إعلان

ما هي المحكمة الجنائية الدولية التي هددتها أمريكا؟

09:46 م الإثنين 10 سبتمبر 2018

المحكمة الجنائية الدولية

كتب - هشام عبد الخالق:

هدد مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون، الإثنين، المحكمة الجنائية الدولية بمجموعة من الإجراءات، في حال استهدفت تحقيقاتها أشخاصًا من الولايات المتحدة أو إسرائيل أو "حلفاء أمريكا الآخرين"، واعتبر أن محكمة الجنايات الدولية "غير مسؤولة وغير فعالة، بل وخطيرة".

وقال بولتون، إن المحكمة تهدد -بشكل غير مقبول- السيادة الأمريكية والأمن القومي الأمريكي، لافتًا إلى أن بلاده "ستلجأ لاستخدام ما تراه ضرورياً لحماية مواطنيها وحلفائها ضد إجراءات هذه المحكمة غير المشروعة"، ومن تلك الإجراءات التي هدد بولتون بتطبيقها، منع دخول قضاة المحكمة وممثلي الادعاء إلى الولايات المتحدة، وفرض حظر على أموالهم، ومحاكمتهم أمام القضاء الأمريكي.

وتهدف المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق في مزاعم عن جرائم حرب ارتكبها أفراد من القوات الأمريكية أو المخابرات خلال الحرب في أفغانستان.

ولكن ما هي المحكمة الجنائية الدولية التي هدد بولتون بمعاقبتها؟

في 17 يوليو 1998 وافقت 120 دولة في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا على ما يُعرف بميثاق روما، واعتبرته قاعدة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، وعارضت هذه الفكرة سبع دول، وامتنعت 21 عن التصويت.

واعتبر الميثاق أن ملايين الأطفال والنساء والرجال في القرن العشرين -الذي شهد حربين عالميتين- قد وقعوا "ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة" وأنه شهد "جرائم خطيرة تهدد السلم والأمن العالمي" وأن مثل هذه الجرائم لا يجوز أن تمر دون عقاب.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية بصفة قانونية في الأول من يوليو 2002 بموجب ميثاق روما، الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل من السنة نفسها، بعد تجاوز عدد الدول المصادقة عليه ستين دولة.

اختصاصات المحكمة

تختص المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة الأفراد المتهمين بـ"جرائم الإبادة الجماعية"، وتعني حسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكًا كلياً أو جزئياً.

و"الجرائم ضد الإنسانية"، هي أي فعل من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في نظام روما، إذا ارتكب بشكل منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد والنقل القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق.

فيما تعني "جرائم الحرب"، كل الخروقات المرتكبة بحق اتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي.

ويمكن للمحكمة أن تنظر بقضايا أشخاص متهمين بارتكاب هذه الجرائم مباشرة، أو آخرين لديهم مسؤولية غير مباشرة فيها، كالمسؤولية عن الإعداد أو التخطيط، أو مسؤولية التغطية عنها، أو مسؤولية التشجيع عليها.

تعاون دولي

والمحكمة -التي يقع مقرها بمدينة لاهاي بهولندا يمكنها أن تعقد جلساتها في أي مكان آخر- وهي محكمة مكملة للقضاء الوطني للدول الأعضاء فيها، وتمثل المآل الأخير عندما تكون محاكم هذه الدول غير قادرة على التحقيق مع المتهمين بالجرائم المذكورة، أو لا تريد ذلك.

ويمكن للدول المصادقة على المحكمة أو مجلس الأمن الدولي أن تحيل على المدعي العام قضايا تتعلق بالجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها، كما يمكن له أن يبادر بفتح تحقيق في أي قضية يرى أنها تستحق ذلك.

ويفرض قانون المحكمة على هذه الدول أن تتعاون معها في التحقيقات والمتابعات التي تباشرها، بأن تسلم المتهمين إن كانوا من مواطنيها، أو تعتقلهم وتسلمهم إن دخلوا أراضيها، وبأن توفر كل الوثائق المتوفرة لديها في أي قضية تفتح المحكمة التحقيق فيها.

ويمكن للمحكمة أن تتعاون مع الدول غير المصادقة على ميثاقها، وذلك عبر تفاهمات أو اتفاقات منفصلة، كما يربط المحكمة بالأمم المتحدة اتفاق ينظم العلاقات وسبل التعاون بينهما، وبذلك تختلف المحكمة الجنائية الدولية عن محكمة العدل الدولية التي تعتبر ذراعًا تابعة للأمم المتحدة تهدف من خلالها لحل النزاعات بين الدول.

هيكل المحكمة

1- رئاسة تتكلف بالتدبير العام للمحكمة، وتضم ثلاثة قضاة ينتخبون من هيئتها القضائية لولاية من ثلاث سنوات.

2- شعبة قضائية، وتتكون من 18 قاضيا متخصصا في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية والقانون الدولي.

3- مكتب للمدعي العام، ويختص بالتحقيق في الاتهامات بالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، ويبحث عن الدلائل والوثائق ويفحصها ثم يعرضها على المحكمة، والمدعي العام الحالي هو الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو.

4- قسم السجل، ويتابع كل الأمور الإدارية غير القضائية، وينتخب المسؤول عنه من قبل قضاة المحكمة لولاية تمتد خمس سنوات.

الجنائية الدولية وفلسطين

في مايو الماضي، طلب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التحقيق في جرائم ارتكبتها إسرائيل، والتقى بفاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة في هولندا.

وقال المالكي إن هذا "اختبار للمحكمة لا ينبغي أن تخسره"، مضيفًا أن "دولة فلسطين تسعى إلى العدالة وليس إلى الانتقام".

وردت الحكومة الإسرائيلية على إحالة السلطة الفلسطينية قضية الاستيطان وجرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية واصفة إياها بـ "خطوة تبعث على السخرية".

وقال بيان صادر عن ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ترى أن التوجه الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية، يشكل خطوة ساخرة لا أرضية قانونية لها، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يستغلون المحكمة لأغراض سياسية بدلا من العمل على استئناف العملية السلمية مع إسرائيل.

ووقعت فلسطين على إحالة الحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحيث تغطي الجرائم الإسرائيلية في الماضي والحاضر والمستقبل، التي تتعلق بالنظام الاستيطاني غير الشرعي في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية.

وللطلب الفلسطيني -بحسب مراسلة شبكة "بي بي سي" في لاهاي- رمزية كبيرة، إذ قدم المالكي الطلب والعلم الفلسطيني أمامه في المحكمة التي تعد منارة للعدالة الدولية، بعد أن شهدت الأيام الماضية أحداث هي الأكثر عنفًا منذ 2014.

فيديو قد يعجبك: