إعلان

"في رمضان دفَنّاهم وانتهت الحكاية".. اعترفات البشير والإخوان بـ30 عامًا من الدم والفساد

11:01 م السبت 28 ديسمبر 2019

الرئيس السوداني المعزول عُمر البشير

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود:

عرضت قناة "العربية"، أول أجزاء سلسلتها الوثائقية التي تحمل عنوان: "الأسرار الكبرى.. جماعة الاخوان"، والتي كشفت من خلالها طريقة إدارة جماعة الإخوان في السودان للبلاد منذ انقلاب عام 1989.

احتوى الجزء الأول من السلسلة الوثائقية والذي تم عرضه مساء الجمعة، على وثائق صادمة حول تمكّن الرئيس المخلوع عمر البشير، وقيادات حزب المؤتمر الاخواني ورموز التنظيم في السودان من إحكام قبضتهم على مقاليد الحكم ونجاحهم في السيطرة على مفاصل الدولة طوال 30 عامًا.

الوثائق التي تم عرضها، عبارة عن تسجيلات سرية لاجتماعات قيادات إخوان السودان، يقرّون فيها بتدبير انقلاب 30 يونيو عام 1989، وما ارتكبوه من بطش واعتقالات وتعذيب بحق كل من كان خارج فصيلهم. تحدثوا عن فسادهم وفشلهم في إدارة الدولة، ورغم ذلك تمسكوا بالحكم حتى لو على رقاب المتظاهرين، بحسب الوثائقي.

انقلاب 1989 "أهداف زائفة"

صباح 30 يونيو 1989؛ وضع الضباط المنتمون للإخوان مع قادتهم المدنيين بزعامة حسن الترابي وعلي عثمان طه الذي قاد فعليًا المجموعة المدنية المسلحة، وضعوا اللمسات الأخيرة لانقلابهم والإطاحة بالحكومة المُنتخبة.

بحسب الوثائقي، جاء الانقلاب رغم مشاركة الإخوان في البرلمان وائتلاف حكومي خرجوا منه بسبب توقيع قوى في الحكومة اتفاق مع الحركة الشعبية في فبراير عام 1989، رغم أن جوهر الاتفاق هو نفسه الذي وقعته حكومة الإخوان عام 2005، مع الحركة الشعبية بعد أن سالت دماء آلاف السودانيين في الحرب وغيرها خلال سعي الإخوان البقاء في السلطة.

ورغم أن الهدف المعلن للسيطرة على كرسي الحكم كان وقف التدهور الاقتصادي والأمني، إلا أن سعر الدولار وقتذاك في 1989 كان 4 جنيهات سوداني، وعند سقوط البشير في أبريل 2019 كان الدولار يعادل 75 جنيه سوداني، بحسب الفيلم الوثائقي.

"في رمضان دفناهم وانتهت الحكاية"

عقب انقلاب الإخوان؛ سرعان ما انتشرت الاعتقالات والتعذيب الواسعة فيما عُرف بـ"بيوت الأشباح".

كانت أبرز الجرائم، مذبحة إعدام 28 ضابطًا من القوات المسلحة السودانية والتي تعرف بـ"حركة 28 رمضان"، وذلك بعد أقل من عام من توليهم السلطة في أبريل عام 1990.

وفي اجتماع لمجلس شورى الاخوان –نقلته أولى حلقات الوثائقي- اعترفوا بالمجزرة وبأن البشير كان يعلم بالمحاولة الانقلابية وينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض عليهم، قائلاً: "أوصلناهم إلى رمضان ودفناهم".

وأضاف البشير: "لو سبقونا البعثيين بـ48 ساعة.. ما الذي سيحصل؟، خلال 48 ساعة جمعوا خيرة ضباط الجيش.. نحن استلمنا يوم الجمعة وكان موعدهم يوم الأحد ولم يتوقفوا يوم السبت بدأوا التنفيذ.. سهرنا الليل لإحباط محاولة البعثيين يوم السبت، ظلوا يحاولوا حتى أوصلناهم رمضان، وفي رمضان دفناهم وانتهت الحكاية".

كما تحدث الوثائقي عن إعدام جرجس القس ومجدي محجوب في 17 ديسمبر 1989، بزعم تجارتهما في العملة، وجرائم أخرى.

الحركة الإسلامية "الدولة لنا"

نقل الوثائقي عن بعض الكتب الجملة الشهيرة التي وجهها مدبر الانقلاب حسن الترابي للبشير، قائلاً: "اذهب إلى القصر رئيسًا وسأذهب إلى السجن حبيسًا" لتبدأ بعدها فترة طويلة من الحكم الإخواني في السودان.

في إحدى المقاطع، يظهر البشير موجهًا حديثه لجمع من الحركة والحزب، ويقول: "كنت شاعر بفراغ كبير جدًا بعد حلّ الحركة الإسلامية، تكلمت مع الشيخ الترابي رحمه الله، قلت له لماذا قمت بحل الحركة؟، فجاوبني: حتى لا تقيّد الدولة".

واستطرد: "قلت له الدولة ملك لمن!.. نحن يا شيخ حسن قناعاتنا أن هذه الدولة ملك للحركة الإسلامية، لأنك جئتنا ونحن في اجتماع ونحن ضباط وقلت لنا إخوانكم قرروا أنكم تستلموا السلطة، ما سألناك إخواتنا مَن؟".

يستكمل البشير حديثه وفي الخلفية أصوات الحاضرين يكبرون: "هذه الحركة هي اللي قررت، ونحن قلنا على السمع والطاعة".

التوغل في الدولة وخوف من النموذج المصري

أكثر من 600 ألف مواطن تم فصلهم من وظائفهم –بحسب الوثائق- وتم استبدالهم بالإخوان أو موالين للانقلاب

ويقرّ البشير في أحد الاجتماعات: "الإخوان موجودين في كل مفاصل الدولة.. كل مفاصل الدولة ماسكينها إخوان، والناس اللي عابوا علينا اننا أتينا بالاخوان في كل مفاصل الدولة الآن شاهدوا ما حصل في مصر؛ كل مفاصل الدولة كانت ضد الإخوان فشالوهم في يوم واحد".

ظهر البشير في مقطع آخر وهو يؤكد أهمية مبدأ السمع والطاعة المعروف لدى جماعة الإخوان، قائلاً: "عضو الحركة الإسلامية أقوله شيل بندقية واقف خفير لهذا المبنى، يشيل البندقية ويقف.. هذا هو عضو الحركة، الذي لا يطيع الأمر في المنشط والمكره ما لم يكن في المعصية، ليس عضوا في الحركة، لذلك مشروع البنيان المرصوص هو المشروع الموجه لعضوية الحركة ليربّط ويمتّن صفها".

إقرار بخرق القوانين

علي عثمان محمد طه القيادي بالنظام البائد، اقرّ في مقطع مصور بخرق نظام البشير للقوانين بهدف الحفاظ على رجالهم في أعلى المناصب: "الدولة القائمة الآن هي دولة المشروع الإسلامي الذي يجب أن نحافظ عليها وأن تكون خياراتنا وجهدنا منصبا للمحافظة عليها وتقويتها باعتبارها المنصة الأولى التي من خلالها تسعى الحركة الإسلامية لتنزيل مشروعها وتجمع بين السلطان والقرآن".

ويؤكد طه: "حتى عندما نسن قانون نخرج عليه، نقول للناس التراضي والشورى والكفاءة.. ونقول نعمل قانون لكن نرجع نقول ان هذا القانون ما بيجيبلنا ناسنا، فنقوم نعمل قانون ونخرقه بالتصرفات الإدارية لأنه ما هايجلب لنا المدير اللي نريده، ده اللي يخلي الناس ينظروا لأن الحزب او الحركة هما الوسيلة للوصول الى السلطة وليست الكفاءة المهنية التي تقتضيها الوظيفة العامة".

دعم التنظيمات في الخارج

أشار الوثائقي إلى اهتمام دعم إخوان السودان للجماعات الإسلامية في خارج بلادهم، بل اعتبروا أن نموذجهم في السودان مثلاً يُحتذى به ويتطلع إليه آخرون في بعض الدول العربية.

عصام أحمد البشير القيادي في جماعة الإخوان، يقول في إحدى الوثائق: "نؤكد أن دعمنا لهذه الحركات لم ينقطع يومًا، وإن تعددت الوسائل وتنوعت الصور، تبعًا لتقديم المصالح".

فيما يتحدث أمين حسن عمر القيادي في جماعة الإخوان، عن ضرورة دعم الإخوان في تونس، قائلاً: "إخوتنا في تونس بحاجة إلى دورة تدريبية في الحملات الانتخابية نعينهم وإذا احتجناهم يعينونا".

من ناحية أخرى، شارك قادة من تنظيمات الإخوان من دول عربية عدة في اجتماعات سرية عُقدت في الخرطوم، حيث أثنوا على تجربتها ودافعوا عن فسادها وفشلها، بحسب الوثائقي

طارق السويدان، القيادي في جماعة الإخوان بالكويت، قال في أحد الاجتماعات بالخرطوم: "نحن نعلم أنكم تمتلكون قدرات بشرية غير عادية، أنا أعرف الحركة الإسلامية تقريبًا في كل مكان، فنتوقع منكم الكثير، ونتوقع أن تظهر السودان نموذجًا".

واستكمل موجهًا حديثه لجمع قيادات نظام البشير الجالسين أمامه: "الحصار الذي يجري على السودان، نحن نتابعه ونتابع جهودكم وإصراركم على المواجهة.. ولا شك طبعا بعد الأوضاع في مصر زاد الضغط عليكم..".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان