إعلان

"مصراوي" في الرحلة الأولى للأتوبيس "أبو دورين".. سائق بـ"بدلة" وواي فاي "لسه مش شغال"

07:39 م السبت 17 مارس 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

استيقظ الحجاج أبوالليل فجرًا، ارتدى بذلة رسمية وتهيأ من أجل انطلاق التجربة، التي شهد قدومها قبل شهر. يعمل الرجل الأربعيني منذ 20 عامًا في هيئة النقل العام، شهد خلالها صفقتين جديدتين للحافلات، لكن الثالثة جاءت مختلفة، "الأتوبيس أبو دورين ده بياخد ضعف اللي بياخده الأتوبيس العادي" يقول السائق عن الحافلة التي انطلقت اليوم، لأول مرة في شوارع القاهرة.

شهد صباح اليوم، بدء عمل 10 أتوبيسات ذات طابقين، وتعمل الحافلات على خطين المرج- التجمع الثالث، وحدائق القبة- التجمع الخامس، ويبلغ سعر التذكرة خمسة جنيهات لأي جهة، على أن تكون هذه الحافلات ضمن قرابة 40 أتوبيسًا تدخل الخدمة تباعًا.

في الحادية عشرة صباحًا، أمام ديوان عام محافظة القاهرة، بمنطقة عابدين، كانت هناك 3 حافلات يمتزج فيها اللون الأخضر مع الأصفر، تحركت إحداها برئيس هيئة النقل العام، اللواء رزق علي، وجمع من الصحفيين والإعلاميين، سارت بمنطقة التحرير، ثم عادت لميدان عابدين مرة أخرى، فيما غاب الجمهور، إذ كانت الخطة أن تُتاح السيارات للركاب من نقاط تمركزها "الجراج" كما قال السائق أبوالليل.

1

انتهت مراسم الاحتفال بتشغيل الأتوبيس "أبو دورين"، بينما تجمع السائقون داخل الحافلات الجديدة، استعداداً لبدء رحلاتهم. يقول وليد عامر، محصل تذاكر، إنه تم اختيار العاملين على هذه الأتوبيسات من خلال ملفات عملهم في الهيئة، بعدما تقدموا عقب إعلان الهيئة عمن يرغب في العمل بالحافلات الجديدة، تقدم محصل التذاكر العامل في الهيئة قبل 19 عامًا، ليصبح بين 24 سائقًا و"كمسري".

لم تكن تلك المرة الأولى لأبوالليل في قيادة الحافلة، يقول إن الظهور الأول للأتوبيس الجديد، كان قبل أسبوعين، في الأغنية الجديدة لحسين الجسمي "مساء الخير"، كان أبوالليل السائق حينها "يا دوب طلعوا الأتوبيس كده من الجنب" يعلق مبتسمًا.

وينطلق أبوالليل ووليد، محصل التذاكر، وعدد من العاملين بالهيئة، ويعودون إلى موقف مدينة نصر، لتسليم الحافلات لزملائهم لبدء الوردية الثانية. طيلة الطريق لم تتوقف بسمات ونظرات المارة ومستقلي السيارات المجاورة عن النظر للحافلات السائرة، البعض أراد الركوب ظنًا منهم أن الأتوبيس دخل حيز الخدمة، وآخرون كانوا ينتهزون فرصة الاقتراب من نافذة السائق ليسألوا "هو الأتوبيس ده بيروح فين؟"، فيما يعلق أحدهم "ألف مبروك عليكم"، وآخر يمسك هاتفه المحمول ليلتقط صورة.

2

على باب الدخول، يستقبل الراكب كلمات "صناعة بكل فخر.. مصر" يتباهى السائقون والعاملون في الهيئة بأن الحافلات منتج مصري، فيما لا يضيعون الفرصة ويلتقطون الصور الشخصية.

طيلة الطريق إلى موقف مدينة نصر، يستقبل أبو الليل ردود فعل مختلفة من المحيطين، فيما يوجهه رئيس السائقين بين الحين والأخر، من الطابق الثاني "خليك في الطريق يا حجاج.. حاسب من اليافطة.. ماشي زي ما أنت".

شيء من القلق ساور السائق رغم خبرته "إحنا عايزين نظهر بشكل كويس.. والحاجة الجديدة دي لينا وللناس"، يضيف أبوالليل أن رهبة قيادة الحافلة زالت مع تجربتها قبل أيام، وذلك كان حاله مع تجربة الأتوبيسات الجديدة في الصفقات السابقة "حضرت صفقة 2005 و2009 بس كانت أتوبيسات دور واحد ومختلفة في إمكانياتها بس مفيهاش حاجة جديدة لا واي فاي ولا تكييف زي ده".

في موقف مدينة نصر، توقفت الحافلات الثلاث، وتسلم سائقين ومحصلين أخرين الرحلة الفعلية، بينما غادر أبو الليل ووليد مكانهم في انتظار الوردية الجديدة بالغد وبدء استقبال الركاب، يتمنى محصل التذاكر أن "تعامل الناس يبقى أحسن شوية، الزحمة بتضغط عليهم عصبيا وأنا كمان بيضغط عليا"، بينما يحفظ أبو الليل وصية سائق قديم يدعى محمد سلامة قالها له قبل عشرة أعوام "عامل الناس بما يرضى الله الناس هتعاملك كويس".

تستوعب الحافلة ذات الطابقين 71 راكبًا، عتبة الصعود منخفضة عن الحافلات المعتادة، جوار باب الصعود، يتواجد مقعد، يقول السائقون إنه لكبار السن ممن يثقل عليهم الدخول إلى قلب الحافلة.

مع الواحدة ظهرًا، استهل دسوقي عبد القوي وفؤاد فروج رحلتهم الأولى بالأتوبيس الجديد على خط حدائق القبة - التجمع الخامس. انطلقوا بالحافلة خالية من مدينة نصر حتى الوصول إلى المحطة الرئيسة، ردود الفعل ذاتها استقبلت السائق ومحصل التذاكر حتى بلوغ وجهتهما.

منذ 26 عامًا ولم يغادر دسوقي مقعد محصل التذاكر، حتى بعد توليه منصب أمين عام في نقابة السائقين، يرى الرجل الأربعيني أن الحال يتغير بعد كل مرة تدخل فيها تعديلات على الحافلات "الأتوبيسات الجديدة بتريح السواقين"، بينما يأمل كذلك أن يتغير معه سلوك الركاب "نفسي الناس تعرف أن العربية مش بتاعتنا وإن هو اللي راكبها باستمرار".

3

قبل الوصول إلى موقف أتوبيسات حدائق القبة، توقفت الحافلتان القادمتان من مدينة نصر، قلق انتاب السائقان حول شارع الموقف "في عربيات راكنة كتير على الصفين وممكن يبقى في صعوبة في الطلوع من الشارع". نزل فروج من الأتوبيس وتفقد الطريق، ثم قرر الالتزام بالوجهة التي حددتها الهيئة.

كانت الساعة تشارف الثانية ظهرًا، حين ركن فروج الحافلة في حارة موقف الأتوبيسات، فتح السائق الباب انتظارًا للركاب، ومع فعله لم تتوقف الأسئلة عن الوجهة وسعر التذكرة، بل بلغ الأمر إلى صعود البعض لتفقد السيارة الجديدة وتهنئة السائق والمحصل "كل ربع ساعة المفروض مدة التقاطر المحددة لينا" يقول فروج.

انتهز فروج فرصة التوقف وترجل عن الحافلة، ليدخن سيجارة خارجها "ممنوع التدخين جوه الأتوبيس في جهاز إنذار" وأشار السائق إلى اللافتة المتصدرة الواجهة.

يعمل السائق الشاب منذ 9 سنوات، ارتدى البذلة لأول مرة بينما يسوق أتوبيسًا حال رفاقه، يقول إنه سيواصل على اكتمال هيئته طالما كانت الحافلة في أزهى حلتها، يخشى فروج أن تكون الحافلة مثل كل جديد يزول الاهتمام به بعد فترة من الوقت، فيما تدخل دسوقي بالحديث قائلاً "الأتوبيس ده ينفع الناس اللي عندها عربية راكناها".

مع تزايد المزاح وكثرة الأسئلة دون الركوب، ومع قدوم موعد مغادرة الحافلة، قرر السائق والمحصل التحرك في مسارهم، وعند أول محطة في حدائق القبة بدأ توافد الركاب. قرابة 10 أشخاص استقلوا الحافلة، جميعهم وقفوا للحظات قبل الركوب للسؤال عن الوجهة، ركبت أم وائل وابنتها للتجربة رغم أن وجهتهم قريبة إلى معرض الكتاب "السعر كويس بس لو مسافة قريبة وأكتر من حد هتبقى مكلفة شوية" تقول السيدة قبل أن تبلغ نزولها سريعًا.

مع استشعار الركاب بخدمة التكييف، تساءل أحمد رامي عن خدمة الإنترنت، قال له دسوقي إنها لم تعمل بعد، فيما أضاف محصل التذاكر أنهم لم يعلموا الرقم السري حتى الآن لكن بمجرد المعرفة سيتم تعليقه.

4

ما إن رأى رامي الحافلة ذات الطابقين، سرعان ما صعد، ذلك اليوم الأول له مع الموصلات منذ 4 سنوات "النهاردة عربيتي اتعطلت وهتفضل كام يوم فقلت أجرب مواصلات"، يعمل رامي في منطقة التجمع الخامس، أخبره البعض أنه يلزم ركوبه أكثر من وسيلة مواصلات، لذلك كانت الحافلة الجديدة بمثابة نجدة بالنسبة له، لاسيما بعدما تفاجأ أنه اليوم الأول لعملها.

كذلك حال أحمد عبد الغني؛ خمس سنوات يلزم الطريق من وإلى حدائق القبة والتجمع الخامس، يعمل الشاب العشريني بالمنطقة الأخيرة، بالكاد كان يستطيع أن يستقل الحافلة رقم 1262، أو 1018 هما فقط ما يذهبا لوجهته مباشرة مقابل جنيهين ونصف، خلاف ذلك إما أن يستقل سيارة خاصة أو أتوبيس خاص مقابل عشرة جنيهات.

"الأتوبيس ده بالنسبة لي لو فضل على كده بالسعر ده بالنسبة لي انجاز" مبتسمًا يعلق الشاب، منذ شهر علم بأمر الحافلات الجديدة، لكن نسي أنه اليوم الأول لعملها، مما جعله يستبشر بانتهاء رحلته المعتادة، وانتظاره للحافلة الجديدة ذات الطابقين بدءً من الغد.

5

فيديو قد يعجبك: