إعلان

روبرت فيسك: هل سنرى نهاية للحرب السورية قريبًا؟

07:52 م السبت 28 يوليه 2018

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:

هل تقترب الحرب السورية من نهايتها؟ هل نشهد المعركة الأخيرة في سوريا؟.. كانت إدلب - على مدار 3 سنوات - الأرض التي تتقهقر إليها الميليشيات المتطرفة بعد هزيمتهم على أيدي الجيش السوري، بدلًا من الاستسلام له أو للقوات الجوية الروسية أو لحزب الله.

الصحفي البريطاني روبرت فيسك، طرح هذه الفكرة للنقاش في مقال جديد له بصحيفة "الإندبندنت" وقال في بدايته: "من المؤكد أن العميد سهيل الحسن في الجيش السوري، والملقب بالنمر، سيأخذ قواته للمعركة الأخيرة بين النظام السوري والإسلاميين المتطرفين الذين تدعمهم الدول الغربية والذين حاولوا تدمير نظام الرئيس بشار الأسد".

وبفضل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انتهى الأمر بالنسبة للمتمردين في سوريا، لأنهم تعرضوا للخيانة من قبل الأمريكيين – وأخيرًا من قبل ترامب نفسه في تلك المناقشات السرية مع فلاديمير بوتين في هلسنكي.

قبل ثلاثة أسابيع، أخبر الأمريكيون المتمردين في جنوب غرب سوريا أسفل مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، بأنهم أصبحوا وحدهم، ولا يمكن أن يتوقعوا المزيد من المساعدات العسكرية، وحتى أصحاب الخوذ البيضاء، والمسعفون الأوائل أو المروجون لحرب المتمردين في الأساس والذين سيوصفون قريبا بـ "المثيرون للجدل" أنقذهم الإسرائيليون مع عائلاتهم من الخطوط الأولى للمتمردين، وأرسلوهم لبر الأمان في الأردن.

ويقول فيسك: "الإسرائيليون منزعجون بعض الشيء من أن وحدات الدفاع المدني التابعة للخوذ البيضاء لم تشكرهم على مساعدتهم الإنسانية" ولكن حصل الإسرائيليون على ما يريدونه بالفعل: وهو وعد روسي بأن يبقى الإيرانيون بعيدين عن هضبة الجولان السورية المحتلة.

ويتابع الكاتب، الأمر غريب بعض الشيء، نظرًا لوجود عدد قليل من القوات الإيرانية في سوريا، ولكنها تتناسب مع قناعات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تقول إن إيران عبارة عن "نشاطات مجتمعة من الإرهاب" والتي تلف عنق إسرائيل، ويعرف بوتين شيئًا أو اثنين حول الحرب السورية: وهي أن القنابل تتحدث، وكذلك الأموال النقدية.

ولأي سبب آخر أعلن بوتين للتو عن استثمار روسي بقيمة 50 مليار دولار في صناعة النفط والغاز الإيرانية؟ أليس هذا مجرد دفعة مقدمة لاستثمار إيران السابق في الحرب السورية؟ تمثل تلك الدفعة من الأموال هدية تحت عنوان "شكرًا لكم ولكن يجب عليكم أن تذهبوا الآن".

اتفق علي أكبر ولايتي، المستشار البارز في الشؤون الخارجية للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بعد لقائه ببوتين في الكرملين، أن محادثاتهما ركزت على التعاون الروسي الإيراني وكذلك الوضع في المنطقة، بما في ذلك التطورات في سوريا، وتستطيع أن تستنتج من هذا، حسب الكاتب، أن الاقتصاد الإيراني مدعوم ولكن إيران حصلت على أوامرها بالتدخل في سوريا من بوتين.

في الوقت الحالي، سيحارب الجيش السوري آخر معاقل المجموعات المتطرفة، والتي تنادي بعدم الاستسلام، حول درعا، وسيعود إلى حافة المنطقة العازلة التابعة للأمم المتحدة في الجولان والتي كان يتمركز فيها قبل بداية الحرب الأهلية في 2011، مما يعني أن الجبهة الجنوبية أصبحت مؤمنة الآن بالنسبة للجيش السوري، وهذا سيترك فقط معقل إدلب ومدينة الرقة في أيدي الميليشيات الذين ما زالوا أوفياء للولايات المتحدة، ومن الممكن أن يحل بوتين هذه المشكلة إذا لم يكن فعل هذا في القمة التي جمعته بترامب.

