إعلان

2015.. عام السياحة الكبيس

01:55 م الخميس 24 ديسمبر 2015

2015.. عام السياحة الكبيس

تقرير- مصطفى المنشاوي:

ضربات موجعة تلقتها السياحة المصرية في 2015 ألقت بظلالها على المشهد المرتبك منذ ثورة يناير 2011، محاولات يائسة لوزيران خذلتهما الظروف فخذلوا السيسي وتراجعت إيرادت السياحة لأدنى معدل لها تشهده البلاد.

تراجع تلو الآخر، يترجم مزيدًا من الإصرار فمزيدًا من الفشل لحقيبتي خالد رامي وهشام زعزوع اللذان توليا وزارة السياحة خلال العام الحالي والذي شهد: اغتيال النائب العام هشام بركات، تبعه تفجيرًا للقنصلية الإيطالية بوسط القاهرة، اعقبه مقتل 12 سائحًا مكسيكيًا على يد قوات من الجيش والشرطة بالخطًا، إلى أن وصلت الضربة القاضية على متن الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء، وخلفت وارئها 224 قتيلًا جميعهم من الروس، ومازالت التحقيقات مستمرة للتوصل إلى الأسباب وراء هذا الحادث، رغم ترجيح روسيا بأن الطائرة سقطت بفعل إرهابي.

مسلسل مستمر لإنعدام الحركة السياحية في مصر، بدأ منذ أعياد الميلاد في بداية العام والتي كانت تشهد إقبالًا كبيرًا من السائحين، حتى ينتهي العام بين المعدلين الأقل من المتوسط للضعيف.

أعوام ما بعد الثورة

تراجع عقب ثورة يناير أعلنته الأحصاءات الرسمية لوزارة السياحة، التي قالت إن حركة السياحة الوافدة بلغت عام 2011 نسبة 33.2% مقارنة بالعام السابق لتسجل 9.8 مليون سائح، مقابل 14.7 مليون سائح، في عام الذروة 2010.

وبالتبعية انخفضت عائدات السياحة خلال 2011 بنسبة 29.8%، مسجلة 8.8 مليار دولار، مقابل 12.5 مليار دولار في 2010.

وشهد عام 2012 ازدهار نسبي في حركة السياحة الخارجية، حيث أعلنت الوزارة توافد ما يقرب من 11.5 مليون سائح، بنسبة ارتفاع 17%، مقارنة بـ 9.8 مليون سائح في 2011.

لتعود الأحداث السياسية لتلقي بظلالها مرة أخرى على عام 2013 لينقلب القطاع السياحي رأسًا على عقب، ويدفع ثمن ثورة 30 يونيو، بعد أن استكمل مسيرة التعافي المنتظر في النصف الأول من 2013، حيث سجل 5.9 مليون سائح، بينما بلغ عدد السائحين في النصف الثاني من نفس العام 3.5 مليون سائح، بسبب تهاوي الحركة السياحية تأثرًا بالتوتر الأمني والسياسي عقب الثورة، وتداعياتها من اعتصام مؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي، وأعمال فض الاعتصام وبداية أعمال العنف والإرهاب.

وفي يوليو 2013 تراجعت الحركة السياحية بشكل غير مسبوق بنسبة 18%، مقارنة بعام 2012 وهذا الرقم لم تشهده مصر على مدار التاريخ، حيث بلغت نسبة التراجع 24.5%، مقارنة بيوليو 2012، وكان سبتمبر من نفس العام أقل شهر يسجل نسبة تراجع في تاريخ السياحة المصرية، إذ تجاوز 90% مقارنة بنظيره في 2012.

وبدأت مرة أخرى الحركة السياحية بالتعافي في 2014 بأعداد قاربت 10 ملايين سائح، بنسبة ارتفاع 4.4% بما يعادل 413 ألف و413 سائحًا، مقارنة بعام 2013 الذي سجل توافد 9 ملايين ونصف سائحًا، وتعد هذه النسبة هي الأفضل بالمقارنة بالأعوام السابقة.

وقالت الوزارة إن القطاع حقق عائدات بلغت 7.5 مليار دولار خلال عام 2014، مقابل 5.9 مليار دولار في عام 2013، بنسبة ارتفاع 27%، وكان للنصف الثاني من عام 2014 النصيب الأكبر من إجمالي الإيرادات، في ظل الاستقرار والتحسن الملحوظ في الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، حيث حقق 4.3 مليار دولار، ليستحوذ على نسبة 57.3% من عائدات القطاع في العام بأكمله.

لتأتي 2015 بضربات موجعة تلقاها قطاع السياحة، نحاول رصدها خلال هذا التقرير.

استدعاء عاجل

استدعاء عاجل، لخالد رامي، مستشار رئيس هيئة التنشيط السياحي، من برلين، مطلع مارس الماضي، إلى قصر الاتحادية ليؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس كوزير للسياحة بدلًا من هشام زعزوع في ظروف غامضة.

مهام محددة من السيسي لرامي، أهمها العمل على استعادة الحركة السياحية، وإنعاش الاقتصاد المصري، ودعم وتشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في مجال السياحة.

بدأها رامي باجتماعات مكثفة مع كافة القطاعات، بداية من الشركات السياحية والتخطيط ومكتب الوزير وهيئة التنشيط السياحي، نهاية بجولات خارجية زار فيها قطاع الفنادق وهيئة التنمية السياحية، مستمعًا لكافة المشكلات، حيث وأطلع على الخطط المستقبلية ورؤية كل رئيس قطاع حول العمل وطرق النهوض بالسياحة المصرية.

وفي الأسبوع الثالث لتوليه حقيبة الوزراة التقى بمجلس نقابة المرشدين السياحيين، قبل أن يعقد سلسلة لقاءات مشتركة مع الغرف السياحية ويصدر قرارات باستكمال مجالس الإدارات المنتخبة بالنسبة المعينة.

وحاول رامي أن يتغلب على مشكلات الطيران لاستكمال ملفًا اصطحبه في اليوم التالي خلال لقاءه مع الطيار حسام كمال، وزير الطيران، لبحث إعادة تشغيل الخطوط المباشرة بين الأسواق المصدرة للسياحة والمطارات المصرية المختلفة.

وخلال فترة توليه بحث أزمة المكاتب الخارجية، "والتي تنفق الملايين دون فائدة"، ليخرج بقرارات تجميد نشاط مكتبي النمسا وبولندا وغلق مكتب تركيا ودراسة الاستغناء عن مكتب الهند، مع استمرار تجميد 4 مكاتب أخرى لعدم جديتها في العمل وعدم تنفيذها للأهداف المرجوة منها، وافتتح أول مكتب سياحي مصري في منطقة الخليج بأبو ظبي.

وداخليًا، قرر رامي منع سفر أي مدير مكتب للخارج إلا بعد الخضوع لاختبارات لغة وعلاقات عامة، واشترط ألا يستمر مدير المكتب في الخارج سوى ثلاث سنوات يشرف خلالها على الدولة المقيم بها والدول المجاورة توفيرًا للنفقات وضمانًا للعمل الدؤوب وعدم التكاسل.

بينما حظى رامي بفعاليات دولية غير مسبوقة نظمتها مصر، جعلته من وجهة نظر الخبراء الأوفر حظًا، حيث استضافة مصر المؤتمر الاقتصادي العالمي للمانحين في شرم الشيخ، وافتتاح قناة السويس الجديدة، وجميعها أحداث انتظرها سابقوه للترويج بقوة للسياحة المصرية في الخارج.

تنشيط السياحة

تعاقد رامي مع حملة إعلانية للسياحة المصرية كان من المقرر لها أن تنطلق أكتوبر الماضي، مع شركة "جي دبليو تي" الأمريكية، وتتولى الشركة الدعاية والإعلان للمقصد السياحي المصري خارجيًا لمدة 3 سنوات خلال الفترة من 2015 حتى 2018 بتكلفة 68 مليون دولار، من خلال 27 دولة.

وكانت أول الضربات الإرهابية التي أثرت على السياحة في مصر، محاولة تفجير معبد الكرنك، واغتيال الشهيد المستشار هشام بركات النائب العام، ثم تفجير القنصلية الثقافية الإيطالية، بوسط القاهرة، ومن ثم عاد زعزوع مرة أخرى إلى مقعد الوزير، في محاولة لإعادة ترتيب الأوراق لذلك الرجل الذي أعتاد أن يشغل هذا الملف من على كرسي الوزارة.

عودة زعزوع

5 أشهر قضاها رامي في الوزارة، ولم يقدم خلالهم حلولًا ملموسة لأزامات السياحة، وهو ما أدى إلى الإطاحة به ليعود زعزوع مرة أخرى في سبتمبر الماضي، ليؤدي اليمين الدستورية، وزيرًا للسياحة.

يخرج زعزوع في أول تصريح له بعد العودة، ليعلن استراتيجية الوزارة الجديدة التي تستهدف جذب 20 مليون سائح بحلول عام 2020، بعد حصول الجناح المصري على أفضل جناح في بورصة برلين هذا العام.

سعى زعزوع لأطلاق المبادرات السياحية الخارجية والداخلية لتنشيط السياحة المصرية بكل الطرق ليطلق 10 مبادرات ضمن استراتيجية الوزارة للتحرك السريع لمواجهة الأزمات وتفعيل آليات تنفيذية مختلفة لتنشيط السياحة الداخلية لتحل مكان السياحة الوافدة.

وأكد زعزوع على استمرار التعاقد مع شركة "جي دبليو تي" للترويج للسياحة المصرية، ومن المقرر أن تنطلق الحملة في أول أكتوبر الماضي، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث قتلت القوات المصرية في 14 سبتمبر الماضي 12 مكسيكيًا ومصريًا، بطريق الخطأ، في عملية ملاحقة لإرهابيين، وهو ما أدى إلى تأجيل الحملة.

وبعد أول محاولة مصرية بعد محاولتها لاحتواء حادث المكسيكيون، جاءت الضربة الكبرى لقطاع السياحة حيث أعلنت أهم 5 دول بينهم "روسيا، وإنجلترا"، حظر السفر إلى مصر بعد حادث الطائرة الروسية التي سقطت فوق سيناء وعلى متنها 224 شخصًا "لقوا جميعهم مصرعهم".

أدى ذلك الحظر إلى وصول نسبة الاشغالات في المناطق السياحية إلى أدنى مستوى لها، لتبلغ 10 % وهي نسبة لم تشهدها السياحة المصرية من قبل.

وزيران خلال عام دون نتيجة

يقول عماري عبد العظيم، رئيس شعبة شركات السياحة والطيران، إن عام 2015 لم يشهد تحسنا في قطاع السياحة، سواء في عهد رامي أو زعزوع.

وأضاف عبدالعظيم، لـ"مصراوي"، أن الفرق بين الوزيران يتلخص في أن "رامي" كانت كل تحركاته في استعادة الحركة السياحية "روتنية" ولا يمتلك الحراك في تنشيط السياحة الداخلية أو الخارجية، أما زعزوع اختلف في امتلاكه لأدوات الانتشار الواسع وتحركات كبيرة في الداخل والخارج.. "لكن دون نتيجة".

وأشار إلى أن مصر تمتلك مقومات السياحة بالكامل، ولكن ينقص القطاع أدوات نهضة السياحة، حيث حدث فراغ كبير بعد فصل وزارة الطيران عن السياحة لأنهم كانا يسعيان إلى هدف واحد وتحقيق ربح واحد أما الآن فكل منهم يسعى للربح على حساب الأخر، وهذا أضعف السياحة.

وأوضح عبدالعظيم، أن أولويات هيئة تنشيط السياحة يجب أن تتمحور حول وضع خطة تسويقية تستهدف الترويج للسياحة المصرية في الخارج، بالمشاركة في المعارض السياحية المتخصصة في عدد من الدول مثل إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا، باعتبار تلك المعارض ملتقى لجميع ممثلي قطاع السياحة في العالم، ويكون التسويق عن طريق وضع برامج للرحلات وتسهيل التأشيرات للأفواج السياحية، وعمل مقابلات مع الشركات السياحية الأجنبية لحثها على القيام برحلات إلى مصر وتذليل كل العقبات أمامها.

ولفت إلى ضرورة عقد لقاءات مكثفة بين هيئة تنشيط السياحة والمسؤولين عن صناعة السينما والمسرح لعمل بروتوكولات تعاون للترويج للسياحة المصرية في الداخل والخارج، إلى جانب التوسع في المنشآت السياحية الفندقية وفنادق الـ3 نجوم، لضمان ارتفاع نسب الإقبال من السياح متوسطي الدخل، وإعادة تشغيل بعض المطارات، والتوسع في إنشاء العديد من المتاحف السياحية.

ضعف الإدارة

ويصف باسم حلقة، نقيب السياحيين، تحركات الوزيران بـ"المتأخرة"، مشيرًا إلى أنهم كانا يجب عليهما التحرك بشكل أكبر لإعادة هيكلة منظومة الإدارة داخل الوزارة.

وأضاف حلقة لـ"مصراوي"، أن ضعف الإدارة وعدم القدرة علي تطوير السياحة، هما الأسباب الرئيسية وراء تدهور منظومة السياحة، بالإضافة إلي سوء الحظ الذي حالفهم منذ تواليهم منصب والوزارة، نظرًا لتكرار العمليات الإرهابية التي تعد أهم أسباب تراجع مؤشرات السياحة.

فيديو قد يعجبك: