إعلان

تكلفة باهظة للغُربة.. قصة رسوم سعودية قد تُعيد مصريين لبلادهم

06:27 م الخميس 27 يوليه 2017

صورة سعودية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

تكلفة الغُربة كبيرة، يتحملها الآلاف من العاملين المصريين في السعودية على مدار سنوات، بحثًا عن حياة أفضل لهم ولذويهم، غير أن تلك الأحلام باتت مُهددة، بعد أن أصدرت المملكة قرارًا بالحصول على مقابل مالي عن كل مُرافق للعاملين الأجانب تبدأ من شهر يوليو الحالي. وهو ما أربك حسابات عدد من المصريين ببلد الحرمين الشريفين.

محمد حازم، أخصائي نُظم ومعلومات بشركة مقاولات، يعمل في مكة المُكرمة منذ عامين، عَلًم بالأمر بداية العام الحالي "طلع وزير العمل وبلغ إن القرار هيتنفذ من أول شهر سبعة"، كان الأمر أشبه بزلزال يُهدد حياة عدد كبير من المصريين هناك الذي يبلغ عددهم نحو 2 مليون مصري، وفق وزارة القوى العاملة.

تزوج حازم منذ بضعة أشهر، وسريعًا اصطحب زوجته إلى السعودية للعيش معه "كنت مخطط أعيش في مكة لفترة طويلة"، لكن الحال اختلف بين ليلة وضحاها بعد إقرار الرسوم الجديدة، صار لزامًا عليه دفع 100 ريال سعودي شهريًا بداية من الشهر الحالي "دا رقم مش قليل لأننا مبنقبض كتير".

القرار صدر رسميًا في 1 يوليو الجاري، إذا يُنفذ ضمن برنامج تحقيق التوازن المالي 2020، وعليه يدفع العامل الأجنبي 100 ريال شهريًا على كل مُرافق خلال 2017، لتوفير نحو مليار ريال في العام الحالي.

متوسط مرتبات من يعملون في مهنة "حازم" ليست بالكثير "2500 ريال في الشهر"، تكفيه احتياجات المنزل "إيجار وكهربا وميه وأكل وعلاج وغيره من المصاريف اليومية" والقليل منها يحتفظ به من أجل المستقبل "المشكلة إن الفلوس هتزيد علينا كل شوية".

وفق القرار السعودي تتدرج الزيادة على كل مُرفق في كل عام حتى تصل إلى 400 ريال شهريًا في 2020.

كابوس يعيشه "حازم" الذي وجد في السعودية ملاذا له بعيدًا عن فرص العمل غير المرضية بالقاهرة -على حد تعبيره- صار الآن يُفكر فيما سيفعله الفترة القادمة "حاليًا أنا أحسن من غيري لكن العبء هيزيد في السنين الجاية، ومش هقدر استحمل العيشة هنا".

أكثر ما يُخيف حازم قرارات عدد من زملائه بالتخلي عن رفقة زوجاتهم وأطفالهم، وآخريين يفكرون في إنهاء عملهم بالسعودية "دول اللي عندهم أكتر من طفل، فحرام يدفعوا 400 ريال ولا 500 شهريًا".

من هؤلاء الذين غيروا خطتهم المتعلقة بالمكوث في السعودية الشاب المصري أحمد مجدي "كنت مستريح لكن الوضع اختلف مع الضريبة اللي اتفرضت علينا"، المدُرس الثلاثيني ينتظر مولوده الثاني خلال أيام قليلة، ولن يمكنه توفير 300 ريال سعودي شهريًا عن أسرته "هو الواحد بيكسب كام؟".

كان مجدي قد اصطدم بنظام تأمين طُبق منذ نحو عامين على الزوجة والأطفال، بسببه يدفع لزوجته 2700 ريال سنويًا وللطفل 1200 عن المُدة نفسها، فضلًا عن مصاريف السفر من وإلى السعودية "ممكن توصل لـ 13 ألف ريال"، كل هذا جعله يُفكر مع القرار الجديد باستحالة العيش في جدة.

يقضي مُدرس الرياضيات إجازته في منزل بالجيزة، كان ينوي العودة برفقة الأسرة غير أنه لن يفعل "هسافر لوحدي المرة دي وهأجلهم في الإجازات" فيما يُخطط من جديد لتجربته بالسعودية إذ يعتقد باستحالة العيش بها أكثر من عامين "أغلب الناس اللي أعرفهم مش هيكملوا برده".

كان سعوديون قد دشنوا هاشتاج على تويتر فرحًا بالقرار تحت اسم #السعودية_للسعوديين، يُغردون من خلاله عن ضرورة إفساح المجال للعمالة من أبناء المملكة بدلًا من الوافدين الأجانب.

هناك عدد من الشركات أعلنت تحملها لتلك الأموال المفروضة على العاملين بها من الأجانب، لكن هذا لم يحدث مع "حازم" أو "مجدي"، يقول الأخير: "دا ممكن يحصل في الشركات الكبيرة اللي فيها مهندسين أو دكاترة، لكن في الأغلب الشغل ملهمش دعوة".

لماذا يتحمل مجدي عذاب العيش وحيدًا دون أسرته لعامين؟ الإجابة كما يقول هي محاولة إنهاء ما بدأه عندما ذهب إلى السعودية "هكمل توضيب باقي شقتي، وكويس إن الواحد لحق يتجوز ويبقى عنده بيت مِلك وشُكرًا".

ما يؤرق مجدي العودة إلى مصر بعد غياب "أنا بقالي شهر إجازة وبشد في شعري" يشتكي من علو الأسعار في كل شيء "في جدة الدنيا ماشية والحاجات الغالية حلوة ومضمونة"، لكن لا مفر في النهاية من الرجوع.

منذ عام ونصف، غادر "كريم هشام" القاهرة للعمل كمترجم في شركة خاصة بجدة، لم يطق العيش وحيدًا دون أسرته، بعد أشهر قليلة قدمت زوجته وطفلته الصغيرة، عاش الشاب العشريني حياة هانئة قبل أن تفرض السعودية رسوم المرافقين "استقبلت الخبر بتوتر شديد، لأنه مش عادل في طريقة تطبيقه".

جلس هشام مع رفيقة دَربه عن كيفية التصرف مع الحال الجديد "هنبدأ أول محاولاتنا لتوفير الرسوم بإننا نشوف شقة أرخص، لأني بدفع 1700 ريال للسكن"، عندما وصل إلى مقر عمله في اليوم التالي لم يحدثه أحد من المسؤولين عن الأمر، غير أن النقاش كان محتدمًا بين زملائه "كله كان بيتكلم هيدبر فلوسه إزاي".

خلال النقاش هناك من اقترح إعادة أسرته لمصر، وهو ما يرفضه هشام "معنديش أي نية أنزل مراتي وبنتي، اتفقنا مينفعش كل واحد فينا يبقى في مكان"، يتمنى تنفيذ قراره دون أن يحاوطه القدر بمزيد من القيود، وفي الوقت نفسه لا يلوم من يضطر لذلك، يعتقد أن كل شخص له ظروفه.

لا يظن هشام أن ثمة حلول في الأُفق "الأمل إن الرسوم دي تتلغي وده شيء صعب"، لذا يطالب بتطبيق تلك الرسوم بشكل تدريجي لمراعاة الأسرة كبيرة العدد وأصحاب المرتبات الضعيفة "مينفعش أقارن واحد بيقبض عشرة زي واحد بيقبض ميه، كدا مفيش عدل".

* (مجدي، حازم) أسماء مستعارة بناء على طَلب المصادر، تخوفًا من التعرض للمصاعب من أصحاب العمل.

فيديو قد يعجبك: