إعلان

واشنطن بوست: الأسد يسجل انتصاره في الحرب السورية بـ"إعلان وفاة المعتقلين"

03:28 م السبت 28 يوليو 2018

بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إيمان محمود:

منذ بدايات ربيع العام الجاري؛ بدأت الحكومة السورية توثيق عدد غير مسبوق من حالات وفاة لمعتقلين سياسيين داخل السجون التابعة لها، وأصدرت مكاتب تسجيل الوفيات الحكومية مئات من الاخطارات تشير إلى أن هناك سجناء منهم ماتوا منذ بداية الصراع السوري.

وترى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن هذه الاخطارات –التي ظهرت فجأة وتتزايد-تُعد بمثابة إعلان من الرئيس السوري بشار الأسد بفوزه في الحرب الدائرة في البلاد على مدار سبع سنوات.

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن المسؤولين السوريين لم يوضحوا سبب هذه الزيادة الكبيرة في عدد الوفيات بالسجون، إلا أن هذا الأمر يمكن أن يوفر نافذة على عقلية القادة السوريين الذين يصعب قراءة أفكارهم في هذه الفترة المحورية من الحرب.

وتقول منظمات حقوقية إن الحكومة السورية تتصل بذوي المعتقلين وإبلاغهم أن ذويهم ماتوا إثر نتيجة أزمة قلبية أو نوبة ربو أصابتهم في المعتقلات، كما تجبرهم في السجلات المدنية على استلام شهادات وفاة لأبنائهم دون أن يُسمح لهم بمعرفة أماكن دفنهم أو تسلّم رفاتهم.

تحدثت تقارير حقوقية عن إصدار "تقارير طبية مفبركة" بالتنسيق مع المشافي، حيث يُدون في التقرير الطبي أن المعتقل توفي بشكل طبيعي، بينما يُقتل هؤلاء من شدة التعذيب.

يقول خبراء حقوق الإنسان ومراقبون إن هذه الممارسات تعكس الثقة المتزايدة لدى حكومة الرئيس بشار الأسد، حيث أن قواته تغلب على جيوب نهائية للأراضي التي يسيطر عليها المتمردون. ويقول الخبراء إن السلطات لم تعد تخشى من أنها ستثير مقاومة عنيفة من خلال الكشف عن عدد الوفيات في حجز النظام.

كما يرون أن الأسد يشعر بالأمان الكافي، ما دفعه لإغلاق "كتاب حرب السبع سنوات"، مشيرين إلى أن هذه الأعداد من وفيات المعتقلين تشير إلى السوريين بأنه حان الوقت للمضي قدمًا مع هذا النظام الذي يسيطر بقوة.

والرسالة هي أن "الحرب لم تحدث أبدا، فقد عاد النظام إلى الحكم، وستتم معالجة كل شيء من خلال النظام"، حسبما يقول فيصل عيتاني، وهو زميل كبير في مركز رفيق الحريري التابع لمجلس الأطلسي في الشرق الأوسط. "أعتقد أن الكلمة التي تلخص هذا أفضل هي التطبيع - النسخة السورية منه، على أي حال."

نقلت لصحيفة عن عيتاني قوله إن أن الرسالة التي تود الحكومة السورية إيصالها هي: "الحرب لم تحدث أبدًا، فقد عاد النظام إلى الحكم، وستتم معالجة كل شيء من خلاله"، مضيفًا أن الكلمة التي تلخص ذلك هي "التطبيع بنسخة سورية".

حقق الجيش السوري، المدعوم من روسيا وإيران، مكاسب هائلة خلال الأشهر الأخيرة، إذ قام بالسيطرة على أهم وأغلب جيوب ومعاقل المعارضة والفصائل المُسلحة، بعد سنوات من الحرب استطاع في نهاياتها قلب الدفة لصالحه، فيما لم يبق سوى منطقة واحدة للمعارضة وهي إدلب التي أعلن الأسد "اقتراب تحريرها".

ومنذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، أصبح أكثر من 100 ألف شخص ما بين معتقلين أو مختفين قسريا، وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تقول أن حوالي 90 في المئة منهم مُحتجزون لدى الحكومة السورية عبر شبكة من السجون يستخدم فيها التعذيب والتجويع وأشكال الإهمال الفتاكة بصورة منهجية للقتل، والـ10 في المئة المتبقية تحتجزهم جماعات مسلحة أخرى.

وقال محامون إن وزارة الدفاع السورية أرسلت أسماء مئات المعتقلين إلى مكاتب السجل المدني في جميع أنحاء البلاد في الأشهر الأخيرة وأصدرت تعليمات لتسجيل هؤلاء السجناء كـ"أموات"، وقد تم تسجيل الوفيات في محافظات دمشق وحمص وحماة واللاذقية في الأسابيع الأخيرة، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وأكدت الصحيفة أن مكاتب السجل المدني تُصدر اخطارات هي في الأساس أوراق تنفيذية تتضمن تفاصيل قليلة عن المتوفى. ويتم إصدار اخطارات وفاة أخرى من قبل المستشفيات العسكرية، التي تصدر شهادات رسمية وتقارير طبية، يُكتب فيها أن سبب الوفاة النوبات القلبية أو السكتة الدماغية.

ونقلت الصحيفة عن سمع نصار، مؤسس منظمة أورنامو" للعدالة وحقوق الإنسان، والتي تراقب السجون السورية، إنها وثّقت عددًا كبيرًا من اخطارات الوفاة في الأشهر الأخيرة مقارنة بجميع السنوات السابقة، وحددوا أكثر من 300 عائلة تلقت اخطارات بالوفاة خلال عشرة أيام في وقت سابق من هذا الشهر، من بينها 96 حالة في مكتب حكومي في ضاحية داريا في دمشق، وهي من المناطق التي دعت إلى الاحتجاجات السلمية ضد الأسد في عام 2011.

ومن ناحية أخرى، قالت الشبكة السورية لحقوق الانسان في وقت سابق من هذا الشهر، إنها وثّقت 161 مذكرة إعدام على مستوى البلاد منذ مايو الماضي وهو رقم أشارت إلى أنه ربما يكون أقل بكثير.

وتشير معظم الوثائق التي استعرضتها صحيفة "واشنطن بوست"، إلى إن المعتقلين ماتوا بين عامي 2013 و2015، مع تأخر يصل إلى عامين قبل توقيع الأطباء العسكريين وختم الشهادة الرسمية والتقرير الطبي، مؤكدة أنه لم تتم إعادة الجثامين إلى أفراد العائلة، ولا حتى إخبارهم بمواقع دفنها.

شهادات الوفاة الصادرة في مدينة حماة المركزية كانت مكتوبة في محكمة دمشق العسكرية في الليل، ويشير هذا التوقيت إلى أن السجناء تم إعدامهم، وفقًا لجماعات تراقب شبكة الاحتجاز السورية.

ووصف سجناء سابقون، بعضهم أُفرج عنهم من سجن صيدنايا العسكري بالقرب من دمشق، في مايو الماضي، بأنها تحدث نتيجة عمليات إعدام عادية، أو تعذيب بدني، أو منع الرعاية الطبية العاجلة عن المُعتقلين، بالإضافة إلى حصص الطعان، إذ توفي بعض المعتقلين بسبب الجوع أو سوء التغذية.

وأكدت واشنطن بوست، أنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة للعدد الإجمالي للمتوفين داخل سجون الحكومة السورية بسبب السرية، وتكتم العديد من السوريين على نشر قصص أفراد عائلاتهم.

وقالت الصحيفة أن هناك مسؤولون أتراك يحاولون الضغط على الحكومة السورية لحل أزمة المعتقلين السياسيين، كجزء من محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

وقال نصار من أورنامو: "إنهم يريدون إغلاق ملف المعتقلين، والمرحلة الأولى هي إخبار جميع تلك العائلات بأن أقاربهم قد ماتوا منذ وقت طويل.. من الناحية العملية، هذا يعني التعامل مع ضربة مطرقة للناس الذي احتفظوا بأمل زائف لسنوات".

حسن، مهندس برمجيات من مدينة حمص، قال إن شقيقه البشير تم اعتقاله في صيف عام 2014، وقال أصدقاءه في وقت لاحق إن رجال شرطة في ثياب مدنية اقتادوه إلى سيارة، ثم اختفى.

"ونقلت الصحيفة عن حسن قوله "لقد قرعنا كل باب، ففي بعض الأحيان كان أحدهم يقول أنه في هذا السجن أو ذلك السجن، لم يكن هناك شيء ملموس، الشيء الوحيد الذي نعرفه بالتأكيد هو أنه كان يشعر بالألم في مكان ما".

وبعد أن قال أحد المحتجزين السابقين إنه شاهد البشير في سجن صيدنايا، على بعد أكثر من 100 ميل، بدأت أم بشير المسنة في إجراء زيارات شهرية، تاركين الملابس والمال عند البوابات للحراس الذين أكدوا لها أنه سيتسلمهم.

كانت أم البشير تُجهّز ملابس جديدة استعدادًا لزيارتها القادمة لسجنه، في أبريل الماضي، ذلك حينما رنّ جرس الهاتف لتتلقى خبرًا بأن شهادة وفاته جاهزة.

ويستطرد شقيقه "وجدنا والدتي جالسة بين ملابسه، تبكي فقط، لم تستطع حتى الوقوف .. كنا جميعًا لدينا مشاعر مختلفة حول ما إذا كان شقيقنا قد مات، لكنها كانت دائما لديها أمل، كانت تخبرنا أنه كان علينا أن نأمل مثلها لأن الأمل كل ما لدينا".

أما المحامية نورا غازي، فزوجها باسل، كان ناشط بارز مؤيد للديمقراطية، قبل أن يتم إعدامه في مُعتقل سوري عام 2015.

"طالبت نورا بمعرفة أسباب وفاة زوجها، قائلة "لدينا الحق بمعرفة أسباب وفاة أحبائنا وأين دفنوا، إننا لن نقبل غطاء النظام لتعذيبهم وقتلهم وتقديم أسباب مزيفة لوفاتهم"، بحسب ما نقلته الصحيفة الامريكية.

في حين ظلّ البعض متخوفًا من مطالب نورا، قائلين إنهم سيحزنون في صمت؛ إذ قالت امرأه طلبت من الصحيفة عدم ذكر اسمها "كان ابننا أغلى شيء في العالم وفقدناه .. لقد عاد النظام وعدنا إلى المربع الأول"، متسائلة "إذا تحدثت اليوم؛ هل سأفقد زوجي غدًا؟ هل سيأخذونني بدلا من ذلك؟".

وأضافت "اعتدت أن أفكر في ابني كل ليلة قبل أن أنام، كنت أتذكر كل ما كان يفعله على أمل أن يكون بخير .. لكنه في ذلك الوقت كان في قبره".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان