إعلان

بلا احتفال رسمي.. كيف رأى فلاحون عيدهم الـ"65"؟

08:00 م السبت 09 سبتمبر 2017

الفلاح مصري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- يسرا سلامة:

عقب ثورة يوليو 1952 بـ45 يوما، أعلنت قيادة الثورة عن "قانون الإصلاح الزراعي"، في نفس التاريخ الذي ارتبط ببداية موسم جني القطن المصري، التاسع من سبتمبر، الذي أصبح عيدا للفلاح المصري، بعد أن منحته قوة القانون ملكية زراعية، تنقله من فئة الخادم إلى العامل والمالك والزارع، فكيف أصبح حال الفلاح عقب 65 عاما؟

"سرادق عزاء كبير".. بهذا الوصف عبر محمد برغش، العضو السابق للمجلس الاستشاري للفلاحين، مضيفا أن قانون الإصلاح الزراعي حقق للفلاح المصري العزة والكرامة "الفلاح أصبح مالك وليه مكانته في المجتمع"، لكن برغش يرى أن هناك "مؤامرة" تدار على الفلاح المصري، خاصة بعدما تركت الحكومة ما يحصده الفلاح من محاصيل للسوق فحسب.

تمكين صغار الفلاحين، والقضاء على الاقطاع، كان من أهداف القانون الذي وافق عليه رئيس الجمهورية حينها "محمد نجيب"، إذ حدد القانون الملكية الزراعية بـ200 فدان كحد أقصى للفرد، ووفقا للقانون تقرر توزيع الأراضي الزائدة على صغار الفلاحين "بواقع من 2 إلى 5 أفدنة"، وتسديد ثمنها على أقساط. طُبق القانون على أكثر من 600 ألف فدان. في أحد مقاطع الفيديو، توضح زيارة الرئيس عبد الناصر لتوزيع عقود الملكية على عدد من الفلاحين في مديرية إلمنيا، فيما كانت عدد من الفلاحين يهلل من الفرحة.

القانون صدرت منه النسخة الثانية والثالثة، حتى وصل الحد الأقصى إلى 50 فدان، لكنه لم يجد فرصة للتطبيق، هدف القانون إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من كافة المحاصيل الزراعية، ظهر ذلك في لغة الأرقام، 80% اكتفاء من القمح، أكثر من 10 ملايين قنطار من القطن، وهو أعلى رقم وصلت له مصر من إنتاج الثمرة البيضاء. وصلت المساحة المزروعة إلى ما يزيد عن مليون فدان، زيادة الرقعة الزراعية بنسبة 15%.

على مدار الأعوام الستين، تقسمت ملكية الأرض الزراعية، كما يرى برغش، إذ أصبح المالك لقطعة أرض وقت القانون أبا لسبعة أولاد، ثم جد لخمسين حفيد، فأكلت الزيادة السكانية الملكية الزراعية، لكن عماد كمال، نقيب الفلاحين في محافظة القليوبية يفسر تفتيت الأراضي بأن مشكلات الزراعة تفاقمت، حتى وصلت لذروتها بقانون الزراعة في عام 1996 الذي وافق عليه الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، والذي حظر البناء على الأراضي الزراعية، حتى ولو على قطعة صغيرة منها، ومن يخالف ذلك تُصادر الأرض منه. يقول كمال لـ"مصراوي" أن ذلك القانون جعل الفلاح يبيع أرضه.

التخلي عن الأرض ليس من طبيعة الفلاح، بحسب برغش، لكن مشكلات الأرض الزراعية لم تأت من فراغ، بداية من الأسمدة التي يرتفع أثمانها، في يناير الماضي، أقرت وزارة الزراعة المصرية بزيادة أسعار الأسمدة المدعمة، ليصل طن الأسمدة إلى مبلغ 2959.6 جنيه، بعد زيادة في 2014 وصلت إلى 2000 جنيها، بلدا من 1500 جنيه، أي وصل الطن من السماد إلى ضعف الثمن في قرابة العامين.

زيادة أسعار السماد لم يواكبها زيادة في أسعار المحصول للفلاح، يضرب برغش المثل بأن الحكومة تشتري القمح من الفلاح بسعر أقل من السعر العالمي، يصل إلى 500 جنيه، بينما يصل السعر العالمي للقمح لأكثر من 750 جنيها. في مارس الماضي انتقد وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب "رائف تمراز" قرار سعر توريد القمح قائلا "لا يجب على الحكومة اللعب بالنار، لإنه من الممكن أن يتسبب في عدم زراعة الفلاح للقمح الموسم القادم".

يقول كمال إن عقب قانون منع البناء على الأراضي أصبح الفلاح يستغنى عن الأرض بالبيع للملاك، وعاد الفلاحون الصغار عمالا مرة أخرى في أراضي غيرهم، فعملية الزرع والحصاد والبيع والتجارة لم تعد للحكومة دورا في مساندة الفلاح، بحسب كمال، فالحكومة لا تشتري الآن سوى القمح، أما باق المحاصيل، فالفلاح مرغم على قانون "العرض والطلب"، لكن الأزمة الحقيقية كما يقول هى أن سعر التاجر هو الذي يُنفذ على رغبة الفلاح "لو جبت سماد وحق أنفار وحصاد للمحصول، التاجر بيحط سعره". ينتقد كلا الفلاحين –برغش وكمال- عدم وجود رقابة على أسعار المحصول من يد الفلاح وإلى التاجر الجملة.

في عام 2014، كان آخر عام انتبهت له الدولة لعيد الفلاح، لتمر الذكرى في العامين الماضيين في هدوء. وفي كلمته، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على عزم الدولة على تحسين أحوال الفلاح والنهوض بأوضاعه المعيشية. الاحتفالية الأخيرة كانت بمركز المؤتمرات بمدينة نصر وعدد 1000 من الفلاحين، أحد أبرز كلمات الرئيس في مؤتمر 2014 "اصبروا وتعالوا بعد سنتين حاسبوني".

يبلغ عدد الفلاحين في مصر 51 مليونا، بحسب ما ورد في كلمة السيسي الأخيرة. يشمل العدد الأيادي المستفيدة مما ينتجه الفلاح المصري، فيما يذكر برغش أن المزارعين في الأرض فقط يبلغ عددهم قرابة 32 مليونا.

لا تتوقف مشاكل الفلاح المصري على الربح مما تنتجه الأرض وحدها، لكن الفلاح يعمل في بيئة الأرض والشمس والمياه عُرضه للأمراض بلا غطاء صحي، يقول كمال "الفلاح بيتعامل مع مياه ملوثة ولو تعب بيفضل في بيته"، يستكمل برغش أن جزء من أزمة الفلاحين عدم وجود كيان نقابي واحد ينادي بحقوقهم "كل محافظة فيه نقابة". آخر تلك التشكيلات كانت المجلس الاستشاري للفلاحين الذي تم حله عقب تولي الإخوان الحكم بمصر.

وفقا للمادة 29 في الدستور المصري، فإن الزراعة مقوم أساسي في الاقتصاد الوطني، وتلتزم الدولة بتنمية الريف وحماية الفلاحين، وكذلك تلزم الدولة بتوفير معاش للفلاح، وكذلك توفير متطلبات العمل الزراعي وتسويقه. اللي بناخده هو معاش تكافل وكرامة حوالي 200 جنيه"، يقول برغش منتقدا أن الفلاحين هم الفئة الوحيدة التي لا تحصل على المعاش إلا لما يوصل لـ65 مش 60 سنة".

 

فيديو قد يعجبك: