إعلان

واشنطن بوست: لماذا لم تنتهِ الحرب الكورية حتى الآن؟

04:41 م الخميس 16 أغسطس 2018

ترامب وكيم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

مضى أكثر من شهرين منذ التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في سنغافورة، ولم يظهر حتى الآن أي تقدّم ملحوظ يُشير إلى اقتناع بيونجيانج بالتخلّي عن أسلحتها النووية.

ويبدو أن وسائل الإعلام الكورية الشمالية تُقدّم تفسيرًا منطقيًا لذلك، فهي تروّج لضرورة "إنهاء الحرب الكورية رسميًا أولًا".

قالت وكالة الأنباء الكورية المركزية، الأربعاء: "دعونا نتبنى إعلان إنهاء الحرب، وبناء آلية سلام لتحقيق سلام دائم". دعونا لا نصرّ على نزع السلاح النووي أولًا ولا نتغاضى عن إجبار الولايات المتحدة لبيونجيانج على تقديم تنازلات أحادية الجانب.. هذا تصرّف غير معقول!".

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن هذه التصريحات كانت بمثابة تذكير بأن مستقبل الكوريتين لا يزال مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بماضيهما -وبشكل خاص- بالحرب التي توقّف فيها معظم القتال قبل 65 عامًا.

لماذا لم تنتهِ الحرب الكورية؟

تقول الصحيفة إنه بالرغم من أن الحرب الكورية استمرت من 1950 وحتى هُدنة 1953، فإن آخر عامين في تلك الفترة كانا بمثابة "طريق مسدود" للحرب، فجاءت النتيجة النهائية -ومن نواحٍ عديدة- غير حاسمة. وتشير التقديرات إلى أن 2.5 مليون مدني سقطوا خلال الحرب.

بدأت الحرب في يونيو عام 1950، عندما عبر نحو 75 ألف جندي من كوريا الشمالية خط عرض 38، أي تخطوا حدودهم مع كوريا الجنوبية، على نحو مُفاجئ، محاولين احتلالها والسيطرة على كامل شبه الجزيرة، بدعم سوفيتي واضح. ومع اضطراب جيش سول وفرار جنوده من المواجهة، تدخلت الولايات المتحدة، إضافة لبعض الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.

ساهم انتخاب الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور عام 1952 ووفاة الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، في تحفيز المفاوضات. ووقّعت القوات الكورية الشمالية والصينية وقيادة الأمم المتحدة في النهاية بالتوقيع على هدنة في 27 يوليو 1953، لم تتحوّل بعد إلى معاهدة سلام.

نصّت الهُدنة على تحديد "منطقة منزوعة السلاح" يبلغ عرضها نحو ميلين، لا تزال موجودة حتى يومنا هذا. وما يزال شبه الجزيرة الكورية في حالة حرب فنية، في الوقت الذي تحتجز الولايات المتحدة حوالي 28500 جندي في كوريا الجنوبية.

نظريًا، تُشير الصحيفة إلى الهُدنة عُقِدت لتكون مؤقتة، بالدعوة إلى الوقف الكامل للأعمال العدائية وكل أعمال القوة المسلحة في كوريا لحين التوصّل إلى تسوية سِلمية نهائية".

بيد أن مؤتمر السلام الذي عُقِد في جنيف عام 1954 أخفق في التوصل لاتفاق سلام كامل، يشعر بموجبه كلا الجانبين بالانتصار. كما أن تصعيد التوتر في ما كان يعرف آنذاك بـطالهند الفرنسية الصينية" عقّد الأمور. فقد خرقت الولايات المتحدة أحد بنود الهدنة بنقل الأسلحة النووية إلى كوريا الجنوبية في 1958.

وفي حين لم يُستأنف القتال بشكل كامل، ظلت التوترات العسكرية مُتصاعدة. وقع العديد من حوادث العنف، بما في ذلك "موقعة الفأس" عام 1976، عندما اشتبك عسكريون كوريون شماليون مع أمريكيين وكوريين جنوبيين بالأيدي، واستعملوا العصي والفؤوس، في المنطقة المجردة من السلاح.

ومنذ تسعينات القرن الماضي ، قالت كوريا الشمالية مرارًا إنها لن تلتزم بالهدنة.

ما الوضع الحالي؟

في أبريل الماضي، عندما التقى كيم مع زعيم كوريا الجنوبية مون جاي-إن، بقرية بانمونجوم، حيث وُقّعت الهدنة، اتفق الزعيمان على العمل من أجل "إعلان نهاية للحرب وإقامة نظام سلام دائم وثابت".

بالنسبة لبيونجيانج، فإن مسعاها لإنهاء الحرب يبدو ذات مغزى: هذا الأمر من شأنه أن يُساعد على إضفاء الشرعية على النظام الكوري الشمالي، حتى أنه قد يقود لاعتراف دبلوماسي من الولايات المتحدة، فيما سيُضيف عائقًا صغيرًا آخر أمام تجدد الصراع في شبه الجزيرة الكورية.

رجّح بعض الخبراء أن تبدأ نهاية الحرب بإعلان الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أن الحرب انتهت رسميًا، في خطوة من شأنها أن تحمل ثقلاً رمزيًا كبيرًا، وإن كانت تتطلّب تجاوز بعض العقبات القانونية لتحويل اتفاق الهدنة إلى "معاهدة سلام كاملة". الأمر الذي قد يقتضي التنسيق مع بكين والحصول على موافقة من الكونجرس.

ترى كوريا الجنوبية أن إعلانًا كهذا بمثابة وسيلة لتحسين العلاقات بين الكوريتين وتمهيد الطريق لمعاهدة سلام شاملة. لكن وبالنظر لأن سول ليست طرفًا في الهُدنة، فإن رؤيتها تحمل وزنًا قانونيًا أقل. ورغم إبداء بكين استعداداها للتوصل إلى معاهدة سلام أو إعلان إنهاء الحرب، فإن الرسائل الواردة من واشنطن كانت "مُختلطة".

ما دور الولايات المتحدة؟

أظهر ترامب حماسه لفكرة السلام الدائم بين الكوريتين، فغرّد قام بتغريد "الحرب الكورية إلى زوال!" في أبريل الماضي. وعندما زار المبعوث الكوري الشمالي كيم يونج تشول البيت الأبيض في يونيو، قال ترامب للصحفيين إن الرجلين "تحدّثا عن إنهاء الحرب".

غير أنه وفي حين تتضمن الاتفاقية التي وقّعها ترامب وكيم في سنغافورة إشارة إلى بناء "نظام سلام دائم ومستقر في شبه الجزيرة الكورية"، يبدو أن الولايات المتحدة ترى أن "هذا أمر لن يحدث إلا بعد موافقة كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي".

وقالت هيذر نوايرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء: "إننا ندعم نظام سلام، آلية سلام يمكن للدول من خلالها المضي قدمًا نحو السلام. لكن تركيزنا الأساسي الآن على نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وهذا شيء كنا واضحين للغاية بشأنه مع العديد من الحكومات".

في هذا الشأن، تلفت الصحيفة إلى أن الحكومة الأمريكية قلِقة من التسرع في إعلان نهاية الحرب الكورية للسبب نفسه الذي تريده بيونجيانج. بالرغم من أن هذا الإعلان رُبما لا يحمل وزنًا قانونيًا كبيرًا ، إلا أنه سيكون بمثابة "اعتراف رمزي بكوريا الشمالية كدولة نووية ويُعزز الدعوات لتقليل الوجود العسكري الأمريكي في سول".

ومحليًا، يُمكن أن يُنظر لأي إعلان لإنهاء الحرب الكورية على أنه استسلام من جانب كيم لترامب. وإذا كان الإعلان ضعيفًا للغاية، يمكن أن ترفضه كوريا الشمالية انطلاقًا من مخاوف إمكانية إسقاطه من جانب حكومة لاحقة.

لكن مع التقدم البطيء حيال نزع الأسلحة النووية لبيونجيانج، قد تضطر الولايات المتحدة إلى التفكير في طرق أخرى لتسريع العملية. وقبل شهر من بدء الدبلوماسية الكورية الشمالية في سبتمبر، تُرجّح الصحيفة أن "يصدر هذا القرار عاجلاً وليس آجلاً".

فيديو قد يعجبك: