إعلان

هآرتس: حكومة لبنان القادمة تتحكم في مصائر لاجئي سوريا

11:14 ص الأحد 22 يوليه 2018

مخيمات اللاجئين السوريين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- هشام عبدالخالق:

ينتظر أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان عودتهم إلى بلادهم بفارغ الصبر، ويستطيع عشرات الآلاف منهم الذهاب بالفعل إلى الدولة التي مزقتها الحرب، وقام بضعة آلاف منهم بذلك بالفعل، إلا أن الأغلبية تنتظر استقرار الأوضاع السياسية في بيروت.

لا تهتم حكومة تصريف الأعمال في لبنان - والتي ما زالت تمسك بزمام الأمور بعد مضي أكثر من شهرين ونصف على الانتخابات - كثيرًا بآمال اللاجئين، فما يهمها الآن بشكل كبير هو تكوين حكومة دائمة.

ويعتمد مصير اللاجئين بشكل كبير على ما إذا كانت الحكومة اللبنانية ستعقد محادثات مباشرة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد حول عودتهم كما يريد كلًا من حزب الله والرئيس ميشال عون، أو ستكون عودتهم مسؤولية الأمم المتحدة بدون عقد مباحثات مباشرة بين لبنان وسوريا كما يرغب رئيس الوزراء سعد الحريري ومؤيديه.

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قالت في تحليل جديد للمعلق العسكري بها تسيفي بارئيل: "إن الخيار الأول سيتضمن اعترافًا ضمنيًا من قبل القيادة اللبنانية بالرئيس السوري بشار الأسد، ويخرق بذلك المقاطعة العربية لسوريا، عندما تم الإطاحة بها من الجامعة العربية"، وأضاف الكاتب، موقف الحريري على العكس من ذلك، يتمثل في أن "لبنان لا ينبغي أن يمنح الأسد الشرعية الدبلوماسية حتى تنتهي الحرب الأهلية السورية وتُشكل حكومة جديدة مقبولة من جميع الأطراف".

وأعطت التناحرات السياسية في لبنان حول مصير الأسد والاعتراف به أم لا، للبنان - الذي ظلت سوريا تحميه لسنوات طويلة - دورًا دبلوماسيًا مهمًا، وتأخذ الدول الأخرى موقفًا من الأطراف المتناحرة في لبنان، فالسعودية والولايات المتحدة تدعمان موقف الحريري، في الوقت الذي تحث فيه إيران وقطر الحكومة اللبنانية على التفاوض مع الأسد من أجل عودة اللاجئين لبلادهم.

سوريا، أعلنت أنها مستعدة لعودة اللاجئين في أي وقت، فالمساحات الكبيرة التي فرض الأسد سيطرته عليها ستمكنهم من العيش بسلام، ولكن المثير للسخرية هنا، بحسب الكاتب، هو أنهم محاصرون في السياسة اللبنانية، والتي تتضمن نزاعًا حول عدد الوزراء وكذلك المحافظين الذين يجب أن يمتلكهم كل حزب.

قرر حزب الله، ووزير الخارجية جبران باسيل - الذي يرأس حزب التيار الوطني الحر المسيحي الذي أسسه ميشال عون - ألا ينتظرا قرارا سياسيا، وتحركا سريعًا لفتح مكاتب التسجيل للاجئين الراغبين في العودة إلى سوريا، في الوقت الذي يعقد فيه عون محادثات مباشرة مع سوريا عبر رئيس جهاز الاستخبارات اللبنانية، وذهب أشخاص من وزارة الخارجية إلى البلدات والقرى التي يقيم فيها اللاجئون غير المسجلين، لبدء التحضير لعودتهم.

1

ظاهريًا، لا يوجد عائق أمام عودة اللاجئين باستثناء المعابر الحدودية التي تسيطر عليها الحكومة اللبنانية، والتي لديها القدرة على تحديد السماح لهم بالمرور أم لا، وعلاوة على ذلك، فإن جميع الأطراف اللبنانية لديها مصلحة في عودة اللاجئين لبلادهم، بعد أن كانوا عبئًا ماليًا وإداريًا ضخمًا على لبنان.

على العكس من ذلك، أعلنت المملكة الأردنية - التي تقبع في موقف مماثل - على الفور بعد استعادة الجيش السوري لمعظم مناطق الجنوب ومعبر الحدود مع الأردن، أنها تريد جميع اللاجئين السوريين الذين يعيشون على جانبها من الحدود أن يعودوا لبلادهم.

ليس اللاجئين هم الوحيدون المتضررون من الصراع السياسي في لبنان، فالتجار والمزارعون اللبنانيون، الذين يمكنهم البدء في تصدير بضائعهم إلى العالم العربي من خلال سوريا والأردن، لم يعد بإمكانهم هذا بسبب الخلاف السياسي أيضًا، وللضغط على الحكومة اللبنانية، قررت دمشق السماح فقط للمزارعين والتجار السوريين، وليس التجار اللبنانيين، بالتصدير عبر الأردن.

وبغض النظر عن موقفه المؤيد لسوريا بشأن قضية اللاجئين، يحاول حزب الله تصوير نفسه كطرف محايد في النزاع حول تشكيلة الحكومة، وفي الوقت الراهن، يراقب الحزب من الخطوط الجانبية، لأن هذه المرة النزاعات داخلية في كل من المعسكرين المسيحي والسني، ومثل هذه النزاعات هي التي تعوق جهود الحريري في تشكيل الحكومة.

تضمن نتائج الانتخابات لحزب الله، ثلاثة وزراء على الأقل. وسيكون أحدهم مسؤولًا عن واحدة من وزارات الخدمات الاجتماعية، وغالبًا ستكون وزارة الصحة، مما سيسمح لهذا الوزير بالسيطرة على ميزانية كبيرة، والأهم من ذلك، أن بعض الأموال التي وعدت بها الدول المانحة سوف تمر عبره.

يشكل هذا مشكلة، من وجهة نظر الكاتب الإسرائيلي، لأن الدول المانحة قد تهدد بتجميد تبرعاتها إذا كانت الأموال تذهب من خلال وزراء حزب الله، لكن الحكومة تستطيع التغلب على هذا من خلال إعادة توجيه التبرعات، والهدف الرئيسي بالنسبة لحزب الله، هو تشكيل كتلة تسيطر على (ثلث مقاعد مجلس الوزراء + 1)، فإذا كان مجلس الوزراء مكونا من 30 وزيرًا، فإن حزب الله سيريد أن يكون جزءًا من كتلة تسيطر على 11 مقعدًا على الأقل.

مثل هذه الكتلة لها اسم في السياسة اللبنانية، وهو "الكتلة "الوقائية" أو "المحايدة"، لأنه بموجب الدستور اللبناني، فإن أي قرار كبير مثل الموافقة على الميزانية أو إعلان الحرب، يتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وهكذا في الحكومة المكونة من 30 وزيرًا، يكفي أن تصوت 11 دولة ضد أي قرار، أو تحبط قدرة الحكومة على الحكم.

في الوقت الحالي، يمكن لحزب الله الاعتماد على الحركة الوطنية المسيحية الحرة، التي يحتمل أن يكون لها سبعة وزراء، بالإضافة إلى الوزراء الثلاثة المسموح لعون بتعيينهم كرئيس للبلاد، ومع وجود الوزراء الثلاثة التابعين لحزب الله، فإن الكتلة أصبح لها قوة كافية لفرض سياستها على الحياة اللبنانية، ولكن قد يجد حزب الله نفسه في وضع تتحد فيه الحركة الوطنية الحرة مع الوزراء الذين يعينهم الرئيس، وسيحتاجون بعد ذلك إلى وزير آخر لتشكيل كتلة وقائية خاصة بهم - والتي يمكن في ظل ظروف معينة أن تمنع التشريعات أو السياسات التي يريدها حزب الله - لذلك، على الرغم من تحالف حزب الله مع الحركة الوطنية الحرة، فإنه يهدف إلى تقليص سلطة الأعضاء المسيحيين في الحكومة.

- حسن نصر الله:

يظهر زعيم حزب الله حسن نصر الله، بحسب الكاتب، عدم اكتراث بالصراع الدائر بين الطرفين المسيحيين في السياسة اللبنانية، وهما الحركة الوطنية الحرة، والقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، والذي من المرجح أن يحصل على نفس عدد المقاعد الوزارية مثل الحركة الوطنية الحرة، ويقول حسن نصر الله: "يجب تطبيق نتائج الانتخابات بكل عدل، يجب أن يكون المرء مرنًا ولا ينسحب في التفكير التكتيكي والطائفي الذي سيقوض المساواة الوطنية الضرورية".

2

ويسخر الكاتب من تصرفات زعيم حزب الله قائلًا: "أصبح حسن نصر الله، فجأة، مهتمًا بتطبيق قواعد المساواة الوطنية التي تخلو من المصالح الطائفية أو التنظيمية، فبالطبع هو نقيّ كالثلج، وينأى بنفسه عن مستنقعات السياسة الوحلة".

ويتابع الكاتب، ولكن نصر الله ليس بريئًا سياسيًا، بل بعيد كل البعد عن هذا، فهو يجري محادثات مع خصومه السياسيين، بما فيهم الحريري، الذي اضطر إلى الاستقالة كرئيس للوزراء من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على وجه التحديد، بسبب تعاونه مع حزب الله.

ويقول الكاتب: وكانت السعودية تأمل في أن تفكك الحكومة اللبنانية وتدخل البلاد في فوضى، من شأنها أن تجبرها على الاتجاه ناحية الرياض وإبعاد نفسها عن النفوذ الإيراني، لكن هذه الخطة فشلت، وأدت الاحتجاجات اللبنانية والتدخل الدولي بعد ذلك، خاصة من قبل فرنسا، لإطلاق سراح الحريري من الإقامة الجبرية في السعودية وسمحت له بالبقاء رئيسًا للوزراء.

ويعلم الحريري جيدًا - بحسب الكاتب - أنه يحتاج دعم حسن نصر الله إذا ما أراد الانتهاء من تشكيل الحكومة قريبًا، ولكن السؤال الآن ما الثمن الذي سيضطر لدفعه لحزب الله في مقابل هذا؟

ويفضل نصر الله الحريري بالفعل على المرشحين الآخرين لرئاسة الوزراء، لأنه يتفهم جيدًا مكانة الحريري في الغرب وفي الشرق الأوسط أيضًا، لكونه يلعب دورًا مهمًا في تأمين الشرعية والدعم الدولي للبنان.

- انسحاب حزب الله:

يعرف حزب الله جيدًا كيفية المناورة في الساحة السياسية اللبنانية للحفاظ على قوته، إلا أن سوريا وضعت المنظمة في حالة من عدم اليقين، فخلال السنوات الأربع الأولى من الحرب الأهلية، كانت إيران حليفًا لسوريا وكان حزب الله بمثابة قوة مساعدة ضرورية في حرب الأسد ضد المتمردين، لكن تدخل روسيا في الحرب في أواخر 2015 أعاد تشكيل الموقف، وتم إحباط رغبة حزب الله في إنشاء جبهة موحدة ضد إسرائيل في الجنوب الغربي من هضبة الجولان من قبل إسرائيل وروسيا.

3

يتأثر أيضًا وجود حزب الله في جبال القلمون غرب سوريا وعلى الحدود اللبنانية السورية، باستعراضات القوة الروسية، مطالب السياسيين بإعادة القوات من سوريا واليمن، وكذلك مطالبات العائلات الملكومة التي فقدت أبنائها المقاتلين التابعين للمنظمة في سوريا، كل هذه العوامل تجبر حزب الله على البدء في سحب قواته.

لا يعرف حسن نصر الله طبيعة سوريا بعد انتهاء الحرب تمامًا، خاصة بعد الضغط الروسي على إيران لسحب قواتها من الحدود ومن جميع أنحاء سوريا أيضًا، ولكن مما لا شك فيه - بحسب الكاتب - أن الأسد سيظل رئيسًا، ولكن هل ستستأنف سوريا العمل كمحطة مركزية كبرى لشحن الأسلحة والذخائر إلى لبنان؟ أم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبشار الأسد، يعدون بعض المفاجآت الدبلوماسية التي من شأنها الحد من أنشطة حزب الله وخط الأسلحة التابع له بشكل كبير؟

ويختتم الكاتب تحليله قائلًا: "مثل هذه الاحتمالات تقلق حزب الله، وتلزمه بالعمل بحذر مضاعف لضمان وجوده على الساحة السياسية والدبلوماسية في لبنان، فيجب عليه أن يناور منافسيه السياسيين، وضمان أن تخدم الحكومة القادمة مصالحه، والتأكد من أنه ما زالًا عنصرًا هامًا وضروريًا لإيران، ولن تؤدي الحرب مع إسرائيل لتحقيق أي من هذه الآمال".

فيديو قد يعجبك: