إعلان

القدس عربية.. "خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا"

12:25 ص الأربعاء 06 ديسمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد الليثي:
تصوير: حسام دياب:

عقب نكسة 67، كان الشاعر صلاح عبد الصبور يجلس رفقة أمريكي سخر من هزيمة مصر، وهو يقول إن "سيناء إسرائيلية"، فيما تشبث "عبد الصبور" بالصبر وهو يخبره بكل فخر "حين أنظر في التاريخ أجد بلادي شامخة، عاشت ألوف السنين، انتصرت وغاصت في الأحزان، اعتلى عرشها المئات وغزاها ألوف، وبقيت كما هي.. بينما حين أعود إلى الوراء 300 عام لا أجد سيرة لدولتك -أمريكا- وكذلك إسرائيل؛ أكذوبة ستنتهي وتبقى الحقيقة لا تُهزم".

هكذا يظن الصهاينة أن الإجراءات تصنع وطنًا، يعتقدون أن التاريخ تكتبه "مقرات السفارات"، يتخذون من "المجتمع الدولي" درعًا لمزيد من سرد الأكاذيب، يلوكون في الأبواق أن الأرض لهم، لكنهم لم يدركوا بعد أن الخرائط تحركها المصالح، بينما الأوطان لا تُمحى من الأذهان.

لن تحمي فلسطين بيانات الشجب والإدانة، فيما للقدس جنود يحفظون العهد؛ جدران المدينة العتيقة وأبوابها الأربعة عشر تُقسم على ذلك، يشهد "باب العمود" ودرجات سلمه الرخامية الـ34 أن القدس عربية، السور الذي أعاد بناءه سليمان القانوني يعرف ذلك "في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ".

يحرم الصهاينة قرابة 3٫5 مليون فلسطيني من زيارة الأقصى إلا بموافقة أمنية إسرائيلية، يعربدون في شوارعها، يعتقدون أن تبديل الأسماء يجعلهم أصحاب مكان، تمحو إسرائيل القرى وتزرع المستوطنات (531 قرية و12 مدينة تم تدميرها) فيما الفلسطيني لم يزل يحفظ بالشبر تل الربيع وحيفا.

تتحدث مئذنة الخليل إبراهيم لرفيقتها في الأقصى فيسمع همسهما صاحب الأرض الأصلي "في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ.. واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ".

ترعرع الفلسطيني وهو يعرف قبور الأنبياء، ينبض قلبه بالمسارات المقدسية وإن تغيرت الملامح، تقف أشجار العنب لتواجه مستوطني "كريات أربع" وهي تؤكد أنها بنت "البويرة".

يقف الجندي "المرتزق" على أبواب القدس القديمة مدججًا بالسلاح، يحميه "حق الفيتو" لكنه لا يملك شجاعة "فارس عودة" وهو يرقص الدبكة أمام المدرعة حين يقول: "الحجر عندنا أهم من الكلاشنكوف".

يركض الطفل محمود أبو كدوش ورفاقه في شوارع المدينة القديمة خلف جندي يحتله الفزع، فيما يضحك الأطفال ملء أشداقهم وهم يصيحون "لما بنشوف اليهود بنطبش عليهم الحجارة.. إحنا فلسطين، وإسرائيل ما لها الأرض".. "أمن حجرٍ شحيح الضوءِ تندلع الحروب".

يعلنها ناجي العلي بسخريته المعهودة على لسان طفله الثائر: "أنا حنظلة، اسم أبي مش ضروري، أمي اسمها نكبة. نمرة رجلي : ما بعرف لاني دايمًا حاف" فيما ترتعد أوصال رجال الموساد من "رسمة" لصبي تحفر في الأفئدة الحقيقة الثابتة "كانت تسمى فلسطين.. صارت تسمى فلسطين".

"وقالوا يا إسرائيل إحنا اللي باعتينك.. وإحنا اللي بالمال وبالصواريخ بنعينك.. ونغمض العين عنك وإحنا شايفينك". لا فرق إن قالها بوش أو ترامب، كلينتون أم أوباما، أعلنتها تسيبي ليفني وجولدا مائير، مررتها أوسلو أو مدريد وكامب ديفيد، فدماء لينا النابلسي لم تزل تنادي كل سائر في المدينة العتيقة كي تخبرهم بأن النصر لفلسطين لا محالة.

يحاول العدو حصر القضية في أبواب، منع صلاة بمسجد، قبر نبي وحفر أنفاق، فيما تحفظ أصغر صبية في القدس المساحة الكلية للأقصى 144 ألف متر، تعدد في براءة الأماكن "قبة الصخرة، المسجد القبلى -المشهور بالأقصى- المسجد المروانى -تحت الأرض- والمكتبة الخاتنية -نسبة إلى عبدالله الختنى المملوكى"، كي لا يضحي المكان نزهة أو حديقة، يتجرع الأطفال الصمود في كل وجبة، يبدأ يومهم بالعهد "لا مفر"، عقب كل صلاة وبعد كل تحية وقبل كل نوم، يرددونها "هل آراك.. سالما منعما وغانما مكرما.. موطني".

تتعهد فاطمة البرناوي أول أسيرة -مسجلة- في سجون المحتل بأن فلسطين لها، في جنازات الشهداء تزف الأمهات النعوش بالزغاريد، تبقى صورة محمد الدرة أيقونة تشير إلى أن التعصب والهمجية ليسا سوى موت طفل يحتمي بصدر أبيه، بينما لم تشفع توسلاته لدى "المجرمين".. "واسمي وإن أخطأت لفظ اسمي على التابوت لي".

تفتت إسرائيل الخريطة وتشتري الأدمغة، فيأتيها الرد من طريق الآلام، والمسجد العمري، تشهد طبرية، وكفر ناحوم -بلدة المسيح عليه السلام- على ما جرى، في كل صلاة تشير قبة الصخرة ومن أسفلها محراب النبى محمد ذو الثمانية أمتار، وكذا مصلى سيدنا "زكريا" يكاد يتكلم، تكية "إبراهيم"، ومسيرة "موسى"، روح "قطز" وفتح "صلاح الدين".. لو بعث أهل كنعان من الثرى لقالوا: "خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا" .

فيديو قد يعجبك: