كرهت صوتي

symp

رغم بلوغها الخمسين عامًا، فإن الهلع يلازم مريم، ما إن تلمح ظل رجل يقترب منها في العمل أو الشارع، تتكالب عليها مشاعر متراكمة، وأحياناً تنتفض من مكانها.

منذ كانت بالمرحلة الابتدائية، علمت مريم أن هناك نوايا أخرى للمس غير العطف والحنو "قريب ليا من جهة والدي كان في العشرينات وقتها اتحرش بيا كان بيحط إيده عليا بشكل غريب وأحنا ماشيين في الشارع"، لا تعرف مريم كيف تصرفت الأسرة مع القريب، لكنها تصدت له وهي صغيرة تبعًا لنصيحة والدتها "قالت لي متخليش حد يلمسك ولو عمل كده تاني زعقي وقولي له هقول لبابا"، نجحت مريم في منع ذاك الشاب من تكرار فعلته، في المرة الثالثة صرخت به فتوقف. انقطعت صلتها به من حينها، لكن لم تمحُ السنوات المتجاوزة الأربعين الذكرى من نفس السيدة التي صارت أمًا لابنتين.

ظلت مريم حتى زواجها الأول تخشى اقتراب أحدهم "كنت بخاف جدًا أن أي حد ييجي جنبي أو يلمسني. كان أي حد يقرب يخليني اتنفض"، أضيف لهذا ميراث قاسٍ ذريعته أنها ذات طبيعة أنثوية "كنت دلوعة العيلة وصوتي ناعم. ليا طبع وشكل مختلف. ده طبعي مش بتعمد أعمله والله"، لكنها رغم ذلك قررت أن تشق على نفسها لتتغير "طول الوقت لغاية دلوقت يتقال لي إن صوتي مثير وده بيطمع اللي قدامي فيا لدرجة أني كرهت صوتي وبدأت أحاول أخشن صوتي عشان مسمعش الكلمة دي".

كان ذلك عام 2002 حينما طوت نفس مريم شعور الكره لشيء فيها، أعقب ذلك انفصالها عن زوجها، تعرضت لأشكال مختلفة من التحرش، بالنظرة، اللفظ، وحتى اللمس، أكثرها من زملاء لها بالعمل، حتى أن البعض عرض عليها إقامة علاقة غير شرعية "تفكير الرجالة بما إنك مطلقة وبتشتغلي فأنت مباحة لكل حد. كان شعورًا مقززًا جدًا.

تجزم مريم أن صوتها تغير تمامًا عما كان، فيما مازالت تواجه ما قد يقع من تحرش أو محاولة برد فعل صبية في العشرينات "مؤخرًا كنت ماشية مع بنتي ولقينا واحد ماشي ورانا بطريقة مريبة خوفت جدًا أخدتها من إيدها وجرينا لغاية ما دخلنا مكان نتحامى فيه"، فلم تختف الرهبة من نفس السيدة الخمسينية.

مريم (اسم مستعار)

2002 القاهرة

3.8% تعرضن للتحرش من شخص معروف لهن

ترتفع نسب التحرش بين النساء من سن 40، وتبلغ نسبة 2.7% بين سن الـ50 والـ55 من المُتحرش بهن. مسح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وهيئة الأمم المتحدة عام 2015.

القصة التالية
➱(اتنازلت عن المحضر)