة الإخوان على الحكم بالبلاد، نظراً لاستخدامهم شعار "الإسلام هو الحل"، وبعدما اعترف الإخوان أنهم فشلوا فى حكم البلاد ظن الشباب أن الإسلام هو الذى فشل وليس المجموعة التى حكمت وأدخلت الشباب فى مرحلة تشويش فكرى تمكنا من علاج الكثير منه".

وماهى الأسباب التى تدفع الشباب فى الوقوع فى هذا الخطر "الإلحاد" وما هى أساليب الدار لمواجهة ذلك؟

ضعف الايمان هو أحد الأسباب الهامه ، وإعادة الملحدين إلى المنظومة مرة ثانية يحتاج إلى جهد كبير وهو ما تقوم به دار الإفتاء الآن من أجل معالجة التشوهات الفكرية التى طالت الشباب المصرى عقب حكم جماعة الإخوان.

وظاهرة الإلحاد تحتاج إلى علاج، عن طريق مواجهة الفكر بمثله لإزالة الشبهات، ولدينا داخل دار الإفتاء إدارة خاصة للرد على قضايا الالحاد من خلال باحثين متخصصين للنقاش مع الملحدين بأساليب علمية وعقلية تتناسب مع طريقة تفكيرهم .

4

كثر الحديث عن فكرة تجديد الخطاب فماذا نعني بتجديد الخطاب الديني في ظل ما نشهد الآن؟

ما نقصده من تجديد الخطاب الدينى هو تحديث الأدوات والآليات التى تعمل بشكل منضبط ووفق ضوابط معينة لكى نستطيع من خلالها الوصول إلى خطاب دينى رشيد.

وهذا التجديد يأتي انطلاقًا من حديث النبى صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"؛ فقد ذهب العلماء إلى أن المقصود بالتجديد هنا هو تعليم الناس دينهم، وتعليمهم السنن، ونفى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من خلال تمييز الصحيح من الضعيف من أحاديثه، والقضاء على البدع وإحياء السنن، وعليه فالمقصود بالتجديد فى الخطاب الدينى هو تجديد الفهم الدينى، ذلك الفهم الذى أنتجه العقل الإنسانى على مدار عقود من الزمان من خلال قراءته وفهمه وتأويله وتفسيره للنصوص الدينية، وليس المقصود منه النيل من الثوابت أو تجديد هذه النصوص بالحذف أو الإضافة أو التغيير أو ما شابه ذلك.

على الرغم من هذا الدور الملموس لدار الإفتاء إلا أن البعض يتهم المؤسسات الدينية بأنها غير قادرة على تجديد الخطاب الديني فما هو ردكم؟

جهودنا منصبه على قضية تجديد الخطاب الدينى ، ولدينا أجندة خاصة نسعى لتنفيذها ولن تظهر نتائجها بين عشية وضحاها ، فالقيادة السياسة نفسها متمثلة في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مهمومه بقضية تجديد الخطاب ، الذى نسعى من خلال مراكز دار الإفتاء البحثيه إلى تقديم نماذج علمية واستراتيجية لعلاجه وتحديد أنجع السبل للتعامل مع القضية والتقليل من خطرها، وقد توصلنا إلى قناعة هامة تتعلق بأهمية وضرورة إعداد دليل إرشادي ونموذج عمل بنائي لمعالجة ظاهرة التشدد بشكل عام على سبيل المثال لنقدم مخرجات تفيد الدول والمجتمعات في حصار مشكلات التشدد والتطرف المستشرية في أوساط العرب والمسلمين، والتي باتت الخطر الأكبر والأكثر إلحاحا على المنطقة بأكملها، كما نسعى لتوظيف الأدوات الإلكترونية (مواقع – صفحات تواصل اجتماعي) في التواصل مع كافة الفئات لتصحيح كافة المفاهيم المغلوطة وتوصيل لغة رصينة للخطاب الدينى .

وقضية التجديد هي قضية محورية لازمة للمجتمعات التي تشهد تطورا دائما على مدار الساعة لملاحقة التغييرات المتتالية ، ومن ثم لابد من إيجاد العقل المنضبط الذى يعالج هذا التغيير في إطار الأصول الشرعية ، واللجوء إلى أهل التخصص يحل هذه الإشكالية ، فالاجتهاد الفقهي وتجديد المفاهيم والمصطلحات ضرورة من ضروريات العصر والعمل العلمي التي يتعامل بها الفقيه مع النصوص الشرعية من حيث إنزالها على واقع الناس في البلاد المختلفة والأحوال المتنوعة، ونحن مطالبون بوضع حلول لكل المشكلات التي تضع وفق تطور المجتمعات، والعصر أفرز الكثير من المشكلات.

هل هناك جديد في مجال تجديد الفتوى في دار الإفتاء تنتوي الدار تنفيذها خلال المرحلة المقبلة؟

نعم ، لدينا مؤتمر عالمي هذا العام في أكتوبر المقبل وهو المؤتمر الرابع الذى تعقده "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم" التابعة لدار الإفتاء المصرية ، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، ويحمل عنونا لقضية هامة وهى "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق" ، ومن المنتظر أن يشارك فيه وفود من أكثر من خمسين دولة من مختلف قارات العالم، والمؤتمر سيكون مرآة صادقة لأهمية التجديد في مجال الإفتاء ، وسيناقش عددا من القضايا المعاصرة الهامة التي تشمل المستجدات الحادثة في مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكتروني.

وماذا سيتم خلال فعاليات مؤتمر هذا العام؟

سنعمل من خلال المؤتمر على وضع ضوابط وآليات للتجديد في الفتوى ، وكذلك المؤهلات الواجب توافرها لمن يتصدى للإفتاء، و دور المجامع الفقهية والاجتهاد الاجتماعي في معالجة المستجدات ، كما سيناقش المؤتمر أيضا أصول الإفتاء في قضايا حقوق الإنسان ، و الإفتاء ودعم الاستقرار العالمي:(حق ردع الإرهاب والعنف)، الإفتاء وحق الإنسان في التعليم والمعرفة، الإفتاء ومستجدات القضايا الأسرية والجندر (الأم العزباء -الأسرة البديلة -قضايا النسب والتبني -الزواج العرفي -عقود الزواج والطلاق الإلكترونية... الخ)، الإفتاء وحق الإفراد في الاعتقاد والتعبير (قضايا الردة - التعرض للدول والهيئات والمؤسسات... الخ)، الإفتاء وحقوق المرأة :(حقوق المرأة في التعليم والسفر وتولي المناصب... الخ)، وغيرها من العناصر الهامه التي تدور في فلك محاور المؤتمر الرئيسية.

أين دار الإفتاء من الشباب؟

تحصين تلك الفئة من موجة الأفكار الهدامة ، أحد أهدافنا ، وقد اطلقنا عدد من المنصات الإلكترونية لمحاولة إيجاد الية جديدة للتواصل مع الشباب ، وأدعوا كافة المؤسسات المعنية بالشباب وأفراد الشعب بضرورة زيادة الوعي ومراقبة الشباب وتحصينهم من تلك الأفكار لكونهم صيدا ثمينا للجماعات المتطرفة التي تنفذ أجندات كبيرة تستغل فيها طاقة الشباب وتوجهها لهدم المجتمعات، وعلى الأسرة المصرية مسئولية كما على المدرسة التي لا بد أن تقوم به في تحصين أبنائنا وتوعيتهم ضد الأفكار المتطرفة، ولا بد أن تبنى هذه التربية على غرس القيم والأخلاق ، كما أن الفضاء الإلكتروني يحتوي على الطيب والخبيث، والجماعات المتطرفة تحاول النفاذ من خلال هذا الخبيث إلى عقول الشباب ببث الأفكار الهدامة في عقولهم.

ولدينا بروتوكول تعاون بين دار الإفتاء ووزارة الشباب لإعداد جيل من الشباب أكثر حفاظا على تعاليم الإسلام الوسطية ويهدف إلى تفسير الفتاوى الخاطئة، فضلا عن حرصنا على عقد المجالس الإفتائية في مراكز الشباب بالمحافظات المختلفة ، والمحاضرات التي أشرف بإلقائها في مختلف الجامعات المصرية.

يعتبر مجال السوشيال ميديا والفضاء الإلكتروني ساحة مهمة لتجنيد الشباب من قبل التيارات المتطرفة وكان لكم السبق في التنبه إلى هذا الأمر وكان لدار الإفتاء تجربة .. حدثنا عنها؟

سبق ونبهت على ضرورة التعامل بذكاء مع شبكات التواصل الاجتماعي ، وناشدت الشباب ألا يكون متلقيًّا من هذه المواقع بل لا بد أن يكون مدققًا حتى لا يصبح أسيرًا للجلوس أمام التواصل ويتحول إلى مدمن للتلقي من هذه المواقع بدلاً من أن يكون إنسانًا مفكرًا، وسيكون فريسة لهذه الأفكار التي تعرض على هذه الشبكة، وهناك ما يسمى بلجان إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي تتلقى تمويلا كبيرًا لإثارة الشائعات والنيل من الرموز الوطنية والعلماء والدعاة إلى الله والقضاة ، بجانب نشر الأفكار الهدامة التي تثبط الهمم وتنشر الفوضى في المجتمع وتحاول تجنيد الشباب لتنفيذ مخططاتهم.

والطلاب في المرحلة الثانوية أصبحوا مدمنين لهذه المواقع التي تؤثر على مستوى الوعي والتفكير لديهم ، وهذا ما أثبتته الدراسات ، وهذا يتطلب منا مزيدًا من الوعي وترشيدًا في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي ، وبالتالي في تعاملنا مع وسائل التواصل ، وعلينا أن نأخذ ما ينفعنا ونترك ما يضرنا ، وهذه مسئولية الأسرة، فالعالم الغربي الذي اخترع هذه الوسائل لا يستخدمها مثلما نستخدمها ، فهو يخصص أوقاتًا للجلوس أمامها ولا يجلس أمامها طول الوقت.

2018_1_4_22_0_23_142

كيف كفل الإسلام التعايش مع الآخر في سلام دون النظر لمعتقده؟

لقد أسس الإسلام لمبدأ التعايش بين جميع الأطياف والمذاهب المختلفة في إطار من العدل والمساواة والدعوة إلى التعارف والتعاون فقال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا} وعمل على توطيد العلاقات السلمية بين الناس في الداخل والخارج في قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} فالإسلام احترم حرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري، وحظر الاعتداء على أي نفس بشرية، بغض النظر عن دينها أو معتقدها أو عرقها؛ فهو نسق عالمي مفتوح لم يسع أبدًا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم، وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة بناء الجسور مع الآخر بقلوب مفتوحة وبقصد توضيح الحقائق، ورسالته جاءت عالمية لم تتوقف عند حدود مكة فقط بل شملت العالم كله، وهو من خلال هذه العالمية استطاع استيعاب الحضارات والأمم القديمة، بما تحويه من ثقافات متنوِّعة وأديان متعدِّدة وأعراف مختلفة.

ما هي حقوق غير المسلم على المسلم في بلد يدين أغلبه بالإسلام كما حددتها الشريعة؟

الإسلام وضع مجموعة من القواعد للتعامل مع الآخر أولها: التأكيد على احترام الإنسان وكرامته بصفة مطلقة لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ}، حتى إن الاختلاف الموجود بين البشر من آيات الله تعالى فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} فالإسلام حث على احترام الكرامة الإنسانية، وثاني هذه القواعد: احترام حرية الغير في ممارسة معتقده وعبادته؛ حتى إنه لم يجبر أحدًا على الدخول فيه ولم يكره أحدا على ذلك فقال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ في الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} وهذه القاعدة التي أرساها الإسلام تحترم إرادة الإنسان وفِكره ومشاعره، وهذا يأخذنا إلى قاعدة مهمة وهى ضمان الإسلام لحق العدل والحرية والمساواة والإحسان إلى الآخرين، فهذه أمور يجب أن يلتزمها المسلم مع الآخرين ، وهكذا أرسى الإسلام قواعد التعايش بين المسلمين وغيرهم.

موضوع تجديد الخطاب الديني وتنقية التراث الإسلامي أثار لغطًا كبيرًا في الفترة السابقة .. وحاول بعض أصحاب الآراء الشاذة استغلال دعوة رئيس الجمهورية لترويج أفكارهم.. فكيف ترون هذا الأمر؟ وما هي الآلية الناجعة للتعامل مع هذه القضايا؟ ومن المخول له التعامل مع هذه القضايا؟

التمسك بالثوابت والقطعيات هو جزء من الخطاب الديني، والرئيس السيسي مهموم بقضية تجديد الخطاب الديني بحيث تكون أحد المقومات الهامة لمواجهة الأفكار المنحرفة، وتجديد الخطاب الديني ليس تنصل من الثوابت، وهناك من يقفون عائقا في طريق ظهور مشروع تجديد الخطاب الدينى ويعملون على تشويه المشروع لمنع تنفيذه أو ظهوره على أرض الواقع، إلا أن الاجتهاد في كل عصر فرض، وهذا يدل على إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، ومن ثم تجديد الخطاب الدينى أصبح أمر وجوبيا لتطبيق المعارف الإسلامية على واقع الناس المعيشى المتغير والمتجدد ، كما أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ترك للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودربهم تدريبًا عمليًا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده.

أما المخولين لهذا الأمر فهم اهل الفتوى لذلك فقد عملنا على توفير برنامج تدريبي لتحسين المعارف والمهارات الإفتائية ، لأن تأهيل الكوادر الإفتائية هو محور المخرج من ظاهرة فوضى الفتاوى، والتي يمثل الخروج منها العمود الأساس لبناء حصن مواجهة التيارات المتطرفة التي تعتمد أول ما تعتمد في شرعنه أفكارها المتطرفة على الفتاوى التي يصدرها غير المؤهلين لا علميًّا ولا مهاريًّا ولا نفسيًّا لممارسة الإفتاء.

نريد أن نعرف ما الذي يتضمنه قانون الفتوى؟ وهل هو كاف لضبط الفتوى؟

بفضل الله انتهينا من إعداد قانون الفتوى العامة مع اللجنة الدينية بمجلس النواب، وسيساهم هذا القانون بشكل كبير فى تنظيم الفتوى فى مصر، وعندما يصدر سيتم حل العديد من المشكلات التى تطرأ على الساحة ومن ضمنها تنظيم الفتوى ومن يتصدر للفتوى لمصر، ومشروع القانون يحافظ على استمرارية علاقة دار الإفتاء بوزارة العدل، رغم استقلالها ماديا وإداريًا وفنيًا عن الوزارة منذ عام ٢٠٠٨.

والقانون سيكون رادعًا لغير المتخصصين ومنظمًا لأمر الفتوى وحصره فى أهل الاختصاص، وتشمل بنوده حظر التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، وللأئمة والوعاظ ومدرسى الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينى العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة، كما تقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام على المصرح لهم من الجهات المذكورة سلفا ويعاقب المخالف بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وغرامة لا تزيد عن خمسة آلاف جنيه.

5

هذا يأخذنا لسؤال مهم .. وهو أن البعض يتهم مناهج الأزهر بأنها تحض على العنف والإرهاب؟ ما رأيك في هذا القول؟ وما هو ردكم عليه؟

بالتأكيد هو محض إفتراء ، الأزهر هو منبر الوسطية وكتبه ومناهجه هي التي حملت التنوير للعالم أجمع, ومن يهاجم الأزهر ومناهجه ينقصه العلم لكي يفرق بين النصوص الشرعية وبين تفسير هذه النصوص, وهذا الخلط هو من يوقع البعض في الخطأ ويحمله علي اتهام المناهج بأنها تحض علي العنف، وهناك من يسعى لإقصاء الأزهر الشريف ومنهجيته منذ أوائل القرن العشرين من خلال محاولات مختلفة بإنشاء كيانات موازية للأزهر، كما أن هناك من أراد للتعليم الدينى بصفة خاصة أن يكون بعيدا عن منهجية الأزهر الشريف.

وبعد ثورتى 25 يناير و30 يوليو وجدنا هيئات تريد أن تناطح الهيئة العلمية للأزهر الشريف، رغم ان منهجية الأزهر توسع دائرة الاحتواء ولا يوجد أزهرى واحد تبنى فكرًا إرهابيًا، والقلائل الذين خرجوا عن منهجية الأزهر لا ينسبون للأزهر بإرهابهم وأفكارهم، لأنهم كانوا معنا بجسدهم وعقولهم شاردة ولا ينبغى أن يحمل الأزهر بنتائج أفكار بعض من أساءوا لمنهجيته.

هل نستطيع أن نقول إن لدار الإفتاء دورًا مجتمعيًّا ملموسًا داخل المجتمع المصري بجانب الدور الشرعي؟

نعم ، والدور الاجتماعي الذي تحرص دار الإفتاء المصرية على القيام به، لا يقل أهمية عن الدور الدينى الذى يعد أحد الأدوار الأساسية التي تضطلع بها الدار في خدمة المجتمع المصري على جميع الأصعدة.

ومن أمثلة ذلك عقد دورات لتأهيل المقبلين على الزواج وذلك لتدعيم الشباب بالمعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة، لكون الزواج من أهم وأخطر الأمور الشرعية؛ وذلك لخطورة ما يترتب عليه من آثار على كل من الطرفين، الزوج والزوجة، وعلى جميع المحيطين بهم، وعلى المجتمع من بعد ذلك، وكذلك خطورته تظهر في أنَّ الزواج هو الرافد الشرعى الوحيد لإخراج جيل من الأبناء الذين يكونون امتدادًا للأجيال السابقة فيما بعد.

هذا إلى جانب لجنة فض المنازعات وهى لجنة مختصة بتقديم النصح والمشورة لعقد المصالحات وفض المنازعات بين أفراد الأسرة، وهذا الدور الاجتماعي يأتى لخدمة الأمن والسلم الاجتماعي والأسري من خلال عدد من علماء الشريعة وخبراء علم النفس والاجتماع.

فيديو قد يعجبك: