إعلان

"حسيت إن دي آخر مرة أشوفها".. قصص مفجعة حول اللحظات الأخيرة لـ"ضحايا كورونا" مع أسرهم

06:00 م الأحد 17 يناير 2021

وفيات كورونا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هند خليفة

لحظات قاسية مر بها الكثيرين منذ انتشار فيروس كورونا على مدار ما يقرب من عام، ما بين توتر فترة إصابة المقربين ووقوعهم في قبضة الفيروس المستجد، ومأساة استسلام بعضهم للفيروس وأعراضه الشديدة بفاجعة الموت.

شارك "مصراوي" قصصًا مفجعة عن اللحظات الأخيرة لضحايا كورونا مع أسرهم، في محاولة لتوعية الآخرين حول خطورة المرض، وتأكيدًا على أهمية الحفاظ على حياتهم وحياة من حولهم.

موقف قاسي.. وموت في غربة

منذ بدء انتشار فيروس كورونا حرصت والدة "ليلى.م" صاحبة الـ 67 عام على عدم الخروج من منزلها تجنبًا للاختلاط بآخرين، خاصة وأن أبنائها يخافون عليها من الإصابة، حتى اضطرت في شهر يونيو أن تتوجه إلى المعاشات، لكنها التزمت بارتداء الكمامة والجوانتي إضافة إلى النظارة.

تقول الإبنة لـ"مصراوي" إن أمها كانت بصحة جيدة حتى عادت من المعاشات، وبعد مرور أربعة أيام أخبرتها أنها لديها شعور بالخمول وفقدان الشهية، فكانت ترفض الطعام تماما.

توجست الإبنة من أن تكون والدتها أصيبت بكورونا، فتوجهت إلى منزل الأم وقامت بقياس درجة حرارتها لتطمأن لتجدها مرتفعة، وبعد أربعة أيام لاحظوا أن أطرافها أصبح لونها أزرق.

طلبت الأسرة الطبيب الذي قال إن الأكسجين لديها منخفض وطلب منهم أن تتوجه إلى المستشفى في أسرع وقت، وانتقلت الأم بالفعل للمستشفى ووضعت بغرفة الرعاية المركزة.

فوجئت الإبنة بانتقال عدوى كورونا لها وابنتها، واضطرت أن تعزل بعيدًا عن والدتها، فتقول: "قد إيه كانت أيام صعبة لأني كنت محتاجة نفسيتي تبقى أحسن علشان أقاوم وأخف ولكن الأخبار كلها سيئة جدًا".

وتابعت: "كنا مش عارفين نتواصل مع أمي وهي في العزل في الرعاية وبنحاول نعرف الأخبار من العاملات بالمستشفى"، فودعت الأم أبنائها عن طريق فيديو صورته لها العاملات بالرعاية.

توضح الإبنة: "قالت لنا في الفيديو إننا وحشناها وإنها محتاجة تترك المستشفي.. تعالوا خدوني من هنا"، مشيرة إلى أن ذلك قبل أن تنقطع أخبارها تمامًا لوضعها على جهاز التنفس الصناعي، حيث تدهورت الحالة بعد تدمير الفيروس للرئة.

وأشارت الإبنة إلى أن والدتها لم تكن تشكو من أي أعراض بالرئة أبدًا، أو الكحة وضيق التنفس، فتقول:"سبحان الله أمي كانت بصحة جيدة لما ربنا استرد وديعته وأنا في عز تعبي الحمد لله".

واستطردت: "موقف قاسي جدًا إني مش قادرة أقف على غسل أمي ولا تكفينها لأني مريضة.. وحتى الآن صوتها في أذني وهي بتقول وحشتوني عايزة أشوفكم"، قائلة في حزن شديد "بالنسبة لي أمي ماتت في غربة وحيدة".

التجمعات العائلية قاتل محتمل

ومن جهتها حذرت "فاطمة.ج" من التجمعات العائلية، التي كانت سببًا لأن يضرب كورونا أسرتها، فتقول إن عائلتها تجمعت كعادتها في عيد الفطر وكان ابن خالتها ذو الـ 17 عام مصابًا بكورونا دون أن يعلم، فيبدو أنه كان تجمعًا قاتلًا.

وأضافت فاطمة لـ"مصراوي" أن الأعراض ظهرت على والدتها وشقيقها التوأم في نهاية شهر مايو، فكانوا يشكون أنهما مصابين بنزلة برد، حتى تضاعفت تلك الأعراض، ما اضطرهما التوجه إلى المستشفى ليشخصهما الأطباء بإصابة بكورونا.

وتابعت بأن الأطباء شددوا على ضرورة حجزهم بغرفة رعاية خاصة والدتها التي أظهرت الأشعة اصابتها بالتهاب رئوي، لكن لم يتوفر مكان في المستشفى أو مستشفيات أخرى، فلم يكن أمامها حل سوى رعايتهما بالمنزل.

وتابعت: "عزلتهم في البيت وكنت مسؤولة بمفردي عن رعايتهم.. كانت فترة صعبة أوي أخويا كان بيتحسن وماما حالتها بتسوء وكان عندها التهاب رئوي شديد وهي بالأصل مريضة سكر".

واستكملت: "كنت بتعذب كل يوم وأنا لوحدي.. صحابي كانو بيساعدوني بتوفير احتياجاتي وتركها أمام باب الشقة.. كنت بدوخ على الدواء ناس كانت بتوفرهولي بصعوبة.. كنت بصرف في اليوم٦٠٠ جنيه".

في الثامن من يونيو انتقلت الأم إلى المستشفى بعد أن توفر لها مكان وتدهور حالتها الصحية، وتم حجزها بقسم عزل المسنين، فلم تستطع الإبنة التواصل معها إلا من خلال الهاتف للإطمئنان عليها، فتروي: "الموقف صعب قبل ما تتحجز في الرعاية مسكت ايدي وقالتلي خلي بالك من نفسك وأخواتك.. أنا كان قلبي بيقولي إن دي آخر مرة أشوفها فيها".

واستكملت: "ظهر عليا أعراض العدوى وأصيبت بكورونا.. كنت بأنتظر مكالمتها.. كانت بتتصل تقولنا خلوا بالكم من نفسكم وتطمن علينا.. وكنت بصبرها كتير وأقولها هتبقي كويسة وهتخرجي متقلقيش.. كانت بتقولي أنا مكنتش بأقدر آخد نفسي والحمدلله"، مشيرة إلى أنها كانت آخر مكالمة دارت بينهما جيث توفيت في اليوم التالي.

وبحزن شديد استطردت: "أصعب حاجة في الكورونا إنك حتى متعرفيش تودعي حبايبك.. متعرفيش تاخدي المتوفي في حضنك.. آخر مرة تحضنيه تشبعي منه.. 9 أيام ماما بعيده عني ومش عارفه أبقى جانبها ولا أشوفها.. ويوم ما أشوفها أشوفها ميته ومش عارفة ألمسها".

ولفتت إلى أنها ومنذ وفاة والدتها وتزامن ذلك مع إصابتها بكورونا، تعرضت إلى مضاعفات شديدة بحدوث التهاب بالمريء والمعدة، وأنها ما زالت حتى الآن تعالج من آثار كورونا، "لحد دلوقتي بتعالج.. كل حاجة في جسمي اتلخبطت وباظت بسبب كورونا والزعل".

واسترجعت أوجاعها: "حياتي لحد دلوقتي مش ماشية واتغيرت تمامًا بقالها ٧ شهور بالضبط.. أصعب شيء فقدان الأم لأنها بتكون حياة".

ونصحت بالابتعاد عن التجمعات والالتزام بارتداء الكمامات حتى ولو كانت تسبب الاختناق، قائلة: "اختناق الكمامة أفضل من إنك تلاقي نفسك لوحدك ف الحياة بدون الأم أو الأب.. لازم نفكر إننا ممكن نكون سبب في خسارة حد عزيز علينا".

وداع صعب ومؤلم

واستسلمت أيضًا أسرة "رشا.ح" لعدوى كورونا، حيث أصيبت هي وشقيقها ووالدها صاحب الـ 63 عام، مشيرة إلى أن أعراض اصابتها كانت متوسطة لكن والدها وشقيقها كانا مصابان بأعراض شديدة، خاصة الأب الذي كان يعاني أمراض مزمنة "السكر والضغط".

وروت رشا مأساتها مع كورونا، بأن والدها احتاج دخول الرعاية المركزة، لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى مستشفى يتوفر بها سرير للرعاية، مستطردة: "في يوم وبابا حالته تدهورت ذهبنا لأكثر من مستشفى ولم نجد مكان وعودنا للمنزل حاولنا وضعه على كرسي وحمله عليه حتى نصعد للشقة سقط هو وأخي لعدم وجود طاقة لديهم وأنا كذلك.. حينما رأيتهم بكيت بشدة".

وتابعت بأنها عاشت موقف وداع لوالدها صعب ومؤلم، بأنها ظلت تحتضنه طوال الليل بعد وفاته، وتروي: "بحمد ربنا إن بابا مدخلش مستشفى علشان يفضل في حضني طول الليل.. حكمة ربنا علشان نكون جنبه ومنتركهوش لوحده أومقدرش أحضر غسله والصلاة عليه".

فيديو قد يعجبك: