إعلان

كتاب جديد يكشف استراتيجيّة بيل كلينتون "المارِقة" في حرب العراق

03:39 م الجمعة 09 سبتمبر 2016

رئيس الوزراء البريطاني توني بلير

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – رنا أسامة:

استدعى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، صديقه بيل كلينتون، إلى محكمة تشيكرز بانجلترا، في مارس 2003، لإجراء طلب عاجل يقضي بتقديم الرئيس السابق المُساعدة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ لتأجيل القرار الرامي إلى إبطاء أو وقف الحرب على العراق.

الأحداث التي أعقبت ذلك الطلب أظهرت دور كلينتون غير المسبوق في السياسة الخارجيّة لخليفته جورج بوش، حسب المعلومات التي ذكرها كتاب جديد يحمل عنوان: "رجل العالم: مساعي أخرى لبيل كلينتون"، للصحفي الليبرالي جو كوناسن.

وَفقَا للكتاب، فإن هذا الدور الملحوظ لكلينتون قد برز بعد أشهر من تصويت زوجته هيلاري، لصالح استخدام جورج واشنطن بوش القوة العسكرية في العراق، في أكتوبر 2002، في خطوة جاءت بُناءً على نصائح وتوجيهات من كلينتون.

وأشار الكتاب إلى أن تلك الواقعة التي مضى عليها نحو 13 عامًا، كشفت النِقاب عن الدور الضخم للرئيس الثاني والأربعين للبلاد في الشؤون الخارجيّة، حتى بعد مُغادرته واشنطن، وهو ما يُشير إلى "استثنائيّة" نمط العمل الدبلوماسي لكلينتون بعد انتهاء فترة رئاسته، والذي دائمًا ما كان يتم مُمارسته بُناءً على طلب خُلفائه، كما رحلته إلى كوريا الشماليّة في 2009، للمُساعدة في إنقاذ صحفيين مُعتقلين؛ تلبية لطلب من الرئيس أوباما.

من وجهة نظر "كوناسن" التي عرضها الكتاب، فقد أطلق كلينتون مُناشدات لعدد من زعماء العالم، ممن كان يعتبرهم "أصدقاء"، يطلب منهم دعم قرار بلير الرامي إلى إعاقة خطة "بوش" الخاصة بالحرب على العراق، أو إنهائها معًا.

وأشار إلى أن قرار بلير وضع جدولًا زمنيًا أمام فِرق تفتيش الأسلحة التابِعة للأمم المتحدة، التي يقودها الدبلوماسي هانس بليكس، لمدة ثلاثة أسابيع، لإنهاء عملها، قائلًا: " لو كان الرئيس العراقي صدّام حسين قد تدخّل في عملية التفتيش تلك أو رفض التخلّي عن الأسلحة، كان من الممكن أن تلجأ السُلطات حينها لاستخدام القوة".

في خطاب ألقاه في واشنطن بعد لقاء مع بلير، أعرب كلينتون صراحة عن دعمه للنهج الذي يتبنّاه القرار، فيما بدأ - سرًا- يبذل جهودًا مُضنية من أجل قلب الموازين لصالح قرار بلير في مجلس الأمن، وَفقًا لكتاب كوناسن.

"في سرّيّة تامة، قام كلينتون بترتيب اتصال مع الرئيس التشيلي (ريكاردو) لاجوس، بمُساعدة من كبير موظّفي البيت الأبيض آنذاك، توماس ماك، الذي كان على اتصال بوزير الداخلية التشيلي خوسيه ميغل انسولزا" هكذا ذكر كوناسن في كتابه. "بدون الرغبة في تداخل الأوراق بعضها ببعض، أو التشكيك في العلاقات بين رؤساء العالم، إلا أن كلينتون طلب من ماك تمرير رسالة إلى لاجوس عبر انسولز".

انطوت الرسالة السريّة على تحذير من كلينتون إلى الوزير التشيلي، مفاده أن "قرار بلير يُمثّل الفرصة الأخيرة لمنع الحرب"، وَفقًا لكوناسن.

وقال إن "الجانب التشيلي لن يتحرّك إلا إذا تحرّك نظيره المكسيكي، ما دفع كلينتون إلى الاتصال هاتفيًا بالرئيس المكسيكي حينها، فيسنتي فوكس، للضغط عليه لدعم القرار".

"بدوره، أعرب فوكس والمسؤولين المكسيك الآخرين الذين تم الاتصال بهم من قِبل كلينتون، عن قَلقهم إزاء أي قرار يُمكن أن يُفسّر على أنه دعمًا لحرب يُعارضها الجميع في بلدهم"، هكذا كتب كوناسن.

وانتهى المطاف برفض الجانبين التشيلي والمكسيكي دعم قرار بلير، لكونه ينطوي على تهديد باستخدام القوة، يمكن أن يقود إلى حرب في نهاية الأمر، ثم قام الجانب التشيلي لاحقًا بكشف النِقاب عن القرار الخاص به، لمنح فِرق التفتيش مزيد من الوقت، دون أن يتضمّن تهديدًا باستخدام القوة، غيرَ أنه قوبِل بالرفض الشديد من جانب الولايات المتحدة.

وفي هذا الشأن، رفضت متحدثة باسم بلير التعليق لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

في خطاب لبوش، أواخر فبراير 2003، أخبره بلير أن القرار من شأنه المساعدة في كسب تأييد الرأي العام الأوروبي حال قامت الحرب، "سيُتيح لنا هذا القرار إظهار العالم أننا سنذهب إلى شنّ حرب، لا لأننا نريد ذلك، بل لأنه لِزامًا علينا"، هكذا كتب بلير.

بيد أن قرار بلير كان بمثابة "فشل"؛ إذ قامت الحرب في 20 مارس 2003.

وصف كوناسن مناورات كلينتون بأنها "خَطِرة"، ومُناقِضة للمعايير التي يتبعها الرؤساء السابقين ممن يوجّهون انتقادات أو يتدخّلون في إدارة الرئيس الحالي.

وقال متحدث باسم كلينتون إن الجهود التي كان يبذلها كانت تتماشى مع الاتجاه العام لإدارة بوش في هذا الوقت.

"حاول الرئيس كلينتون توسيع دعمه للقرار الذي من شأنه منح المُفتّشين المزيد من الوقت لإنهاء تحقيقاتهم"، أوضحت المتحدث باسم كلينتون- أنجيل أورينا.

ورجّح الكاتب احتمالية أن يكون مجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي يتجسّس على أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على دِراية بتلك المُحادثات.

وقال كوناسن لواشنطن بوست: "أراد كلينتون أن يتأكّد من انتهاء عمليات التفتيش، كما اعتقد أنه في حال لم يعثروا على أيّة أسلحة، فمن المُرجّح أن يكفّوا عن المُضيّ قُدمًا في الحرب على العراق، ويعيدوا النظر في هذا الشأن مرة ثانية".

لا يزال من غير الواضح كيف أثّرت أفعال كلينتون على جهود المسؤولين الأمريكيين، الرامية إلى اجتذاب تشيلي والمكسيك في صفّ واشنطن، بما يتفق وأهدافها، غيرَ أن كوناسن أفاد بأن الرئيس التشيلي - لاجوس- كان "مدفوعًا نحو مُحادثاته مع كلينتون"، للمُضيّ قُدُمًا في صياغة قرار منفصل، قوبِل بالرفض لاحقًا من جانب إدارة بوش.

بعد أعوام، كتب هيرالدو مونوز- دبلوماسي تشيلي كبير- كتابًا أورد خلاله أن تسليح إدارة بوش الدبلوماسي القوي لدول أمريكا اللاتينية، بخصوص حرب العراق، دمّر علاقات الولايات المتحدة مع هؤلاء الدول.

واعتبرت هيلاري كلينتون تصويتها الداعِم للحرب على العراق "أصعب قرار قامت باتخاذه في حياتها على الإطلاق"، لافتة إلى أنه طاردها على مدى مسيرتها السياسية.

تعليقًا على هذا الأمر، أوضح مُساعد كلينتون أن "بيل قال لزوجته إن التصويت بـ لا يُعد ذكاءً سياسيًا، وأنها إذا كانت تعتقد أن الرئيس بوش جادًا حيال السماح لعمليات التفتيش بالاستمرار، فإنه يتنبأ بوقوع تهديد حقيقي باستخدام القوة سيُزيد فُرص التعاون مع صدام"، وذلك في بريد الكتروني بعث به لصحيفة واشنطن بوست- الذي اشترط عدم الكشف عن هويّته.

وبالفِعل تحقّقت نبوءة كلينتون، إذ تحوّل الحزب الديمقراطي ومن خلفه أمريكا كلها ضد الحرب في العراق، تاركين هيلاري غارقة في مشاعر الاعتذار والندم، حتى أنها كتبت بعد أعوام في مذكّراتها المُعنونة بـ "خيارات صعبة": أشعر بندم عميق على منح صوتي للرئيس بوش

فيديو قد يعجبك: