
"كنت بالضفة الغربية وكان إسماعيل في قطاع غزة، كنّا صغارا في بداية العشرينيات من عمرنا، تعرفنا على بعض من خلال المدوّنات، بعد أن قرأ كل منّا مقالات الآخر، وأصبحنا أصدقاء أثناء العملية العسكرية التي شنّتها قوات الاحتلال على القطاع في عام 2008. صارحني بمشاعره تجاهي بعد فترة، وكانت متبادلة، وبدأت علاقتنا العاطفية التي استمرت حوالي شهر، وفجأة اختفى نهائيا.
ظهر إسماعيل من جديد بعد فترة، وأخبرني أن علاقتنا ليست سهلة، خاصة وأن التواصل سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا، لكننا مع ذلك حاولنا الاستمرار، حاول بكل ما أوتي من قوة القدوم إلى الضفة من أجل الدراسة، وباءت المحاولات بالفشل. وبقي الوضع كما هو عليه 3 سنوات دون مقابلة وجها لوجه، فقط تواصل إلكتروني ومكالمات هاتفية محدودة.
خططنا للزواج بعد العثور على مكان مُشترك للعيش فيه، لم يستطع الخروج من غزة ولم أتمكن من مغادرة الضفة، ومع ذلك حاول أكثر من مرة الحصول على تصريح وقوبل بالرفض لأسباب أمنية، لكن مع استحالة اللقاء فشلنا وتوقفنا عن مقاومة الظروف.. وانفصلنا.
توقف التواصل لعام كامل ولكننا الآن أصدقاء، يتفقد كل منّا أحوال الآخر أحيانا. يعيش هو حياة مُستقرة مع زوجته وابنه، وسوف أتزوج أنا بعد فترة"
"عارضت الزواج في الحرب، لأنه من مظاهر الفرح ونحن لم نكن سعداء.
جاء خطيبي، وقتذاك، من السعودية، وعاد والدي من الإمارات، حيث يعملان، لإتمام إجراءات الزواج، وقبل عقد القران بفترة دخلت مليشيات الحوثيين مدينة عدن، ما أجبرنا على تأجيل كل شيء، خاصة وأن قذيفة أصابت منزل الزوجية.
على مدار أسبوع كامل لم أعلم ما هو مصيري، هل أتزوج أم لا، وزاد قلقي كلما تلقيت أخبارا عن إلغاء الأعراس، وبعد فترة عاد خطيبي ووالدي إلى الخليج، ونزحت بقية الأسرة خمسة أشهر. عدنا إلى عدن بالتدريج بعد تحريرها من الحوثيين، وحددنا موعدا جديدا وتزوجنا.
نعيش سويا في وئام رغم كل شيء، ورغم صعوبة الأمر لكننا لم نلجأ للتأجيل، وهذا ما فعله كثيرون حولنا؛ تزوجوا بأبسط التكاليف والإمكانيات".
"التقيت حبيبتي ناديا في كمبوديا بالتسعينات. عشنا في العاصمة الباكستانية إسلام آباد حوالي ثمانية أعوام، كانت مليئة بالأحداث، التقينا بكل أنواع الشخصيات، وعاش بجوارنا أحد الأشخاص الذين شاركوا في تحديد مقر إقامة أسامة بن لادن.
خطورة الأوضاع هناك حتمت القيام ببعض الإجراءات حرصًا على سلامتنا من الاختطاف، وكي يستطيع كل منّا الاطمئنان على الآخر، لم نتكلم كثيرًا عن عملنا في الأماكن العامة أو الغريبة، وفي أغلب الأوقات لم يعرف أحد شيئًا عما نقوم به سوى الوسيط، أو أحد الأصدقاء في السفارة الفرنسية.
سلكنا طرقًا مختلفة طوال الوقت، ولم نستقل نفس السيارات، وكذلك حرصنا على القيام بالعمل في أوقات مُتغيرة. خصصنا مواعيد محددة للتواصل، سواء عبر المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، وارتدينا ملابس مثل الباكستانيين أو الأفغان، حاولنا الاندماج بأقصى صورة ممكنة مع المواطنين المحليين،حتى أن زوجتي ارتدت البُرقع في بعض الأحيان.
أصبحنا أكثر خوفا بعد إنجاب طفلنا الأول عام 2009، وقتها كنّا نعيش بين كابول وإسلام آباد التي شهدت سلسلة من الانفجارات، استخدمنا زجاجا واقيا، ولم نخرج من المنزل بصحبة الطفل إلا قليلا.
لُحسن الحظ، وفي نهاية عام 2012، غادرنا باكستان وأفغانستان ومعنا طفلينا".
"جذبت انتباه صالح بعدما رآني أكثر من مرة، سأل عني وحاول التعرف عليه ولكن محاولاته باءت بالفشل. وبعد ستة أشهر طلب من صديق مشترك لنا أن يُرشح له فتاة شابة تشارك في فيلم يعمل عليه، فرشحني إليه. التقينا مُجددا وبدأت قصة حبنا.
كان القصف مُستمرًا في حلب طوال الوقت أثناء التحضير للزواج، مع ذلك كانت شبكات الهواتف والانترنت جيدة، نظرًا لتوفر الانترنت الفضائي وشبكات الواي فاي، كانت الحياة في البداية طبيعية جدًا، الناس وقعت في الحب وتزوجت وأنجبت الأطفال وعمروا البيوت، إلا أن الهدوء النسبي لم يدم طويلاً، بدأنا نفقد أشخاصا أعزاء على قلوبنا، اشتدت الضربات وانقطع التيار الكهربائي بصورة مُستمرة.
بالتزامن مع القصف، أصابت براميل متفجرة المنطقة التي يقع فيها بيت الزوجية، فانكسر الزجاج، وانخلع الباب، وكسى الغبار الأثاث، وتكرر الأمر أكثر من مرة، واضطررنا في النهاية إلى وضع ورق مقوى على النوافذ مكان الزجاج".