لسماع المقابلة مع عادل هيبة

في حي الأنفوشي، كان هناك ملعب شهير يعرف بملعب "السيالة"، وهو قطعة أرض شعبية بسيطة، ولكن كان محط أنظار لاعبي الأندية البارزين، ويقام عليه في كل صيف دوري يشهد حضور نجوم كبار من عالم كرة القدم المصرية، مثل الكابتن سيد الضظوي وصالح سليم من النادي الأهلي، بالإضافة إلى عبدالقادر قوري، والديبة من نجوم ناديي الاتحاد والأولمبي. وفي حي بحري بالتحديد كانت نشأة عادل هيبة الذي تربي قرب هذا الملعب الشعبي، وكان ملعب السيالة جزءاً من يومياته.
حكي هيبة: "كنت أتابع المباريات بشكل منتظم، وكنت محظوظاً أن الفنان الراحل سمير صبري كان يسكن بجانبي، وكان لديّ جار آخر يأخذني على دراجته لنحضر المباريات، ونذهب إلى ملاعب مختلفة مثل، ملعب الأولمبي، وملعب الاتحاد، وملعب التروماي في الشاطبي الذي حل محله الآن ملعب الجامعة". وتابع:"في أحد أيام الأحد من عام 1950، استعدت منطقتي لمباراة بين الأهلي والأولمبي وكان اللقاء على ملعب الأخير".
ويتذكر هذه اللحظة قائلاً: "دخلنا الملعب، ولم تكن هناك مدرجات مثل اليوم كانت مقاعدنا عبارة عن مصاطب يجلس الناس عليها، جلست وقتها على الأرض، وحينما نظرت حولي، لفت نظري رجل يرتدي طربوشاً ولديه حسنة على خده، تبين لاحقاً أنه فؤاد باشا سراج الدين، أقوى رجل في مصر ووزير الداخلية، وكان يجلس بجواره أمين باشا الخطيب وكيل النادي الأولمبي، ورئيسه في ذلك الوقت كان عبدالمنصف باشا محمود".
وأضاف"كانت التوقعات تشير إلى أن الأهلي سيكتسح الأولمبي، لأن الأحمر وقتها كان يضم لاعبين بارزين أمثال أحمد مكاوي، حسين مدكور، عبدالجليل حميدة، وأبو حباجة، والجميع توقع فوز الضيوف بنتيجة ستة أهداف نظيفة في ظل ضعف الفريق السكندي الذي ضم إبراهيم الجويني، عبده حمود حارس المرمي، المرشدي، عبدالقادر قوري، وغيرهم".




ويكمل"بدأ الشوط الأول وانتهى بدون أهداف، ومع بداية الشوط الثاني ظلت التوقعات تصب في صالح الأهلي، لكن المفاجأة حدثت قبل نهاية المباراة بثلاث دقائق، بعدما سدد إبراهيم الجويني كرة مرتدة من عبدالجليل لتصل إلى لاعب الأولمبي، عبده الحداد" كان بيقلع العفريتة وينزل يلعب" سددها نحو المرمى ليحرز هدفاً تاريخياً، وبعده انفجرت المدرجات فرحاً، وكانت الجماهير في حالة من الدهشة وعدم التصديق".
ويواصل "من شدة فرحة جمهور الأولمبي، كان هناك اثنان من مشجعي الفريق، الشوشا بدرش وعم يونس، قاما بالتمرغ في الأرض من الفرح، لم يتمالك فؤاد باشا سراج الدين نفسه من الغضب بسبب تصرفهما وطلب من الأمن إخراجهما، إلا أن الموقف تحول إلى مشهد ضاحك حين قال أحدهم لفؤاد باشا: "ارميني في الشبكة يا باشا" ليتحول المشهد إلى ضحك، ويطلب سراج الدين من الأمن تركهما وجلس الثنائي بجانبه".
يستطرد "منذ ذلك اليوم، أصبح النادي الأولمبي جزءاً من حياتي في عام 1956، انتقلت بعدها إلى منطقة محرم بك بالقرب من المقر، ويومياً كنت أتواجد به".

يسرد "في عام 1958 أسس النادي الأولمبي أول مدرسة لكرة القدم بقيادة المُربي الفاضل حسني عوني، وكانت تضم ناشئين أصبحوا فيما بعد من نجوم الفريق الذين حققوا بطولة الدوري عام 1966، ومنهم محمود بكر، مصطفى شتا، البوري، وكلاوي".
"استمريت في النادي عقب انتهاء عملي في القوات البحرية، وكان وقتها يتمتع بمكانة مميزة في الإسكندرية، ويمتلك فرق للناشئين، وكان الأولمبي يُعتبر خلال ذلك الفترة زعيماً للإسكندرية، خاصة بعدما هبط فريق الاتحاد السكندري مرتين إلى الدرجة الثانية في عام 1959، في تلك الأثناء، كان فريقنا ينافس في الدوري الممتاز، وحققنا المركز الثاني مرتين، الأولى في عام 1957، ثم في عام 1960، وكانت لدينا مجموعة قوية ومميزة".
عن ذكريات هيبة مع مباريات النادي: "خلال موسم 1959-1960، خضنا نهائي كأس مصر أمام الزمالك على ملعب الأهلي، كانت هذه المباراة ذات طابع تاريخي؛ إذ افتتح الرئيس جمال عبدالناصر البث التلفزيوني بمناسبة أعياد الثورة في 24 يوليو 1960، بينما أقيم اللقاء في 3 يونيو، قبل افتتاح التلفزيون بشكل رسمي".

يروي "ومع ذلك، تم بث المباراة تجريبياً في بعض المحافظات مثل القاهرة، القليوبية (بنها)، والجيزة، وحققت متابعة جماهيرية كبيرة، لكننا وقتها خسرنا بنتيجة 3-2، وقاد اللقاء أيضاً الحكم مصطفى كمال منصور، وسجّل الزمالك الهدف الأول عبر اللاعب شريف الفار، ثم تعادلنا عن طريق الكابتن إسماعيل اليمني "كان لاعباً في النادي الأولمبي وأصبح فيما بعد رئيساً له"وسجل هدفاً بقدمه اليسرى.
يتذكر" كانت الأجواء مشحونة بالعواطف؛ إذ احتفل لاعبونا بأهدافهم، وكان حارسنا في ذلك الوقت يُدعى تاكي ومع إطلاق الحكم صافرة بداية الشوط الثاني، وجدنا لاعب الزمالك "محسن" داخل شباكنا، مما أثار جدلاً، ولكن الحكم احتسب الهدف لصالح الأبيض عدنا وسجلنا هدف التعادل، لكن الفريق المنافس عاد ليسجل هدفه الثالث ويفوز بالبطولة في النهاية".
يقول هيبة "أما عن نهائي الكأس لعام 1967، فقد نجحنا في التغلب على الاتحاد السكندري في الدور نصف النهائي، لنواجه الترسانة في استاد القاهرة قبل أسبوعين من اندلاع حرب 1967 للأسف، أضعنا فرصاً عديدة لتسجيل الأهداف، بلغت نحو 100 فرصة، حتى تمكن لاعب الترسانة، "محمود حسن"من تسديد كرة من منتصف الملعب وجاء في شباكنا لينتهي اللقاء بهزيمة الأولمبي بهدف دون مقابل".
مواجهات دوري الأبطال في ذاكرة هيبة: " يُعتبرالأولمبي أول نادٍ مصري يشارك في بطولة دوري أبطال إفريقيا للأندية "أبطال الدوري"، وهي البطولة التي فاز بها النادي الإسماعيلي عام 1970، شاركنا في البطولة عام 1967، وكانت أولى مبارياتنا أمام فريق الهلال السوداني في الخرطوم، وحققنا الفوز بهدف دون رد سجله اللاعب عز الدين يعقوب، أما لقاء الإياب فقد أقيم على ملعبنا وفزنا بنتيجة 3-1".
يضيف "بعد ذلك، واجهنا فريق سان جورج بطل إثيوبيا، في مباراة على أرضه وخسرنا بنتيجة 3-2، لكن كنا على ثقة بإمكانية تعويض الفارق في مباراة العودة، إلا أن الأوضاع تغيرت مع اندلاع حرب 1967، التي وقعت قبل مباراة العودة بعشرة أيام".
أما عن تفاصيل تراجع منظومة الكرة "مر على النادي الأولمبي العديد من المدربين الكبار، إلى أن هبط الفريق في عام 2008 إلى دوري الدرجة الثانية، بعد ذلك، تمكنّا من العودة إلى الدوري الممتاز بفضل جهود المدرب مصطفى يونس، مدرب الأهلي السابق، الذي قادنا للعودة، ولكن لم يستمر بقاؤنا كثيراً إذ هبطنا مرة أخرى، وفي ذلك الوقت تولى الفريق أحمد صابر سليم رئاسة النادي، وتعاقد مع عبد الرحيم محمد، مدرب الزمالك السابق، فتمكنّا من الصعود مجدداً"، "بعد ذلك، هبط الفريق مرة أخرى، ومنذ ذلك الحين نحاول بكل الطرق العودة إلى الدوري الممتاز، ولكن يبقى النادي الأولمبي تاريخاً كبيراً في كرة القدم، وكذلك في الألعاب الأولمبية"....

وبعدما سرد حكايته من البداية، استعرض هيبة شهادته على عدد من الأحداث التي شهدتها كرة القدم بداية من فترة الخمسينات حتى وقتنا الحالي...

مَن بين لاعبي الأهلي والزمالك تعرضوا للظلم في كرة القدم رغم موهبتهم؟
صفوت عبد الحليم، لاعب خط الوسط من جيل الكابتن محمود الخطيب، وكان يمتلك مهارات عالية وقدم أداءً مميزاً في الملعب، وكان يمكّن زملاءه مثل مختار مختار، مصطفى عبده، وبقية اللاعبين من التحرك بحرية.
أما علاء ميهوب، فقد كان لاعباً بارزاً في صفوف الأهلي، ثم لعب مع فريق الأولمبي لموسمين، وأثناء مباراة بيننا وبين الأحمر سجل هدفاً في مرمى فريقه السابق، لكنه تأثر بشدة ودمعت عيناه؛ ما دفع زملاءه إلى مواساته لتهدئته.
وفي الزمالك أيضاً، كان هناك لاعبون مظلومون رغم تميزهم، مثل علي محسن "يمني"، في مباراة تاريخية ضد وست هام، وفاز الزمالك بنتيجة 5-1، تعرض علي لبعض الانتقادات بزعم أن حركته في الملعب لم تكن طبيعية، ورغم أن مهارته كانت واضحة للجميع.

في بداية الدوري عام 1948، كان الأهلي يسيطر على البطولة حتى عام 1975، عندما انضم علي محسن للزمالك، ساهم في تحقيقهم للقب الدوري والكأس في العام ذاته، كما قرر النادي منحه الجنسية المصرية "لبس زي الضباط ليمثل المنتخب المصري".

هل سبق وحضرت مباريات كبيرة خلال مشوارك كمشجع؟
من أبرز المباريات التي لا تُنسى وتواجدت ضمن مدرجات الجماهير، مواجهة نادي الزمالك، التي استضاف خلالها فريق ريال مدريد، بطل أوروبا لخمس سنوات متتالية، وأقيمت على ملعب الفارس الأبيض عام 1961.
كانت هذه المباراة، التي انتهت بفوز ريال مدريد 4-1، حدثاً تاريخياً بكل المقاييس، وأحرز وقتها هدف الأبيض الوحيد محمد موسى، الذي كان في الأصل سورياً، ومنذ ذلك الحين اشتهر بلقب "موسى مدريد".
ومن ذكريات هذا اللقاء، حضور الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر لمتابعة المباراة من المقصورة، وكانت الجماهير تتساءل عن الرجل الذي كان يحمل سيجاراً في المقصورة، ليتضح أنه سانتياجو برنابيو، رئيس نادي ريال مدريد، والذي كان يجلس إلى جواره المليونير علوي الجزار، رئيس نادي الزمالك حينها.
عندما علم عبد الناصر بتواجد الجزار أشار إلى ضرورة تأميم ممتلكاته، وقد أكد على هذه الرواية الصحفي محمود معروف في صحيفة الجمهورية.



ما ذكرياتك عن افتتاح استاد القاهرة؟
وقت أعياد ثورة يوليو 1952، كانت لحظة تاريخية هامة، لكن هناك تفاصيل قد لا يعرفها الكثيرون، في تلك المناسبة، تم استدعاء منتخب المجر، الذي كان يُلقب بـ “أسياد أوروبا”، ليلعب مباراة ودية ضد المنتخب المصري.
انتهت المباراة بفوز المجر 2-0، وسجل الأهداف كل من اللاعب تيهي أحرز الهدف الأول، وجيلبرتو سجل الهدف الثاني.
وفي عام 1954، قبل الثورة في المجر، كانت هذه الدولة تمتلك منتخبًا قويًا للغاية ضم لاعبين مثل هيديكوتي وبوشكاش، وهو ما جعلها واحدة من أقوى الفرق في العالم في ذلك الوقت.
عندما جاءوا إلى مصر للعب مع المنتخب المصري على ملعب البلدية، في مباراة أقيمت يوم الأحد، حققوا فوزًا كاسحًا 14-2، وكان بوشكاش في قمة تألقه، وسجل 8 أهداف بمفرده.
وبعد قيام الثورة في المجر في عام 1956، هرب بوشكاش إلى إسبانيا، وانضم إلى ريال مدريد حيث لعب مع دي ستيفانو، لم يكن لاعبًا إسبانيًا أيضًا، بل كان أرجنتينيًا.

ما رأيك في أبرز رؤساء الأندية الذين عاصرتهم؟
فيما يتعلق برؤساء الأندية، فقد كان محمود أبو رجيلة، رئيس نادي الزمالك، أحد أكثر الرؤساء الذين تعرضوا للظلم رغم إنجازاته.
كان أبو رجيلة مليونيراً وصاحب شركة النقل الشهيرة التي أدخلت "الترولي" إلى مصر، حتى إن الحافلات كانت تحمل اسمه "أوتوبيسات أبو رجيلة".
بالنسبة لأهم شخصية في الزمالك كان يعتبرها البعض رمزاً للنادي، فهي محمد حسن حلمي، الشهير بلقب "حلمي زامورا"، الذي كان رجلاً محترماً وأحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في تعزيز مكانة بالقلعة البيضاء، وكنت باعتباره "خالي".
وكذلك أحمد عبود باشا، رئيس النادي الأهلي من عام 1946 وحتى الستينيات، كان من أبرز رجال الأعمال في مصر، حيث أسس شركة السكر والتقطير ومشروعات ضخمة في نجع حمادي ومشاريع وشركات في السويس، لكنه تعرض للتأميم أيضاً.



من رجال الأعمال الذين تأثروا أيضاً، محمد فرغلي، مالك شركات القطن، الذي كان من الإسكندرية، وكان قصير القامة لكنه استطاع تكوين ثروة كبيرة، ومع تأميم ممتلكاته، اضطر إلى تحويل أمواله إلى الخارج، رغم أن أغلب استثماراته كانت داخل مصر.
بداية وجود مرتضى منصور كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنادي الزمالك، فقد كان مشجعًا للنادي ويحضر المباريات بشكل دوري.
وفي إحدى المباريات التي جمعتنا مع الزمالك في ستاد الإسكندرية، كنت حينها عضوًا في مجلس إدارة النادي ومشرفًا على النظام في المباريات، فوجئنا بوجود شخص في المقصورة، وكان جالسًا بجانب اثنين من الأطفال، ليخبرنا أنه مرتضى منصور وأنه لن يغادر المكان، على الفور، قام الحكم جويني بطرده من المقصورة.
ثم بدأ مرتضى منصور يظهر بشكل أكثر وضوحًا عندما دخل مجلس إدارة نادي الزمالك.
كانت تلك الفترة في أوائل التسعينات، حيث كان الزمالك يسعى للحصول على خدمات اللاعب أحمد الكأس في مناسبتين، الأولى في عام 1989، كنا قد اتفقنا بالفعل على التفاصيل، وكان جورج سعد، أمين صندوق الأبيض، ينسق الأمور مع البوري، الذي كان يدير الأمور في الأولمبي في ذلك الوقت.
آنذاك، كانت لدينا مباراة ودية، وبعدها جلسنا في مطعم بالقرب من كوبر ستانلي، أنا والكابتن يمني وسعد جورج، حيث تم الاتفاق بشكل نهائي على الصفقة.
عندما تم تحديد المبلغ بـ90 ألف جنيه، قام مسؤول الأبيض بإخراج دفتر الشيكات وكتابة الشيك، كان جمهور الزمالك متحمسًا للغاية وكانوا في حالة من الهياج، مطالبين بضم أحمد الكأس إلى الفريق.

ما الذي تتذكره عن شقيق عبد الحكيم عامر وعلاقته بكرة القدم؟
كان شقيق المشير عبد الحكيم عامر مهندساً، وتولى رئاسة نادي الزمالك خلال فترة الستينيات، وخلال قيادته، أصبح الزمالك ذا نفوذ كبير وحقق أداءً جيداً في البطولات، كما عمل على التعاقد مع لاعبين مميزين مثل عمر نور وسمير محمد، ما ساعد على دفع النادي للأمام، وبعد نجاحه في قيادة النادي، أُعيد انتخابه مرة أخرى لرئاسة الزمالك في ولاية ثانية.

في رأيك، من هو النادي الأكثر استفادة من المجاملات في مصر، الأهلي أم الزمالك؟
بصفتي مشجعاً عادياً لكرة القدم، أعتقد أن كلا الناديين يحصلان على بعض المجاملات، ولكن برأيي، الأهلي ينال قدراً أكبر من المساندة "في حاجات كتير بتحصل مع الأحمر ماحدش فاهمها".
هناك الكثير من الأمور التي تدعم هذا الرأي، مثل خوف بعض الحكام من رد فعل جماهير الأهلي، وأحياناً يتخذ الحكام قرارات مثيرة للجدل لصالح الأهلي.
هناك العديد من المواقف التي شهدتها مع الأهلي لا يمكن تفسيرها، على سبيل المثال، في إحدى المباريات بيننا وبين الأهلي، كنا متفوقين بأدائنا، وفجأة احتسب الحكم ضربة جزاء لصالح الأحمر، مما أثار غضب الجميع وتسبب في حالة من الفوضى بين المشجعين.



ما هي ذكرياتك مع نهائي كأس مصر 1964؟
جمع نهائي كأس مصر بين ناديي السويس والترسانة، في ذلك الوقت، كان السويس يصارع من أجل البقاء في الدوري الممتاز وتفادي الهبوط إلى الدرجة الثانية، حدث العديد من الأمور الغريبة باللقاء، وكنت أتواجد في مدرجات المباراة والتي أقيمت علي ملعب زعيم الثغر بالإسكندرية.
وبدأ اللقاء بهدوء من قبل الفريقين واعتمد مدرب السويس علي تشكيلة من اللاعبين الشباب، من أجل إراحة اللاعيبين الأساسيين للمباريات الحاسمة في الدوري.
قبل نهاية المباراة، وصلت الكرة إلى أحمد صالح، قائد الفريق في ذلك الوقت، وسدد كرة بطريقة غريبة، "شيء إلهي" حيث اتجهت الكرة عمودياً إلى الأعلى، ما أتاح لنادي السويس الفرصة لتسجيل هدف الفوز.
في مباراة سابقة للسويس ضد الأهلي، تقدم الأهلي بهدف سجله الفناجيلي، وهذه المباراة كانت تنقل عبر الراديو، لكن لاعب السويس أحمد سليم، الذي انضم من الزمالك، سجل هدف التعادل في الوقت بدل الضائع.
من ذكريات هذا اللقاء، أن صحفي الأهرام الشهير "نجيب المستكاوي" كان يسخر من محمد البريك مدير الكرة بنادي السويس "جاي يفسح اللاعبين قبل المباراة ويفرجهم علي برج القاهرة"، وذلك لأن البرج كان بالقرب من مقر القلعة الحمراء.
ورغم ذلك استطاع لاعبو السويس تحقيق فوز على الأهلي بثلاثية مقابل هدف في النهائي، ولكن خسر الشواكيش بأربعة أهداف مقابل هدف.
خسر الأولمبي لقب كأس مصر 1963، بعد الخروج على يد السكة الحديد بهدفي عادل زين ولوفا، ليلعب النهائي أمام القناة ويخسر اللقب منهم.





ما رأيك في الخطيب كلاعب؟
الخطيب كان لاعباً مميزاً، يمتلك مهارات عالية ويجيد التحكم في الكرة، لكن كان هناك تعاون كبير من زملائه في الملعب لدعمه وتقديم التمريرات له "الكل بيخدم عليه".
ورغم ذلك، لا يمكن إنكار موهبته، فقد حباه الله بموهبة فريدة وكاريزما جعلت الجماهير تعشقه وتلتف حوله.
أما عبد العزيز عبد الشافي، فكان ربما أكثر مهارة منه في النادي الأهلي، وكان يتمتع بقدرة استثنائية على المراوغة، لكن الخطيب حظي بمحبة الناس والقبول الذي أنعم الله به عليه.

هل محمد عباس يمتلك مهارات تفوق الخطيب؟ وما رأيك به كلاعب؟
للأسف، محمد عباس، كان لاعباً موهوباً للغاية ويتميز بقدرة هائلة على تسجيل الأهداف الرائعة، تعرّض للعديد من المؤامرات التي أثّرت على مسيرته.
كان يمتلك قدرة على تسجيل الأهداف بنصف تسديدة وبتقنيات عالية، إلا أنه وقع ضحية "إدمان المخدرات"، رغم أنه تلقى العلاج وابتعد لفترة عن هذا الطريق، إلا أنه عاد إليه مرة أخرى.



في رأيك، من هو اللاعب الأكثر مهارة: الخطيب أم حسن شحاتة؟
بالتأكيد حسن شحاتة هو الأكثر مهارة، رغم أنني لست من مشجعي الزمالك، إلا أنه كان لاعباً استثنائياً "لاعب معلم".
خرج من ظروف صعبة وحقق نجاحات عظيمة، نشأ في كفر الدوار وبدأ مسيرته في نادي أولمبي كفر الدوار، ثم بعد النكسة انتقل إلى الكويت لفترة.
وعندما عاد، انضم إلى الزمالك وتألّق بشكل كبير، أتذكر أول مباراة له بعد عودته، كانت أمام نادي الاتحاد السكندري، ونجح في تسجيل ثلاثة أهداف (هاتريك) في ذلك اللقاء.



من اللاعب الأمهر؛ طاهر أبو زيد أم الخطيب؟
رغم أن طاهر أبو زيد هدّاف قوي، إلا أنني أرى أنه يفتقر إلى "الحرفنة" التي يتمتع بها الخطيب.
طاهر كان لاعباً ممتازاً في تسجيل الأهداف، لكنه لم يكن بالمهارة الفنية التي يتقنها الخطيب.

مَن بين اللاعبين الجدد يشبه لاعبي الزمن الجميل؟
أرى أن شيكابالا يمتلك نفس المهارات التي تميز بها لاعبو الماضي، فهو يتمتع بموهبة فردية واستعراض فني، قليلاً ما نشاهده في العصر الحالي. أما أبو تريكة، كنت معجباً به كلاعب كثيراً، كان ذكياً ويمتلك أسلوباً في اللعب يذكرنا بلاعبي الستينيات، لكن للأسف، الأحداث الأخيرة أثرت عليه بشكل كبير.
وبالنسبة لعلاء صادق، فقد كان أيضاً من الشباب الذين نشأوا معنا، وأتذكر أنه كان يسكن بجوارنا، وكنت آخذه معي إلى النادي باستمرار.

من أكثر اللاعبين الذي تحبهم بكرة القدم؟
أحببت مختار مختار ومصطفى عبده من الأهلي، فقد كانا لاعبين يتمتعان بالمهارة والقدرة على الأداء، ومن الزمالك، كان هناك فاروق جعفر، ولكن بالنسبة لي، يظل حسن شحاتة "بيهم كلهم"، فهو لاعب متكامل بكل ما للكلمة من معنى.
ما هي الانتماءات السائدة بين أعضاء النادي الأولمبي؟
في النادي الأولمبي، نجد أن الأعضاء لديهم انتماءات متنوعة؛ فهناك من يشجع الأهلي ومن يدعم الزمالك، وبعضهم يميل لتشجيع الاتحاد السكندري، بينما يحب آخرون فريق الترسانة.




من هو أغلى لاعب في تاريخ النادي الأولمبي؟
يعتبر أحمد الكأس هو أغلى صفقة تم إبرامها في تاريخ النادي، تم شراؤه في صفقة بلغت قيمتها 90 ألف جنيه خلال فترة رئاسة محمود بكر، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت.
أما بالنسبة لأغلى صفقة قبل تلك الفترة، فقد كانت صفقة انتقال اللاعب بدوي عبدالفتاح من نادي الترسانة، التي كلفت النادي 1500 جنيه، وهو مبلغ يعادل تقريبًا 15 مليون جنيه في الوقت الحالي، وكان سليمان عزت، أحد المسؤولين في النادي، هو من كان يشرف على هذه الصفقة.



في رأيك، الكرة زمان أم الآن؟
كانت كرة القدم في الماضي أفضل، حيث كنا نشاهد المباريات للاستمتاع بمهارات اللاعبين، فكان كل لاعب لديه بصمة فنية، على سبيل المثال، أمير رشدي كان ملك الاستعراضات، والخطيب وصالح سليم كانا لاعبين استثنائيين.
طه إسماعيل تميز بتسديداته القوية، ورفعت الفناجيلي كان مؤسسة قائمة بذاته، بينما قدم علي أبو جريشة أداءً لافتاً مع الترسانة بجانب حمدي عبد الفتاح والشاذلي ومصطفى رياض وعبد المنعم الحاج.
المحلة تميزت بلاعبين مثل خورشيد كان حارس دائم للمنتخب، وعبد الرحيم خليل، وحنفي هلال، وعبد الدايم، ومحمد السياجي، والحارس عبد الستار.
وفي الخمسينيات، كانت المحلة تضم لاعبين بارزين مثل المعداوي واللاعب اليوناني ياني الذي انتقل لاحقاً إلى الزمالك.
أيضاً كان هناك فريق كفر الزيات الذي ضم لاعبين مثل رمزي عبد المهيمن، وفريق طنطا الذي كان من أبرز لاعبيه إبراهيم توفيق، وحسني عايد، وزوغلو.
أما نادي القناة فقد تميز بوجود عادل زين، ولوفا، وصلاح أبو جريشة وسيد أبو جريشة، وهما عمّا النجم علي أبو جريشة لاعب الإسماعيلي، وكان والدهما يُدعى أحمد.
كذلك المصري والسويس كانا من الفرق القوية، وكان ضمن تشكيلة اتحاد السويس لاعبون مثل عبده سليم وفؤاد شعبان، وحارس مرمى يُدعى سافا.
في الوقت الحالي، أشاهد المباريات بصعوبة، فلم تعد هناك المتعة التي كانت موجودة في السابق، فلم أعد أستمتع بمشاهدتها كما كنت أفعل في الماضي.

كيف كان تاريخ الدوري المصري في البداية وعدد الأندية؟
في أول بطولة دوري مصري، كان هناك 11 نادياً منها أربعة أندية من القاهرة وهم "الأهلي، الزمالك، الترسانة، والسكة الحديد" وأربعة من الإسكندرية "الأولمبي، الاتحاد السكندري، الترام، والنادي اليوناني"، بالإضافة إلى أندية أخرى مثل المصري، بورفؤاد، والإسماعيلي.
هل ضمت الأندية المصرية محترفين أجانب وقتها؟
الإسكندرية شهدت وجود العديد من الأندية التي ضمت لاعبين من جنسيات متنوعة، خاصة النادي اليوناني الذي شارك في الدوري الممتاز، وكان يضم أغلب لاعبيه من اليونانيين وبعض المصريين.
حتى نادي بورفؤاد ضم بين صفوفه لاعبين أجانب، مثل ألدو الذي بدأ مسيرته في بورفؤاد ثم انتقل إلى الزمالك، وبروسفوس الذي لعب في بورفؤاد ثم انتقل إلى القناة وحصل على الجنسية المصرية.
في النادي الأولمبي أيضاً، كان لدينا لاعب يوناني يُدعى تاكي، وكان يعمل مع آخرين في شركة “كوتاريللي” لصناعة السجائر، قبل أن يهاجروا لاحقاً.



كيف تأثرت الأندية المصرية بهجرة اليونانيين من الإسكندرية والتأميم؟
عقب تأميم الشركات في مصر، كان من أبرز التغييرات التي طرأت على الإسكندرية هجرة العديد من اليونانيين الذين كانوا يعملون في شركات كبيرة، مثل شركة "كوتاريللي" لصناعة السجائر التي كانت تقع في آخر شارع قناة السويس.
هذه الشركة كانت تضم عدداً كبيراً من العمال اليونانيين الذين اضطروا للعودة إلى بلادهم بعد عملية التأميم التي شملت الشركات الأجنبية في مصر.
كانت كرة القدم في تلك الفترة تشهد تأثيراً واضحاً من هذه الهجرة، حيث إن العديد من اللاعبين اليونانيين الذين كانوا يمثلون فرقاً مصرية، خاصة في الإسكندرية، غادروا البلاد.
على سبيل المثال، كان هناك لاعب يوناني في نادي "الترام" فاز بلقب هداف الدوري المصري عام 1953، ولكنه اضطر للعودة إلى اليونان مع زملائه بعد التغيرات السياسية والاقتصادية في مصر.

كيف استفاد نادي الترسانة من العلاقات المصرية السودانية؟
في الخمسينيات، كانت أندية مثل الترسانة تبحث عن تعزيز صفوفها بضم لاعبين جدد من الخارج، وكان ذلك جزءاً من الاتفاقية التي أُبرمت بين مصر والسودان في إطار مشروع الري.
في هذا الإطار، جلب نادي الترسانة لاعبين سودانيين مثل عبد الخير وآدم وعثمان، من أجل تدعيم الفريق، وكان هؤلاء اللاعبون يتسمون بقدرة على تسجيل الأهداف وحرفية عالية في اللعب، ما ساعد الفريق على تحقيق انتصارات كبيرة في الدوري.
كان هؤلاء اللاعبون السودانيون يقيمون في العبّارات المارة على النيل، ويمضون أوقاتهم في تبادل الأحاديث طوال الليل، وكان هناك تقليد معروف بين بعض السودانيين، وهو ارتداء الملابس البيضاء الشعبية خلال هذه الفترة.
أتذكر جيداً مباراة كانت جمعت بين الترسانة وفريق يوناني في ملعب اليونان بمنطقة الأزاريطة بالإسكندرية، " زمان مكانش في تقدم ولا نظام كل فرقة بتنام في أي فندق".
كانت المباراة في يوم أحد "والدنيا زحمة"، وكان الفريق اليوناني قد وصل قبل انطلاق اللقاء بوقت قصير، حيث نزل بعض من لاعبى الترسانة من فندقهم ليحصلوا على عشرة صاغ من مدير الكرة "كل خمسة يركبوا حنطور يجيبهم لحد الملعب"، ويصعدوا في حنطور للوصول إلى الملعب، "حتى الأهلي والزمالك لما كانوا بيلعبوا هنا ينزلوا من فندق جوردن ياخدوا حنطور".
كانت البداية غير موفقة للترسانة، بعدما سجل الفريق اليوناني هدفين في الدقائق الأولى "البرانيط بدأت تطير في السما".
ومع مرور الوقت، بدأ لاعبو الترسانة في الدخول تدريجياً إلى أرض الملعب، من بينهم عبد الخير والنور بيلا، ليحققوا تحوّلاً ملحوظاً في مجريات المباراة.
ومع تقدمهم، استطاعوا قلب النتيجة لتصل إلى 7-2 لصالح الترسانة، ليصبح هؤلاء اللاعبون السودانيون أبطال المباراة بفضل مهاراتهم العالية وقدرتهم على التسجيل.



ما الفرق بين نظام اللاعبين وعلاجهم بين الماضي والحاضر؟
اليوم، أصبحنا نرى العديد من اللاعبين يشتكون من الإصابات المختلفة، خاصة الإصابات في الركبة، وهو ما كان نادراً في الماضي.
فحتى مع وجود الأطباء المختصين وأطباء العلاج الطبيعي "اللاعيبة بتقعد في فندق خمس نجوم"، لا تزال الإصابات تؤثر على اللاعبين بشكل متزايد.
في الماضي كان التدريب أقل كثافة، وكان اللاعبون يعتمدون على أوقات راحتهم بشكل أكبر.
في السابق، كانت الفرق تتمرن مرتين في الأسبوع فقط، وكان النظام الغذائي أقل تعقيداً، حيث كانوا يتناولون وجبات بسيطة قبل المباريات، مثل الإفطار الخفيف والغداء في الساعة 12 ظهراً، ثم يذهبون للملعب ليلعبوا المباراة.
أما الآن، فقد تغيرت الأساليب بشكل كبير، يتدرب اللاعبون يومياً ويتمتعون بنظام غذائي متكامل يتضمن وجبات متوازنة قبل المباريات وبعدها "بيتمرنوا كل يوم وبياكلوا كل يوم وقبل وبعد الماشات"، مما قد يساهم أحياناً في زيادة الإصابات بسبب الضغط المتواصل.
أنا كنت مدير كرة في النادي الأولمبي، وبعد ذلك أصبح لي دور في مجلس الإدارة، اللاعبون الكبار أمثال أحمد الكأس وغيرهم كانوا يعتمدون على نظام غذائي خفيف ويخوضون المباريات ثم يعودون إلى منازلهم "يوم الماتش أنا كنت بنزل للاعبين بكوبايات شاي وناخد معانا 2 كيلو برتقان وننزل نكسب الأهلي والزمالك".
أتذكر جيداً واحدة من المباريات الهامة التي كنا سنخوضها ضد الأهلي، وكان معنا اللاعب عز الدين يعقوب، وكان هداف الدوري وقتها، لكنه كان لا يزال طالباً في معهد التربية الرياضية في أبو قير.
في صباح المباراة، طلب المدرب فتحي النحاس منا أن ننتظر عز الدين بعد أن ينتهي من امتحاناته، وبالفعل وصل إلينا في الساعة العاشرة صباحاً.
انطلقنا في سيارة "بيجو" إلى القاهرة، وأثناء الطريق توقفنا في إحدى الحدائق في العباسية لتناول الطعام "قولت لعز تعالى ناكل قبل لما نروح الملعب وكنت واخد معايا من إسكندرية سندوتشات ومكانش لسه اخترعوا المياه المعدنية".
أثناء تناولنا للطعام، توقفت سيارة مرسيدس سوداء، وأقبل شخص منا سائلاً عن سبب تواجدنا في هذه الحديقة، أخبرته أنا عادل هيبة وده كابتن الفريق الأولمبي عز الدين يعقوب، وعرفناه على الفريق.
اكتشفنا أننا كنا نجلس في حديقة الكنيسة المرقسية الجديدة والشخص كان سكرتير البابا كارلوس السادس، الذي كان في طريقه إلى الكنيسة.
طلبنا منه أن يباركنا قبل المباراة "أخدنا بركته علشان نكسب الأهلي"، فقال لنا "ليبارككم الرب يا أبنائي".
وفعلاً، في المباراة، سجل كل من محمد الكأس وعز الدين يعقوب هدفين، ليفوز فريقنا 2-0.
كانت تلك قصة طريفة ومؤثرة في تاريخ النادي، إذ بدأ المدربون في اقناعنا بأن التوفيق في المباريات قد يرتبط أحياناً بالبركة، وأصبح من المعتقدات التي تروج بين لاعبي الفريق أن عليهم المرور بالقرب من الكنيسة في كل مرة يواجهون فيها الأهلي.

ما هي آخر مباراة استمتعت بها؟
كان هناك لقاء بين بيراميدز وزد في نهائي كأس مصر، بصراحة أشعر بالسعادة عندما تكون المنافسة بعيدة عن الأهلي والزمالك.
أعتقد أنه من الأفضل أن يتوسع المشهد الرياضي ولا يقتصر على فريق واحد فقط، وهذه هي أفضل خطوة في تقديري.
كيف كانت أجواء متابعة المباريات في الماضي؟
عندما بدأ بث المباريات عبر التلفزيون في الستينات، كانت المقاهي والمناطق العامة مليئة بالناس.
إذا كان هناك مباراة في الساعة 3، كانت المقاهي تمتلئ بالحضور من الساعة 1:30، كنت تستطيع الجلوس مقابل نصف فرنك يشمل المشروب.
في تلك الفترة، كانت وزارة الاستعلامات قد خصصت أكشاك في الميادين العامة تحتوي على أجهزة تلفزيون، وكان التلفزيون يفتح في الساعة الخامسة مساءً.

كان الناس في الإسكندرية يأتون مبكرين ومعهم طعامهم، يجلسون على العشب في انتظار فتح التلفزيون، وكان البث ينتهي في الساعة 11 مساءً.
كيف بدأت هذه التجربة؟
عندما دخل التلفزيون في عام 1960، كان وزير الاستعلامات في ذلك الوقت، محمد عبد القادر حاتم، وهو رجل من الإسكندرية، قد أطلق فكرة إقامة أكشاك تلفزيونية في الميادين العامة.
في تلك الفترة، لم يكن الناس قد اشتروا التلفزيونات بعد، فكانت هذه الأكشاك مكاناً يجتمع فيه الناس لمتابعة المباريات، كانوا يذهبون إلى الشلالات أو بحري أو الشاطبي، حيث يفتح التلفزيون في الساعة 5 مساءً، لأن الإضاءة لم تكن كافية في النهار.
ولكن في السبعينيات، بدأ الناس يشترون التلفزيونات الخاصة بهم، كان لدينا شخص يُدعى الحاج أحمد، وكان يشرف على جمعية تنمية المجتمع في محطة مصر، وكان يحدثني عن كيفية تحول الناس من مشاهدة المباريات في الأماكن العامة إلى مشاهدة المباريات في منازلهم بعد أن امتلكوا أجهزة التلفزيون.

تأثير هذه الفترة على المجتمع؟
كانت تلك الأيام مليئة بالأنشطة الترفيهية للناس، وكان هناك وزراء مثل عبد القادر حاتم، الذي كان له دور كبير في إدخال التلفزيون إلى حياة الناس في تلك الفترة.



ما المباريات التي لا تنساها للمنافسين؟
كانت مباراة للنادي الاتحاد السكندري الذي كان مهددًا بالهبوط في ذلك الموسم، مع فريق السكة الحديد.
وفي تلك المباراة، كان جمهور الاتحاد السكندري يشجع اللاعبين بقوة ويطالبهم بتحقيق الفوز، في تلك الفترة ضم زعيم الثغر لاعبين مثل الكابتن محمد الجندي، لاعب الأهلي السابق وكان ضابطًا في سواحل البحر، وأمير رشدي.
في الشوط الأول، تقدم فريق السكة الحديد بهدف واحد، وكان الجمهور يوجه الهتافات والانتقادات للاعبي الاتحاد، حتى نزل الفريق في الشوط الثاني وخلاله تمكن الاتحاد من إحراز 7 أهداف، لينتهي اللقاء بفوز الاتحاد 7-1.
وكان حارس السكة الحديد يُدعى الشيخ تاج، قد استقبل سبعة أهداف، جاءوا عن طريق أمير رشدي 3 أهداف، وكذلك سجل الكابتن محمد الجندي 3 أهداف أخرى، وفي نهاية المباراة، تم احتساب ضربة جزاء لصالح الاتحاد، ونفذها الجندي بنجاح.
وبعد المباراة، قرر الكابتن الجندي الاعتزال، ووضع حذاءه حول رقبته، بينما كان اللاعبون يركضون حوله فرحين، وكان هذا من أبرز اللحظات التي عاشت في ذاكرة جماهير الاتحاد.
وفي عام 1961، مع بداية البث التلفزيوني في مصر، تم نقل مباراة بين الاتحاد السكندري والمصري البورسعيدي.
وكان المذيع صلاح ذكي هو من قام بالتعليق على المباراة، بعدما غاب المذيع الأساسي، في الشوط الأول، تقدم الاتحاد بهدف نظيف، لكن في الشوط الثاني، تمكن المصري البورسعيدي من تعادل المباراة، ثم سجل 4 أهداف أخرى لينتهي اللقاء بفوز المصري 4-1.
ووجّه جمهور الاتحاد السكندري الانتقادات اللاذعة ضد أمير رشدي لاعب الأولمبي، لأنه كان صديقًا للاعبي المصري، هذه المباراة كانت واحدة من المباريات التي لا تزال محفورة في ذاكرة جماهير الاتحاد السكندري.

كان لعثمان أحمد عثمان دور مع النادي الأولمبي ما هو؟
في موسم 1978-1979، كان النادي الأولمبي ينافس على الهبوط في الدوري المصري مع فريق الإسماعيلي، في تلك الفترة، دارت حول الفريقين شبهات بخصوص نتائج بعض المباريات.
كانت هناك مباراة فاصلة بين الإسماعيلي والمقاولون العرب في ملعب الإسماعيلية، حيث فاز الدروايش 4-0، وهو ما أثار الشكوك حول نزاهة المباراة.
وفي الوقت نفسه، كانت المباراة التي تجمع الأولمبي مع السويس في ملعبهم قد انتهت بفوز الأولمبي 1-0، إلا أن هبوط فريقنا في نهاية الموسم أثار غضب جماهيره، التي اعتبرت أن النادي تعرض لظلم واضح.
حينها، علم محمد عبدالله، رئيس جامعة الإسكندرية، بما جرى وأخبر عثمان أحمد عثمان بما يدور في الشارع السكندري من شائعات تسيء إليه بسبب تلك المؤامرة المزعومة.

كان عثمان أحمد عثمان معروفًا بدعمه للأندية الرياضية في الإسكندرية، فقرر التدخل شخصيًا لحل هذه الأزمة.
كنت حينها عضوًا في مجلس إدارة النادي الأولمبي، وعندما دخل عليَّ أحد الموظفين، أخبرني بأن هناك شخصًا يريد لقائي، وكان هذا الشخص يُدعى مايس البرنس، مدير مكتب عثمان أحمد عثمان.
أخذني البرنس وأخبرني أن عثمان أحمد عثمان يود لقائي في فيلته في الهرم في الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر.
وصلنا إلى الفيلا التي تقع في منطقة الهرم، حيث كان ينتظرنا عثمان أحمد عثمان، وكان في استقباله بحفاوة، وعقب جلوسنا، قدم لنا الشاي وبدأ الحديث عن السادات والوضع السياسي في ذلك الوقت.
فجأة، دخل عثمان في الموضوع وقال لنا "ماحدش بيسيب ماتشات لحد"، ليبدأ بعدها الحديث عن تاريخه مع النادي، وكان قد قرر التحدث إلى اتحاد الكرة حول ما حدث.
أمضينا الوقت حتى الساعة الحادية عشرة مساءً في حديث طويل، حتى جاءت مكالمة هاتفية له، بعد ذلك، عدنا إلى الإسكندرية وكتمنا الأمر.
ولكن بعد فترة، أعلن اتحاد الكرة عن ترتيب فرق الدوري، ووضع الأولمبي في الدرجة الثانية، وهو ما أثار المزيد من الجدل.
في وقت لاحق، نزل عثمان أحمد عثمان إلى فندق فلسطين في المنتزه بالإسكندرية، حيث التقى رئيس النادي ووكيله.
وعندما دخلت الغرفة، فوجئت بوجود الرئيس أنور السادات، الذي كان يجلس بجانب عثمان أحمد عثمان، كان هذا اللقاء مفاجئًا لي، حيث لم أكن أصدق أنني أرى السادات في ذلك المكان.
جلسنا لفترة نستمع إلى حديثهم، ثم حضر وزير الشباب في ذلك الوقت عبدالحميد حسن، الذي بدأ النقاش حول قرار هبوط الأولمبي إلى الدرجة الثانية.
وكان السادات قد سأل عبدالحميد حسن عن عدد الأندية المشاركة في الدوري قال له "12 يا ريس ليرد ايه يعني لما الدوري يبقي 20 ولا 30 هي هتخرب"، وعندما سمع الشكاوى من الأندية التي شعرت بالظلم، أبدى اهتمامًا بالغًا قائلاً: "اتصرف يا عبدالحميد".
وفي اليوم التالي، نشرت جريدة الأهرام خبرًا عن اجتماع طارئ لاتحاد الكرة، حيث تم الاتفاق على إجراء دورة رباعية تضم الأولمبي ودمنهور والكروم، ويتم تحديد فريقين منهم للصعود إلى الدوري الممتاز.
بعد تسريب الخبر إلى الإسكندرية، تواصل معي أحد المسؤولين وأكد لي أن الأولمبي سيعود إلى الدوري الممتاز بفضل تدخل السادات، وعندما اتصلت بصلاح الجابوي، رئيس النادي، أخبرني بأننا سنشارك في الدوري، مما أسعد الجميع في النادي وفي الإسكندرية.
في الموسم التالي، تم تعيين الكابتن محمد الجندي، لاعب الأهلي السابق، مديرًا للكرة في النادي الأولمبي.
حقق الفريق المركز الرابع في الدوري، وكان من الممكن أن يحقق المركز الثالث لو لم يتفق الاتحاد والمصري البورسعيدي على تفويت مباراة لبعضهما البعض لصالح زعيم الثغر.
وفي موسم 1980، كانت هناك بعض المشاكل حول اختيار المدرب، وتم التعاقد وقتها مع فتحي النحاس، والذي سبق ودرب الفريق خلال ولاية ماضية وحقق نتائج رائعة معه، حيث كان له مساعدون متميزون مثل البوري والبحر وجاسور، وعمل الجميع كفريق واحد، وحققنا نتائج طيبة ساعدت على العودة إلى مستوانا الجيد.