لكن إدلب قضية كبرى، ومما لا شك فيه أننا سنرى المزيد من محادثات المصالحة التي ترعاها روسيا بين السلطات السورية والجماعات المتمردة داخل الإقليم، وستكون هناك اتفاقات، خاصة وعامة، تمكن من يرغب في العودة إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة، من فعل ذلك، ولكن بالنظر إلى حقيقة أن إدلب يقطنها هؤلاء المتمردون وعائلاتهم والذين رفضوا بالفعل مثل هذه العروض عندما كانوا في مدنٍ أخرى، تجعل مستقبلهم قاتمًا جدًا.

يحب الجميع أن تكون هناك "معركة نهائية" تحدد من الفائز في الحرب، بحسب الكاتب، ولكن يجب علينا أن نتذكر شيئًا واحدًا وهو أن الجيش السوري معتاد على خوض المعارك، وكذلك سلاح الجو الروسي، ومن المؤكد أن حصار جبهة النصرة لمستشفى جسر الشغور العسكري الذي تسيطر عليه الحكومة في إدلب، والمذبحة التي ارتكبت بحق العديد من المدافعين عنه من الجيش وعائلاتهم قبل ثلاث سنوات، لن تنسى عندما تبدأ المعركة الأخيرة.

لن ترحب موسكو باستضافة أي من الإسلاميين في الشيشان، ولن ترغب أنقرة في تشتيت العسكريين من إدلب عبر سهول الأناضول، وخاصة عندما لا يزال أردوغان ينتابه هاجس محاولة الانقلاب "الإسلامية" ضده قبل عامين، والتي ما زال يقبع عشرات الآلاف من مؤيديها المزعومين في السجون التركية، والغرب لن يساعد بالتأكيد، وسيتمحور دور الأمم المتحدة حول المساعدة التي قدموها لـ "الخوذ البيضاء" وعائلاتهم في اللجوء السياسي، بالإضافة إلى المساعدات المعتادة التي يقدمونها للاجئين السوريين.

ويجب علينا أن نتذكر - حسب الكاتب - أن هناك دولًا عديدة سعت لفترة طويلة للإطاحة بالأسد، وتحاول الآن ببطء شديد إعادة تكوين علاقات من نوع ما مع النظام السوري، فالدبلوماسيون الفرنسيون كانوا يقومون بجولات سياحية داخل وخارج سوريا عن طريق لبنان لمدة عام الآن، وكذلك بعثات دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي، أما الأمريكيون سيحبذون لعب دور خاص بهم، ولكن بما أن ترامب هو المسؤول فمن المؤكد أن بوتين سيشكل ورقة ضغط عليه.

ولكن ماذا عن الخمسة ملايين لاجئ الذين ترغب دولهم المضيفة -أوروبا وتركيا ولبنان والأردن والعراق والكويت ومصر- في ترحيلهم إلى منازلهم، وهنا تكمن فكرة "نهاية الحرب".

الروس مستعدون لتقديم ضمانات بالمرور الآمن للاجئين إلى وطنهم، ولكن يبقى السؤال حول قيمة مثل هذه الوعود والضمانات عندما يخشى الآلاف من المشردين من النظام، ويقال إن رجال موسكو وصلوا بالفعل إلى لبنان، الذي يستضيف مليون ونصف لاجئ سوري، وذلك للتناقش حول الخدمات اللوجيستية لعودة اللاجئين.

وتابع فيسك "يقال إن دول الخليج -لا سيما قطر- مهتمة بتمويل إعادة بناء سوريا، وهنا تبرز قيمة السؤال هل يُشترى متمردو إدلب إذا لم يستسلموا؟".

واختتم فيسك مقاله قائلًا: "ما زالت الأيام مبكرة.. لكن كل الحروب تصل لنهايتها.. وفي تلك اللحظة يبدأ التاريخ مرة أخرى".

فيديو قد يعجبك: