إعلان

من أطلق الرصاصة الأولى في أحداث باريس؟ (تقرير)

03:26 م الإثنين 16 نوفمبر 2015

من أطلق الرصاصة الأولى في أحداث باريس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - يسرا سلامة ودعاء الفولي وإشراق أحمد:
لا شيء يبرر الإرهاب، لكنه أيضا لا يظهر منفردا في مجتمع دون جذور، وبوسيلة أو بأخرى، ثمة "تأثير دومينو" ارتسم في مشهد السياسة الفرنسية قبل ظهور تفجير باريس الأخير، إذ أن هناك أسباب أدت لانطلاق الرصاصة الأولى للتطرف في العاصمة الباريسية، لم تسفر فقط عن مقتل 129 واصابة 350 شخص، بل ربما تفتح الباب لإنذارات مبكرة للحرب على الإرهاب تتخذها فرنسا، وينسحب بشكل كبير على العرب والمسلمين، في الوقت الذي يعد الإسلام الدين الثاني في فرنسا، ويبلغ تعداد المسلمين نحو 5.3 ملايين، وهي تعتبر الجالية الأكبر في أوروبا.

حادث شارلي إيبدو
تعرضت الجريدة، الواقعة في 10 شارع نيكولا أبير بباريس، لهجوم عدد من المسلحين، فتحوا النيران على العاملين بالجريدة، وأخرين من رجال الأمن، فلقي 17 شخص مصرعهم، في المشهد الأول الذي هز العاصمة الفرنسية، وزاد من القلاقل التي يتعرض لها المسلمون والعرب، حتى مِن قبل "شارل إيبدو"، فقد رصدت جمعية "التصدي لمعاداة الإسلام" بفرنسا نحو 764 عملا معاديا للإسلام في 2014 بارتفاع 10% عن 2013 -وفقا لوكالة فرانس 24-

شارلي ابدو

كان حادث شارلي إيبدو قد أحدث زلزلة في أرض باريس الهادئة، إذ أسفر عن مقتل 17 شخصا، ما جعل رد الفعل الفرنسي كبيرا، إذ تم إصدار إدانة أولى بتهمة تُدعى "تمجيد الإرهاب"، وقد اُدرجت في القانون الفرنسي الجنائي عقب الحادث.

في جنوب غرب فرنسا حُكم على شاب في الواحد والعشرين، بالسجن 10 اشهر مع النفاذ، إثر إطلاقه هتافات تضامنية مع الأخوين كواشي، منفذي هجوم شارلي إيبدو، بينما كان يستقل الترام، وقال: "هذه ليست سوى البداية .. كان يجب أن اكون معهما لأقتل المزيد من الناس".

مجزرة شارل ابدو:



وفي تولون (جنوب فرنسا)، حكم على رجل يبلغ 27 عاما الاثنين بالسجن عاما بعدما نشر على صفحته على فيس بوك صور جهاديين وتصريحات تبرر هجمات باريس الدامية. لكنه ما زال طليقا نظرا إلى عدم طلب النيابة سجنه فورا. وأفاد محاميه أن المتهم "كان يقصد المزاح والاستفزاز".

"الهوس" ضد الإرهاب
لم تكن تلك الحالات هي الوحيدة، يمكن القول إن "الهوس" سيطر على السلطة الفرنسية، فقد تم اعتقال فنان فرنسي ساخر يُسمى "ديودونيه مبالا مبالا"، بنفس التهمة، بعد أن سخر على موقع تويتر من مسيرة تم تنظيمها في باريس ضد الإرهاب، حتى أنه تم إلغاء عروض مسرحية لنفس الفنان كان من المُزمع وجودها.
الممثل الفرنسي ديودونيه مبالا الساخر

وقال النائب العام الفرنسي، باتريش ميشال، حينها "لقد طبقنا للمرة الأولي قانون 14 نوفمبر 2014 الذي يشدد إجراءات مكافحة الإرهاب"، مضيفا : "ينبغي أن يتم ذلك على جميع المستويات، على صعيد المواطنين، والقضاة، وينبغي عدم التراجع ذرة واحدة".

في الوقت ذاته خرجت عدد من المؤسسات المعنية بمتابعة أحوال المسلمين والعرب في فرنسا، عقب واقعة شارل إيبدو، معلنة أن الاعتداءات زادت بعد الهجوم الإرهابي على الصحيفة الساخرة، ومنها جمعية محاربة إسلاموفوبيا الفرنسية، حيث ذكرت في تقرير لها صدر في 11 فبراير 2015، أن 153 حالة اعتداء وقعت خلال الفترة من 7 يناير- 7 فبراير، مشيرة أن هذا يعني زيادة معدلات الاعتداء بنسبة 70% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي-تبعا لوكالة فراتس 24-

البعض اعتبر إعلان الرئيس الفرنسي، ورئيس الوزراء أن الحرب على الإرهاب المقررة عقب أحداث شارلي إيبدو لا تعني الحرب على الإسلام، خطوة واعية بعد حادث صادم، لكن ذلك لم يمنع من إعلان حالة الطوارئ، بدءً من مراقبة نحو 3 آلاف فرنسي يشتبه أن لهم صلة بما يدور في العراق ومناطق أخرى بالعالم، وفقا لرئيس الوزراء "مانويل فالس".

باريس

قانون ملاحقة من البرلمان
وكان البرلمان الفرنسي قد صوّت آخر 2014 على مشروع قانون يسمح بملاحقة فرنسيين يقومون بأعمال ارهابية في الخارج أو يتدربون للقيام بأعمال "جهادية"، وقد دخل حيز التنفيذ في ديسمبر الماضي، وينص القانون على امكان ملاحقة أي فرنسي يسافر للتدرب في معسكر حتى لو لم يرتكب أي عمل مسيء في فرنسا وحتى لو لم يمض شبابه على الأراضي الفرنسية، وذلك بتهمة تشكيل "عصابة إجرامية" بهدف ارتكاب عمل ارهابي وهي جريمة تعاقب بالسجن عشر سنوات وغرامة تبلغ 225 الف يورو.

فرنسيون أصبحوا "دواعش"
في يناير 2014 كان عدد المنضمين لـ"داعش" من الفرنسيين حوالي 555 شخصا، طبقا للمخابرات الفرنسية، غير أن هذا العدد تضاعف إلى 1284 فرنسيا في يناير 2015، وقد جاء في تقرير بصحيفة لوفيجارو الفرنسية، أن الشرطة الفرنسية ترصد ما بين 10 إلى 15 حالة تنضم للتنظيم الإرهابي أسبوعيا.

داعش

ويقول الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، كمال حبيب، إن سياسة فرنسا بالشرق الأوسط وإفريقيا هي سبب رئيس في الهجمات، سواء شارلي إبدو أو الحالية، مُضيفا أن وقوع الظلم بشكل كبير على بعض المسلمين في فرنسا يجعل آخرين أكثر تشددا فيما يتعلق بالحقوق.
وأوضح "حبيب" أن تحول شخص من مسلم وسطي إلى متشدد أو منتمي لـ"داعش"، يحدث لأسباب كثيرة؛ قد يكون العامل النفسي بأزمات تعرض لها في حياته، أو لأنه يريد الخوض في تجربة جديدة، أو لا يشعر بالاطمئنان تجاه تدينه فيريد الانتقال لمستوى أعلى، غير أن الباحث أكد بعدم إمكانية خضوع شاب لفكر "داعش" دون الذهاب، فكي يقوم بتنفيذ مهمة عليه التدرب أولا على الأسلحة وخلافه، وحين عودته لأرض الوطن يصبح جاهزا كي يُلقن تعليماته للآخرين.

تطرف على "الجميع"
التطرف ليس كما يعتبره المعادون للعرب، يقتصر على المسلمين فقط، مستندين في هذا على فعل المتطرفين للأحداث الإرهابية، فيذكر علي أنوزلا –كاتب مغربي- راوية "خضوع" التي تم طرحها يوم حادث شارلي أيبدو، وترسخ بشكل مباشر العداء للإسلام، إذ تتخيل الرواية فرنسا عام 2022، وقد رُجحت الانتخابات الرئاسية كفة رئيس حزب "الأخوة الإسلامية" ليكون أول مسلم لفرنسا، وهذا لا ينجم عنه وفقا للرواية إلا تغير القوانين بفرض دراسة القرآن في الجامعات، وعدم ذهاب المرأة للعمل، واستسلام الشعب الفرنسي للأمر، حيث يقول "أنوزلا" في مقاله المعنون بـ"مسلمو فرنسا بعد شالي إيبدو" –نُشر في موقع العربي الجديد 14 يناير 2015- إن كاتب الرواية ميشيل ويلبيك، يرى أن الاستسلام هي الكلمة المشتق منها كلمة "إسلام".

راوية خضوع والكاتب ميشيل ويلبيك

لكن الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، لا يرى أن تلك السياسات مبررا للإرهاب الذي يتم، أو ترويع الآمنين في شوارع باريس، مضيفا أن حادث تفجير باريس سيضع فرنسا في مواجهة غير مسبوقة، إذ أنه ربما تحت وطأة موجة الإرهاب أن يصعد اليمين المتطرف، وسط دعوات واضحة بأنه يتم اتخاذ إجراءات مشددة للضرب على الإرهاب، وهو ما يمكنه أن يهدد من قيمة العدالة والمساواة المعروفة عن فرنسا.

سياسة أولاند الخارجية
قبل أن يتولى فرنسوا أولاند مقعد الرئاسة في 15 مايو 2012، ظهر في مناظرة مع الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، اتخذت السياسة الخارجية من مناظرتهما ما يقرب من 15 دقيقة فقط، وضح فيها أولاند عن موقفه تجاه القضية السورية، معلنا تأييد انضمام بلاده إلى حملة عسكرية ضدها إذا ما صدر قرار أممي بذلك، وهو ما بدا لاحقا بعد توليه منصب الرئيس بانضمام بلاده لقوات التحالف الدولية ضد داعش في سوريا.

ساركوزي واولاند

في 19 سبتمبر 2014، بدأت أولى الضربات العسكرية من "التحالف الدولي" ضد داعش في سوريا والعراق، والمكون من خمسين دولة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت فرنسا أول بلد ينضم إلى التحالف، وتعهد أولاند بتقديم المساعدة العسكرية في حربه ضد "داعش"، ودعا لتعزيز الجهود لتدريب المعتدلين من جيش الأسد، بالإضافة إلى تدريب القوات العراقية وتزويد الأكراد بالسلاح، وتم تسليم أسلحة للبشرمكة بالعراق، بالإضافة للمشاركة في غارات جوية على تنظيم الدولة.

وسعت فرنسا بانضمامها للتحالف لحرمان داعش من التربة الخصبة التي نما فيها، دون إغفال البعد السياسي والاقتصادي للحرب، ومواجهة خطر تجنيد الفرنسيين من تنظيم الدولة، وبغية مكافحة المقاتلين الأجانب واحتمال عودتهم، التي قد تؤدي إلى أعمال عنيفة، بالإضافة إلى الانتقام من العدد الكبير من الضحايا الذين سقطوا في سوريا والعراق.

فيديو: قرار أولاند للمشاركة في قوات التحالف

سياسة "انتهاز الفرصة"
ويرى عادل سليمان، مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، إن السياسة الخارجية لفرنسا وأوروبا بشكل عام، هو ما يؤدي إلى فتح الأبواب أمام الإرهاب، معتبرا أن الأمور مرتبطة ببعضها البعض، والتطرف لا يؤدي إلا إلى تطرف مماثل "وده الوقت المناسب اللي بتستغله الجماعات الإرهابية".

وعن استهداف فرنسا دون غيرها من دول التحالف الموجهة ضربات لداعش، أوضح "سليمان" أن الأمر ما هو إلا فقط انتهاز الفرصة، قائلا إن أكبر جالية إسلامية هي في فرنسا، ومتواجدة بضواحي باريس، ومنهم من يرجع خلفيته لدول المغرب العربي، لذا كانت الظروف مواتية لتوجيه الضربة، ولو سمحت في أمريكا لحدث هذا، لكنها تتخذ اجراءات أمنية استثنائية منذ 2001 بعد أحداث 11 سبتمبر، متوقعا أن تتبع فرنسا نهج الولايات المتحدة الأمريكية في تضييق الخناق والقيود على العرب، وخاصة المهاجرين السوريين حسب قوله.

أما العداء ضد المسلمين، فلا يعتبر "سليمان" أن حادث هجمات باريس سيزيد حدته "الإسلاموفوبيا حالة موجودة في أوروبا عند بعض الناس وأحزاب اليمين المتطرف لكن بتصحى في أعقاب الحوادث"، وأضاف "سليمان" أن هدوء الأوضاع، وتغير الأحوال لن يتم إلا بتغيير السياسة الخارجية إزاء نصف الكرة الجنوبي بشكل عام حسب قوله، معتبرا أن اتخاذ فرنسا خطوة للتراجع عن موقها مع حلف الناتو أمر في غاية الصعوبة "ده توجه عام والتزام"، وهو ما تريده الجماعات المتطرفة من استمرار الحرب "عشان تفضل توجه ضرباتها هي كمان".

"الخروج" من المأزق
اتفق كل من "حبيب" و"السناوي" على أن فرنسا ستشدد بالتأكيد إجراءاتها ضد المسلمين، وستُحكم مراقبتها على الفرنسيين الذين يخضعون بالفعل لمراقبة السلطات، كي تتأكد من عدم تكرار الأمر، ليضيف "السناوي" أن على الدولة الفرنسية البحث في أسباب القمع، سواء تجاه داعش أو غيرها من المهاجرين.

ويتابع الكاتب الصحفي أن المخيف هو ثمن الإرهاب الفادح عقب تلك الأحداث، قائلا إنه يتوقع تكثيف المفاوضات مع الجانب السوري واستبعاد النصرة من الحوار، وبالتالي فرصة أكبر لضربات متلاحقة لمواقع داعش في العراق وسوريا، مثمنا أن تتخذ الدولة طريق القانون، والابقاء على حكومة انتقالية بسوريا حسب اتفاقية جنيف.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج