إعلان

هل أطاحت الانتخابات البرلمانية اللبنانية باتفاق الطائف؟

07:40 م الثلاثاء 08 مايو 2018

الانتخابات اللبنانية

كتبت – إيمان محمود

بعد تأجيل دام سنوات، أجرى لبنان انتخابات برلمانية شهد على إثرها حالة من الجدل والاضطرابات على الساحة السياسية ذات المكونات المختلفة، لكن نتائج الانتخابات لم تأت على أهواء البعض الذين رأوا في قانون الانتخابات الجديد أداة تحوّلت من خلالها أحجام وأوزان التركيبة السياسية والبرلمانية اللبنانية.

أدخل القانون الانتخابي الجديد تعديلات على النظام الانتخابي النسبي، من خلال ما سُمي بـ"الصوت التفضيلي" والتقسيم الطائفي للمقاعد الانتخابية، وهو ما يعني تكريس نظام الأكثرية والطائفية ولكن في صورة نظام نسبي، الأمر الذي انعكس بوضوح على النتائج، وأدى إلى خسارة البعض وانتصار البعض الآخر.

وشهد لبنان انتخابات برلمانية، عُقدت الأحد الماضي، وهي الأولى منذ عام 2009، وكان يفترض أن تستمر ولاية البرلمان حينئذ أربعة أعوام فقط، إلا أنها مددت مرتين لعدم الاستقرار في المنطقة، ولإفساح المجال لتعديل قوانين الانتخابات.

وأدى تعقد القانون إلى ظهور تحالفات انتخابية تختلف عن اصطفافات عام 2009 حين جرت الانتخابات على أساس انقسام سياسي بين تحالفي 8 و14 آذار.

وقبل الانتخابات؛ علت أصوات المُحذّرين من خطر إسقاط اتفاق الطائف وتوجب تصويتًا واعيًا لمنع أخطار كهذه.

وحسمت الانتخابات البرلمانية اللبنانية الأخيرة الصراع الدائر بين "تيار المستقبل" الذي يرأسه رئيس الوزراء سعد الحريري، وحزب الله، بعد أن استطاع الأخير بالتحالف مع "حركة أمل"، التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، من حصد معظم المقاعد التي تخص الطائفة الشيعية وعددها 29 مقعدا (16 مقعدا لحركة أمل و13 مقعدا لحزب الله).

حصول حزب الله وحركة أمل عل هذا العدد من المقاعد في البرلمان الجديد، فضلا عن المقاعد التي فاز بها حلفاؤه من الطوائف الأخرى، يعزز المكانة السياسية لحزب الله، سواء على الساحة اللبنانية أو في مواجهة الخارج.

فيما تقلصت كتلة تيار المستقبل البرلمانية بقيادة سعد الحريري إلى 21 نائبًا من إجمالي مقاعد مجلس النواب (128 مقعدًا)، بعد أن كانت 33 نائبًا في انتخابات عام 2009، أي أنه خسر ثلث مقاعده في البرلمان.

ويرى متابعون أن حزب الله، وبعد فوزه بالانتخابات النيابية، يحاول فرض واقع سياسي جديد على الحريري، الذي خسر ثلث مقاعده في البرلمان، عبر الشارع والتحركات الأمنية.

على إثر ذلك اعتبر البعض أن قانون الانتخابات الجديد، وما نتج عنه من توزيع المقاعد في البرلمان، يضرب بـ"اتفاق الطائف" عرض الحائط، بعد أن تبدلت موازين القوى ووضعت الاتفاق على مسافة أقرب من الخطر.

اتفاق الطائف

تم التوصل إلى اتفاق الطائف بوساطة سعودية في 30 سبتمبر 1989، في مدينة الطائف، وهو الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، بعد أن حضره 62 نائبًا لبنانيًا من أصل 73.

ويقسم لبنان السلطة بين الجماعات الدينية وفقا للحصص التي تم تعديلها في اتفاق الطائف في نهاية الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

ووفقا لهذا التقسيم فإن الرئيس هو دائما مسيحي ماروني ورئيس الوزراء مسلم سني ورئيس البرلمان مسلم شيعي، وفي البرلمان تقسم الـ128 مقعدًا بالتساوي، إذ يذهب 64 مقعدًا للمسيحيين ومثلها للمسلمين.

وشكّل الاتفاق مبدأ "التعايش المشترك" بين الطوائف اللبنانية المختلفة وتمثيلها السياسي السليم كهدف رئيسي للقوانين الانتخابية البرلمانية في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.

كما أعاد هيكلة النظام السياسي للميثاق الوطني في لبنان عن طريق نقل بعض السلطة بعيدا عن الطائفة المسيحية المارونية التي مُنحت مركزا متميزا في لبنان في عهد الحكم الفرنسي.

غير الاتفاق صيغة تقاسم السلطة التي كانت تحبذ المسيحيين لنسبة 50:50 وعززت صلاحيات رئيس الوزراء السني على سلطات الرئيس المسيحي.

وعلى الرغم من أن اتفاق الطائف حدد إلغاء الطائفية السياسية كأولوية وطنية، إلا أنه لم يحدد إطارا زمنيا للقيام بذلك.

وزاد حجم مجلس النواب إلى 128 عضوًا، على قدم المساواة بين المسيحيين والمسلمين، بدلا من انتخابهم بالاقتراع العمومي الذي كان سيوفر أغلبية مسلمة (باستثناء الجماعة المغتربة، وأغلبها مسيحية).

أزمة طائفية

عقب إعلان نتيجة الانتخابات، أمس الاثنين، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، توترات كادت تتسبب بفتنة طائفية، وذلك إثر اجتياح مواكب لمناصري ميليشيات حزب الله وحركة أمل مناطق عدة مطلقة شعارات فئوية بعد ظهور نتائج الانتخابات النيابية.

ومع صدور النتائج التي أظهرت اختراقا لحزب الله وأمل في دائرة بيروت الأولى على حساب رئيس الوزراء سعد الحريري، اجتاح شباب على متن دراجات نارية المناطق ذات الأغلبية السنية والمسيحية مطلقين شعارات طائفية واستفزازية.

وفي منطقة عائشة بكار، تصدى الأهالي لمئات الشبان من حزب الله وأمل، مما أدى إلى اندلاع مواجهات بالأيدي والعصي، الأمر الذي دفع الجيش والأمن إلى التدخل والانتشار في محاولة لمنع تفاقم التوتر، بحسب ما نقلته شبكة "سكاي ينوز".

وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، شبان يرفعون أعلام حزب الله وامل وهم يطلقون شعارات طائفية على غرار "بيروت صارت شيعية"، ومحاولة تحطيم تمثال لرئيس الوزراء الراحل، رفيق الحريري.

وعقب هذه الاستفزازات، انتشرت عناصر أمنية في محيط التمثال التذكاري للحريري، وفي محيط السراي الحكومي والأحياء المختلطة مذهبيا في بيروت وضواحيها.

وجرت اتصالات على أعلى المستويات لوقف المظاهر الاستفزازية لمناصري حزب الله وحركة أمل، ووقف مظاهر الفلتان الأمني في بيروت، وسط معلومات تم تداولها عن إشكالات مسلحة في أكثر من منطقة.

ورأى مراقبون أن المظاهر الاستفزازية هذه، مماثلة لما حصل في السابع من مايو عام 2008، عندما احتلت ميليشيات حزب الله وحلفاؤها بيروت، قبل أن يتمدد إلى مناطق الجبل والبقاع شرقي لبنان، في محاولة لفرض واقع سياسي وأمني جديد.

فيديو قد يعجبك: