إعلان

بالصور- "ندر" على باب "العذراء"

10:13 م الإثنين 21 أغسطس 2017

كتب-إشراق أحمد:

تصوير-كريم أحمد:

خطوات قليلة فصلت بين مواصلة العمل في إعادة تدوير المخلفات، وتوقف دوامة الحياة من أجل لحظة سعادة على أعتاب كنيسة العذراء. ابتسامة مصدرها صورة للسيدة البتول، يد تضم بحرص على نذور، يحمل في رمزه ما يضمره القلب من أمنيات لا حصر لها من دوام الستر والعافية وزواج وتفريج هم. مطالب كثيرة اعتاد أهل منشية ناصر أن يحملوها بالميعاد ذاته من كل عام، في ليلة الاحتفال بـ"صوم العذراء" أو "مولد العدرا" كما ارتبطت فطرتهم بنطقه.

فيما يشبه الموكب يتحرك جيران كنيسة العذراء الكائنة في المقطم، سيارات نقل يستقلها شباب، يهتف أحدهم في مكبر صوت باسم السيدة مريم "اللي يحب العدرا يقول هييه"، فيرد عليه الصغار الراكبون لعربة أخرى والراكضون في الطريق بالتهليل. رجل يسعى لبلوغ نقطة ارتكازه أمام الكنيسة بينما يسحب ورائه عجل سمين، ورجال وفتيان التفوا في منتصف الصوان المنصوب يتمايلون على أنغام الطبول والمزمار، البعض يتنثر حلوى فوق الرؤوس، فيما لا يتوقف رفع الأيدي بما استطاعت أن تأتي به من حمام وأوز وخنازير وخراف وماعز، تندره لشفاعة "العدرا" عند ربها لقضاء حوائجها.

15 يومًا يعكف المسيحيون على الامتناع عن تناول اللحوم فقط الاكتفاء بتناول الأسماك والمنتجات النباتية، وفي ليلة الإفطار أو العيد يحل هذا الاحتفال كل عام "كنسيا مفيش حاجة اسمها مولد لكن عندنا احتفال ليلة عيد العدرا اللي بيوافق 16 مسرى ودايما بيوافق 21 أغسطس" يقول أيمن كمال خادم في كنيسة العذراء والشهيد أبانوب بمنشية ناصر مُبديًا تحفظه على لفظ "مولد".

أمسكت أم عماد برأس خروف تجره ورائها، في انتظار إيداعه الكنيسة، ندرت السيدة ذبحها قبل عامين حين دعت أن تتزوج ابنتها بعدما خاضت تجارب خطوبة لم تكتمل، لتتم الابنة زفافها هذا العام ومعه تذهب الأم إلى الكنيسة بصحبة "ندرها". ببساطة تتحدث السيدة الخمسينية عما اعتادت أن تقوم به "كل شيء يمرضني سواء كان تعب بدن ولا بنت عايزة تتجوز ولا هم أندر للعدرا شيء"، تقول إنها ما خاب رجاؤها أبدا، كما لم تتراجع عما تنذره "اللي بيطلع من الفم هو اللي بيحصل وأنت لما تطلبي منها هتلاقيها" في إشارة إلى السيدة العذراء.

داخل مشهد ليلة عيد العذراء، ينطلق الصغار فرحين بما أتاهم، البعض يمسك ببالون، وأخرون يضربون الألعاب النارية، وأكثرهم تجده مهرولا بينما يحكم قبضته على أرجل بط وأوز، لا حاجة بهم لمعرفة السبب، فقط "عشان العدرا"، فيما الشاغل الأكبر للعب والانطلاق وسط الجمع الذي لا يُرى في المنطقة بمثل هذا الشكل في بقية الأعياد.

"الناس كلها بتحب السيدة العذراء عشان كده الاحتفال بيكون أكبر" يفسر خادم الكنيسة مظهر الاحتفال الشعبي، مشيرًا إلى أن ذلك طبيعة الأرياف والمناطق الشعبية "تجيب الندور بتاعها للكنيسة وتحتفل"، حتى أن بعض المسلمين يشاركون تقديم مثل هذه الندور حسب قول أيمن، الذي يضيف أن الاحتفال رسميًا يبدأ من الساعة السادسة؛ يقومون بما يسمى "رفع بخور" ومن ثم تسبيحة نصف الليل، ومع حلول الصباح وانتهاء القداس ينتهي الصيام خلاف عيد القيامة والميلاد الذي يكون الإفطار فيه قبل القداس كما يقول خادم الكنيسة، وتلك المظاهر الرسمية التي تشهدها منطقة سكنه في حدائق الأهرام، لذلك حرص خادم الكنيسة على أخذ إجازة من عمله للتواجد في منشية ناصر حيث الأجواء المختلف لعيد العذراء.

فيديو قد يعجبك: