إعلان

منها "الطلاق الشفوي والخطاب الديني".. قضايا تعكر صفو العلاقة بين الأزهر والرئاسة

04:36 م الأحد 19 فبراير 2017

الرئيس السيسي وشيخ الازهر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب ــ محمود مصطفى:

لا يترك الرئيس عبدالفتاح السيسي، مناسبة دينية إلا ويلفت نظر قيادات الأزهر والأوقاف لقضية خطيرة على المجتمع المصري، أملا منه في إيجاد مخرج لها.

ومع تولي الرئيس السيسي، منصبه منتصف عام 2014، دعا القيادات الدينية إلى استنهاض العزيمة وانتشال الشباب من براثن الجماعات الإرهابية، التي ظلت فترة طويلة تسيطر عليهم، نتيجة زحف المنتمين للإسلام السياسي إلى صدارة المشهد، مطالبًا إياهم بـ"ثورة دينية".

رئيس الجمهورية، الذي استشعر أهمية تجديد الخطاب الديني في أول مناسبة دينية يحضرها كرئيس للبلاد، قال لقيادات الأزهر والأوقاف في حفل المولد النبوي مطلع 2015 " سأحاججكم أمام الله على ما قدمتموه لخدمة الدين".

وسارع الأزهر، مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية، إلى المضي قُدما في عملية تجديد الخطاب الديني، إلا أن الأمر لم يستمر طويلا، بعد أن عرفت المشاكل طريقها إلى المؤسسة الدينية للمرة الأولى، بعد محاولات قيادات وزارة الأوقاف والأزهر تصدّر المشهد بشكل منفرد.

وأوضح الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أن تجديد الخطاب الديني أمر مشروع في الإسلام، وأنه يجب مراقبة هذا الأمر طوال الوقت من أجل مواكبة الواقع بما يناسبه من أحكام فقهية.

وترك قيادات الأزهر والأوقاف قضية تجديد الخطاب الديني، وانشغل كل منهم بكيل الاتهامات للآخر، ولم يعبئا بتصدر غير الأزهريين للمشهد، مع محاولة بعض الجماعات المتطرفة استقطاب الكثير من الشباب، في ظل غياب تام للمؤسسة الدينية.

الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية المتفرغ بجامعة الأزهر، عضو لجنة تجديد الخطاب الدينى بالمشيخة، قال في تصريح لمصراوي، إن تجديد وتطوير الخطاب الديني لن يحدث في مصر، في ظل تعامل المؤسسة الدينية معه على أنه تكليف لا بد من تنفيذه.

وأضاف كريمة، لمصراوي، أن العلاقة المتوترة بين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ستؤثر بالطبع على تجديد الخطاب الديني، لأن المؤسستين لا بد أن يعملا جنبًا إلى جنب لإنجاز موضوع التجديد.

وأشار كريمة إلى أن المؤسسة الدينية لم تقدم جديدًا حتى الآن في تطوير خطابها، رغم مرور ما يقرب من عامين على طرح الأمر.

وشابت العلاقة بين الأزهر الشريف ورئاسة الجمهورية بعض التوتر، عقب حكم محكمة القضاء الإداري منتصف ديسمبر عام 2015 بإقالة الدكتور عبدالحي عزب، رئيس الجامعة السابق من منصبه، لوجود شبهة تزوير في أوراق تعيينه، بسبب أن المشيخة هي التي راجعت أوراقه أكثر من مرة وأرسلته إلى رئاسة الجمهورية لاعتماده.

ورفضت رئاسة الجمهورية، بعد ذلك اعتماد الدكتور إبراهيم الهدهد، نائب شؤون التعليم والطلاب، رئيسا للجامعة، بعد أن رشحته مشيخة الأزهر، فضلا عن أسماء أخرى تم إرسالها لاحقا، وهم الدكتور "محمد أبوزيد الأمير، رئيس قطاع المعاهد، والدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، شيخ الطريقة الخلوتية التي تنتمى إليها عائلة الإمام الأكبر".

وبدت ملامح التوتر جليّة في عدم توجيه الدعوة للدكتور أسامة الأزهري، مستشار الرئيس للشئون الدينية، لأي ندوات أو مؤتمرات تعقدها لتجديد الخطاب الديني، بإيعاز من محمد عبدالسلام، المستشار الدستوري والقانوني للإمام الأكبر، على الرغم من كون الأزهري مكلفًا من قِبل الرئيس بالإشراف على قضية تجديد الخطاب الديني.

وسادت حالة من الغضب داخل أروقة مشيخة الأزهر، بعد إلقاء الدكتور أسامة الأزهري خطبة العيدين للمرة الأولى بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مهام منصبه، بعد طلب الرئاسة ذلك، إذ جرت العادة أن يلقي الخطبة شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف.

وحاول الأزهري، من جانبه، التعبير عن تضرر مؤسسة الرئاسة مما آلت إليه الأوضاع داخل الأزهر الشريف والبطء الشديد في تنفيذ المهام الموكلة إليها، عبر عدة مقالات نشرها بجريدة الأهرام تحت اسم "المؤسسات الدينية بين الواقع والمأمول"، وانتقد فيها الطريقة التي تدار بها المشيخة، إلا أنه قُوبل بعدم استضافته في أي ندوة تعقدها كليات الجامعة، بدعوى أنه يكره الدكتور أحمد الطيب، بعدما كان ضيفا دائمًا على كليتي الدعوة والدراسات الإسلامية العام الماضي.

وفي موقف آخر، دلّ على توتر العلاقة بين الأزهر والرئاسة، لم يحضر الدكتور أحمد الطيب صلاة عيد الأضحى الماضي، مع رئيس الجمهورية بقاعدة رأس التين البحرية بالإسكندرية للمرة الأولى، إذ لم توجه له الدعوة وقتها نظرا لموقف المشيخة من أسامة الأزهري، بحسب مصادر بمشيخة الأزهر.

واستدعت رئاسة الجمهورية، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أكثر من مرة خلال عام 2016، للاجتماع مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، للتعرف على ما تم في قضية تجديد الخطاب الديني، كان آخرها خلال شهر أغسطس الماضي، بعد اشتعال الخلافات بين المشيخة ووزارة الأوقاف، على خلفية اعتزام الوزارة تطبيق الخطبة المكتوبة، وطالب السيسي وقتها الطيب بالتهدئة مع وزير الأوقاف، بحسب المصادر.

وعادت الخلافات مرة أخرى بعد أن طالب الرئيس عبدالفتاح السيسي الإمام الأكبر بالبحث عن مخرج فقهي لقضية الطلاق الشفوي.

وقال السيسي، خلال احتفال مصر بعيد الشرطة في 24 يناير الماضي، إن نسبة الطلاق ارتفعت الفترة الماضية إلى 40%، مطالبًا الطيب بالبحث عن مخرج فقهي لذلك قائلًا "تعبتني يا فضيلة الإمام"، وفسرها بعض العلماء بأنها دلالة قوية على عدم إنجاز المشيخة لمهامها المطلوبة منها".

وصرّح سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، أن مسألة الطلاق الشفوي أظهرت خلاف الرؤى بين الرئيس السيسي والإمام الطيب شيخ الأزهر إلى العلن.

وأضاف صادق أن "مسألة الطلاق الشفوي متداولة منذ 2015 ولم يرد الأزهر عليها إلا في عام 2017 وبعد أن تحدث السيسي عنها، ما يظهر تباطؤ الأزهر في أي أفكار تفتح باب التجديد".

وحسمت هيئة كبار العلماء قضية الطلاق الشفوي في الاجتماع الطارئ الذي عُقد الأسبوع قبل الماضي، وأجمعت فيه على أنه يقع طالما كان مستوفيا لشروطه وأركانه، في خطوة عززت هوة الآراء المتناقضة بين الأزهر والرئاسة.

وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إن هيئة كبار العلماء "أمسكت العصا من المنتصف" حيث رفضت مطالبات إلغاء الطلاق الشفوي، في حين أتاحت للرئيس السيسي تعزيز العقوبات الرادعة للممتنعين عن التوثيق أو المماطلين فيه.

وأعاد رفض هيئة كبار العلماء طلب السيسي حول إيجاد مخرج حول توثيق الطلاق الشفوي، إلى أذهان البعض، المواقف المتباينة بين السيسي والطيب منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، بعدما أدان الطيب فضّ اعتصام رابعة العدوية، وكذلك عدم تكفيره أنصار تنظيم داعش، فضلًا عن حضوره مؤتمر "جروزني" في الشيشان، إضافة إلى موقفه من تحركات وزارة الأوقاف في طريق تجديد الخطاب الديني والخطبة الموحدة، حسبما أشار صادق.

ونفى محمد عبدالسلام، المستشار الدستوري والقانوني للإمام الأكبر، وجود أي خلاف بين الأزهر ومؤسسة الرئاسة.

وقال عبدالسلام، على صفحته الشخصية بموقع "فيس بوك"، مع تقدير الأزهر وهيئة كبار العلماء لهذا الموقف من الرئيس، نجد بعض الإعلاميين يبذلون جهدهم ليل نهار لتأويل وتحميل كلمات وعبارات الرئيس بما لا تحتمل، وتحريف مقصدها للقول بما لم يقل به، على عكس ما يعلنه الرئيس من احترام وتقدير للأزهر وشيخه الأكبر".

وأوضح الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه "لا توجد معلومات دقيقة حول وجود خلافات بين الأزهر والرئاسة، لكن بتتبع المواقف نجد أن القضية الأساسية هي خلط الدين بالسياسة".​

بعد سقوط قتلى في فض اعتصام رابعة العدوية، أعلن شيخ الأزهر، في كلمة موجهة للمصريين، إن "الأزهر لم يعلم بإجراءات فض الاعتصام، والحوار هو الحل"، ورفض شيخ الأزهر تكفير تنظيم "داعش" في مناسبتين عام 2014 و2015، وقال "لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه"، كما شارك في مؤتمر "أهل السنة" بجروزني في الشيشان والذي استثنى السلفية من تعريف أهل السنة وأثار رد فعل غاضب في المملكة العربية السعودية.

فيديو قد يعجبك: