مصراوي يخوض تجربة الإبلاغ عن أماكن القمامة.. هل طبقت الحكومة الخدمة؟

كتبت - نانيس البيلي:
تصوير - فريد قطب وأحمد طرانة:

"كن إيجابيًا.. صور واتصل".. بهذه العبارة ناشد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجس الوزراء، في 19 أكتوبر الجاري، المواطنين الإبلاغ عن تجمعات وتراكمات القمامة في مناطقهم.

وبعد مرور 4 أيام على إعلان خدمة "الخط الساخن لشكاوى تراكم القمامة"، قررنا خوض التجربة للتأكد من مدى تطبيقها. رصدنا 3 أكوام قمامة في منطقتين مختلفتين (المنيب وإمبابة)، وتابعنا الأمر على مدار 3 أيام هي 23 و24 و25 أكتوبر ووثقناه بالصور.

واتبعنا الخطوات الثلاثة التي حددها مجلس الوزراء للإبلاغ وهي: رصد أماكن القمامة في منطقتك، ثم تصوير أكوام القمامة، وإرسال الصور والعنوان بالتفصيل على "واتس آب" أو الاتصال بخط ساخن أو من خلال بوابة الشكاوى الحكومية.

في اليوم الأول، توجهنا لشارع المدبح في منطقة المنيب، ورصدنا تكدسا لأكياس القمامة وأجولة مخلفات مدبح المواشي ملاصقًا لسور مدرسة طه حسين الإعدادية، وعلى مقربة من 3 مدارس أخرى.

بعدها انتقلنا لمنطقة إمبابة، ورصدنا تجمعين للقمامة، أحدهما في شارع مطار إمبابة أمام جمعية المستقبل ومسجد الهادي، عبارة عن أكياس وأجولة متراكمة يعبث بها نباشون بحثًا عن الزجاجات وعُلب الكانز، وعلى بعد أمتار تجمع آخر في ميدان الشجرة أمام أتيليه لفساتين السواريه وتوكيل شهير للهواتف المحمولة.

في نهاية اليوم، اتصلنا بالخط الساخن لـ"شكاوى تراكم القمامة"، أبلغنا عن تجمع القمامة الموجود في منطقة المنيب، حصل الموظف على بياناتنا الشخصية، ثم أعطانا رقم الشكوى، وطلب منا إرفاقه مع صور لتجمع القمامة وإرساله على رقم (واتس آب) أخبرنا به.

عن طريق رقم الـ"واتساب" الموضح على صفحة "معلومات الوزراء" بفيسبوك، أرسلنا شكوى عن بؤرتي القمامة في منطقة إمبابة.. لكننا لم نتلق ردا.

المدبح

مطار إمبابة

ميدان الشجرة

في اليوم الثاني، قصدنا الأماكن نفسها. في منطقة المنيب كانت القمامة متواجدة بكثافة مقاربة لليوم الأول، ولكن اختلفت أشكال الأكياس الموضوعة.

وفي إمبابة، بالمكان الأول "شارع مطار إمبابة" زادت كثافة القمامة ورصدنا نباشون على عربة كارو يجمعون ما يريدون من داخل كومة القمامة، أما في المكان الثاني "ميدان الشجرة" قلّت القمامة كثيراً عن اليوم الأول، وتواجد فقط جوال كبير وأكياس مختلفة.

المدبح

مطار إمبابة

ميدان الشجرة

في اليوم الثالث، كررنا نفس الأمر، في منطقة المنيب تراكمت القمامة بكثافة أكبر ولكن اختلفت محتوياتها، وكانت تعلوها أفرع أشجار نتاج عملية التقليم.

أما في منطقة إمبابة، بالمكان الأول "شارع مطار إمبابة"، فقد تراكمت القمامة بصورة أكثر قليلاً، وفي المكان الثاني "ميدان الشجرة" وجدنا نفس كثافة القمامة باليوم الثاني باختلاف توزيعها وأشكال الأكياس المتناثرة.

مطار إمبابة

ميدان الشجرة

المدبح

هل تُطَبق الخدمة؟

قمامة "المدبح وميدان الشجرة" بدا أنها تزال بصورة دورية ثم تمتلئ مرة أخرى، أما مخلفات (شارع مطار إمبابة) فلم نتأكد من إزالتها أو تركها نتيجة زيادة كثافتها كل يوم عن سابِقِه.

"غادة. م"، من سكان منطقة المدبح في المنيب تؤكد الأمر، وتقول "الزبالة بتتشال بشكل متواصل وبيتحط بدل منها".

قبل أسبوعين، كانت قمامة "المدبح" تُشكل أكوامًا وتلالًا، بحسب السيدة الأربعينية "كانت بتبقى مالية الشارع وواصلة من السور للرصيف وبندوس عليها عشان نعدي"، قبل أن تبدأ سيارات النظافة في إزالتها بصورة شبه يومية لتخف كثيراً دون اختفائها تمامًا.

منذ ذلك الحين، اختفت عشَة كانت منصوبة لسنوات بجوار بؤرة القمامة وتسكنها سيدة تدعى "أم سعد" رفقة أبنائها الأربعة، كانوا يعيشون على ما يكسبونه من النَبش في تلك القمامة، ويجمعون أجولة كبيرة ممتلئة بالبلاستيك والزجاجات وعلب الكانز.

مواجهة أخيرة

بعد مرور 3 أيام، لم نتلق أي رد لمتابعة الشكاوى، وفي اليوم الرابع اتصلنا بالخط الساخن لـ"شكاوى تراكم القمامة" للاستفسار عن "منطقة المنيب"، لكن طوال اليوم كنا نتلقى مكالمة مسجلة بأن "جميع العملاء مشغولون الآن"، وعن طريق تطبيق "واتس آب" استفسرنا عن شكوى "منطقتي إمبابة" دون أن نتلقى أي رد.

في اليوم الخامس (السبت الماضي)، أعدنا المحاولة، ومن خلال مكالمة الخط الساخن حصلت الموظفة على بياناتنا مرة أخرى، وبعدها أكدت "بالفعل وجود شكوى مسجلة بالبيانات دي، وفيه رد جه من محافظة الجيزة يوم 24 بأنه تم استقبال الشكوى وإرسالها للجهة المختصة، ولكن إلى الآن لم يأتِ رد على الشكوى"، ثم أخبرتنا بأنه سيتم التواصل معنا فور انتهاء المكالمة.

لم نحصل على أي اتصالات لمدة 3 ساعات، بعدها أعدنا الاتصال بالخط الساخن مرة أخرى، نفس الأمر دار مع الموظفة وصولاً إلى عدم ورود رد من محافظة الجيرة، بعدها سألتني "حتى الآن مفيش تواصل تم معاكي؟".. و"أرسلتِ صور محل البلاغ على واتس آب برقم الشكوى واسمك؟".

وفي نهاية الاتصال قالت: "أنا بالفعل هرفعها مرة أخرى للمسؤولين وهيتواصلوا معاكي فور انتهاء المكالمة أو على مدار اليوم"، وهو ما لم يحدث.

الناس هتودي الزبالة بتاعتها فين؟

"مش هقدر أقول إن المكان هينضف خالص من الزبالة، طيب الناس هتودي الزبالة بتاعتها فين؟" يعلق اللواء ياسر سامي رئيس حي جنوب الجيزة على استمرار تراكم القمامة بشارع المدبح، مؤكداً أن حي المنيب يجمع القمامة يوميًا عن طريق لوادر النظافة، لكنها تمتلئ مرة أخرى بعدما يلقي الشكان قمامتهم بها "إيه ذنبنا إنهم بيرموا حاجتهم".

يتوقع "سامي" أن يستمر وضع القمامة بالشارع حتى تفعيل منظومة الجمع المنزلي المقرر أن تبدأ خلال شهرين "هيبدأ الزبال ياخد الزبالة من البيوت على طول"، ويشير إلى أنها ستحل حوالي 70 % من مشكلة الأماكن الممتلئة بالقمامة.