إعلان

أسواق مدينة الحسكة المقسومة بين الأكراد والجيش تستعيد نشاطها الليلي

11:48 ص الخميس 14 يونيو 2018

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(أ ف ب):

ينهمك خالد بتلبية طلبات زبونين يدخلان ليلاً محله لبيع الحلويات في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، بعدما بات السوق الرئيسي الذي تتقاسم القوات الكردية والحكومية السيطرة عليه يفتح أبوابه حتى وقت متأخر للمرة الأولى منذ اعوام.

وتشهد أسواق المدينة اقبالاً كثيفاً عشية الاحتفال بعيد الفطر خصوصاً في الفترة المسائية. وياتي ذلك في وقت أبدت كل من السلطات السورية والكردية استعدادها للحوار حول مستقبل البلاد، بعد انقطاع التواصل اثر اندلاع النزاع في سوريا.

ويقول خالد وهو محاط بأنواع عدة من الحلويات والسكاكر لوكالة فرانس برس إنه في السنوات الأخيرة "لم يكن لدينا في ساعات المساء ما يسمى بالسوق"، لكنه اليوم "ازدهر وبات يفتح أبوابه حتى ما بعد منتصف الليل".

ويربط سبب الانتعاش هذا بتحسن الوضع الأمني في المدينة وشعور التجار والزبائن بأمان أكبر.

وتسيطر قوات الامن الداخلي الكردية (الأساييش) على الجزء الأكبر من مدينة الحسكة مقابل سيطرة القوات الحكومية السورية على ربع مساحتها تقريباً. لكن الطرفين يتقاسمان السيطرة على أسواق المدينة.

ولطالما شهد شارع فلسطين حيث السوق الرئيسي مناوشات بين الطرفين خلال فترات الأعياد في السنوات الأخيرة، ما كان يجبر التجار على اقفال محالهم قبل حلول الليل. وادى ذلك الى تراجع نسبة المبيعات خصوصاً أن السكان يقصدون الأسواق لشراء حاجياتهم بعد موعد الافطار.

ويشرح أنس العباس (28 عاماً) وهو صاحب محل عطورات وزينة يقع في منطقة تماس في السوق "كان شارعنا التجاري بين نارين، الأساييش من جهة، والجيش السوري من جهة أخرى".

ويوضح "في السنوات الماضية وقبل العيد، كانت تحصل مناوشات بين الطرفين، لكن الأمور هذا العام جيدة ونفتح محالنا مساء".

في السوق، يضيق الشارع الرئيسي بسيارات الأجرة وبسكان من مختلف الأعمار، بينهم شبان بثياب عسكرية مرقطة، يتجولون تحت زينة مضاءة وملونة. يتوقف بعضهم لتفحص عبوات العطور أو الألعاب وآخرون لشراء ثياب جديدة أو الحلويات استعداداً للاحتفال بعيد الفطر في نهاية الاسبوع.

جهود وساطة

ولكل من الجيش السوري وقوات الأمن الكردية نقاط عسكرية في السوق. وعلى بعد أمتار عدة من راية للقوات الكردية معلقة بجانب صورة لزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان يرتفع العلم السوري، في مشهد يتكرر في معظم الشوارع الرئيسية وسط المدينة.

ومنذ بداية شهر رمضان، دأبت المحال التجارية على ابقاء أبوابها مفتوحة حتى وقت متأخر وأحياناً حتى ساعات السحور فجراً.

ويربط بعض التجار والمتسوقون الاستقرار الراهن بالجهود المبذولة للتقارب بين الحكومة السورية والقيادات الكردية، في محاولة لتجنب أي صدام عسكري محتمل.

وتصاعد نفوذ الأكراد في سوريا مع انسحاب القوات الحكومية من مناطق سيطرتهم تدريجياً في العام 2012، بعد عام من اندلاع النزاع في البلاد، ليعلنوا لاحقاً الإدارة الذاتية ثم تأسيس النظام الفدرالي في "روجافا" (غرب كردستان) في العام 2016.

وأثبت المقاتلون الأكراد الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن، فعالية في قتال تنظيم الدولة الاسلامية وتمكنوا من طرده من مناطق واسعة في شمال البلاد وشرقها. ويعد الأكراد حالياً ثاني أكبر قوة عسكرية في الميدان السوري بعد الجيش.

وبعد التقدم الميداني الذي أحرزه الجيش السوري على جبهات عدة في البلاد، وضع الرئيس بشار الأسد الأكراد نهاية الشهر الماضي أمام خياري المفاوضات أو تحرير تلك المناطق "بالقوة".

وقبل أيام، أبدى مجلس سوريا الديمقراطية استعداده "لحوار بلا شروط" مع دمشق لبحث مستقبل البلاد، في خطوة من شأنها أن تفتح باب التفاوض بين الطرفين.

"الأمور تغيّرت"

ويقول المدرب الرياضي أبو خالد (45 عاماً) أثناء تجوله في السوق لفرانس برس "نسمع عن مفاوضات قريبة بين الجيش العربي السوري ووحدات حماية الشعب ونأمل أن يصلوا إلى حل".

ويضيف بعدما يؤكد أن الخوف من الاشتباكات لعب دوراً كبيراً في منع الناس من ارتياد الأسواق العام الماضي "هذه الأرض للجميع، والإخوة في وحدات حماية الشعب هم سوريون وهذه أرضهم".

داخل محل الحلويات، يتفحص سامي الصالح (38 عاماً) المنتجات المعروضة. ويقول لفرانس برس "في الأيام الأخيرة نشعر بتغير الأمور في مدينة الحسكة، فالسوق يفتح ليلاً، وهناك حركة واضحة".

ويتابع "نتمنى أن يكون هناك حل سياسي، لأن البلد لا يحتمل أكثر نظراً للمصاعب التي عاشها سابقاً".

ودخل النزاع السوري عامه الثامن، مخلفاً أكثر من 350 ألف قتيل ودماراً هائلاً في البنى التحتية، عدا عن تهجير وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. كما انعكس النزاع الدامي على الوضع الاقتصادي في البلاد.

ويشرح أحمد عنتر (58 عاماً) وهو مالك محل لبيع العطورات "نريد الحل السياسي للمنطقة لأنه الأفضل والأسهل، ولأن الحل العسكري يعني الدمار ولا أحد سيفوز".

وبعد التوصل الى الحل السياسي، يأمل أحمد أن تتحسن العلاقات الاجتماعية بين المكونات العربية والكردية من سكان المدينة.

ويقول "أولاد عمي متزوجون من عرب.. وأنا كذلك سأتزوج من عربية".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: