إعلان

بعد المصالحة بين فتح وحماس.. غزة "بتفرح" بحذر

07:37 م الخميس 12 أكتوبر 2017

المصالحة بين فتح وحماس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب-دعاء الفولي وإشراق أحمد:

منذ انتشار الأخبار عن اتفاق للمصالحة بين قطبي فلسطين، لم تتوقف سميرة الخولي عن المتابعة. الأمر بالنسبة للسيدة الغزاوية يتخطى فكرة المراقبة من بعيد، إذ يمسها بشكل شخصي معرفة النتائج، وفيما تترقب معرفة مآل الأمور، تسترجع أسباب التوتر الذي يعتري قلبها.

عام 2007 ألقى الحظ السيء ابن سميرة في مفرمة الانقسام الحادث بين فتح وحماس، والذي ظهر عقب فوز حماس بالسلطة في قطاع غزة، عقب ذلك بفترة وقعت اشتباكات مسلحة بين فتح وحماس، وفي ظل الاحتقان قُتل البعض وتم قطع أيادي وأقدام آخرين "وابني كان منهم.. يادوب كان عمره 19 سنة وتم قطع يده".

منذ ذلك الحين، والساحة السياسية الفلسطينية تشهد انقسام داخلي، نتج عنه ما يشبه "قطيعة" بين السلطة في الضفة الغربية وغزة، وذاق فيه أهالي القطاع المحاصر معاناة إضافية بتفتت القرارات، خلاف الاحتلال الإسرائيلي.

في المقابل تمت محاولات عدة لعقد المصالحة بين حركتي فتح وحماس، جميعها باءت بالفشل، حتى جاء توقيع اليوم لاتفاقية المصالحة.

بمساعي مصرية، ظهرت قوتها أول أكتوبر الجاري، بزيارة وفد رفيع المستوى غزة، على رأسه قيادات من جهاز المخابرات المصرية، وتبادلوا الحديث مع قيادات حركة حماس عن تنفيذ اتفاقية المصالحة، التي تم توقيعها ظهر اليوم في القاهرة بحضور ممثلي الفصيلين.

غُصة تعتري قلب سميرة، التي تدين بولائها لتنظيم فتح كلما تذكر أيام الانقسام "في تلك الأيام كان القتل أو العقاب بسبب الانتماء السياسي"، لذا ما أن سمعت عن المصالحة "جاء في بالي إنه لازم يكون في حديث عن ما حدث وقتها وتصفية القلوب"، ذلك الهم ليس الأوحد للسيدة الفلسطينية، فهي تفكر في مدى أهمية وجود القيادي الفتحاوي محمد دحلان في المفاوضات "هو ليه أفضال على ناس كتير في غزة وتهميشه هيضر شباب كتير".

رغم ذلك، لا تنكر الأم الخمسيني فرحتها بالمصالحة إن اكتملت "أمر ننتظره من عام 2007"، لا تعرف سميرة بعد مدى الاستفادة التيتعود عليها "فيما عدا جزئية الخروج والدخول من غزة بشكل أسهل"، إذ تقول إنها لم تستطع حضور كثير من المناسبات الهامة في مصر حيث تعيش أختها وأبنائها "غير إنه زوجي مثلا مقدم على تأشيرة حج منذ سبع أعوام وما بتنقبل بسبب المعابر والحصار".

وشمل اتفاق اليوم بين الحركتين عدة بنود، أهمها دراسة ملفات موظفي غزة وإلزام الحكومة بدفع مكافآتهم بعد سريان الاتفاق، استلام حكومة الوفاق كافة معابر غزة بحد أقصى 1 نوفمبر، وعقد لقاء ثان بالقاهرة مطلع ديسمبر لمتابعة ما تنفيذ الاتفاق.

لمعرفة نص بيان المصالحة بين فتح وحماس.. اضغط هنا

حالة من الفرحة عمت أرجاء القطاع حسبما تصف سميرة "يعني شفت ناس رافعين لافتات للسيسي مثلا ولدحلان والعلم المصري والفلسطيني"، إذ تقول السيدة إن "الناس حاسة إنه المصالحة راح تتم بجد".

1

منذ عام 2007 ولو تتوقف جهود تحقيق المصالحة بين فتح وحماس، آخرهم 2014 في مخيم الشاطئ بغزة، إذ وقع كل من الفصيلين على اتفاقية تشهد تشكيل حكومة وفاق، ومع ترأس رامي الحمد لله للحكومة الجديدة في يونيو من ذلك العام، لكن الانقسام ظل قائمًا، ولم تكتمل مساعي الاتفاق خلاف هذه المرة.

ورغم تعدد محاولات التصالح، إلا أن محمود الرقب من بعد عام 2011، كلما سمع كلمة "المصالحة" أصابته خيبة الأمل "كل مرة يتقال هينهوا الانقسام ويومين ونلاقي مافي شيء"، وكذلك اختلف حال الشوارع كما يصف الشاب العشريني "لما كنا نسمع باتفاق غزة تتقلب ألعاب نارية من الفرحة لكن هاي المرة ما صار شيء الناس أصابها الإحباط وفضلت في ترقب وخوف حتى إتمام الأمر".

بعد بث مشهد توقيع المصالحة، نزل عدد من سكان القطاع المحاصر إلى ساحة الجندي المجهول –وسط غزة- حاملين الأعلام الفلسطينية والمصرية، للإثناء على الدور المصري، فيما رفع آخرون رايات الفصائل. كان الرقب بينهم، لكنه يرى أن وجود الجمع في الشوارع يعبر عن المباركة للخطوة ورغبة أهل غزة فيها وليس الاحتفال كما كان يحدث.

سنوات من الإحباط عاشها الرقب "وعيت على الانقسام وتوابعه بعد ما اتخرجت من الجامعة". يبلغ من العمر 27 عامًا، قبل عام 2014 كان الاحتلال بالنسبة له هو العائق الوحيد لحياته كفلسطيني، إلا أنه أدرك بعد إنهاء دراسته الجامعية أن "الانقسام أعاق مستقبلي" كما يقول.

لم يجد الشاب بعد التخرج وظيفة حكومية يلتحق بها، أو تُناسب تخصصه كخريج علم اجتماع، وما استطاع إلى الأن انهاء دراسة الماجستير، التي تتكلف قرابة 7500 دولار حسب قوله، كذلك انهار حلمه بإنشاء مشروع سياحي أو مؤسسة خيرية "المؤسسات تقريبا تمتلكها السلطة الحاكمة"، فبعد الانقسام "انقطعت مصالح ناس كتير" حد تعبيره، إذ انقطعت إلى حد كبير المنح التمويلية من قبل الجهات الخارجية لغياب وجود حكومة شرعية.

كل شيء كان يدفع لليأس، يتذكر الرقب أخر محاولة له في الالتحاق بدورة تدريبية خارج غزة؛ في عام 2015 تقدم بطلب حضور إحدى ورش التدريب عن تبادل الخبرات بين الشباب، لكن الرد جاءه بالرفض، مُبررًا بأن المؤسسة تعمل حساب مقاعد 5 فلسطينيين كل عام ولا يحضر سوى واحدًا يكون من الضفة الغربية، والأخرين يفوتهم الميعاد بسبب المعابر.

2

منذ ذلك الحين لم يتقدم الشاب لأي منحة، يكتفي بعمله في جمعيات الإعمار وأعمال الإغاثة، يعوض بها ما فاته من أحلامه، التي يأمل أن تدب بها الحياة بعد إتمام المصالحة؛ وذلك بفتح المجال سواء على مستوى دعم المبادرات الشبابية، أو حرية الحركة "بدي اتعرف على أبناء بلدي في القدس والضفة"، فالرقب لم يغادر القطاع المحاصر إلا ثلاث مرات لمدة أيام وكانت إلى مصر.

كذلك يتمنى ابن خانيونس –جنوب غزة- أن ينصلح الحال على المستوى الأكاديمي عبر منح دراسية توفرها الحكومة خارج غزة، بدلا من التضييق الذي يعاني منه الدارسين بسبب ضعف الإمكانيات، فيما يلخص صلاح هلال، من سكان رفح الفلسطينية، رغباته حال أهل القطاع المحاصر في كلمات متتابعة "الحصار ينفك.. معبر رفح يضل فاتح في الاتجاهين.. الظروف الاقتصادية تكون أحسن، يكون في حل جذري للبطالة، وأهم من ذلك الخريجين وموضوع الخدمات الصحية وتوفير الكهرباء 24 ساعة".

أما بسام البطة، فقرر أن يؤجل فرحته "صار لنا نجرب على مدار السنين الماضية نفرح.. كل ما حصل حتى الآن بالنسبة للمواطن كلاكيت رابع مرة.. ننتظر الجديد والذي لم يحدث حتى الأن".

يوقن البطة أن اشتياق الناس للمصالحة مرتبط بشكل طردي مع خوفهم "بالتالي سنظل نأمل على استحياء أن يتم الاتفاق". بالنسبة للمواطن الأربعيني فالمصالحة أمر عظيم الأهمية "بل مطلب تمليه ضرورات المرحلة الحالية والمستقبلية في ظل تصاعد الحملة الصهيونية ضد الأرض والمقدسات مستغلة انقسامنا البغيض" حسبما يقول.

يعمل البطة في المجال الخيري بالقطاع، يحتك يوميا بأعباء الناس "هم ينتظرون حل لمشاكلهم الإنسانية .. المياه والكهرباء والتحويلات الطبية والأدوية"، فيما لا يأمل الرجل الأربعيني أكثر من فتح المعابر بشكل دائم بعد حصار دام 11 عاما.

يتذكر البطة بأسى أزمات كثيرة يعاينها الغزاويين على بوابات الدخول والخروج "بنصير نشوف مرضى ما بيقدروا يتعالجوا"، يُلقي باللوم على السلطات بشكل كبير "وعلى حالة التسيب ياللي بنشوفها والرشاوي اللي بتتدفع عشان الناس تخرج من غزة"، يتمنّى أن يبادر الرئيس محمود عباس ببادرة إيجابية للقطاع، كخطوة رفع العقوبات عن غزة "عشان نتأكد إنه بالفعل في شيء عم يحصل مش مجرد أحضان وابتسامات".

لا يتمادى الغزاويين الأربعة في الأمل، يرى الرقب أن المصالحة لازالت "كلام على الورق"، وأن بقاء الدور المصري على قوته في دفع الفصيلين لتنفيذ بنود الاتفاق هو ما يبقي الاطمئنان في نفسه كما يقول، معتبرًا أن الأمور ستضح خلال الشهور القادمة لكنه لا يجد ضررًا من فرحة تنعم بها نفوس أهل غزة المحاصرة.

فيديو قد يعجبك: