إعلان

حوار- مدير متاحف سوريا: 95% من اثار تدمر في امان.. وأتمنى دعم مصر بعيدا عن الجفاء السياسي

12:24 م السبت 04 فبراير 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار ـ هاجر حسني:

خلال مرحلتين من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مدينة تدمر السورية، دمر التنظيم المتطرف معالم أثرية ضخمة من أهمها واجهة المسرح الروماني و''التترابليون'' وعدة معالم أثرية أخرى، في المدينة الأثرية.

تواصل مصراوي هاتفياً مع مأمون عبد الكريم، مدير عام المتاحف والآثار بالجمهورية العربية السورية، استعرض معه أهم المعالم التي تم تدميرها والخطط المستقبلية لإعادة ترميم الآثار المُدمرة، والقطع الأثرية التي تم إنقاذُها. تحدث أيضا عن أمله في دعم مصري لاستعادة المدينة التاريخية رونقها، بعيدا عن ''الجفاء السياسي'' بين البلدين. إذا لم تتحرك مصر سيبقى العالم العربي في مجال الآثار متخلفًا.''

"الاحتلال الأول والثاني"

امتدت فترة الاحتلال الأول لتدمر من 21 مايو 2015 حتى 27 مارس 2016. قال عبد الكريم إن التنظيم دمر خلالها المبنى المركزي أو ما يسمى الهيكل في معبد ''بل'' ومعبد ''بعل شمين'' وبوابة ''قوس النصر''، بالإضافة إلى 10 أبراج جنائزية ''مدافن''، كما تعرضت القلعة الإسلامية المُطلة على مدينة تدمر لأضرار أثناء الاشتباكات ولكنها تحت السيطرة.

وأضاف ''كان هيكل معبد بل هو الأكثر تضرراً، خاصة وأن له أهمية استثنائية بين المباني الأخرى''.

تمكنت القوات الحكومة السورية في مارس الماضي من استعادة تدمر، إلا أنها سقطت مرة أخرى في يد تنظيم الدولة الإسلامية في 11 ديسمبر الماضي. يقول عبد الكريم ''التدمير هذه المرة كان بسرعة فائقة.''

عانى المسرح الروماني و''التترابليون'' الذي يعد من أشهر المعالم الأثرية في تدمر وفي العالم أجمع، من دمار جزء كبير من واجهته المركزية، وهو ما اعتبرته منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم اليونيسكو ''جريمة حرب''.

صورة 1

ويضم التترابليون 16 عمودًا في الساحة التذكارية ومن هذه الأعمدة واحد أصلي فقط، بينما شٌيد ال15 عمودًا الأخرى حديثاً، بحسب عبد الكريم.

قبل ليلة سقوط المدينة في يد داعش خلال الفترة الأولى، تم نقل حوالي 400 تمثال بالإضافة إلى 300 ألف من القطع الأثرية الصغيرة ما يشكل نحو 95% من آثار تدمر نُقلت إلى دمشق.

قال عبد الكريم إن هذه القطع التي نقلت ''من أهم وأجمل أجزاء فن تدمر، وأصبحت بأمان حالياً''.

الإشكالية التي واجهت القائمون على حماية الآثار في سوريا هي المباني الأثرية التي كان من الصعب نقلها.

''بعد التحرير أنقذنا كميات أخرى كبيرة حتى المتضرر منها، وبقي وراءنا تماثيل كبيرة ولوحات فسيفساء ضخمة ومباني لم نستطع نقلها. هذه دُمرت أجزاء منها ولحسن الحظ لم يتم تحطميها حتى تحولت لـ (بودرة) ولكن بقيت الأجزاء قابلة للترميم مرة أخرى في أغلب التماثيل''، حسب الاثري السوري.

دعم أوروبي لا عربي

وعن المساعدات التي تلقتها سوريا لحماية آثارها يقول عبد الكريم، إن العلاقات على مستوى دول العالم جيدة، فاليونسكو كمنظمة متواجدة في سوريا بجهودها منذ عامين حتى قبل أن تتعرض تدمر للتدمير، كذلك هناك عروض من ممولين دوليين لترميم الآثار المتضررة.

وأعلن الاتحاد الأوروبي عن استعداده للدعم في إعادة ترميم التماثيل والآثار التالفة، وأرسل 50 معهد فرنسي 7 طن من مواد التغليف للآثار رغم العلاقات السياسية السيئة، كما أعلنت مؤسسة أغاخان الدولية عن مبادرة لبناء متحف جديد في تدمر وترميم قلعة حلب و20 في المئة من مدينة حلب القديمة، وفقا لمدير عام المتاحف والآثار في سوريا.

صورة 2

ولكن على العكس لم يكن الدعم العربي الذي تلقته سوريا يؤهله للمقارنة بدعم أوروبا. يقول الاثري مأمون عبد الكريم ''بالرغم من الجفاء السياسي إلا إني كنت أنتظر فقط رسالة تضامن، استشهد خالد الأسعد (عالم آثار سوري) جاءتني مئات التعازي من الدول الأوروبية ولم تأتني ولا رسالة من الدول العربية باستثناء اتحاد الأثريين العرب في مصر ومدير عام آثار لبنان ومركزين للآثار ذات بُعد دولي في البحرين والشارقة(بالإمارات)''.

إعادة الترميم

ووفق مدير الآثار السورية، فإن مديرية الآثار تسعى لوضع خطط علمية واضحة لإعادة ترميم الآثار التي دُمرت ''لدينا 2500 موظف في كل سوريا يعملون بالمتاحف في المناطق تحت سيطرة المعارضة والحكومة السورية، بالإضافة إلى 400 مهندس معماري وعدد مماثل كأثريين."

تتضمن الخطة مساعي لتشجيع السكان المحليين للعودة إلى المدينة ''بدون السكان لا نستطيع إعادة بناء المدينة،'' يقول عبد الكريم.

بدأ الفريق في توثيق جميع الأضرار الناتجة عن مرحلة الاحتلال الأول من خلال تقنية الرسوم ثلاثية الأبعاد بالشراكة مع شركة ''إيكونيم'' الفرنسية حيث كان يعمل مؤسسها كمعماري في سوريا وحرص على تقديم كل خدماته مجانياً.

ولم تحدد الخطة، بحسب عبد الكريم، تكلفة محددة لعمليات الترميم. ''الترميم سيتكلف مليارات، لا نعرف من أين سنبدأ وأين سننتهي ربنا وحده أعلم خاصة في مدينة حلب القديمة''، وبحسبه، فإن حلب القديمة هي أكثر المناطق تعرضاً للأضرار فحوالي 40 في المئة من الآثار في المدينة وضعها جيد، وحوالي 30 في المئة أضراره متوسطة وقابل للترميم وحوالي 30 في المئة وضعه كارثي.

التنقيب السري عن الآثار أمر لم تسلم منه المدن السورية وخاصة في ''دير الزور ووداي فرات''، فانفلات الأمن وخاصة في المناطق تحت سيطرة المجموعات المتطرفة دينياً كان سبباً في إطلاق يد عصابات الآثار. يقول عبد الكريم ''تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن وحده سبباً في تلف الآثار ولكن أحرار الشعب في 2013 هم من سرقوا 527 قطعة أثرية في الرقة، ولكن في المقابل حافظ أهالي في مدن أخرى على الآثار مثل أهالي بصرى (التابعة لمحافظة درعا) وسيعتز الأهالي في يوم ما بما فعلوه''.

عقب الاستيلاء على القطع الأثرية تم تهريب عدد منها إلى خارج البلاد عن طريق العصابات المحلية والدول المجاورة ولكن لا يمكن حصر عددها حتى الآن. يقول عبد الكريم ''في الأسواق السوداء العالمية لم نرى عدد ضخم من القطع الأثرية السورية المعروضة، والقطع المسروقة دائماً لا تظهر في الأسواق فوراً ولكن بعد سنوات ولذلك فإعطاء أرقام افتراضية حالياً أمر به مبالغات''.

"الأمل الوحيد"

تحرير تدمر من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية هو الأمل الوحيد الآن للحفاظ على ما تبقى من الآثار حسبما قال عبد الكريم، وكلما كان هناك سرعة أكبر في الجهود المبذولة لتحرير المدينة سيخفف ذلك من آثار التدمير ''التحرير أصبح قضية استثنائية، وهناك جهود بالفعل بدأت منذ أيام الأمر إنساني وثقافي ليس له علاقة بالحكومة السورية والمعارضة، المعركة الآن أكبر من السوريين.

ويضيف ''لن ترجع الأمور مثلما كانت قبل داعش ولكن أملنا في أن يكون واقع المدينة أقل ضرراً مما رأيناه في المرحلة الأولى.''

(الفيديو)

رغم ذلك يعتبر مدير الآثار السورية أن أبناء المجتمع المحلي لهم دور كبير في حماية الآثار في المناطق خارج سيطرة الحكومة السورية ففي بعض المناطق يكون الأهالي جهلاء بقيمة الآثار فلا يستطيعون حمايتها، على عكس مما حدث في منطقة معرة النعمان فاستطاع السكان إنقاذ معبد الفسيفساء وبعد 4 سنوات مازال المتحف بخير.

قيمة مصر في دعم سوريا أمر تطرق إليه عبد الكريم فقال مصر تملك من الإمكانات العلمية والأثرية ما يمكنها من المساعدة بعيداً عن الجفاء السياسي.

وأكد مدير عام متاحف سوريا "إذا لم تتحرك مصر سيبقى العالم العربي في مجال الآثار متخلفاً، لأنها هي الوحيدة التي من الممكن أن تقود مسيرة الآثار من خلال تبادل الخبرات والدفاع العلمي المشترك ضد التخريب''.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج