بعصا في يمينه، وحقيبة على ظهره مليئة بالأدوات الرياضية، يقف العشريني أبو بكر محمد، على طريق رئيسي يفصل بين قريته ووجهته. يستمع لصوت الحافلة تقترب، لكنّه لا يسارع للركوب، منتظراً يداً تأخذه برفق لمقعد بالحافلة، فإعاقته البصرية تمنعه من التزاحم. ينطلق بعدها في رحلة تزيد على مئة كيلومتر، تاركاً خلفه مركز شباب قريته "الكدّاية"، الخالي تماماً من أي تجهيزات مناسبة للرياضيين من ذوي الإعاقة.
يقضي أبو بكر نحو ثلاث ساعات للوصول إلى أحد مراكز الشباب، بمنطقة حلمية الزيتون شرقي القاهرة، انطلاقاً من قريته النائية في مركز أطفيح جنوب الجيزة. يتنقل بين أربع وسائل مواصلات مختلفة؛ متحملاً ثقل الوقت ومشقة الطريق، وأعباء لا يعلم إلى متى يستطيع تحملها، في ظل عدم وجود أي بديل أقرب يلبي "حقه الدستوري" في ممارسة الرياضة، ويمنحه فرصة دمج حقيقي تتجاوز حدود القوانين المكتوبة.
كرة الهدف، المصممة لذوي الإعاقة البصرية، هي لعبة "أبو بكر" منذ نحو عشر سنوات، استمرت خلالها معاناته اليومية. في أبريل 2017، شعر بالتفاؤل إثر الإعلان عن مبادرة رئاسية خصّصت عام "2018" لذوي الإعاقة، معتقداً أن القرار سيضع حداً لمعاناته، لكنّ شيئاً لم يتغير.
منشآت كثيرة ومتطلبات غائبة
ما يعانيه "أبو بكر" يشبه في تفاصيله قصص آلاف غيره؛ إذ تبلغ نسبة ذوي الإعاقة في مصر 11 في المئة من إجمالي السكان؛ أي ما يقرب من 12 مليون شخص. وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يتركز أكثر من نصف هذا العدد في قرى الريف.
يأتي ذلك في الوقت الذي تمثل فيه مراكز شباب القرى ثلاثة أرباع جميع المنشآت الرياضية في مصر، ما يبرز أهميتها في إفراز القاعدة الأكبر من الرياضيين، لكنّها لا تلتزم بتطبيق المعايير الواجب توفرها لذوي الإعاقة، والمنصوص عليها في دليل "الكود المصري لتصميم الفراغات الخارجية والمباني لاستخدام المعاقين"، الصادر عن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بالقرار الوزاري رقم (303) لسنة 2002.

