إعلان

مغتربون دون لجان.. بين تحدي السفر للبلد وتطبيق غرامة

09:04 م الجمعة 30 مارس 2018

انتخابات الرئاسة 2018

كتبت – نانيس البيلي:

تصوير - علاء أحمد:

من وراء سياج حديدي أسود اللون يحيط بمحكمة 6 أكتوبر بشارع ربيع بالقرب من ميدان الجيزة، في حوالي السادسة من مساء اليوم الثالث للتصويت في الانتخابات؛ كانت أصوات المناقشة بين أمين شرطة من قوة تأمين المحكمة ورجلين يتحدثان معه من الشارع الرئيسي. بدت علامات القلق عليهما، يقول أحدهما للشرطي "خلينا ندخل نتتخب بالله عليك عشان مندفعش الغرامة، حرام والله إحنا مش حمل جنيه".

"يا جماعة قولتلكم ملكوش تصويت هنا، روحوا بلدكم انتخبوا وتعالوا" كان ذلك هو آخر ما قاله الشرطي للرجلين القادمين من محافظتي الفيوم وبني سويف ويقيمان بالقاهرة منذ سنوات، قبل أن يعود إلى مقعده، وينصرف الرجلين بغضب جاثم على وجهيهما.

1

كان المستشار محمود حلمي الشريف، نائب رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، قال إنه لا يجوز لأى ناخب وافد التصويت فى لجان الوافدين ما لم يسجل قبل ذلك بياناته فى الشهر العقاري أو المحاكم الابتدائية خلال الفترة من 9 يناير وحتى 28 فبراير الماضي.. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي للهيئة الوطنية للانتخابات فى اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية.

قبل حوالي 20 عامًا؛ جاء "بدوي" من محافظة الفيوم إلى القاهرة، بينما قدم الرجل الخمسيني "عباس" من محافظة بني سويف منذ 14 عامًا، ويعمل الرجلين حارسا عقارين مجاورين بأحد شوارع منطقة فيصل.

من خلال التلفاز؛ عَلم الرجلان بتطبيق غرامة على المتغيبين عن التصويت "إحنا شغالين بوابين وبنشيل زبالة والله، يعني ناس على الله عاوزينهم يدفعوا 500 جنيه" بصوت حزين يقول "بدوي" الذي يعيش مع زوجته وطفليه بحجرة ضيقة بالعقار.

كانا الرجلين يعتقدان إمكانية إدلائهما بصوتهما في أي لجنة انتخابية قريبة، حتى فوجئا بضرورة تصويتهما في محل سكنهما، ويقول "عباس" الذي يعيش برفقة زوجته وأبنائه الخمسة، إنه لا يملك رفاهية السفر إلى قريته الناصرية ببني سويف والتي ستكلفه ربع الأجر الزهيد الذي يتحصل عليه شهريًا "باخد 300 جنيه لما أركب بـ60 جنيه أروح البلد يبقى حرام طبعًا".

2

نفس المبلغ يحصل عليه "بدوي": "بس ساكنين ومية ونور ببلاش، وممكن حد معدي نصعب عليه يدينا نص جنيه أو جنيه"، يقول إن تكلفة السفر ليست فقط هي العائق الوحيد أمامه للسفر إلى لجنته بمحل سكنه، لكنه لا يستطيع ترك عمله "مينفعش أسيب البوابة، لو عملولنا حاجة قريبة ماشي هروح انتخب".

كعب داير، ذهب "عباس" 5 مرات خلال اليوم الثاني والثالث كمحاولة لتمكنه من الإدلاء بصوته "أعمل إيه ما أنا غلبان وخايف من الغرامة"، يقول إن تلك المرة هي المحاولة الأخيرة وكان ينوي الرجوع وإحضار زوجته لكي تدلي بصوتها هي الآخرى "كنت هعاود الأوضة أجيبها، طالما اللجنة قريبة فرصة بدل الغرامة".

وفي يناير الماضي، أصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات ، قرارها، بقواعد وإجراءات تصويت الناخب في محافظة غير التي يتبعها محل إقامته في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأوضحت أن الناخب "المُغترب" الذي يوجد في محافظة غير المحافظة الواقع بها موطنه الانتخابي، وفقًا لمحل إقامته الثابت بالرقم القومي، يدلي بصوته في انتخاب رئيس الجمهورية أمام إحدى لجان الانتخاب الفرعية بنطاق المحافظة التي سيوجد بها خلال أيام الاقتراع، وذلك بإبداء رغبته أمام أحد مكاتب التوثيق والشهر العقاري أو المحكمة الابتدائية الواقعة بنطاق وجوده.

"سيدهم".. "عاوز أحط العلامة الحمراء في إيدي"

3

لم ييأس "سيدهم إدريس"، من ذهابه 4 مرات في اليوم الأول إلى اللجنة الانتخابية بالجامعة العمالية في مدينة نصر والتي تبعد أمتار قليلة عن محل العصير الذي يمتلكه، وفي اليوم الثاني عاود المحاولة مرتين آخرتين، غير أن قوات التأمين أخبرته بعدم أحقيته في التصويت غير بمحل سكنه بمحافظة سوهاج "قالوا المغتربين يرجعوا على بلادهم".

لا يعلم "سيدهم"، صاحب الـ 54 عام، شيئًا عن قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بضرورة تغيير لجنته الانتخابية بالشهر العقاري حتى يتمكن من الإدلاء بصوته، يقول وهو يجلس أمام محله إنه لا يعرف سوى أحقيته كمواطن في التصويت بأي مكان في مصر "لأن ده مش عضو مجلس شعب أنتخبه في بلدي، ده رئيس الجمهورية".

4

يجد "سيدهم"، الذي يعيش في إمبابة رفقة نجله منذ 11 عامًا، صعوبة كبيرة في السفر إلى سوهاج للتصويت بمحل سكنه والعودة مرة أخرى بسبب طبيعة عمله "مينعش أسيب أكل عيشي، محدش بياخد باله من المحل غير أنا وابني"، بلكنة صعيدية يقول: "عاوز أنتخب السيسي، وأحط العلامة الحمراء في إيدي ونأشر عليه إن هو الصح".

"موزة" وعائلتها الـ7.. "متكفيناش ألف جنيه عشان نروح المنيا"

5

وقفت "موزة بطرس" وزوجها "راضي ليشع" أمام بوابة الدخول للجامعة العمالية بمدينة نصر، تقول بغضب "هو حرام ننتخب، وإيه يعني مغتربين"، وتضيف السيدة الستينية التي تعيش في حجرة بعقار منذ 13 عام، إنها انتقلت بين 7 لجان منذ التاسعة صباحًا دون جدوى "روحنا كام مدرسة قالوا ممنوع، ركبنا وجينا الجامعة العمالية هنا، قالولنا روحوا المنيا".

تحتاج "موزة" إلى 300 جنيه عن 7 أفراد هما زوجها وأبنائها وزوجاتهم للسفر إلى قريتها بمركز ملاوي بالمنيا حيث توجد لجنتها الانتخابية، وهذا المبلغ لا تستطيع تدبيره "مش معانا والله، إحنا بناخدها كلها الشهرية 300 جنيه ربنا يعلم"، تصمت قليلاً وهي تفرك رأسها وتقول "7 أنفار يا ولاد، يعني متكفنيش ألف جنيه أنا وعيالي عشان نروح الصعيد".

فيديو قد يعجبك: