إعلان

ماذا يفعل أصحاب "الكيف الشعبي" عند ارتفاع أسعاره؟

10:17 م الأربعاء 22 نوفمبر 2017

التدخين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

 

صباح اليوم الأربعاء، سيارة أجرة مكتملة العدد إلا من راكب واحد، داخل "موقف" بأكتوبر، اقترب منها شاب عشريني، عيناه تراقبان الموقف، يُبدل نظراته بين سيجارة في يداه لم يحترق منها الكثير، والمكان الوحيد الشاغر، يمعتض وجهه قبل أن يحسم موقفه، ألقاها بحسرة وانضم إلى الجمع.

تلك السيجارة التي كان يستغنى عنها الشاب في سنوات ماضية دون غصة، بات رميها قبل الانتهاء منها أمرًا مُعذبًا له، بعد ارتفاع سعرها لعدة مرات، أخرها أمس بعد موافقة مجلس النواب، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بزيادة الضريبة على التبغ ومنتجاته.

السجائر واحدة مما يُطلق عليه"الكيف الشعبي" للمصريين، تلك الخانة التي تضم معها المعسل، لكن صار على أصحاب "المزاج المشروع" إيجاد بدائل لها أو التقليل منها توفيرًا للنفقات.

صدقي سراج، لديه علاقة شائكة مع التدخين، يكره السجائر لكن لا يمكنه الاستغناء عنها، تلقى خبر ارتفاع الأسعار بغضب "يعني الناس الغلابة بينفثوا عن روحهم في كوباية شاي وسجارة، كفاية الغُلب اللي هما فيهم".

ووفق بيان لوزارة المالية فإن زيادة الضريبة على سلعة السجائر تصل إلى 75 قرشًا للشريحة الأولى كحد أقصى 18 جنيهًا، و125 قرشًا لكل من الشريحة الثانية كحد أقصى 30 جنيهًا، و 1.25 قرشًا للشريحة الثالثة لأنواع السجائر التي يزيد سعرها على 30 جنيهًا.

"أول ما عرفت الخبر قولت البياعين هيخبوا السجاير عشان يستفيدوامن الزيادة" يرى أن ذلك تصرف معروض عن البائعين في حالات الزيادة، يعني هذا أن يواجه الرجل الخمسيني مشكلتين، الأولى عدم توافر السجائر التي يُدخنها بشراهة، والثانية أن يبدأ التفكير في كيفية التأقلم مع الزيادة الجديدة.

اعتاد "سراج" على السجائر منذ عقود "كان وقتها العلبة بـ 3 ونص، وكنت بشرب 3 في اليوم" أما الآن يكتفي بعلبة واحدة بـ 15 جنيهًا، قد يضطر إلى الاستغناء عن وجبة من أجل توفيرها "حلولي مع غلا السجاير بتيجي على حساب أعصابي وأكلي وشربي".

"أحسن خليها تغلى عشان يبطلوا" يقولها غير المدخنين فرحًا بارتفاع أسعار السجائر، لكن تفكيرهم غير صائب وفق-سراج- لأنه يرى استحالة "التبطيل" بعد إدمانها لعشرات السنوات، مؤكدًا أنه حاول عدة مرات وفشل.

يتذكر حينما زادت الأسعار للمرة الأولى "جبت السجاير الصيني عشان أرخص وكنت هأموت"، اضطر إلى الذهاب لطبيب أمراض صدرية وعمل أشعة وشراء أدوية "لقيت الموضوع كلفني أكتر من اللي قولت هأوفره".

المصيبة وقعت على رأسه بالفعل، لا يمكن الفكاك منها لكن الأزمة الأكبر في عدم التزام التجار بالتسعيرة الرسمية "البياعين بيزودوا جنيه ونص أو اتنين جنيه من نفسهم"، مطالبًا الحكومة بالرقابة وإلزام البائعين بوضع لافتة مُوضح عليها الأسعار الحقيقية "لأن السجاير وغيرها زي الشاي مثلًا فسحة وفاكهة الفقرا".

القانون الذي تم الموافقة عليه يتضمن أيضًا زيادة ضريبة على المعسل والنشوق والمدغة ودخان الشعر المخلوط وغير المخلوط المستورد لتصبح 175% بدلًا من 150%.

منذ 3 سنوات، تعرف "محمود سعيد" على "الشيشة" وباتت رفيقته اليومية، الرجل الذي يعمل في قسم المبيعات بإحدى الشركات تعلق بها حتى أنه اشترى واحدة داخل منزله.

الأسعار لا ترتفع بنفس قدر السجائر، لكنها على أي حال مؤثرة في هذا الزمان "بتفرق طبعًا، وعشان كدا لما غليت من فترة مبقتش أشربها زي الأول"، كان الشاب الثلاثيني يواظب على تدخينها صباحًا ومساء "لكن دلوقتي بليل بس".

يتعجب "سعيد" ممن يعتقد أن زيادة الأسعار قد تؤدي إلى انخفاض حالة شراء السجائر والمعسل "بالعكس يمكن لو بصيت على نسبة المبيعات ليهم هتلاقيها زادت" يرى أن من يعتاد عليها يصعب تركها.

كانت شركة الشرقية-إيسترن كومباني، أعلنت الشهر الماضي، عن ارتفاع أرباحها في الربع الأول من العام المالي 2017-2018، بعد أن وصلت إلى 1.04 مليار جنيه خلال الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر 2017، مقارنة بـ 427.3 مليون جنيه في العام المالي السابق.

"كنت بشرب الحجر بجنيه دلوقتي بقى بـ 3 ولسه هيزيد كمان"، لم يعد "سعيد" يُدخن مثل الماضي "بقيت بصرف 300 جنيه بس شهريًا على المعسل"، ويطمح أن يُقلل من الرقم في الشهور القادمة.

في السابق اعتاد على التدخين داخل منزله "لأن التكلفة بتكون أقل بكتير من القهاوي"، غير أنه اكتفى بمرة واحدة أسبوعيًا من أجل الأطفال وأيضًا النفقات.

نتيجة لاحتياج المنزل لكل جنيه، يحرص على الذهاب لمقاهي شعبية "لأن الحجر فيه هيكون سعره معقول عن الكافيهات الكبيرة"، فيما لا يعتقد أنه سيتوقف عنها نهائيًا مهما جرى "بحس إني بنفخ فيها القرف، حتى لو دا مش حقيقي، بس مجرد احساس بيريحني".

 

فيديو قد يعجبك: