إعلان

"ما بعد ترامب".. إيران تنتظر وإسرائيل تستعد

09:59 م الجمعة 17 أغسطس 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:
سيسمح اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بافتراض أنه سيصمد، لجيش الاحتلال الإسرائيلي بإعادة تركيز اهتمامه على الجبهة الشمالية، وخاصة على المعركة العسكرية والاستخباراتية الجارية مع إيران، وعلمت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية من خلال محادثات مع عدد من المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين على مدى الأسابيع الماضية، عن وجهة نظر مشتركة، تتقاسمها كل من تل أبيب وواشنطن، حول الوضع الاستراتيجي الحالي فيما يتعلق بإيران.

وتقول الصحيفة في مستهل تحليل لمراسلها العسكري آموس هاريل، إنه "طبقًا لهذه النظرية فإن النظام في طهران يحاول تنحية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالإيرانيون يأملون أن ترامب سيكون رئيسًا ذو فترة واحدة فقط، وتكمن استراتيجيتهم حتى رحيله عن البيت الأبيض في الانتظار، وأهم عنصر في هذه الاستراتيجية، بحسب المصادر التي تحدثت معها هآرتس، هو المحافظة على الاتفاق النووي الإيراني ساري المفعول، حتى وإن كانت العقوبات الأمريكية التي تم تجديدها تلغي تقريبًا جميع المنافع المالية التي حصلت عليها إيران من ذلك الاتفاق".

وتسببت العقوبات الأمريكية في خروج الشركات الأوروبية من إيران بالفعل، وستنقل إدارة ترامب ضغوطها قريبًا إلى الشركات الصينية والهندية واليابانية، وحتى إذا لم يدخل الاتفاق النووي ولو دولارًا واحدًا لإيران، فطبقًا للحسابات الإيرانية يجب المحافظة على الاتفاق ولو "على الورق".

ويعتقد الإيرانيون أن الاتفاق النووي يمكن أن يكون بمثابة "بوليصة تأمين" ضد أي محاولة من ترامب لوضع عقوبات أكثر صرامة بالتعاون مع المجتمع الدولي، وكذلك ضد ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، ويعتقد الإيرانيون أنه من المستحيل سياسيًا على ترامب أن يخلق دعمًا دوليًا، وحتى توافق داخل أمريكا نفسها، على توجيه ضربة إلى إيران، في الوقت الذي يبقى فيه الاتفاق الموقع عام 2015 قائمًا.

وتقول الصحيفة، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن تصريحات ترامب قبل أسبوعين، عندما عبّر عن استعداده للقاء زعماء إيران دون شروط مسبقة، لم يكن مخططًا لها من قبل الإدارة ولا يمثل استراتيجية جديدة للبيت الأبيض، وسيود الرئيس الإيراني حسن روحاني أن يحظى بمثل هذا اللقاء بالطبع أو على الأقل يرسل وزير خارجيته محمد جواد ظريف للقاء مسؤول أمريكي كبير، وذلك طبقًا للمصادر التي تحدثت معها هآرتس.

يعرف روحاني جيدًا أنه بمجرد تسريب وجود مثل هذا الاجتماع إلى وسائل الإعلام، سترتفع قيمة الريال الإيراني، وسيشعر عامة الشعب المحبطين حاليًا ببعض الأمل في التحسن، ولكن روحاني سيجد صعوبة في اتخاذ مثل هذا الإجراء طالما أن الحرس الثوري وزعيمه قاسم سليماني، يعارضون أي عودة إلى طاولة المفاوضات، يصف المسؤولون الإسرائيليون تلك المعضلة الإيرانية بـ "الفخر الوطني في مقابل الأموال".

وجهة النظر الإسرائيلية هنا، بحسب الصحيفة، أن الاختلاف الرئيسي بين السياسة الحالية لإدارة ترامب وبين إدارة أوباما قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015، هو أن الإيرانيين ينظرون إلى ترامب على أنه شخص يمكنه بالفعل توجيه ضربة عسكرية، في ظل الظروف الصحيحة، وينظر الإيرانيون إلى الرئيس الأمريكي على أنه شخص مجنون ومؤيد قوي لإسرائيل، وسيسمح لهم (الإسرائيليون) بالتحكم في مجريات الأمور إذا ما أرادوا ذلك.

ويأمل الأشخاص المحيطون برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في أن يؤدي هذا التهديد المشترك إلى إجبار إيران على العودة لطاولة المفاوضات، لكن إيران ترى الشروط الـ 12 التي وضعها وزير الخارجية مايك بومبيو قبل شهرين لإبرام اتفاقية جديدة، كمحاولة لتغيير طبيعة نظامها بالكامل.

وقال مارك دوبويتز، الخبير في السياسات الإيرانية بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن مسؤولين سابقين من إدارة أوباما شجعوا الإيرانيين على انتظار رحيل ترامب، حتى يصل رئيس جديد إلى السلطة ويعود إلى الاتفاق النووي، وبحسب دوبويتز، كانت رسالتهم: "لا تعطوا ترامب أسبابًا لتصعيد الأمور عسكريًا، فقط انتظروا رحيله"، ولكن بحسب الخبير ستجد إيران أن تطبيق هذه الاستراتيجية صعب للغاية، في الوقت الذي يتزايد فيه ضغط العقوبات الأمريكية.

ويتابع دوبويتز، "العقوبات التي تم إقرارها الأسبوع الماضي هي الأسهل، نسبيًا، وتقبع إيران بالفعل تحت ضغط هائل، بعد أن غادرت الشركات الدولية طهران. وستستهدف المجموعة التالية من العقوبات في نوفمبر، قطاع الطاقة والمؤسسات المالية، وستكون هناك عقوبات جديدة، من السهل القول "لنأخذ رهانًا وننتظر عامين حتى يرحل ترامب، ولكن من الصعب فعل ذلك عندما ينهار الاقتصاد ويغضب الناس في الشوارع".

ويعتقد دوبويتز، طبقًا للصحيفة، أن إيران قد تحاول تغيير استراتيجيتها في مرحلة ما، وهي خداع إدارة ترامب لإدخالها في مفاوضات، ويقول إن الحسابات الإيرانية تتمثل في أن المفاوضات ستساعد في تخفيف بعض الضغط على الاقتصاد، مما يجعل من الأسهل إضاعة الوقت حتى نهاية فترة ترامب الأولى.

وبحسب الصحيفة، فإن دوبويتز يعتقد أن بإمكان الإدارة الأمريكية إلغاء هذه الاستراتيجية إذا ما استطاعت جلب الدول الأوروبية للانضمام إلى العقوبات على القطاع المالي الإيراني، ويقول: "لا تقللوا من الضغط خلال المفاوضات - بل ضاعفوه"، وهذا سيرسل رسالة واضحة لإيران أن "الطريقة الوحيدة لتخفيف الضغط هي من خلال اتفاق، وليس من خلال تضييع الوقت، وتوقيع مثل هذا الاتفاق يتطلب تنازلات".

ويعتقد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون، أن مطالب بومبيو من إيران - الشروط الـ 12 - أعادت إحساسًا بالتوازن للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة لم تعد تركز حصريًا على هزيمة داعش فقط، ولكنها تسأل نفسها أيضًا كيف يمكنها أن تمنع نفوذ إيران.

يكرس الأمريكيون جهودًا أكثر من أي وقت مضى لإعاقة أفعال الحرس الثوري، وساهمت إسرائيل في هذا الجهد في عدة مناسبات خلال العام الماضي، ولم تحقق إيران حتى الآن خطتها ببناء منشآت عسكرية في سوريا، وتوقف الحلم الإيراني الكبير بتكوين ميليشيا شيعية قوامها 100000 جندي بشكل دائم في سوريا، عند عدد أقل بكثير وهو 10000.

في الوقت الحالي، وبعد بضعة أسابيع من سيطرة نظام الأسد على الجولان السوري، يبدو أن روسيا كانت وفية لكلمتها، وهي إبقاء الإيرانيين على بعد 85 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية.

وتقول الصحيفة في ختام تحليلها: "لكن يبدو أن هذه الاتفاقية لم تتضمن دمشق، حيث لا يزال هناك وجود إيراني فيها، ولن تكون مفاجأة إذا ما استمرت إسرائيل في ضرب بعض الأهداف حول العاصمة السورية من وقت لآخر".

فيديو قد يعجبك: