إعلان

"قراصنة البحيرات".. ينهبون خيرها ويرهبون الصيادين بتهديد السلاح

01:15 م السبت 22 يوليه 2017

كتبت- علياء رفعت ونانيس البيلي:

"حيتان البحر" عبارة يصف بها صيادون بحيرات مصر الشمالية "القراصنة" الذين ينهبون خيراتها دون رقابة، ما دفعهم لاستخدام العنف ضد صغار الصيادين لمنعهم من الاقتراب إلى الأجزاء التي يسيطرون عليها عٌنوة تحت تهديد السلاح، لم تقتصر ممارسات بلطجة القراصنة عِند هذا الحد ولكنها امتدت أيضًا لتشمل إنشاء المزارع السمكية الخاصة داخل البحيرات وهو ما يجرمه القرار رقم 431 لسنة 1987 الصادر عن الهيئة العامة للثروة السمكية.

"القوانين لا تحمينا" تلك هي القناعة التي انطلق منها بعض الصيادين بمختلف البحيرات لدفع "الإتاوات" التي يفرضها هؤلاء القراصنة، لضمان حماية صيدهم لبعض الأسماك بشكل يومي حتى يتحصلون على قوتهم ولا يعترضون لقطع شِباكهم أو تهديدهم بإطلاق النار، فالقانون الأوحد الذي لا يتغير في البحيرات كما يقره الصيادون "الكبير بيأكل الصغيّر.. زي السمك بالظبط".

2

على أحد مراكب الصيد القديمة ببحيرة البرلس وقف "محمود" - اسم مستعار- إلى جوار مجموعة من أصدقائه الصيادين الذين يعانون من تبعات "القرصنة". فالرجل الخمسيني الذي قضى أكثر من ثلاثين عامًا لا يعرف غير الصيد حرفة يقتات منها، أصبح كما يقول "على فِيض الكريم" بعدما امتنع عن النزول للبحيرة بقاربه لفترة عقب قطع اللانشات المخالفة لشباكه، وتعرضه وطفله للاعتداء داخل البحيرة أثناء الصيد "طلعوا علينا واحنا بنصطاد وقالوا لنا يا تلموا الشبك يا هنضربكوا بالنار".

3

"الجُزر اللي هناك دي كلها ملك البلطجية اللي خدوها وضع يد، حولوها لمزارع سمكية بترمي صرفها في البحيرة وبتكسب من الهوا" كلمات لخّص حمودة الحمراوي بها وجها آخر من أوجه القرصنة ببحيرة البرلس التي انتشر داخلها إما اقتطاع أجزاء كبيرة من جٌزرها أو تجفيف بعض الأجزاء التي تتواجد بالقرب من المياه الضحلة لتكوين جزر يتم تحويلها لمزارع سمكية خاصة بالقراصنة، ويحذر الاقتراب منها أو الصيد إلى جوارها.

4

ورغم أن شرطة المسطحات المائية على عِلم بوجود تلك المزارع المخالفة، وهي آخذة في الازدياد ليتحول بعضها لمزارع دواجن إلى جانب مزارع الأسماك بقلب البحيرة، إلا أنها لا تُتحرك - بحسب أهالي المنطقة - الذين يُقِرون بوجود نوع من الإتاوات والمناصفات الشهيرة التي يفرضها بعض أمناء الشرطة في المسطحات المائية على أصحاب المزارع المخالفة نظير عدم إغلاقها أو الإبلاغ عنها، بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى تضليل الحملات التفتيشية في مقابل أن يزيد الصيادين من دفع الأموال.

بالقرب من بوغاز البرلس يقع قسم شرطة المسطحات المائية، ورغم أن تشطيباته قد انتهت تمامًا حديثًا عقب بنائه إلا أن القوات لم تتسلمه بعد، وهو ما يبرره محمد شرابي، نقيب صيادين البرلس، بأنه سببه تضارب القوانين وتفرق دم الصيادين بين مختلف الجهات، وهو ما جعلهم ينادون منذ زمن بعيد بإنشاء وزارة خاصة بشؤون الصيد والبحيرات كي تكون مسؤولة عن محاسبة المقصرين والمُتراخين.

صيادين : ندفع " الاتاوة " .. و"الكبير بياكل الصغير زي السمك "

"شرطة المسطحات مبتطلعش تستكشف بليل عشان معندهمش المعدات اللازمة" قالها شرابي موضحًا أسباب انتشار المخالفات في البحيرة، حيث تتم كل عمليات القرصنة والصيد الجائر باللانشات، من بعد الانتهاء من صلاة العصر وحتى صلاة الفجر يوميًا، دون وجود أي نوع من أنواع الرقابة.

6

"لو الوضع استمر كده كام شهر هنسيب البلد ونمشي، بحريتنا اتخربت واللي كان كان" بوجه يملأه الحُزن قالها أحد أهالي برج البرلس، مُشيًرا إلى أن أغلب الصيادين أصبحوا لا يجدوا ما يسدون به رمق أطفالهم بسبب سوء الأحوال رغم أنهم حاولوا التواصل مع كل السؤولين، وعلى رأسهم محافظ كفر الشيخ ورئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب، ولكن دون جدوى.

7

"بيقولنا الحرم ده بتاعنا محدش يجي يصطاد هنا" عدد من صيادي بحيرة إدكو أفصحوا عن وجود قراصنة يقتطعون مساحة من البحيرة ويقومون وحدهم باستغلالها ويمنعون غيرهم من الصيد، ويقول حمادة النويري، شيخ صيادين إدكو، إن المنع يصل لتهديدهم كثيرا بإطلاق النار عليهم، ويقول الصيادون إنهم يرضخون وينسحبون فورا مبتعدين عن المساحات التي يسيطرون عليها.

"القوي بيأكل الضعيف" قالها نمير أحد صيادين بحيرة إدكو، مٌضيفًا أن أصحاب المزارع السمكية أيضًا يمارسون البلطجة ويمنعون الصيادين من الاقتراب من المساحة المحيطة بها "بيمنعونا وبيقولولنا ده تبع مزرعتنا روح اصطاد في حتة تانية".

8

يقول الصيادون إن القراصنة يضعفون من إنتاج البحيرة ويعتبرون من أكبر المشكلات في بحيرة إدكو لأن مساحتها كبيرة والتعديات عليها كثيرة، فيصعب ردعهم، ويقترح "النويري" شيخ الصيادين، حلولا منها تحديد المزارع السمكية المرخصة وإزالة التعديات من البحيرة إدكو وأن يصبح هناك إشراف صارم من هيئة الثروة السمكية.

نقيب صيادين البرلس: تفرق دم الصيادين بين مختلف الجهات، السبب وأطالب بإنشاء وزارة خاصة بشؤون الصيد والبحيرات

وعن كيفية سيطرة القراصنة على مساحات في البحيرة، يوضح "النويري" أنهم ينشؤون جسورا تكوّن مزارع سمكية مخالفة، ثم يقومون بعمل فتحات في تلك الجسور، ويضعون داخلها روث الماشية وأعلاف معينة ثم يقومون بضخ مياه داخلها عن طريق الماكينات، فتتحرك المياه وتخلتلط معهم، فتجذب الرائحة الأسماك من جميع النواحي، مضيفا أن السمك يدخل إلى الأحواض، فيغلقون فتحات الجسور ويصفونها من الماء، ويأخذون منها سمك الزريعة يقومون ببيعة للمزارع السمكية الخاصة، بينما يبيعون السمك الكبير في الأسواق.

ويضخ القراصنة الذين يسيطرون على مزارع خاصة مياه الصرف في البحيرة، ما أدى إلى نفوق أطنان الأسماك، ويشير الصياد "محمد فلاح" إلى أكوام من القمامة تسيل من أسفلها مياه الصرف الصحي "بيأثر على السمك والبني آدمين اللي بيصطادوا".

ويضيف "فلاح" إنه بدأ إصلاح الصرف الصحي الذي يغرق البحيرة منذ 10 سنوات إلا أن العمل يستمر لشهر ويتوقف لعام ولذلك لم يتم إنجازه إلى الآن، ويشير إلى أن مياه البحر التي تتساقط في البحيرة تعوض وتقتل جزءا كبيرا من البكتيريا الموجودة في المياه بفعل الصرف الصحي.

فيديو قد يعجبك: