إعلان

كارثة السيول تكشف تعطل وحدة إدارة الكوارث والازمات بمصر

11:14 ص السبت 22 مارس 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تحقيق - نور عبد القادر:

كان أخر السيول الشديدة التي تعرضت لها قريته منذ قرابة عشرة أعوام، وتولت الدولة عقبها بناء قرابة ثلاث سدود لحماية القرية من السيول، فأطممن  سكان قريته'' العتمانية'' بمحافظة أسيوط، وعادوا لبناء المنازل وتعمير الاراضي وزراعتها ، بعدما أكدت له المحافظة أنه لا مخاطر على مصالحهم وحياتهم.

السيول أتت على الأخضر واليابس

ولكن ما حدث لم يكن كذلك، فجاءت السيول على الأخضر واليابس، وأطاحت بالزراعات والمنازل وأغرقت الشوارع، وهددت حياة سكان القرية بعدما لم تقوى السدود على حماية القرية وانهارت لتغرق القرية بأكملها في المياه لمدة سبع أيام متتالية .

يحكي ''حسام زيدان''، أحد سكان قرية العتمانية محافظة أسيوط والمتضرر من السيول الأخيرة، أن منزله رغم أنه بالطوب الأحمر والإسمنت، إلا انه الدور الاول بأكمله قد أمتلأ بالمياه وتعرضت الغلال والمحاصيل وكل مستلزمات المنزل للتلف والغرق، وأضطر للصعود لأعلى المنزل لحماية أسرته، ولكنه لم يتمكن من حماية أرضه التي غرفت بأكملها لكونها فى اتجاه مخرات السيول، ووصلت المياه لارتفاع ثلاثة ونصف متر، وأتلفت قرابة 25 فدان لأسرته.

تصريحات مسؤولين عن الكارثة

ورغم تصريحات المسؤولين بالمحافظة حيث أكدت اللواء إبراهيم حماد، محافظ أسيوط، أنه أمر بإعادة بناء المنازل التى تهدمت جراء السيول التى اجتاحت  خلال الايام الماضية، و ترميم جميع المنازل التي تضررت بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي، ورصد مبلغ 10 ملايين جنيه من المحافظة بجانب تعويضات الشئون الاجتماعية لتعويض الأهالي ماديا عن الخسائر التي أصابت المنقولات داخل منازلهم

لا تعويضات.. وبطاطين للمتضررين

إلا انه حديث أهل القرية يخالف تلك التصريحات فقد أكد ''حسام'' في حديثه لـ''مصراوي'' أن السيول ظلت تحاصر القرية طيلة ثماني أيام ولم ينتبه المسؤلين إلا بعد رصد الاعلام للمشكلة، ولم يتم إبلاغهم بتعويضات عن منازلهم المنهارة  أو زراعتهم التى جرفتها السيول، وأن كل ما فعلته المحافظة هو توزيع يطاطين على المتضررين، متسائلا ً''هل من الممكن أن تعوضنا المحافظة عن الالاف التى خسرنها والرعب الذي شعرنا به نتيجة عدم استعدادهم للكارثة؟، رغم علمهم بها مسبقا ً، وسوء حالة السدود التى تم بنائها وكانت سببا ً في انجراف السيول بشدة بعد انهيارها سريعا ً.

لم يتم إخطار الاهالي مسبقا بالكارثة

وبالمثل انتقد صلاح راشد، أحد مزارعي قرية العتمانية بمحافظة أسيوط، تصريحات المسؤولين بأنه لم يكن هناك استعداد للكارثة، مؤكدا أن المسؤولين لم يخطروا الاهالي بإى أخبار للاستعداد مسبقا ً وتأمين مصالحهم ومنازلهم.

واسترجع ''صلاح'' ما حدث يوم السيول، وكيف نجا بأبنائه من الموت المحقق، قائلا ُ'' منزلي ريفي بسيط وكان فى طريق مجري السيول ولولا مشيئة الله لكنت أنا وأسرتي من الموتى، فقد جاء جيراننا لأصحابنا على الجرارات الزراعية، وضاع منزلي وكل ما أملك، و كذلك خسرت محصولي بعدما غمرته مياه السيل، وأصبحت الان بلا عمل أو مأوى

''لم يتحدث معي أحد من المسؤولين قبل الكارثة أو بعدها، كما تعالي الموظفين علينا عندما طالبنا بتعويض، ولم يسعدنا أحد في إنقاذ أغراضنا، فقد شكلنا فرق بالمعدات الزراعية لإنقاذ الأهالي والوصول لأغراضهم،  وحتى الان مازالت المياه تغمر منازلنا والزراعات، وكل ما فعلته المحافظة إرسال لجنة هندسية لمعاينة المنازل من أثار السيول ''هكذا وصف صلاح سلبية  المسؤولين تجاه الكارثة.

توقف لجنة إدارة الازمات عن العمل منذ عام 

وطبقا لعلم إدارة الازمات وما كان يجب أن يتم  تجاه السيول التي اجتاحت البلاد، يرى دكتور مغاوري شحاته، رئيس لجنة إدارة الأزمات التابعة لأكاديمية البحث العلمي وخبير السيول والمياه الجوفية، أن الجهات التي تعمل في مجال الكوارث إدارة الأزمات والكوارث، هي وحدة إدارة الازمات والكوارث بمجلس الوزراء، ووحدة إدارة الأزمات بوزارة البيئة والري، وكذلك الاستراتيجية الدولية للتخفيف من آثار الكوارث الطبيعية وكانت تتبعها لها لجنة قومية للتخفيف من أثار الكوارث الطبيعية  بأكاديمية البحث العلمي، وقد رأست تلك اللجنة لسنوات، وكانت مهمتها دراسية وتقديم أبحاث وحلول، وتتضمن وكلاء وزراء  الري والصحة والداخلية وغيرها من الوزارات والهيئات وتتولى الاجتماع بشكل دوري لتحديد كل الكوارث وبالأخص السيول وبعدها الزلازل والفيضانات والانهيارات العقارية.

 ولم تنعقد هذه اللجنة منذ أكثر من عام لظروف الدولة وتغيير الوزراء بشكل مستمر، وبالأخص وزارة البحث العلمي، ولم يعد هناك اهتمام بها، رغم أن تلك اللجنة قدمت تراث جيد و مشروعات بحثية وبالأخص دراسة السيول بالبحر الأحمر ووادي النيل وتوصلت لنتائج من حيث الحماية وطرق التدبير ، وتركت تلك الدراسات لدى وزارة البحث العلمي وهيئة المساحة الجيولوجية وهيئة تنشيط السياحة .

ويوضح ''مغاوري''، رغم كل تلك الدراسات التى حددت فيها كل ما هو متعلق بالسيول ووسائل الحماية وأماكن تعرض السيول، وخاصة منطقة سوهاج وأسيوط، فمن المعروف أن مصر تتعرض للسيول فى الخريف والربيع بدأ من مارس وحتى إبريل ومن اكتوبر حتى نوفمبر، ولكن الدولة  لم تستعين بتلك الدراسات خلال الكوارث الاخيرة

التعامل مع الكارثة بعد وقوعها فقط

وحول ادارة الدولة للازمة، شرح ''شحاتة'' أن الدولة تعاملت مع الازمة بعد وقوعها، ورغم تصريحات المسؤولين عن الاستعدادات إلا انه لم يكن هناك حماية لمخرات السيول والمجاري والمعروفة  لها من خلال المعالم الجغرافية، والدولة كان من الممكن ان تكون مستعدة من خلال الابحاث، وللأسف كل ما أعلنوا عنه  تطهير وصيانة مخرات السيول، ولكن سقطت الامطار عمودية غزيرة مباشرة، وكان من المفترض أن يكون هناك  أطلس  للسيول.

وانتقد دكتور مغاوري سياسية الدولة حيال الازمات، مؤكدا ُ أنه لا يوجد إدارة أزمات سواء على مستوى وزارة البيئة أو وزارة الرى أو  رئاسة الوزارء، موضحا ً أنه لا يوجد سوى جهاز إدارة الكوارث التابع للقوات المسلحة ، والدفاع المدنى التابع لوزارة الداخلية رغم أنها معنية بالحرائق، ورغم انه أيضا بحاجة لدراست لتطويرها من أجل الاستعداد والاستنفار مسبقا ً

كوارث الزلازل  

وتتعدد الكوارث التى تواجه البلاد، ولا تقتصر على السيول فهناك كوارث الزلازل والحرائق وكل منها لها آلية فى إدارة الازمات، ويشرح دكتور حاتم عوده،  خبير الزلازل بهيئة الاستشعار عن بعد، أن لا يمكن التنبؤ بالزلازل ولكن هناك ما يمكن أن نقول أن هناك مناطق نشطة ومناطق غير نشظة وهو ما يقوم به المركز ويعرضه على الجهات المسؤولة بمركز دعم واتخاذ القرار، ولا يمكن التصريح إعلاميا بذلك حتى لا يسبب الآمر ''بلبلة''.

ويصرح لمصراوي، أن مناطق كالبحر الاحمر وخليج عقبة والغردفة والبحر المتوسط هب من المناطق النشطة، ولكن من الممكن أن تنشط مناطق لفترة ما وهو امر صعب التنبؤ به، ويقف دور الهيئة  على إخطار الجهات المسؤولة التى تتخذ القرار والاستعدادات .

وحول إدارة الازمات، أكد أن الزلازل من الممكن أن تكون نشاط لحظي في مكان غير نشط، وهذا يصعب التدبير له كما كان حال زلزل 92، ولكن هناك أماكن نشطة ويتم إبلاغ الجهات للاستعداد .

تدريبات إدارة الأزمات للمعاشات

هناك جهة تعني بالتدريب للجهات المسؤولة  ويتم عمل دورات تدريبية للعاملين بوحدات إدارة الازمات داخل المحافظات والوزارات ومجلس الوزراء وهي اكاديمية ناصر وحول تلك الدورات ومدى أهميتها وتفعيل دورها يشير اللواء طلعت موسي، أحد القيادات العاملة في مجال تدريب على إداة الأزمات، أن الاكاديمية تعطي دورات تدريبية حول فكر إدارة الازمات وانواعها ، ومن المفترض أن الوزارات والمحافظات ومركز ‘دارة الازمات والكوارث  التابع لرئاسة الوزراء  تقوم بترشيح مجموعات من الموظفين العاملين بإدارات الازمات لاجتيازها.

ولكن ما يحدث عكس ذلك فأغلب من ترشحهم هم موظفين اوشكوا على الوصول لدرجة المعاش أو موظفين بحاجة للتخلص من ضغوط العمل والقدوم لنزهة بالقاهرة ، ويحضر خلال الدورة التدريبية قرابة أربعون موظفا كل دورة.

غياب وحدة إدارة الأزمات بالمحافظات

وأوضح ''طلعت'' أن إدارة الازمات والكوارث من المفترض أن تشكل وحدة تابعة لكل محافظة وتتشكل من وكلاء الوزراء المعنين بالكوارث كالصحة والبيئة والري والدفاع المدني، ويكون لها مركز معلومات تابع لها يمدها بكافة الدراسات والابحاث والمعلومات عن الكوارث المحتمة والدراسات التى توضح ألية التعامل معها حسب الكوارث المحتملة لكل محافظة سواء كان سيول او زلازل او حرائق او غيرها ، ويخضع العاملين بتلك الوحدة للتدريب، مشيرا ً إلى أن ذلك لا يحدث   والبعض يتخيل أن غرفة العمليات بالمحافظة هي وحدة الازمات او الكوارث، كما أنه من المفترض أن يكون هناك ميزانية خاصة بالكوارث والازمات بكل محافظة، ولكن المسؤولين لا ينفقوها على تلكؤ الامور وتنفع فى وجوه آخري.

وبالمثل أكد اللواء جمال حشمت، أحد مسؤولي التدريب  بأكاديمية ناصر، أن أغلب من يأتوا للتدريب من قبل المحافظات ليس لهم علاقة بإدارة الازمات، والدورة تظل على مدار عشرة أسابيع ولكن اغلب من يحضروا فوق الخمسين، رغم أنها من المفترض لصغار الموظفين ، ويكون هناك ثلاث مستويات للتدريب  الاول خاص بالتوعية بالأزمات والثاني التدريب عليها توقع السيناريوهات المحتملة  والمستوى الثالث متعلق بدراسة البحوث المتعلقة بالكوارث والازمات والدوس المستفادة منها

القرارات الوزارية غير مُفعلة

''ورغم صدور قرار وزاري  رقم 1537 - لسنة 2009 - بشأن تشكيل لجنة قومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها بمجلس الوزراء، إلا ان هذا القرار غير مفعل، ولا يوجد ما يسمي بوحدات إدارة الازمات بالأحياء والمحافظات او الوزارات ، وحتى لو وجدت فهي غير مفعلة ولا يوجد بها متخصصين في إدارة الازمات وربما تجد ''عمال البوفيه'' هم اعضائها كما يحدث في بعض المحافظات و من ليس لهم مهنة، رغم أنه من المفترض أن يكون هذا الكيان متخصص وليده كوادره المتدربة''، هكذا وصف ''حشمت'' الوضع الحالي لإدارة الكوارث فى مصر مشيرا ً إلي أنه مطلوب إعادة تشكيل تلك الوحدات على مستوى المحافظات وبالأخص المعرضة للكوارث وحصرها والتدريب عليها من خلال السيناريوهات المحتملة.

لا توجد ميزانية للكوارث

وأشار إلى أنه من المفترض أن كل الدولة تخصص ميزانية محددة لمواجهة الازمات والكوارث وللأسف لا يوجد ذلك في مصر، ولا يتم مواجهة الكارثة إلا بعد حدوثها، وبعض المحافظات تظن أن الدفاع المدني هو المسؤول عن إدارة الكوارث رغم انه معنى فقد بالحرائق والانهيارات، أما الكوارث الطبيعية فليس له علاقة بها.

دور وحدة إدارة الازمات بمجلس الوزراء

ويعقب اللواء أسامة سنجر، مسؤول وحدة إدارة الأزمات بمركز دعم واتخاذ القرار برئاسة الوزراء، أن هناك قرار وزاري معني بإدارة الكوارث رقم 1537 - لسنة 2009 - بشأن تشكيل لجنة قومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها بمجلس الوزراء، وقام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء بإنشاء قطاع إدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها ليتولى مهام الأمانة الفنية لكل من اللجنتين القومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها والاستشارية، والاضطلاع بمسؤولية متابعة تنفيذ البرامج والخطط الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها، وإعداد برامج التدريب المختلفة، ونشر الوعي الثقافي بإدارة الأزمات الكوارث والحدّ من أخطارها، وتقديم الدعم الفني لقطاعات الدولة المختلفة لتمكينها من إعداد البرامج والخطط الخاصة بالاستعداد والتصدِّي للأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها.

وانتقد ''سينجر'' الاتهامات الموجه للوحدة بأنها غير مفعلة ولا تعمل قائلا ً ''اللجنة موجود وأعضائها من الوزارات والمحافظات، ويتم اجتماع اللجان التنسيقية والاستشارية  بشكل  دوري، ويوجد وحدة إدارة أزمات  بكل محافظة، ولكن تختلف من محافظة لمحافظة حسب رؤية المحافظ  ووعيه واهتمامه بالكوارث.

وتابع: ''لدينا خطط واستراتيجيات للسيول والزلازل ويتم مراجعة المحافظات قبل موسم السيول ويأتي تقرير بما تم إنجازه من أعمال قبل موسم السيول وما تم من تطهير للمخرات ومجاري السيول، والتأكد من عدم البناء في مجراها، وكل ما ينطبق على السيول ينطبق على الزلازل  ويتم التنسيق مع معهد البحوث الفلكية وما لديه من شبكة لرصد الزلازل  وهي مرتبطة بالشبكة العالمية''.

أما ما يتعلق بضرورة وجود ميزانية لإدارة الازمات، فصرح ''لا يوجد في الميزانية العامة للدولة ما يسمى ميزانية لمواجهة المخاطر والكوارث، وهو امر جيد ولكن طبيعة الدولة ليست كاليابان او غيرها من الدول المهددة دائما.

وأنهي ''سينجر'' حديثه بأن التدريب لا يتم للمعاشات وإنما ايتم للمعنين بإدارة الازمات، موكدا أن المركز أشرف على تنظيم اربعون دورة تدريبية بالتنسيق مع أكاديمية ناصر، وشملت التدريب على اخلاء مدارس ومصانه وبواخر ومواجهة سيول.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان