إعلان

حكم الشرع في صلاة الزوجين في جماعة

08:11 م الثلاثاء 31 مارس 2015

حكم الشرع في صلاة الزوجين في جماعة

هل يجوز شرعًا أن يؤدي الزوج والزوجة صلاة الجماعة؟

فقد بين لي أبي أن صلاة الجماعة تستلزم وجود رجلين حتى وإن كان أحدهما صبيًّا. أرجو الإجابة مدعومة بالدلائل وذكر المصادر وشكرًا.

تجيب لجنة أمانة الفتوى بدار الافتاء المصرية :

المقرر في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه يصح انعقاد صلاة الجماعة في الصلوات المفروضات -غير الجمعة- بعدد أقله شخصان، إمام ومأموم، ولا يشترط فيهما أن يكونا ذكرين، فتصح جماعة الرجل وزوجته.

يقول الإمام الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 156 ط دار الكتب العلمية): "وأما بيان من تنعقد به الجماعة: فأقل من تنعقد به الجماعة اثنان؛ وهو أن يكون مع الإمام واحد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الاثنان فما فوقهما جماعة"; ولأن الجماعة مأخوذة من معنى الاجتماع, وأقل ما يتحقق به الاجتماع اثنان, وسواء كان ذلك الواحد رجلا, أو امرأة, أو صبيًّا يعقل; لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى الاثنين مطلقا جماعة, ولحصول معنى الاجتماع بانضمام كل واحد من هؤلاء إلى الإمام" اهـ.

وبهذا يتضح أن ما ذُكر في السؤال من أن صحة صلاة الجماعة تتوقف على وجود اثنين من الذكور على الأقل مع المرأة غير صحيح.

وهناك فرق عند الحنفية بين جواز الجماعة بين الرجل والمرأة وبين محاذاتها إذا صليا معًا؛ فالأولى جائزة، والثانية ممنوعة تفسد الصلاة.

يقول الكاساني في البدائع (1/ 140): "ويجوز اقتداء المرأة بالرجل إذا نوى الرجل إمامتها, وعند زفر نية الإمامة ليست بشرط على ما مر, وروى الحسن عن أبي حنيفة أنها إذا وقفت خلف الإمام جاز اقتداؤها به وإن لم ينو إمامتها, ثم إذا وقفت إلى جنبه فسدت صلاتها خاصة لا صلاة الرجل, وإن كان نوى إمامتها فسدت صلاة الرجل وهذا قول أبي حنيفة الأول» اهـ.

ومما استدل به الحنفية على أن محاذاة المرأة للرجل في الصلاة إذا نوى إمامتها تفسد صلاة الإمام ما ذكره الكاساني في البدائع قائلا (بدائع الصنائع 1/ 146):"ولنا ما روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: "أقامني النبي -صلى الله عليه وسلم- واليتيم وراءه وأقام أمي أم سليم وراءنا" جوز اقتداءها به عن انفرادها خلف الصفوف, ودل الحديث على أن محاذاة المرأة مفسدة صلاة الرجل; لأنه أقامها خلفهما مع نهيه عن الانفراد خلف الصف, فعلم أنه إنما فعل صيانة لصلاتهما" اهـ.

وحدُّ المحاذاة المفسدة للصلاة مختلف فيه عند الحنفية على قولين: (الأول): أن تقع المحاذاة بقدم المرأة لأي شيء من أعضاء الرجل، وبه قال بعض الحنفية.

(والثاني): أن تقع المحاذاة منها بالكعب والساق، قال الزيلعي وهو الأصح. فالمحاذاة إذا وقعت بغير قدمها وكعبها وساقها لا توجب فساد الصلاة باتفاق. وثمرة الخلاف المذكور تتبين بما قاله ابن عابدين في رد المحتار (1/ 572، ط دار الكتب العلمية)، قال: "فعلى قول البعض لو تأخرت عن الرجل ببعض القدم تفسد وإن كان ساقها وكعبها متأخرا عن ساقه وكعبه, وعلى الأصح لا تفسد وإن كان بعض قدمها محاذيا لبعض قدمه بأن كان أصابع قدمها عند كعبه مثلا تأمل" اهـ.

ومما تنتفي به المحاذاة أن يكون بين المرأة والرجل حائل بمقدار مؤخرة الرحل، سمكه قدر الأصبع، ومؤخرة الرحل هي: الخشبة التي يستند إليها راكب البَعير، وهي قدر عَظْم الذراع، وهو نحو ثلثي ذراع. (انظر شرح الإمام العيني لسنن أبي داود 3/ 243، ط. مكتبة الرشد- الرياض).

وكذلك تنتفي المحاذاة بوجود فُرْجَة (أي: مساحة فارغة) بمقدار ما يتسع لرجل، قال العلامة كمال الدين ابن الهمام عند ذكره شرائط وقوع المحاذاة المفسدة للصلاة (1/ 364، ط. دار الفكر): "أن لا يكون بينهما حائل, فلو كان منع المحاذاة, وأدناه قدر مؤخرة الرحل؛ لأن أدنى الأحوال القعود, ومؤخرة الرحل جعلت للارتفاق بها فيه فقدرناه بها, وغلظه مثل الأصبع, والفرجة تقوم مقام الحائل, وأدناها قدر مقام الرجل" اهـ.

وفي خصوص مسألة صلاة المرأة وزوجها جماعة في البيت جاء في فتاوى الإمام قاضي خان (نقلا عن حاشية ابن عابدين 1/ 752): "المرأة إذا صلت مع زوجها في البيت, إن كان قدمها بحذاء قدم الزوج لا تجوز صلاتهما بالجماعة, وإن كان قدماها خلف قدم الزوج إلا أنها طويلة تقع رأس المرأة في السجود قبل رأس الزوج جازت صلاتهما؛ لأن العبرة للقدم؛ ألا ترى أن صيد الحرم إذا كان رجلاه خارج الحرم ورأسه في الحرم يحل أخذه, وإن كان على العكس لا يحل" اهـ.

وقال ابن عابدين في الدر المختار (1/ 396): "لو جمع بأهله لا يكره وينال فضيلة الجماعة لكن جماعة المسجد أفضل" اهـ.

ومما سبق يتبين أنه بحسب مذهب الإمام أبي حنيفة تصح صلاة الرجل وزوجته جماعة في غير صلاة الجمعة دون حاجة لانضمام شخص ثالث من جنس الذكور - وإن كان الأفضل أن يصلي الجماعة في المسجد - وأن الواجب حينئذ ألا تحاذي المرأة بقدمها أو كعبها وساقها شيئا من بدن الرجل، فتتأخر عنه بحيث يكون موقفها خلف الإمام أو يكون بينها وبينه حائل بمقدار مؤخرة الرحل كما تقدم، أو فرجة تتسع لمقام رجل آخر.والله سبحانه وتعالى أعلم.

فيديو قد يعجبك: