إعلان

على هامش "العملية الشاملة".. كيف تعايش المدرسون والأهالي داخل العريش؟

08:37 م الجمعة 16 فبراير 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا الجميعي ودعاء الفولي:

مساء الجمعة الماضي، علمت سلمى الشيخ بتوقف الدراسة في العريش. تنفست الأم الصعداء رغم كل شيء، فابنتها "حنين" صاحبة الأعوام التسعة  كانت تشكو أحيانًا من أصوات الرصاص القريب من مدرستها "وبترجع البيت خايفة جدًا"، فيما يعاني شقيقها "آدم" صاحب الـ6 أعوام من نفس المشكلة، فيسأل معلمته عما يحدث لتقول "الجيش بيهد بيوت الحرامية".

وأعلن المتحدث العسكري، العقيد تامر الرفاعي، صباح الجمعة الماضي، عن تنفيذ القوات المسلحة عملية شاملة للقضاء على العناصر الإرهابية، تنفيذًا لتكليف رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي للقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية.

وتزامنًا مع العملية الشاملة، أعلنت وكيل وزارة التربية والتعليم في شمال سيناء، ليلى مرتجى، تأجيل الدراسة في مدارس محافظة شمال سيناء لأجل غير مسمى، حرصًا على سلامة الطلاب.

تلك المرة ليست الأولى التي تتوقف فيها الدراسة "حصل قبل كدة يومين أو تلاتة بس" حسب قول سلمى. وتعاني السيدة من صعوبة التحرك أحيانًا بسبب الحظر أو الكمائن: "احنا متفهمين الوضع طبعا"، ومع بدء العملية الأخيرة توقف كل شيء تقريبًا، ولم تعد والدة الطفلين ووالدهما يخرجان إلى العمل.

اعتادت سلمى أن يحصل ولداها على دروس تقوية في أكثر من مادة، ظنّت أن توقف الدراسة لن ينسحب على الدروس "لكن حاليا المدرسين نفسهم قاعدين في البيت مش عارفين يخرجوا".

وتسمع الأم روايات متفاوتة؛ بعضها عن إلغاء جزء من المناهج، والبعض الآخر عن تعويض الطلاب ما فاتهم، غير أنها تتمنى انتهاء تلك الفترة بسلام، وتأمل ألا يؤثر ما يحدث نفسياً على الأطفال في المستقبل.

ورغم قرار التأجيل، قرر ناهض عصام الذهاب إلى المدرسة الثانوية التي يعمل بها يوم السبت رفقة مجموعة من زملائه، لبحث أحوال الطلبة وما سيتم فعله "مع وجود الحظر حصل رهبة في نفوسنا كلنا، محدش رضي يخرج لحد ما نشوف هيحصل ايه".

ونظرًا لعمله كُمدرس، تعوَد "ناهض" على مرونة العملية التعليمية في العريش، ويروي عن السنوات الماضية، حين اضطر طُلاب الشيخ زويد ورفح القدوم إلى العريش لتأدية الامتحانات دون إذن مسبق "يعني الطالب بييجي اللجنة واحنا بنبعت اسمه ورقم الجلوس لمديرية التعليم عشان ميتسجلش غياب"، ولم يكن ذلك يمنع استمرار التعليم حسب قوله.

حين هدأ الخوف، اتصل "ناهض" بزملائه في إدارة العريش التعليمية "اتناقشنا إزاي ممكن نعدل المنهج بحيث لو رجعنا الطلاب ميفوتهمش شيء". دارت أحاديث حول إمكانية ضغط المناهج حتى لو لم يتبق من الفصل الدراسي الحالي سوى مدة قليلة، وذلك للصف الأول والثاني الثانوي، أما الثالث فالاختبارات تكون على مستوى الجمهورية "وبالتأكيد وزارة التعليم هتراعي ظروفنا"، ويذكر المُدرس أنه منذ أربع سنوات تمت إضافة 5% لمجموع طُلاب شمال سيناء تخفيفًا عنهم.

داخل منزل المدرس، يحاول "ناهض" إبقاء الأجواء شبيهة بالمدرسة؛ تُذاكر بناته الثلاث يومياً بانتظام "عندي في ابتدائي وإعدادي وثانوي"، يحاول الأب تهيئة الحال لهن، لم تسمح الظروف بخروجهن للدروس ذلك الأسبوع "بس هنحاول الأسبوع الجاي لو الدنيا اتحسنت ننزلهم.. مش عايزينهم ينفصلوا عن المدرسة".

لم يكن "ناهض" وحده من يخطط من أجل الطلاب؛ تلك الحالة يعيشها محمد سالم، موجه أول الرياضيات في شمال سيناء، لتخطيط مُقترح يُناسب وضع المدارس حالما تعود الدراسة، وذلك إذا توقفت فترة لا تتعدى الأسبوعين.

يضع سالم في اعتباره حلولًا مثل زيادة عدد ساعات دراسة الطلبة "بالذات طلبة ثانوي"، أو فتح فصول ليلية، كذلك إعادة توزيع المنهج.

من الآن يستشير الموجه بقية زملائه الموجهين "وهم على استعداد يدرسوا بنفسهم للطلبة"، كذلك يدور الأمر بين المُدرسين للتطوع، لكن القلق يساور نفس سالم حال امتداد الفترة لأسابيع طويلة "هنا الأمر هيبقى فوق قدراتنا".

تضم محافظة شمال سيناء، 591 مدرسة موزعة على 6 إدارات تعليمية، أما عدد الطلاب فيبلغ نحو 110 آلاف طالب بمختلف المراحل التعليمية، فيما يصل عدد المدرسين إلى 9421 معلما.

في الأسبوع الأول من الدراسة انشغلت جنين الحفني، طالبة الصف الثاني الإعدادي، بالتمثيل في مسرحية "خلافات عائلية" مع زملائها، لذا لم تتمكن من تحصيل شيء، وما إن انتهت من عرض المسرحية حتى فوجئت بتوقف الدراسة.

حالياً تشعر "جنين" بما يُشبه الإجازة، إلا أن تساؤلات بلا إجابة تحاصرها "هل ممكن نتأخر كدا لحد ما نمتحن في رمضان؟". لا تعتمد الطالبة التي تقطن بالعريش، على الدروس الخصوصية، تُذاكر بمفردها داخل المنزل، كذلك حال أختيها آمال وسينين، الطالبتين في الصف الأول والثاني الثانوي.

تقول والدتهن أماني إنها المرة الأولى التي تتوقف فيها الدراسة، ما جعلها تشعر بحالة من التخبط والخوف من المجهول.

فيديو قد يعجبك: