إعلان

"خدع إسرائيل وأسقط شبكة في مصر".. قصة الثعلب سمير الإسكندراني الذي أبكى الصهاينة

01:20 ص الجمعة 14 أغسطس 2020

كتبت- ياسمين الشرقاوي:

رحل عن عالمنا، مساء أمس، النجم سمير الإسكندراني، عن عمر يناهز 82 عامًا، وقدم عبر مشواره الفني عشرات الأغاني المميزة مثل "مين اللي قال" و"طالعة من بيت أبوها" و"ابن مصر"، و"في حب مصر"، "ياللي عاش".

حياة سمير الإسكندراني حافلة بالمواقف والمفارقات، لعل أبرزها محاولة إسرائيل تجنيده فى إيطاليا أواخر الخمسينيات، لكنه أبلغ المخابرات العامة المصرية ولعب دورا مهما في خداع تل أبيب.

بدأت القصة عندما سافر مدينة إيطاليا في منحة دراسية عام 1958، وكان حينها لم يكمل عامه العشرين، لكنه كان مختلفًا ومتحررًا بعض الشيء عن الشباب المصريين ذلك الحين، فكان يجيد الغناء والرقص والرسم، وهو ما خدع الموساد.

وحسبما روى الفنان الكبير، في لقاء سابق له عام 2018، مع الإعلامية ريهام السهلي ببرنامج "المواجهة"، فإنه ذات يوم تعرف على شاب يُدعى "سليم"، في الجامعة، وانبهر به ولكن شخصيته أثارت الشكوك لديه، خاصة مع كثرة الأموال التي ينفقها خلال سهراتهما، واختفائه وظهوره المفاجئ، فضلًا عن امتلاكه جواز سفر أمريكيًا: "الباسبور الأمريكاني في الوقت ده كان مصيبة زيه زي الإنجليزي والإسرائيلي".

ومع إثارة شخصية "سليم، الشكوك لدى الإسكندراني، استطاع أن يخدعه؛ ليعرف نواياه، فادعى أن جده الأكبر كان يهوديًا وأسلم ليتزوج جدته، ولكن أحدا لم ينس أصله اليهودي، ما دفع والده إلى الهجرة للقاهرة، حيث عرف أمه، ذات الطابع اليوناني، وتزوجها، وأنه أكثر ميلا لجذوره اليهودية، وبالفعل وقع "سليم"، في فخه، ليقول له: أنا لست مصريا أنا إسرائيلي".

بعد ذلك بـ30 يومًا كما ذكر الإسكندراني، قابله سليم بـ"جوناثان شميت" الذي لم يكن سوى أحد ضباط الموساد الإسرائيلي، ولكن تعرف عليه على إنه ألماني، وهنا أيضا خدعه سمير مجددًا وأوهمه برفضه للنظام في مصر، واصفًا إياه بـ"الديكتاتوري".

وقال الإسكندراني إن "شميت"، أخبره إنه يرغب في العمل معه وطلب منه الحصول على معلومات من مصر، وطلب منه السفر إلى مصر والالتحاق بالجيش، وبالفعل وصل "سمير"، مصر وحاول مقابلة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكل محاولاته باءت بالفشل، ولكن والده علم بالقصة وحاول مساعدته عن طريق صديق له يعمل بالمخابرات، فتواصلوا معه وحكوا له تفاصيل الأمر.

وأضاف الإسكندراني: "خدوني للرئيس في فيلا بسيطة بمصر الجديدة، ودخلنا صالون به صور للرئيس جمال عبدالناصر وأولاده وصورة للرئيس محمد نجيب، وبعد فترة أظنها لا تتعدي ربع الساعة دخل علينا الرئيس جمال عبدالناصر فهجمت عليه وبوسته وحاولت أبوس ايده ورفض، قلتله أنا محتاجلك وحكيت للرئيس كل ما تعرضت له في إيطاليا فأعطى إشارة البدء لصلاح نصر للتعامل معي، وكانت الوسيلة التي استقرت عليها المخابرات هي أن أستمر في العمل مع المخابرات الإسرائيلية".

وتابع: "أطلعت الرئيس على كل ما لدي وعلى تخطيطهم المتمثل في اغتيال المشير عبدالحكيم عامر بعد أن فشلت محاولاتهم لنسف طائرة اليوشن 14 عام 1956 في الجو، والتي كانوا معتقدين أنه بداخلها وكانوا يجندون لتلك العملية جاسوسا مصريا اسمه إبراهيم رشيد، أما الأخطر فهو اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر عن طريق وضع سم طويل المدي في طعامه خاصة".

واستطرد: "أخبرني الرئيس بأن دوري لم ينته"، فأجبته: "أنا رهن إشارتك يا سيادة الرئيس، ودمي فداء لمصر".

سمير الإسكندراني الذي لقب بالثعلب استوعب الأمر والتدريبات بسرعة وإتقان، وبرزت قدرته على التحكم في انفعالاته، براعته في التعامل مع العدو ونقل المعلومات بحنكة، وكانت المعلومات مهمة ولكنها تقليدية حتى لا تثير شكوك العدو بالتعاون مع المخابرات المصرية.

كان الإسكندراني يشكو في خطاباته إلى شميت من احتياجه الشديد للمال، ويهدد بالتوقف عن العمل، وفي الوقت نفسه كان يرسل لهم عشرات المعلومات والصور، وهو ما دفعهم لطلب منه استئجار صندوق بريد، ووصل إليه ثلاثة الآف دولار داخل عدة مظاريف كلها من داخل مصر، لتعلن عن وجود شبكة ضخمة من عملاء إسرائيل، تتحرك في حرية داخل البلاد، فبدأت خطة منظمة للإيقاع بالشبكة كلها فاستكمل سمير الخطة عندما طلب منه إرسال أفلام مصورة، أعلن خوفه خشية أن تقع في أيدي الجمارك ورجال الرقابة فأرسل إليه جوناثان رقمًا بريديًا في الإسكندرية، وطلب منه إرسال طرود الأفلام إليه، وبدأت خيوط الشبكة تتكشف شيئًا فشيئًا.

وراح عملاء الشبكة يتساقطون واحدًا بعد الآخر، والحقائق تنكشف أكثر وأكثر، ثم كانت لحظة الإعلان عن العملية كلها، وجاء دور الإسرائيليين وهم يكتشفون أن الثعلب المصري الإسكندراني ظل يعبث معهم ويخدعهم طول عام ونصف العام.

فيديو قد يعجبك: