إعلان

بعد 10 سنوات من عمله.. حكاية مركز "مافيا تجارة الأعضاء" بالجيزة صاحبه رُشح لمنصب مهم

06:48 م الأربعاء 23 أغسطس 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد شعبان:

كعادته استيقظ الدكتور "عبد الناصر" مبكرا قاصدا مستشفى إمبابة العام؛ للتفتيش على وحدة الغسيل الكلوي هناك -بحكم وظيفته الحكومية- لكن لم تمر سوى ساعتين على وصوله ليتلقى اتصالا من أحد أقاربه أخبره بمداهمة مركزه الطبي بمركز أبو النمرس بالجيزة، وإلقاء القبض على جميع العاملين بتهمة الإتجار في الأعضاء البشرية، اختفى بعدها.

السابعة صباح الخميس الماضي، هدوء يسود شارع السوق بمركز أبو النمرس -حيث يوم العطلة- تقطعه صوت سيارة ملاكي فارهة توقفت أمام عقار مكون من 5 طوابق عليه لافتة كُتب عليها "عيادات الشيمي التخصصية"، أعقبها بدقائق وصول عربات الشرطة التي طوقت المنطقة بالكامل "قبضوا على اللي كانوا في العربية ودخلوا المركز"، يقول صاحب محل أدوات منزلية ملاصق للمركز الطبي، إن ضابطا أخبرهم بما يدور بالداخل "مسكنا عصابة إتجار في الأعضاء البشرية".

تحريات جهاز الأمن الوطني أشارت إلى إجراء المركز لجراحة استئصال كُلى وجزء من كبد شاب مصري لصالح سيدة سعودية مقابل 20 ألف دولار.

طوال 10 سنوات -هي عمر المركز- لم تلحظ "أم محمد" حارسة العقار المجاور له أية تحركات غريبة "كان مفتوح 24 ساعة.. ناس داخلة خارجة"، تلتقط ابنتها طرف الحديث مؤكدة أن غالبية المترددين على المركز "ناس غلابة".

"كان ملتزم وفي حاله" يشير عامل بمحل دواجن إلى أن مالك المركز اعتاد شراء احتياجات المنزل من الدواجن واللحوم بشكل أسبوعي "كان بشوش ومالوش في المشاكل"، بينما يشير عامل بمحل سوبر ماركت إلى أنه كان يلاحظ سيارات إسعاف تتوقف أمام الباب الخلفي للمركز في ساعة متأخرة من الليل "ماكنتش بتضرب سرينة".

منذ عام، كان الدكتور عبد الناصر مديرا لمستشفى أبو النمرس العام، قبل ترقيته كمسؤول عن وحدات الغسيل الكلوي بمحافظة الجيزة "كان منظم وبيدقق في كل حاجة" يشير طبيب مقيم بنفس المنطقة إلى أنه لم يلحظ أي تصرفات مريبة على "عبد الناصر" طوال الفترة الماضية "أنا سمعت باللي حصل من الجيران".

على بعد أمتار من المركز، يقع برج "الروبي" المملوك لأقارب الدكتور عبد الناصر، الصدمة تسيطر على الجميع داخل معرض أدوات منزلية يملكه أشقاء زوجة مدير المركز "مش مصدقين إن ده حصل.. في حاجة غلط"، يقول أحدهم بنبرة يكسوها الثقة "ده راجل عمره ما أذى الناس".

رُزق مالك مركز الشيمي الطبي بثلاث فتيات أكبرهن خريجة صيدلة، وطالبة بكلية التربية الرياضية، وأصغرهن حصلت على 95.5% في الثانوية العامة هذا العام "إحنا كنا بندور على كلية طب تقبلها" يؤكد أحد أقاربه -تحفظ على ذكر اسمه- أن مالك المركز رفض إلحاق ابنته الصغرى بكلية خاصة لعدم قدرته على تحمل المصروفات "كان بيقول أنا دخلت بنتي الكبيرة صيدلة بالعافية".

يتوقف شقيق زوجة الدكتور عبد الناصر عن الكلام لحظات، يحاول استجماع قواه التي خارت، فلم تمر سوى ساعات على وصوله من رحلة عمل بدولة الصين "عرفت الخبر من النت"، متسائلا: "ده كان رايح يقبض المرتب.. لو بيتاجر في الأعضاء كان قدم لبنته في كلية خاصة ولا حتى مدورش على المرتب؟".

يُعدل الشاب الثلاثيني من وقفته، شاخصا ببصره نحو المركز "ده كان مترشح لمركز كبير في الوزارة"، يوضح أن الدكتور عبد الناصر كان سيجمعه لقاء بأحد كبار مسؤولي الوزارة يوم الأحد الماضي؛ لمناقشة ترشيحه لمنصب مرموق.

"المصايب بتيجي مرة واحدة" يؤكد أحد العاملين بالمعرض أنه تم تحديد موعد حفل زفاف ابنة مالك المركز الكبرى ليقام الشهر المقبل، مشددا على أن الصدمة تسيطر على أهالي المنطقة "ماحدش مصدق.. الراجل ده كان عامل الكشف بمبالغ رمزية".

وبسؤال شقيق زوجة الدكتور عبد الناصر عن مكانه، أكد أنه لا يعلم "تليفونه مقفول.. وانا احتجزوني 12 ساعة في المركز لما سألت عليه"، ليطالب العمال بالعودة إلى العمل "اللي حصل حصل.. وربنا هيظهر الحق".

وكانت معلومات وردت إلى ضباط قطاع الأمن الوطني، بقيام مجموعة من الأطباء يعاونهم ممرضين وعمال بتكوين شبكة لتجارة الأعضاء البشرية، وأنهم اتفقوا مع عدد من المواطنين على نقل بعض أعضائهم البشرية، لمرضى أجانب مقابل مبالغ مالية كبيرة، مستغلين حاجتهم للمال.

وداهمت قوات الأمن المركز الطبي بأبو النمرس -التاسعة صباح الخميس الماضي- وألقت القبض على 3 أطباء، 4 ممرضين، 3 عاملين بمستشفيات، و2 سماسرة، أثناء إجراء جراحة استئصال كُلى وجزء من كبد شاب مصري تمهيدا لزرعها لمريض خليجي مقابل 20 ألف دولار، وعُثر بحوزتهم على مبالغ مالية، وتم تشميع المركز بالتنسيق وزارة الصحة.

وأمرت نيابة حوادث جنوب الجيزة الكلية، برئاسة المستشار عبد الحميد الجرف، بضبط وإحضار 4 متهمين هاربين ضمن العصابة.

فيديو قد يعجبك: