إعلان

تفاصيل بيع وهدم "سينما فاتن حمامة".. ومالكها: تحوّلت إلى وكر للمخدرات (مستندات)

04:33 م الجمعة 13 يوليه 2018

كتب- أحمد شعبان وعبد الرحمن السيد

كعادته منذ شهر مايو الماضي، كان الحاج "رفعت حسين الأبنودي" يتابع أعمال الهدم في مبنى سينما فاتن حمامة، الذي يحمل رقم 1 شارع الروضة، بمنطقة المنيل بمصر القديمة، غير أنه فوجئ يوم السبت الماضي بوقف أعمال الهدم في العقار الذي يملكه مع آخرين. لا يعرف الرجل سببا واضحا لوقف أعمال الهدم في المبنى "أنا مستوفي كل الإجراءات القانونية ومعايا رخصة بكده"، وفق ما يقول لـ"مصراوي".

لم يتسلم "الحاج رفعت" قرارا بإيقاف هدم المبنى من رئاسة حي مصر القديمة، أبلغوه شفهيا، وحين سأل عن السبب، أخبره رجال الحي أن وزير الأوقاف هو من طلب ذلك من محافظ القاهرة، وفق ما يروي "قالوا إن وزير الأوقاف ساكن قريب من المبنى وطلب من المحافظ إنه يوقف الهدم عشان فيه غبار وأتربة".

رفعت الأبنودي1

دفع هذا الرجل الخمسيني إلى التحرك من أجل تنفيذ قرار الهدم، الذي حصل "مصراوي" على نسخة منه، وحمل رقم 10 لسنة 2018، كتب الرجل شكوى ووقعها من عدد من أعضاء مجلس النواب "هيعملوا استجواب لوزير الأوقاف عشان نفهم ليه واقف ضد تنفيذ القانون".

قبل ما يقرب من 5 سنوات، عُرضت السينما للبيع بعدما توقفت عن العمل، اشتراها "الحاج رفعت" بالاشتراك مع 12 آخرين "احنا مستثمرين بنشتري أراضي ونبنيها"، يقول إن ملكية السينما تعود إلى ورثة من عائلتي "شبيطة" و"المقدّم" عددهم 28 فرداً، بينما رفض الإفصاح عن تفاصيل عقد البيع والمبلغ الذي اشترى به السينما.

بعد الفقرة الخامسة

بعدها، بدأ رفعت وشركاه رحلة طويلة من الإجراءات للحصول على الأوراق المطلوبة لهدم السينما، التي تأسست في خمسينيات القرن الماضي، وبناء برج سكني، ذهب الرجل إلى وزارات وهيئات مختلفة، بدأها بوزراة الثقافة "جبنا موافقة إنها سلمت السينما في التمانينات لإدارة تانية، ورحنا الصوت والضوء واتأكدنا إنها ملكية خاصة لأهالي، ورحنا التنسيق الحضاري واتأكدنا أنها مش تراث".

بعد الفقرة السادسة 1

حالة من الرفض والاستياء سيطرت على الوسط الفني، وبين سكان منطقة المنيل، وكثير من محبي السينما حين علموا بقرار هدم سينما فاتن حمامة، فذكرياتهم مع السينما التي أعيد افتتاحها عام 1984 بحضور سيدة الشاشة العربية، التي حملت السينما اسمها، كثيرة، يتذكرون أياماً ارتادوا فيها السينما، ويتحسرون على ما آلت إليه أوضاعها، ومعول الهدم الذي لم يبدأ مع ضربات "البلدوزر" أو مع مطرقة عامل، إنما بدأ مع إهمال السينما، إهمالاً جسيماً حد الضياع.

بعد الفقرة السادسة 2

وحصل "مصراوي" على نسخة من الأوراق الخاصة بالعقار، ومنها خطاب من مكتب وزير الثقافة إلى رئيس حي مصر القديمة، في ديسمبر 2014، يفيد بأن شركة مصر للتوزيع ودور العرض السينمائي المندمجة في شركة مصر للصوت والضوء والسينما كانت مستأجرة لسينما فاتن حمامة، وسلمتها إلى ملاكها بتاريخ 1 يوليو 2002، بعد نهاية العقد المبرم والشركة ليس لها علاقة بالسينما، وفقاً لنص الخطاب.

بعد الفقرة السابعة

وفي شهر يونيو عام 2016 خاطب جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء، التابع لوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، رئيس حي مصر القديمة بشأن طلب تقدم به "رفعت حسين" للحصول على ترخيص هدم سينما فاتن حمامة، وأوصى الجهاز بالتنبيه على الجهة الإدارية المنوطة باستخراج تصريح الهدم بأمرين: الأول الالتزام بأحكام القانون 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم وهدم المباني الغير آيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، ومخاطبة المالك باستكمال كافة مستندات الترخيص وفقاً لأحكام القانون المشار إليه.

والثاني التأكد من خلو العقار بالكامل من السكان والمنقولات والأخذ في الاعتبار الموافقات المطلوبة في حالة وجود محلات مشغولة ومنقولات داخل المبنى، وفقا لنص الخطاب.

وفي نوفمبر 2017 أرسل رئيس حي مصر القديمة محمد زين العابدين خطابا إلى نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية يطلب فيه عرض العقار على لجنة التراث للإفادة، حتى يتسنى للإدارة الهندسية استخراج ترخيص هدم، وفي شهر يناير من العام الحالي أفادت اللجنة الدائمة لحصر المنشئات ذات الطراز المعماري المتميز بأنها عاينت العقار وهو عبارة عن دور أرضي + أول، وكان رأي اللجنة بأن "المبنى ليس له قيمة معمارية أو عمرانية".

بعد الفقرة العاشرة 1

لم تنته رحلة "رفعت" مع استيفاء الأوراق المطلوبة "سألنا في التخطيط العمراني فاتضح إننا لازم نرجع 17 مترا"، مساحة السينما تبلغ 974 مترا مربعا، بعد الالتزام بما جاء في كتاب الإدارة العامة للتخطيط العمراني تصل صافي مساحة المبنى إلى 700 متر فقط لا غير، وتمت عملية الشراء من الورثة على أساس هذه المساحة، حسب ما يوضح "رفعت".

برفقة مستشاره القانوني والشركاء، ذهب الرجل الخمسيني لمعاينة السينما، وجدها "وكر وخرابة للمسجلين وبتوع المخدرات"، وفق ما يزعم، يتعجب الرجل من منتقدي هدمه للسينما وبناء برج سكني "إحنا جايين نعمّر الخرابة اللي كانت موجودة، كانت مرتعا للفساد"، يذكر أنه تم الانتهاء من هدم 80% من المبنى، ويبقى فقط واجهات السينما "عاملين حاجة تراثية كلاسيكية محترمة، وبرضه هنخلي اسمه برج فاتن حمامة".

بعد الفقرة العاشرة 2 (1)

راودت الرجل، الذي عاش ما يقرب من 20 عاما في الأردن وأشرف على تنفيذ مشاريع مهمة منها مبنى رئاسة الوزراء وفق ما يذكر، فكرة أن يخصص طابقين من العقار الجديد كدار عرض سينمائي، غير أنه طرد الفكرة سريعاً، رآه مشروعا غير مربح "المنطقة فيها دور عرض في سينما جالاكسي ومش شغالة كويس، الناس مبقتش تروح سينما"، فيما يذكر أنها أيضا من الممكن أن تجلب أشخاصاً من مناطق مختلفة وتتحول السينما إلى "وباء ومرتع للمخدرات والفساد"، غير أنه أبدى ترحيبا لعمل دور عرض في العقار الجديد "إن اقتضت الأمور".

بينما جاء في ترخيص بناء البرج السكني، الذي حصل "مصراوي" على نسخة منه، وحصل عليه "رفعت" في 16 مايو الماضي، من رئاسة حي مصر القديمة وحمل رقم 9 لسنة 2018، يكون شكل وتكوين العقار الجديد كالتالي: بدروم سفلي بكامل السطح وبدروم علوي بكامل السطح ودور أرضي به محلات تجارية والأدوار من الأول حتى الرابع فوق الأرضي بكل دور أربع شقق سكنية والأدوار من الخامس فوق الأرضي حتى الحادي عشر فوق الأرضي بكل دور خمس شقق سكنية، إضافة إلى غرف خدمات بالسطح أعلى الدور الحادي عشر فوق الأرضي بنسبة 25 % من مساحة الأرضي ولا تشكّل وحدة سكنية متكاملة، وتصل تكلفة البناء إلى حدود 7 ملايين و500 ألف جنيه، وفقا للبيانات والرسومات التي قدمها "رفعت"، حسب ما جاء في قرار الترخيص.

أكثر من دار عرض سينمائي أغلقت في منطقة المنيل، منها "جرين بالاس، المنتزه الصيفي، سينما فاتن حمامة"، فيما تبفى سينما "جالاكسي" تقاوم من أجل البقاء.

"لو الدولة عايزة تاخدها يدونا فلوسنا وهامش ربح عليها ويعملوا زي ماهم عايزين، دي فلوس ناس" يقولها الرجل الخمسيني رداً على منتقدي هدم السينما، وبلهجة غاضبة يذكر "احنا جايين نستثمر في بلدنا يقوموا يحاربونا، كانوا فين من سنين لما اتعرضت السينما للبيع"، يذكر الرجل الذي يعمل في إنشاء المشاريع السكنية أمثلة لمخالفات بناء في أماكن عدة "وبعدين نهتم بتراثنا القديم الأول، والاماكن الأثرية، مش تتشطروا على راجل ماشي قانوني، ووقف الهدم مش قانوني ومن حقي أكمل بس احتراما للجهات العليا أنا وقّفت".

فيديو قد يعجبك: