إعلان

المصرية الفائزة بأفضل قصة مصورة في العالم: تكريم والدي أهم من الجائزة (حوار)

08:27 م الخميس 19 أبريل 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- محمد مهدي وشروق غنيم:

تلك لحظات نادرة في العُمر، أن يحصل الإنسان على أفضل جائزة في المهنة التي يعمل بها. غير أن ذلك لم يكن سِر التوتر البادي على المصورة هبة خميس، حينما وصلت حفلة توزيع جوائز مسابقة "ورلد برس" بأمستردام.

تقدمت بين الصفوف، لم تشعر بالزحام، الضجيج من حولها صامت، أنفاسها تعلو وتهبط، كلما تلفتت ترى والدها الراحل، تُغمض عينيها لثوانٍ فتتذكر هيئته، تَحبس دموعها، تُحدث نفسها بشيء واحد "كرمي بابا، خدي قوتك منه، واتكلمي عنه قدام العالم" وفق ما روته خميس في حوارها لـ"مصراوي" عن الجائزة الكبرى.

صورة 1

في الثاني عشر من إبريل الماضي، كانت أنفاس المصورين محبوسة في انتظار إعلان جوائز مسابقة الصورة الصحفية العالمية world press photo، وهو الحدث الذي تلتفت له أعين المهتمين بالمجال ويقدرونه، من بينهم هبة خميس، التي رُشحت في فئة القصص المصورة. مع حلول المساء بدولة هولندا، كُتب اسم هبة بتفرُد في تاريخ المسابقة، كأول مصورة مصرية تحصل على لقب المركز الأول.

كانت خميس قد أُبلِغت منذ شهر بأن قصتها مُرشحة ضمن المراكز الثلاثة لأفضل قصة مصورة في العالم. ومنذ الدقائق الأولى لوصولها إلى المكان شعرت باهتمام بالغ، كُرسي مُخصص لها في الصفوف الأولى، رجل يحمل كاميرا يقف بجوارها يُسجل تعبيرات وجهها "قلت 90% هاخد المركز الأول". بدأت الحفلة، الوقت يمر، وصل القلق بكامل أناقته، انضم إلى شعور التوتر "جاتلي كل السيناريوهات السيئة" أن تسقط أثناء صعودها إلى المسرح "بس حاولت أستجدع عشان أوجه خطابي لبابا الله يرحمه".

صورة 2

على شاشة المسرح تظهر أسماء المرشحين الثلاثة، الأضواء تزداد، مُقدمة الحفل تتقدّم باتجاه الميكروفون، في يدها ظرف يحمل اسم الفائز، فيما يُغطي سِتار صور المرشحين. مع كل خطوة تتخذها تتسارع نبضات قلب هبة، تقترب أكثر من الميكروفون، فيرتفع التوتر، وما إن تم الإعلان عن اسمها كفائزة بالمركز الأول، انسدل الستار، وأطلت صورتها داخل المعرض.

لم ينفُض الإعلان التوتر عن نفس هبة "كنت مترددة إني أقول الخطاب اللي جهزته، لإني وأنا بأدرب عليه عيني كانت بتدّمع.. كنت خايفة أعيّط أو انهار قدام العالم وأنا بتكلم عن بابا"، وقفت هبة على المسرح، استجمعت قواها لتتلو الخطاب.

"زي النهاردة من سنة فقدت والدي وأنا مسافرة، ملحقتش أودعه.. إحنا بنؤمن بحياة ناس تانية ولحظاتهم لدرجة إننا بنضيع لحظات حياتنا إحنا.. دي هديتك في سنويتك يا بابا، أتمنى تكون فخور دلوقتي"، قالتها الفائزة بمشاعر فياضة، اهتزت على إثرها القاعة بالتصفيق، فيما شعرت هبة بأن الأب في رُكن قصي بالقاعة ينصت لكلمتها بسعادة.

صورة 3

"الجايزة ملهاش قيمة عندي أوي" تقولها بعفوية صادقة، ترى أن الجائزة الحقيقية في الرحلة "ودا مش إكلاشيه وكلام تقليدي" لم تكن تعلم أن لديها قدرة على تحدي نفسها والذهاب إلى الكاميرون وقضاء أوقات عصيبة وحدها دون أن تقع "جاتلي الشجاعة إني أكسر خوفي وأرجع بصور قصتي" كما أن الأهم في كل ما جرى أنها "كرمت والدي قدام ملك هولندا والعالم".

حفاوة غير عادية شعرت بها هبة بعدما تسلمت الجائزة، تحلّق حولها المصورون داخل الحدث العالمي، لم تتخيل أن يحملوا لها كل هذه المحبّة، جاءها الونس في تعليقاتهم "حكوا لي إنهم كمان مرو بتجربة فقد والدهم وهما مسافرين، وإن كلمتي مسّت قلبهم وأثّرت فيهم.. فاجأني إن ناس غطّت حروب وقلبها جامد قالت لي إنهم عيطوا" وداخل الندوة الخاصة بها أحسّت المصورة الشابة بفيض التقدير "ناس جت مخصوص عشان تسمعني وتشوف شغلي اللي كسب".

صورة 4

داخل الحفل لم تكن هبة وحدها، جاء مُدربها "سورين" من الدنمارك خصيصًا؛ ليكون معها في تلك اللحظة. حين تسلمت جائزة المركز الأول، تقافز سعادًة، وثّق لحظة انتصارها أمام صورتها الفائزة "بس الإضاءة كانت سيئة.. فهزرنا وقلت له هرفع وشي لفوق واضحك".

نشر "سورين" الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت بشكل سريع، التمع الفخر في عينه، إذ إن المصورة الشابة الأولى في المدرسة الدنماركية التي تحصل على الجائزة الأولى بمشروع تخرج "طول وقت الدراسة كان بيدعمني نفسيًا ودايمًا يديني نصايح، فبعتبره الأب الروحي مش مجرد مدرب".

صورة 5

لكن لحظة فرح هبة لم تمر بهدوء، على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت انتقادات موجّهة للمصورة الشابة بأن سعادتها جاءت على أنقاض حُزن أبطال قصتها "اتكتب لي إني بتاجر بالناس عشان خاطر جايزة، وقد إيه الصورة متناقضة مفيهاش إنسانية".

هبة لم تستوعب ذلك "طيب اللي انتقد سمع الخطاب اللي قلته؟ أنا واحدة رايحة تاخد جايزة في سنوية باباها، ومشاعرها بتتمرجح ما بين فرح وزعل، فالناس خدو أحكام سريعة بدون رحمة.. بس طبيعي إن من حق كل مصور بعد التعب اللي شافه يبقى فخور بإنجازه".

خرجت هبة من الحفل وفي عقلها تتزاحم مشاريع أكثر، تنشغل أعين المصورة الشابة بتفاصيل الحكايات التي تريد العمل عليها، تُخطط أن تكون بين مصر ودول أخرى، لكن لا يغيب عنها زيارة الكاميرون مرة ثانية، الدولة التي أثرت شغفها، فيما تطير أحلامها لأبعد من ذلك، فتتمنى أن تقطف قصصاً من بلدان القارات الخمس.

صورة 6

فيديو قد يعجبك: