إعلان

خوفا من المجهول.. أهالي جزيرة الدهب يدعمون "الوراق" (صور)

02:17 م السبت 22 يوليه 2017

كتب- فايزة أحمد:

وجوه يكتسيها الوجوم، وأعين تترقب، وأسئلة تلوح في الأفق دون إجابة، وأحاديث تتناثر بصفة دائمة عن مصير الأبناء والأحفاد إذا ما تكرر سيناريو جزيرة "الوراق" معهم.

تتمتع جزيرة "الدهب" بموقع جذاب، إذ تقع على نهر النيل، وتحديدًا وسط محافظتي الجيزة والقاهرة، حيث تبلغ مساحتها نحو (650 فدان).

في أعقاب أحداث الوراق التي وقعت الأحد الماضي، ناقوس من نوعٍ خاصٍ دق في قلوب أهالي جزيرة "الدهب"، الذين أدركوا أن الخطر لم يعد بمنأى عنهم، إذ أنهم غدوا مُعرضين للمصير ذاته.

منذ الصباح الباكر أخذ الأهالي يتجهزون لتنظيم تظاهرة عقب صلاة الجمعة، تجوب أنحاء الجزيرة؛ تحسبًا لما سيحدث لهم، ولإعلان تضامنهم مع أهالي الوراق، ولسان حالهم يخاطب مسئولي الدولة "نروح فين إحنا وعيالنا وعيال عيالنا.. نسيب بيوتنا وأرضنا لمين؟" بهذه الكلمات بادرت إحدى السيدات العجائز بالجزيرة.

انتهت الصلاة، فنظم رجال الجزيرة صفوفهم، محددين وجهتم ومطالبهم التي لم يختلف أي منهم عليها، لينطلقوا وسط حقولهم الخضراء عبر طرق ضيقة للغاية لم تمنعهم من اصطحاب نسائهم وأطفالهم برفقتهم "إحنا هنا 170 ألف واحد.. من 100 سنة وأكتر قاعدين في الجزيرة.. النهارده الدولة بتقول لكل دول سيبوا اللي وراكم واللي قدامكم واتشردوا"، يقول محمود علي أحد سكان الجزيرة.

يمتهن سكان الجزيرة "الزراعة" التي لا يعرفون غيرها في كسب قوت يومهم، الأمر الذي جعلهم لا يتوقفون عن طرح الأسئلة خلال التظاهرة؛ إذا ما حلت بهم أسوأ الافتراضات التي لا يتمنوها أبدًا " طيب لو مَشونا.. هنشتغل إيه؟ وهنسكن فين؟ وإزاي".

"عبد الناصر وزع على أجدادنا الأراضي مقابل أننا نسدد الفلوس على عشرين سنة وبعدين نتملكها.. ودا اللي حصل ومعانا ورق بكدا" يشرح "علي" الذي شرع في سرد تاريخ الجزيرة منذ مطلع الأسبوع الماضي لشبابهم وبناتهم "لازم يعرفوا تاريخ أرضهم علشان يموتوا وهم بيدافعوا عنها".

لم يكن تاريخ الجزيرة هو ما دفع الأهالي لعدم التفريط فيها؛ وإنما لعلمهم بمدى أهميتها الاقتصادية ليس لهم وحسب وإنما للدولة برمتها "معظم الأهالي رأس مالهم المواشي والدواجن والخضروات اللي بنوردها للمحلات والمصانع" بحسب "إسماعيل جاد" مالك إحدى مزارع المواشي الذي يدرك أن مسقط رأسه يساهم بشكل كبير في اقتصاد مصر بأكملها "معظم الخضار اللي بنزرعه في الجزيرة بيتصدر بره".

حين اقتربت التظاهرة من منتصف الجزيرة طغت أعداد السيدات اللواتي كن لهن رأيًا فيما يحدث أيضًا "بعد ما جوزي اتغرب وبنينا البيت وصرفنا كل فلوسنا جايين يقولوا لينا امشوا" بلهجة ريفية بسيطة قالت "ماجدة عيسى" التي لا تملك سوى منزل وقطعة أرض تزرعها "ملوخية" لتتكسب قوت يومها "بيطلعنا منها 30 جنيه في اليوم وبنحمد ربنا.. كمان عاوزين ياخدوها مننا".

لا تتوافر العديد من الخدمات بالجزيرة؛ إذ أنهم اعتمدوا على الجهود الذاتية في نزح مياه الصرف الصحي حتى لا تتسرب إلى مياه النيل؛ لكنهم شرعوا منذ أشهر عدة في مطالبة الحكومة بإدخال المياه إلى منازلهم قبل أن تأتيهم المفاجئة "لقينهم بيقولوا هتطلعوا من الجزيرة" تسرد "ماجدة" ساخرة "خلاص مش عاوزين مياه ولا عاوزين حاجة يسيبونا في حالنا وبس".

لدى عودتهم إلى نقطة انطلاق التظاهرة، أخذوا في عقد المقارنات بين جزيرتهم وأماكن يُرجح أن ينتقلوا إليها، ليخصلوا -وفقا لتصنيفاتهم- في النهاية إلى أنهم لن يقووا على مفارقة مسقط رأسهم مهما كانت الضغوط من قِبل الحكومة، التي لازالت حتى الآن لم توجه لهم أي إخطار بشأن مغادرتهم للجزيرة.

بالرغم من الخوف والقلق الشديدين اللذين ينتابان أهالي جزيرة "الدهب"؛ إلاّ أنهم لم يخفوا ما سيفعلونه إذا ما همت الحكومة وأجبرتهم على الرحيل "إحنا أيدنا الحكومة من أول ما جيت، ومش ضد أي مشاريع في الصالح العام، لكن لحد الأرض ومش هنسكت".

فيديو قد يعجبك: