إعلان

موقف الإسلام من الاعتداء على الكنائس والمسيحيين

09:08 م الجمعة 29 ديسمبر 2017

موقف الإسلام من الاعتداء على الكنائس والمسيحيين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم - هاني ضوه :

نائب مستشار مفتي الجمهورية

كان الإسلام حريصًا أشد الحرص على أن يقيم مجتمعًا متسامحًا تملأه المودة والرحمة بين أفرادهم مهما اختلفوا فيما بينهم في العرق والثقافة وحتى الدين، فكفل لغير المسلمين حقوقهم، وأمنهم على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، بل أن نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أخبرنا أن من يؤذي معاهدًا من غير المسلمين أو حمله فوق طاقته فإنه يكون قد آذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيكون حجيجًا له يوم القيامة.

وقد فجعنا صباح اليوم بما قامت به جماعات التطرف والإرهاب بالاعتداء على كنيسة "مارمينا" في مدينة حلوان جنوب القاهرة، مما أسفر عن سقوط 9 ضحايا وإصابة أخرين نتيجة الهجوم الإرهابي الغادر.

هؤلاء القتلة المجرمين الذين يعتدون على الكنائس ودور العبادة ليسفكوا دماء الأبرياء قد خالفوا تعاليم الإسلام ومقصاده العليا التي تدعو إلى حفظ الأنفس وأن الدماء أشد حرمة عند الله من هدم الكعبة المشرفة.

فتهديد الكنائس وغيرها من دور العبادة والاعتداء عليها وقتل من فيها أو أذيتهم مخالف لما أمرت به الشريعة الإسلامية على سبيل الوجوب؛ من المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كل الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال". 

والمتابع للسيرة النبوية المطهرة يدرك جيدًا كيف يخالف هؤلاء المتطرفين هدي النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي سمح لوفد مسيحيي نجران في أداء صلواتهم في المسجد النبوي عندما حان موعد صلواتهم وذلك في عام الوفود، فأين ذهب عقل هؤلاء الإرهابيين وكيف تجرأون على الادعاء كذبًا بأنهم يطبقون الإسلام؟! 

وقد أمَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسيحيين على كنائسهم وأديرتهم، فقد أخرج الإمام ابن سعد في "الطبقات" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى أسْقُف بني الحارث بن كعب وأساقِفة نجران وكهنتهم ومَن تبعهم ورهبانهم أنَّ: «لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بِيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم».

والناظر في التاريخ يرى مصداق خبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث رحب أقباطُ مصر بالمسلمين الفاتحين وفتحوا لهم صدورهم، وعاشوا معهم في أمان وسلام؛ لتصنع مصر بذلك أعمق تجربة تاريخية ناجحة من التعايش والمشاركة في الوطن الواحد بين أصحاب الأديان المختلفة.

وقد يدعي المتطرفين زورًا وجهلًا أن العهد الذي بيننا وبين المسيحيين وأهل الكتاب إنما هو عهد الذمة، وقد زال هذا العهد فلا عهد لهم عندنا، فأقول إن كلامهم هذا كلام باطل وكذب وينم عن جهلهم، ولا علاقة له بالإدراك والفقه؛ فالمواطنة مبدأ إسلامي أقرَّته الشريعة الإسلامية منذ نشأتها، وهو ما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وثيقة المدينة المنورة التي نصَّت على التعايش والمشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد دون النظر إلى الانتماء الديني أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبارات أخرى، ومن ثَمَّ فهذا العقد من العقود والعهود المشروعة التي يجب الوفاء بها.

فما بال هؤلاء المتطرفين الذين تجردوا من كل معاني الإنسانية والرحمة، وانسخلوا من تعاليم الإسلام السمحة وخالفوا أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاعتدوا على الكنائس وقتلوا الآمنين؟!!!

من يتابع العمليات الإرهابية الخسيسة التي تقوم بها الجماعات الإرهابية يدرك تمامًا أن هدفهم ليس تطبيق الإسلام ولا الشريعة، بل هم يسعون إلى هدم الإسلام والإنسانية، ولا هم لهم إلا سفك الدماء وتحقيق أطماعهم الدنيئة في السلطة وإثارات الاضطرابات في البلاد، فبالأمس القريب قتلوا المصلين المسلمين في مسجد الروضة، واليوم قتلوا المصلين المسيحيين في الكنيسة، وكل هذا يدل على أن هؤلاء القتلة المتطرفين لا يريدون الدين ولكن يريدون الدماء والخراب.

فيديو قد يعجبك: