إعلان

قصة كفاح عاشقة "الجزارة".. شقّت طريقها بالسكين والساطور ونجحت في الجزارة والدراسة (صور)

05:04 م السبت 16 ديسمبر 2017

القليوبية - أسامة علاء الدين:

فتاة بمائة رجل.. هكذا وصفها عدد من الجزّارين بالمدينة، إذ نجحت فتاة بنها في أن تضرب مثلًا يُحتذى به بين الرجال، بعد امتهانها الجزارة مهنة، لتصبح أول جزّارة في تاريخ المهنة بوادي النيل.

لم تجد الفتاة سبيلًا بعد وفاة والدها المعلم مدبولي، سوى امتهان مهنته واستكمال مسيرته، لتنفق على والدتها المسنّة، وشقيقاتها الثلاث، ورغم صغرها تحملت مسؤولية الأسرة على عاتقها، ولتحمل في سبيل ذلك الساطور والسكين.

طريق السكين والساطور

"كنت أعمل مع والدي رحمه الله، من سن السابعة، كنت أساعده في كل حاجة، وعلمني منذ الصغر التعامل مع السكاكين واللحوم، دون أن يترك شيئًا"، هكذا بدأت آية مدبولي حديثها لــ"مصراوي"، مضيفة "الكل يعتبرونني رجلًا، لأنني أصرف على أمي وأخواتي منذ وفاة والدي، ليس لنا أخ لكي يحمل الراية ويتحمل ظروف المهنة الشاقة، رغم ما واجهني من متاعب في البداية فإنني أحببت المهنة التي أصبحت مصدر الدخل الوحيد لي ولأسرتي".

قالت "آية" مسترسلة في حديثها عن والدها "توفي والدي – رحمه الله – وأنا في الصف الثاني الثانوي، ولم تعرف أي من شقيقاتي عن المهنة كما عرفت وتعلمت، كما لم تكن أمي لتقدر على الوقوف والذبح والبيع والشراء".

بعد وفاة الوالد، تبقى للأسرة كلها معاش مقداره 300 جنيه فقط، وأصبح الفتيات وأمهن تحت تهديد الفقر والفاقة، وعندما لم يكن هناك من يتلقف الراية، كانت هي جاهزة لتلقفها وبداية مرحلة جديدة في حياتها وحياة أسرتها.

فتاة بصرامة رجل

كانت الفتاة رجلًا في صرامتها، فلم تتردد أو تفكر في كلام الناس، قالت "لم أفكر لحظة أن هذه المهنة قد تسيء لي، ولم ألتفت إلى نظرات الناس، لكنني كنت أعلم أن الله سيوفقني في حياتي ولن يخذلني أبدًا، فما فعلت شيئًا يغضبه إنما أعمل حلالًا لآكل وأسرتي من حلال.

نجاح في الجزارة والدراسة

من ناحية أخرى لم تشكل "الجزارة" عائقًا أمام مشوارها الدراسي، وبكل ثقة وتحدٍ وإيمان، أرجعت الفضل كل الفضل إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إلى والدتها، قائلة "تحملت أمي معي الكثير منذ وفاة والدي، شجعتني على الوقوف في سوق الجزارة، ورفضت أن أترك دراستي، بل قامت بتشجيعي، ووقفت بجانبي، إلى أن أكرمني الله وأنهيت مرحلة الثانوية العامة بتفوق تام، وكان مجموعي يؤهلني للالتحاق بكلية الإعلام، التي كانت حُلمي منذ الصغر، لكن ظروف المهنة حالت دون ذلك، فالتحقت بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بمدينة بنها، لإمكانية التوفيق بينه وبين العمل، وسيسمح لي بالوقت الكافي لممارسة عملي.

وأشارت "آية" إلى أنها تقوم بجميع أعمال الجزارة، بداية من "الذبح"، مرورًا بالسلخ، وشراء العجول، والبيع والتقطيع، "لحمة، وفشة، وكرشة، ومومبار، وغيرها، مؤكدة أنها تعلمت الذبح منذ أن كانت في السابعة من عمرها.

عاشقة "الجزارة": لا يوجد فرق بين البنت والولد

وأظهرت "فتاة بنها" عشقها لمهنة "الجزارة"، وأنها قبل أن تكون مصدر رزقها الوحيد، فهي مهنة تهواها وتعشق ممارستها، وتجد وسط معلمين الجزارة في السوق سعادة كبيرة، "فالجميع هنا يعتبرونني ابنتهم" – حسب قولها-.

وجّهت "آية" نصيحة لكل فتاة تفرض عليها الحياة ظروفًا صعبة، أن تواجه الحياة، وتُحارب وتتجاوز العقبات، قائلة "إن الحياة تحب الأقوياء، أنا لا أرى أي فرق بين البنت والولد في عصرنا الحالي"، مطالبة الفتيات بأن يعملن ما يحببن، ولا يلتفتن لنظرة المجتمع لهن.

جبل من عطاء وحنان

أما الأم فهي الجبل الحقيقي، فهي المصدر المعطاء الذي أهدى هذه البطلة وأخواتها للحياة، بهذه الأخلاق النادرة، وهذه الإرادة الصلبة.

بعد أن تنهدت كأنها تتذكر الماضي، قالت "عندما توفي زوجي، تحدثت مع ابنتي في الموضوع، فردت دون تردد – سأترك التعليم وأتفرغ للجزارة – فرفضت رفضًا قاطعًا، وشجعتها على الوقوف في المحل دون التقصير في دراستها، والحمد لله نجحت وتفوقت في الدراسة والجزارة في آن معًا".

وأضافت الأم "ظروف مرضي أرغمتني على الجلوس، ولم أستطع ممارسة مهنة الجزارة الشاقة"، وبينما انسكبت الدموع من عينيها داعية لابنتها "ربنا يبارك فيك يا ابنتي، دونك ماذا كنا سنفعل أنا وأخواتك البنات".

فيديو قد يعجبك: