إعلان

محللتان في المجلس الأطلسي: قمتا مجموعة السبع والناتو ترسمان مستقبلا جديدا لمنطقة البحر المتوسط

12:13 م الخميس 09 مايو 2024

حلف شمال الأطلسي (الناتو)

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن - (د ب أ)

بعد أقل من شهرين سيجتمع قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في مدينة فاسانو جنوب إيطاليا حيث يلتقي البحر الأدرياتيكي بالبحر الأبيض المتوسط. ومن خلال أجندة القمة ومكان انعقادها تسعى الرئاسة الإيطالية الدورية للمجموعة التي تستمر عاما إلى جعل منطقة البحر المتوسط في قلب ومقدمة أولويات المجموعة. وبحسب رئيسة الوزراء الإيطاليا جورجا ميلوني، فإن إيطاليا "عليها مسؤولية كبرى ونعتزم النهوض بها، بأقصى طاقتنا، لنظهر مرة أخرى مدى قدرة إيطاليا على رسم مسار المستقبل".

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن إيطاليا قبل قمة مجموعة السبع في يونيو المقبل، فإن مسار المستقبل سيتضمن التركيز على الدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد وتعزيز حوكمة قطاع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. كما تعطي إيطاليا أولوية لانخراط دول مجموعة السبع مع الدول الأفريقية، حيث تريد إيطاليا "بناء نموذج للتعاون قائم على الشراكة المفيدة ويبتعد عن المنطق الأبوي المتسلط" من الدول الصناعية المتقدمة تجاه الدول النامية.

وترى راشيل ريزو الباحثة الزمية غير المقيمة في مركز أوروبا التابع للمجلس الأطلسي وفولبانا زينيلي الباحثة الزميلة غير المقيمة في نفس المركز وفي مبادرة الأمن عبر الأطلسي التابعة لمركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسي في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية أن تركيز إيطالي على البحر المتوسط منطقي. فهذه الدولة هي خط المواجهة الأول لأوروبا على صعيد الأمن وتدفق الهجرة غير الشرعية ومستقبل الطاقة للقارة الأوروبية. وبالنسبة لأغلب أولويات إيطاليا، فإن كل الطرق تقود إلى البحر المتوسط. ومهمة ميلوني وغيرها من المسؤولين الإيطاليين هي التأكيد لأعضاء مجموعة السبع الآخرين أن البحر المتوسط حيوي بالنسبة لأولوياتهم الاستراتيجية أيضا. علاوة على ذلك على إيطاليا التركيز على الأمن في البحر المتوسط خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد قمة مجموعة السبع.

تاريخيا تنظر الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية إلى البحر المتوسط باعتباره ممرا ملاحيا أكثر من كونه منطقة حيوية. فهو الممر إلى البحر الأسود وإلى شرق البحر المتوسط بالقرب من إسرائيل، وكذلك إلى قناة السويس. ولكن اتضح مؤخرا أن هذه المنطقة، التي تمتد على طول الجناح الجنوبي لكل من حلف الناتو وأوروبا، تستحق اهتماماً خاصاً. وخلال السنوات الأخيرة شهدت أوروبا موجات قياسية من الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من شمال أفريقيا إلى أراضيها عبر البحر المتوسط. وارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إيطاليا في العام الماضي بأكثر من 158 ألف مهاجر مقارنة بالعام السابق. وبشكل عام وصل إلى أوروبا خلال العام الماضي أكثر من 286 ألف مهاجر وهو ما يعادل تقريبا ضعف الرقم المسجل في 2021.

كما تزيد التجارة الأهمية الاستراتيجية للبحر المتوسط. ففي ضوء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، تمر شحنات الحبوب عبر البحر المتوسط. كما تعمق الصين علاقاتها مع دول شمال أفريقيا المطلة على البحر المتوسط من خلال التعاون المالي وتطوير البنية التحتية والتصنيع. وأخيرا مبادرة الممر الاقتصادي للهند والشرق الأوسط وأوروبا التي تم إطلاقها في قمة مجموعة العشرين الأخيرة بالهند وتستهدف "تحفيز التنمية الاقتصادية من خلال تحسين التكامل الاقتصادي وطرق المواصلات بين آسيا والخليج العربي وأوروبا. وستتضمن المبادرة خط مواصلات مباشر بين الهند وأوروبا عبر البحر المتوسط.

كما تعتبر منطقة البحر المتوسط مهمة للولايات المتحدة. فالمحافظة على توازن القوى في أوروبا والشرق الأوسط يعتمد على الاستقرار في البحر المتوسط. وتشهد هذه المنطقة تناميا في نفوذ روسيا والصين خلال السنوات الأخيرة. هذا المزيج من عدم الاستقرار الداخلي والتأثيرات الخارجية غير الحميدة، يمكن أن يضعف القوة الأمريكية في المنطقة. وعندما التقت بالرئيس الأمريكي جو بايدن في تموز/يوليو 2023، ناقشت رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني الأسباب الأصلية لعدم الاستقرار بما في ذلك عصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والإرهاب وتدفقات الهجرة غير المشروعة. ويحتاج علاج هذه الأسباب الجذرية إلى تعاون أقوى بين أوروبا والولايات المتحدة. وقد آن الأوان لكي يتفق جانبا المحيط الأطلسي على نهج استراتيجي مشترك للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط، بحسب المحللتين راشيل ريزو وفولبانا زينيلي.

وبعد أقل من شهر من قمة مجموعة السبع التي ستعقد في إيطاليا، سيعقد حلف الناتو قمته السنوية في واشنطن. وهنا يمكن لإيطاليا لعب دور مهم. وكما تؤكد ميلوني، فإن الرخاء والأمن في منطقة البحر المتوسط مرتبطان. وسيكون لحلف الناتو دورا حيويا في جانب الأمن من معادلة الرخاء والأمن.

وسيحتاج الناتو إلى البناء على جهوده السابقة. ففي عام 1994 أطلق الحلف "الحوار المتوسطي" للمساهمة في الأمن والاستقرار الإقليميين، بمشاركة 7 دول شريكة لحلف الناتو. وفي حين أن الحرب الروسية في أوكرانيا هي القضية الأهم بالنسبة للناتو، الذي يعمل على تعزيز دفاعات دوله في مواجهة العدوان الروسي في الشرق، فإنه لا ينسى جناحه الجنوبي وبخاصة منطقتي الشرق الأوسط والساحل الأفريقي. وكما اتضح في بيان قمة الناتو السابقة بالعاصمة الليتوانية فيلنيوس فإن الموقف الأمني الهشي في هاتين المنطقتين يوفر أرضا خصبة للإرهاب ويسمح بتدخلات المنافسيين الاستراتيجيين للحلف.

وسيتخذ الحلف خطوة مهمة للأمام عندما يتبنى لأول مرة على الإطلاق "استراتيجية الجناح الجنوبي" خلال قمة واشنطن المقبلة. وتؤيد ميلوني هذه الاستراتيجية بقوة، وأعلنت في قمة فيلنيوس أن إيطاليا "طلبت إعطاء المزيد من الاهتمام بالجناح الجنوبي". وعندما التقى ينس ستولتنبرج أمين عام حلف الناتو مع ميلوني في العام الماضي طلب منها المساعدة في تعزيز الحضور النشط للحلف في أفريقيا بما في ذلك في مجال التدريب الأمني.

وتدعو كل من راشيل ريزو وفولبانا زينيلي في تحليلهما إلى أن تكون استراتيجية الجناح الجنوبي جريئة في تعاملها مع جنوب الناتو. وكما كتب جيسون ديفيدسون الباحث في المجلس الأطلسي ، فإنه إلى جانب إلى تعزيز الموارد لعملية حارس البحر وزيادة التدريب والمساعدة على مكافحة الإرهاب للشركاء لإقليميين - يجب أن تتضمن استراتيجية الجناح الجنوبي لحلف الناتو "التزامًا بتعميق التعاون مع الشركاء الإقليميين من خلال الحوار المتوسطي"، ومبادرة اسطنبول للتعاون”.

كما يجب أن يعمل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي معا في هذه المنطقة والتي يمكن أن تلعب فيها إيطاليا دورا مساعدا مهما، في ضوء عضويتها في المنظمتين. وفي وقت سابق من الشهر الحالي ناقش وزراء خارجية حلف الناتو نتائج التقرير الذي اعدته مجموعة خبراء مستقلين عن نهج حلف الناتو مع الجوار الجنوبي بما في ذلك "مدى العمل المحلي للتحديات والتي تفاقهما حاليا المنافسة الاستراتيجية العالمية والمخاطر متعددة الأقطاب مثل التغير المناخي".

وتؤكد المحللتان على أنه لا يجب استمرار النظر إلى منطقة البحر المتوسط من منظور أنها تمثل الجنوب الأوروبي والشمال الأفريقي فقط، وإنما يجب أن يلعب الشركاء الأطلسيون دورا مشتركا على صعيد الأمن والاقتصاد والدفاع في هذه المنطقة مع زيادة أهميتها في المناقشات الاستراتيجية الأمريكية الأوروبية. وتعتبر قمتا مجموعة السبع والناتو فرصة مثالية لتحقيق تقدم في رؤية الدول الغربية لهذه المنطقة الحيوية والانخراط في قضاياها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان