إعلان

"البيضة والحجر".. ويلٌ للعالم إذا انحرف المتعلمون

04:42 م الثلاثاء 05 يناير 2016

أحمد زكي في شخصية مستطاع

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- منى الموجي:

مع بداية كل عام يرغب البعض في معرفة ما الذي يخبأه لهم العام الجديد، فيذهبون لقارئي الطالع عبر (الكف والفنجان)  ومن يدعي معرفته بحركة الكواكب وتأثيرها على مصير الأشخاص، وهي الفكرة التي تناولتها الأفلام السينمائية في الكثير من الأعمال من بينها فيلم "البيضة والحجر".

يتناول الفيلم قضية التنبؤ بالغيب، قراءة الطالع واستخدام الدجل والشعوذة في شفاء المريض، وفك الأعمال، ويؤكد أن من يدعي قدرته على القيام بهذه الأعمال أفاك يلعب بالبيضة والحجر، ويلجأ للنصب والاحتيال لخداع الجهلة والمغيبين.

يبدأ الفيلم بالتفاف عدد من سكان غرف أحد أسطح العقارات القديمة، حول صاحب العقار رافضين السماح له بفتح غرفة يعتقدون ان العفاريت تسكنها بعد أن قُتل بها شخص منذ 25 سنة وتلوثت جدرانها بالدم، مؤكدين أن منذ هذا التوقيت وهم يسمعون أصوات تصدر من داخل الغرفة، فيصر صاحب العقار ويستعين بالشرطة لفتح الغرفة.

ونجح المخرج من خلال لقطات متتابعة لقاطني "السطوح" في التأكيد على حالة الذعر التي تسيطر عليهم، حيث تشخص أعينهم وتلهث أنفاسهم.

أحمد زكي يغني "جابوا الخبر"..

يبدأ تتر الفيلم بعد هذا المشهد ويصاحبه لقطات متفرقة تعكس كيف أصبح المجتمع المصري مجتمع استهلاكي يبحث عن المظاهر، ومن ينجح فيه ويحقق المكاسب المادية هم القادرون على اللعب بالورق وبالبيضة والحجر، ويؤدي الأغنية الفنان أحمد زكي أو "مستطاع التعذي"، وتقول كلماتها "جابوا الخبر من على الشجر.. الدنيا دي فيها العبر فيها ناس بتنحت في الصخر وناس بتلعب بالبيضة والحجر".

يسكن "مستطاع" مدرس فلسفة في الغرفة، وأثناء انتقاله لها يرصد المخرج خطواته وصعوده لأعلى العمارة وكأنها خطوات إلى المجهول الذي يخشاه، صحيح كونه رجل متعلم يجعله يرفض فكرة العفاريت والجن، لكن هناك خوفا ما بداخله من أثر الحكايات المنتشرة في المجتمع، نجح المخرج خلال خطوات صعوده على السلم الضيق المؤدي للسطوح في أن يعكس هذه الحالة، مع أصوات الرياح وصوت "البواب" الهامس والأنوار الحمراء والزرقاء المنعكسة من أضواء الإعلانات.

"ليلة سوداء" هكذا يمكن أن يطلق على ليلته الأولى في الغرفة، فبعد دخوله إليها تقابله قطة سوداء فيقف في مواجهتها وكأنها وحش، ينقض عليه فيفر منها خارج الحجرة، يحاول اقناع نفسه بأن ما يحدث مجرد صدفة، يبدأ في ترتيب أشياءه فيسقط المسجل ويصدر عنه  موسيقى غربية صاخبة تثير الذعر في نفسه مرة أخرى، بصوت مرتفع يردد "أنا مش خايف"، ويقنع نفسه أن ما حدث وهم بالإيحاء "تثبيت فكرة معينة في الذهن".

ويبدأ في ترديد كلمات أغنية "أنا مش خايف وهخاف من ايه ده اللي يخاف بتخونه عينيه، اللي يخاف من العفريت يطلعله يلبشه ويكرمشه ولا في دوا ينفعله"، صوته وعيناه يعكسان رعشته، بالإضافة لوضعه في كادر ضيق داخل الكادر الكبير، حيث يصبح جسده محاصر ما بين طرفي ستارة تتحرك من تأثير الرياح.

وفي الجانب الأخر من الفيلم نشاهد حياة مستطاع فهو مدرس فلسفة يؤمن بالكثير من المبادئ، ويسعى لتطبيقها فيتهمونه بالشيوعية، ويتم وقفه عن العمل، ويجد نفسه اشتهر بين جيرانه بـ"مولانا"، وتأتيه إمرأة عجوز تعتقد أن ابنها "مسحور"، فيتخذ من هذا الطريق مهنة له استجابة لضغوط من حوله، رغم أنه ضد هذا الطريق، ودائما ما يردد "ويل للعالم إذا انحرف المتعلمون وتبهيذ المثقفون"، لاعبا على فكرة أن سر نجاح أي ساحر ثقته في نفسه وقوة اعتقاد الناس فيه.

أحمد زكي "ويل للعالم اذا انحرف المتعلمون"..
 

بين لقاءه الأول مع بواب العمارة على سلم الخدم المؤدي للسطوح ولقاءه الثاني به في نفس المكان تتغير الدنيا ويتبدل حال مستطاع، ويصبح سجين ما وضعته فيه الظروف والناس يفشل في أن يجعل عقله يسيطر على تصرفاته ورغباته، ويستخدمه في إحكام الموضوع والنصب والاحتيال بذكاء.

أغاني الفيلم والتي كتبها المؤلف محمود أبو زيد وهو نفسه كاتب العمل، لعبت دور بارز في التأكيد على الفكرة، ومن بينها أغنية "لو أنت هايص أو كنت لايص تعالى يالا نشوف الهجايص.. الناس دي عايشة بعقول نصايص"، فبعد أن كان منبوذاً من زملاءه في المدرسة وناظرها، وموقوفا عن العمل، يصبح بـ"الهجايص" من أغنى الأغنياء يمتلك فيلا وسيارة، يصبح صاحب مؤلفات في الأبراج وتفسير الأحلام، يسافر كل دول العالم يلتقي الأمراء، بات صاحب مكانة اجتماعية مرموقة، وضيف دائم في اللقاءات الصحفية والتليفزيونية.

ينتهي الفيلم بمحاولة مستطاع الابتعاد عن هذا الطريق الاعتراف بأنه دجال مشعوذ، لكن لا يترك له المجتمع فرصة لذلك، معتقدين أنه صاحب كرامات، فيشدد على أن الضعف الذي لا يفرق بين الجاهل والمتعلم هو السبب في لجوء البعض للدجل.

أحمد زكي "الضعف مبيفرقش بين جاهل ومتعلم"..


"البيضة والحجر" من تأليف محمود أبو زيد، بطولة أحمد زكي، معالي زايد، ممدوح وافي، صبري عبدالمنعم، عبدالله مشرف، ومن إخراج علي عبدالخالق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان